ڤاختانغوڤ (يفغيني -)
(1883-1922)
يفْغيني بوغراتيونوڤيتْش ڤاخْتانْغوڤ Yevgeny Bogrationovich Vakhtangov ممثل ومخرج ومدير ومنظِّر مسرحي روسي سوڤييتي من أصول أرمنية، ولد في ڤلادي قڤقاس Vladikavkaz وتوفي مريضاً في موسكو، يتحدر من عائلة فقيرة من العمال اليدويين في تفليس Tiflis، لكن زواج أبيه من أمه أولغا ليبيديڤا Olga Lebedeva جعله صاحب معمل متواضع للتبغ.
بدأ ڤاختانغوڤ في عام 1903 بدراسة العلوم الطبيعية في موسكو، لكنه سرعان ما انتقل في عام 1904 إلى دراسة الحقوق. أخذ منذ عام 1905 يبدي اهتماماً متزايداً بالمسرح لمتابعته عروض «مسرح الفن في موسكو» Moscow Art Theatre الذي كان يديره ستانسلاڤسكي[ر] Stanislavsky. شارك ڤاختانغوڤ في عروض بعض فرق الهواة ممثلاً ومخرجاً، ثم التحق عام 1909 بمعهد التمثيل حتى عام 1911، حين انضم إلى «مسرح الفن في موسكو» ممثلاً ومساعد مخرج. وفي نهاية العام أوفده المسرح برفقة أستاذه في التمثيل سولَرْشيتْسكي Sulershitsky إلى باريس لمساعدته على إخراج مسرحية «الطائر الأزرق» للكاتب البلجيكي ميترلينك[ر] Maeterlinck بحسب نموذج ستانسلاڤسكي. استمر ڤاختانغوڤ بإلقاء محاضرات تخصصية في منهج ستانسلاڤسكي في فن التمثيل حتى عام 1915. وفي الوقت نفسه شارك منذ عـام 1913 في العمل الإخراجي في «المحترَف الأول» Studio 1 التابع لمسرح الفن، كما افتتح عام 1914 وأدار «المحترَف الثالث» تحت اسم «ستوديو موسكو الدرامي الطلابي» الذي صار اسمه منذ عـام 1927 «مسرح ڤاختانغوڤ». وعمل منذ عام 1918 مستشاراً درامياً dramaturg في «مسرح هابيما» اليهودي Habima الناطق بالروسية وباليديشية Yiddish(لغة اليهود في أوربا الشرقية والوسطى) وأخرج بعض عروضه المستمدة من التراث الشعبي والخرافي لليهود الروس، مثل «الديبّوك» Dybbuk عام (1922) التي تتناول موضوع الأرواح التائهة بسبب خطاياها بحثاً عن جسد جديد تتطهر فيه. مثَّل ڤاختانغوڤ أدواراً رئيسة وأخرى ثانوية في مسرحياتٍ لليو تولستوي[ر] L.Tolstoï وموليير[ر] J.B.Molière وشكسبير[ر] W.Shakspeare، وفي إعداد مسرحي عن تشارلز ديكنز[ر] Ch.Dickens بعنوان «بيت صغير بجوار المدفأة».
أبرز أعمال ڤاختانغوڤ الإخراجية التي توضح رؤيته الفنية التجديدية «عيد السلام» Das Friedensfest عام (1914) للألماني غِرهارت هاوبتمَن G.Hauptmann و«روز مرزهولم» Rosmersholm عـام (1918) للنروجي هنريك إبسن[ر]H.Ibsen و«إريك الرابع عشر» Erik XIV عام (1921) للسـويدي أوغُست ستريندبرغ A.Strindberg، و«معجزة القديـس أنطونيوس» Le Miracle de Saint -Antoine عـامي(1918و1921) للبلجيكي موريس ميترلينك و«الخطوبة» The Engagement عامي (1920و1921) للروسي أنطون تشيخوف[ر]A.Tchekhov و«توراندوت» Turandot عام (1922) للإيطالي كارلو غوتسي C.Gozzi.
يعد ڤاختانغوڤ إلى جانب المخرجَين مايرخولد[ر] Meyerhold وتايروف Tairov اللذين تدربا مثله على يدي ستانسلاڤسكي، أحد أبرز المخرجين في المسرح الروسي السوڤييتي. على أنه امتاز منهما بتطويره منهج ستانسلاڤسكي بتطويعه نقدياً لشروط العمل على مواد درامية جديدة حتى بلغ درجة الاستقلال التام عن أستاذه، سائراً بالمسرح العالمي التقدمي خطوات إلى الأمام على الصعيد الفني. صحيح أن منطلقه كان واقعية ستانسلاڤسكي النفسية psychological realism، لكنه وجَّه مفهوم العرض إلى مستوى عالٍ من المسْرَحَة theatricality، مستخدماً عناصر أدائية من الملهاة المرتجلة Commedia dell’arte، ومن المسرح الصيني وأجواء الحكاية الخرافية والتحقير الفكاهي burlesque والرومانس romance، وكذلك من الرياضة المعاصرة حينذاك، والباليه[ر] ballet الحديث لدى فوكين[ر] Fokine، ودياغيليف[ر] Diaghilev، وكذلك من أوبريت ڤيينا die Wiener Operette وموسيقى الجاز[ر] Jazz، متوصلاً إلى الأسلوب الذي أطلق عليه تسمية «الواقعية الفنتازية» Fantastic realism، مؤكداً «مبدأ اللعب» في مواجهة «مبدأ معايشة الممثل للدور» كما لدى ستانسلاڤسكي. كما ألغى مفهوم الجدار الرابع المتوهم بين الخشبة والصالة، واستغنى عن الأزياء والديكورات الواقعية المكلِفة، مكتفياً بالجزء بدلاً من الكل. وقد عبر عن ذلك كله بقوله: «بغرض الوصول إلى الحقيقة الملموسة جسَّد ستانسلاڤسكي على الخشبة الحقيقة الطبيعوية naturalistic؛ إذ كان يبحث عن حقيقة الحياة». وعلى نقيض ذلك توصل مايرخولد بأسلوب «المسرح الشرطي» conditional إلى المسرح الحق، ولكنه بلحاقه وراء حقيقة المسرح ألغى حقيقة الإحساس، في حين أنه لابد من التفتيش عن الحقيقة سواء في مسرح ستانسلاڤسكي كما في مسرح مايرخولد. وإذا كان ما يربط ڤاختانغوڤ بستانسلاڤسكي هو «حقيقة المعايشة»، و«حقيقة الإحساس» والطموح لتجسيد بشرٍ حقيقيين على الخشبة، فإن ما يربطه بمايرخولد هو مسْرَحَة المسرح. ويعد إخراجه لـ«توراندوت» تحقيقاً وتتويجاً لأسلوبه وطموحاته الفنية على طريق «الواقعية الفنتازية».
م ن ح
(1883-1922)
يفْغيني بوغراتيونوڤيتْش ڤاخْتانْغوڤ Yevgeny Bogrationovich Vakhtangov ممثل ومخرج ومدير ومنظِّر مسرحي روسي سوڤييتي من أصول أرمنية، ولد في ڤلادي قڤقاس Vladikavkaz وتوفي مريضاً في موسكو، يتحدر من عائلة فقيرة من العمال اليدويين في تفليس Tiflis، لكن زواج أبيه من أمه أولغا ليبيديڤا Olga Lebedeva جعله صاحب معمل متواضع للتبغ.
بدأ ڤاختانغوڤ في عام 1903 بدراسة العلوم الطبيعية في موسكو، لكنه سرعان ما انتقل في عام 1904 إلى دراسة الحقوق. أخذ منذ عام 1905 يبدي اهتماماً متزايداً بالمسرح لمتابعته عروض «مسرح الفن في موسكو» Moscow Art Theatre الذي كان يديره ستانسلاڤسكي[ر] Stanislavsky. شارك ڤاختانغوڤ في عروض بعض فرق الهواة ممثلاً ومخرجاً، ثم التحق عام 1909 بمعهد التمثيل حتى عام 1911، حين انضم إلى «مسرح الفن في موسكو» ممثلاً ومساعد مخرج. وفي نهاية العام أوفده المسرح برفقة أستاذه في التمثيل سولَرْشيتْسكي Sulershitsky إلى باريس لمساعدته على إخراج مسرحية «الطائر الأزرق» للكاتب البلجيكي ميترلينك[ر] Maeterlinck بحسب نموذج ستانسلاڤسكي. استمر ڤاختانغوڤ بإلقاء محاضرات تخصصية في منهج ستانسلاڤسكي في فن التمثيل حتى عام 1915. وفي الوقت نفسه شارك منذ عـام 1913 في العمل الإخراجي في «المحترَف الأول» Studio 1 التابع لمسرح الفن، كما افتتح عام 1914 وأدار «المحترَف الثالث» تحت اسم «ستوديو موسكو الدرامي الطلابي» الذي صار اسمه منذ عـام 1927 «مسرح ڤاختانغوڤ». وعمل منذ عام 1918 مستشاراً درامياً dramaturg في «مسرح هابيما» اليهودي Habima الناطق بالروسية وباليديشية Yiddish(لغة اليهود في أوربا الشرقية والوسطى) وأخرج بعض عروضه المستمدة من التراث الشعبي والخرافي لليهود الروس، مثل «الديبّوك» Dybbuk عام (1922) التي تتناول موضوع الأرواح التائهة بسبب خطاياها بحثاً عن جسد جديد تتطهر فيه. مثَّل ڤاختانغوڤ أدواراً رئيسة وأخرى ثانوية في مسرحياتٍ لليو تولستوي[ر] L.Tolstoï وموليير[ر] J.B.Molière وشكسبير[ر] W.Shakspeare، وفي إعداد مسرحي عن تشارلز ديكنز[ر] Ch.Dickens بعنوان «بيت صغير بجوار المدفأة».
أبرز أعمال ڤاختانغوڤ الإخراجية التي توضح رؤيته الفنية التجديدية «عيد السلام» Das Friedensfest عام (1914) للألماني غِرهارت هاوبتمَن G.Hauptmann و«روز مرزهولم» Rosmersholm عـام (1918) للنروجي هنريك إبسن[ر]H.Ibsen و«إريك الرابع عشر» Erik XIV عام (1921) للسـويدي أوغُست ستريندبرغ A.Strindberg، و«معجزة القديـس أنطونيوس» Le Miracle de Saint -Antoine عـامي(1918و1921) للبلجيكي موريس ميترلينك و«الخطوبة» The Engagement عامي (1920و1921) للروسي أنطون تشيخوف[ر]A.Tchekhov و«توراندوت» Turandot عام (1922) للإيطالي كارلو غوتسي C.Gozzi.
يعد ڤاختانغوڤ إلى جانب المخرجَين مايرخولد[ر] Meyerhold وتايروف Tairov اللذين تدربا مثله على يدي ستانسلاڤسكي، أحد أبرز المخرجين في المسرح الروسي السوڤييتي. على أنه امتاز منهما بتطويره منهج ستانسلاڤسكي بتطويعه نقدياً لشروط العمل على مواد درامية جديدة حتى بلغ درجة الاستقلال التام عن أستاذه، سائراً بالمسرح العالمي التقدمي خطوات إلى الأمام على الصعيد الفني. صحيح أن منطلقه كان واقعية ستانسلاڤسكي النفسية psychological realism، لكنه وجَّه مفهوم العرض إلى مستوى عالٍ من المسْرَحَة theatricality، مستخدماً عناصر أدائية من الملهاة المرتجلة Commedia dell’arte، ومن المسرح الصيني وأجواء الحكاية الخرافية والتحقير الفكاهي burlesque والرومانس romance، وكذلك من الرياضة المعاصرة حينذاك، والباليه[ر] ballet الحديث لدى فوكين[ر] Fokine، ودياغيليف[ر] Diaghilev، وكذلك من أوبريت ڤيينا die Wiener Operette وموسيقى الجاز[ر] Jazz، متوصلاً إلى الأسلوب الذي أطلق عليه تسمية «الواقعية الفنتازية» Fantastic realism، مؤكداً «مبدأ اللعب» في مواجهة «مبدأ معايشة الممثل للدور» كما لدى ستانسلاڤسكي. كما ألغى مفهوم الجدار الرابع المتوهم بين الخشبة والصالة، واستغنى عن الأزياء والديكورات الواقعية المكلِفة، مكتفياً بالجزء بدلاً من الكل. وقد عبر عن ذلك كله بقوله: «بغرض الوصول إلى الحقيقة الملموسة جسَّد ستانسلاڤسكي على الخشبة الحقيقة الطبيعوية naturalistic؛ إذ كان يبحث عن حقيقة الحياة». وعلى نقيض ذلك توصل مايرخولد بأسلوب «المسرح الشرطي» conditional إلى المسرح الحق، ولكنه بلحاقه وراء حقيقة المسرح ألغى حقيقة الإحساس، في حين أنه لابد من التفتيش عن الحقيقة سواء في مسرح ستانسلاڤسكي كما في مسرح مايرخولد. وإذا كان ما يربط ڤاختانغوڤ بستانسلاڤسكي هو «حقيقة المعايشة»، و«حقيقة الإحساس» والطموح لتجسيد بشرٍ حقيقيين على الخشبة، فإن ما يربطه بمايرخولد هو مسْرَحَة المسرح. ويعد إخراجه لـ«توراندوت» تحقيقاً وتتويجاً لأسلوبه وطموحاته الفنية على طريق «الواقعية الفنتازية».
م ن ح