الفن في فلسطين Palestine أخّرت الظروف السياسية الصعبة ظهور الحركة الفنية التشكيليّة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفن في فلسطين Palestine أخّرت الظروف السياسية الصعبة ظهور الحركة الفنية التشكيليّة

    الفن في فلسطين

    بعد تنفيذ معاهدة سان ريمو 1920 صارت فلسطين دولة تحت الانتداب الإنكليزي منفصلة عن باقي أجزاء بلاد الشام؛ فعانت ظروف انتداب طاغٍ رافقته ثورات شعبية تدعو إلى التحرر، وتناهض وعد بلفور[ر] بإيجاد وطن لليهود في فلسطين.
    أخّرت الظروف السياسية الصعبة ظهور الحركة الفنية التشكيليّة، وفي ظل الانتداب ظهرت أسماء خافتة لمصوِّرين روَّاد، أولهم داود زلاطيمو وهو فنان هاوٍ، وصديقه توفيق جوهرية، وكان حنا سعيد حاج مسمار أول فنان درس الخزف في ألمانيا، وأنشأ مصنعاً للخزف في الناصرة، فتطورت صناعته وأنجز لوحات بارزة مشهدية من الخزف. وفي عام 1923 عاد فضول عودة من فلورنسا Florence بإيطاليا إلى الناصرة وكان أول من درس فن التصوير دراسة أكاديمية.
    من أشهر الرواد جمال بدران، وقد درس الزخرفة في القاهرة وصار مدرساً للفن في القدس، ثم تابع دراسته في لندن 1937 في أنواع الفنون التطبيقية، وقام بعدها بالتدريس في دار المعلمين بدمشق، وفي رام الله افتتح بعد ذلك مشغلاً له، وكان أخوه عبد الرزاق بدران فناناً أيضاً، ومن تلاميذه المصور والأديب جبرا إبراهيم جبرا.
    إسماعيل شموط
    ويبقى إسماعيل شموط اسماً علماً في تاريخ الحركة الفنية في فلسطين، ولد في مدينة اللد في العام 1930 ودَرَس فيها وبرز فناناً موهوباً، ثم التحق بكلية الفنون الجميلة في القاهرة وتعرف كبار الفنانين هناك، وفي مدينة غزة أقام أول معرض لأعماله في العام 1953، وكان أسلوبه واقعياً بألوان حادة، وموضوعاته سياسية تحكي قصة معاناة الشعب الفلسطيني. وكانت زوجته تمام الأكحل أولى من درّس الفن في المعهد العالي لمعلمات الفنون في القاهرة، وتعرّفت الفنان إسماعيل شموط وابتدأا رحلة الحياة الفنية بتفوق ومسؤولية في طرح القضية الفلسطينية. تولى الفنان إسماعيل شموط رئاسة اتحاد الفنانين العرب، ويعود الفضل إليه في إدخال مادة تدريس التصوير في مدارس غوث اللاجئين.
    وبعد النكبة عام 1948 نزح أكثر الفلسطينيين ومنهم فنانون أقاموا ودرسوا في القاهرة والأردن وبيروت ودمشق وبعض العواصم العالمية. وشارك الفنانون، على الرغم من توزعهم، في إقامة معارض في العواصم العالمية والعربية منذ عام 1953 حتى عام 1965، والموضوعات المشتركة بينهم كانت سياسية. فلقد وُلدت الحركة الفنية التشكيلية الفلسطينية قوية واعية وارتبطت بالجماهير ارتباطاً عضوياً، وحملت همّاً ضد الاحتلال الإسرائيلي، وقدمت فناً مقاوماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ومع أن الأسلوب الغالب كان واقعياً، إلا أن تيارات الفن الحديث نفَذَت إلى أعمال الفنانين بحسب الأساليب المختلفة: الانطباعية والسريالية والتجريدية.
    بعد قيام منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964 أسس الاتحاد العام للفنانين التشكيليين الفلسطينيين، وضم جميع الفنانين المنتشرين في فلسطين وخارجها. وكانت إسرائيل قد ضمت بعض الفنانين الفلسطينيين المقيمين في رابطة محلية، ومنهم أسد عرّى وظاهر زيداني، وعيد عابدي وآخرون.
    أما في قطاع غزة والضفة فبرز منهم كامل المغني، ونبيل عناني وسليمان منصور وعصام بدر وإبراهيم وتيسير بركات وتيسير شرف.
    واستمر نشاط هؤلاء وعدد كبير منهم في فلسطين المحتلة، تضمهم رابطة التشكيليين الفلسطينيين، وقد أُسست في العام 1980، وكانت موضوعاتهم فلسطينية متعلقة بالمشاهد الخلوية والطفل والعائلة والانتفاضة. وقد لجأ بعضهم إلى الرمزية ليتحاشى ظروف الاحتلال. وبين عامي 1967 و1989 أقام الفنانون في الأرض المحتلة وفي الضفة والقطاع أكثر من مئة وخمسين معرضاً جماعياً أو فردياً.
    انتشر الفن الفلسطيني مع توزع الفنانين خارج وطنهم، ففي الأردن أقام إبراهيم النجار أبو الرُّب معرضاً لأعماله، بعد تخرجه في القاهرة وامتاز بموضوعاته الرمزية الضخمة، ومعه كان أحمد النعواش الذي درس في روما ثم في فرنسا، وأسلوبه سريالي مبسط، وتوفيق السيد بأسلوبه التجريدي، وسامية طقطق زرو التي تخرجت في الجامعة الأمريكية في بيروت وامتازت أعمالها بالتلصيق والتجريد الشعبي، وتأثر صالح أبو شندي بالتراث بعد دراسته في القاهرة، إضافة إلى هؤلاء كان إسحق نحلة وحسن طافش وحنان الآغا ومحمود طه وزكي شقفة وعزيز عمورة وعشرات غيرهم، قد شاركوا في النشاط الفني في الأردن الذي اختاروه مقراً لهم.
    وفي لبنان استقر إسماعيل شموط وتمام الأكحل وناجي العلي، ثم رحلوا عنها إلى الكويت، فيما عدا توفيق عبد العال الذي اتجه نحو الرومانسية، والفنان المقعد إبراهيم غنام، ورفيق عودة الانطباعي، ومحمد الشاعر الواقعي الرمزي، ويوسف أرمن الواقعي الكلاسي.
    إبراهيم غنام أحمد نعواش
    في سورية درس واستقر عدد كبير من الفنانين، منهم أحمد النابلسي والنحّات زكي سلام وعبد العزيز إبراهيم في الإعلان، وعبد المعطي أبو زيد الملون التعبيري، وعلي الكفري الواقعي التعبيري، ومصطفى الحلاج الذي درس النحت وبرع في الحفر.
    واستقر في الكويت عدد أكبر من الفنانين، منهم أمين شموط الذي تولى تنظيم نشاط زملائه، وجمال غربية وقد حصل على الدكتوراه في الفن من اصطنبول، ورائد أبو عسكر الخزاف، ورشا ورشيد شبلاق، وصالح المالحي، وطارق أبو عرجة وغيرهم.
    جمانة الحسيني
    ولا بد من ذكر عشرات الفنانين الذين أقاموا في دول أوربية، ومن أشهر من أقام في دمشق ثم في ألمانيا الغربية وفيها توفي برهان كركوتلي الذي اشتهر بأسلوبه الشعبي، وجمانة الحسيني التي عاشت في بيروت ثم استقرت في باريس، وعبد الرحمن المزين وعدنان الشريف وكمال بلاطة، وعشرات غيرهم اغتربوا محافظين على هويتهم الفنية والتزامهم الوطني.
    لقد كان همّ جيل النكبة في فلسطين أن يحقق ذاته بتعميق موهبته واختصاصه ولاسيما في الفن: تصويراً ونحتاً وعمارةً، وكان هاجسه دائماً نقل معاناة الشعب وآثار النكبة فيه، ونضاله من أجل التحرير، وبلغ عدد الفنانين المؤهلين أرقاماً كبيرة ذكرها إسماعيل شموط في كتابه، وحدد إلى جانب الأسماء مركز تأهيلهم ونشاطاتهم ومكان إقامتهم.
    ومما لاشك فيه أن الفنان الفلسطيني تفاعل مع زملائه من الفنانين في الأقطار التي لجأ إليها، وكان موضع تقدير واحترام لجديته والتزامه.
    ثمة عشرات من الفنانين الفلسطينيين لمعت أسماؤهم وكانت لهم شهرة عربية عالمية مثل إسماعيل شموط المصوِّر، وناجي العلي الرسّام الساخر، ومصطفى الحلاج الحفّار الملتزم، وبرهان كركوتلي ومحمود طه الخزاف، وكمال بلاطة بطباعته الحريرية وخطوطه.
    ويجب الوقوف عند عبقرية راسم بدران في التصميم العمراني، وحصوله على جائزة منظمة المدن العربية لمشروعه الضخم في مدينة الرياض، ولابد من ذكر تفوق المعمار جعفر طوقان وحصوله على جوائز مماثلة، وكلاهما مقيم في الأردن.
    ولم يصل النحت إلى مستوى التصوير في الاختصاص إذ إن بعض المصورين زاولوا النحت، من أمثال أحمد حيلوز ومحمد بشناق.
    عفيف البهنسي
يعمل...
X