هل سيسلبك الذكاء الاصطناعي وظيفتك؟
الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي" سام ألتمان (جوفيل تامايو/ واشنطن بوست/ Getty)
+الخط-
المحاسبون سيكونون من بين الأشخاص الأكثر تأثراً بالذكاء الاصطناعي التوليدي، فنصف مهامهم على الأقل يمكن أن تتولاها هذه التقنية بشكل أسرع، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا الأميركية وشركة أوبن إيه آي التي طورت برنامج المحادثة الآلي الشهير تشات جي بي تي ChatGPT.
الحال نفسه ينطبق على علماء الرياضيات والمترجمين الفوريين والكتّاب، ونحو 20 في المائة من إجمالي القوى العاملة في الولايات المتحدة.
هذه التقنية أثارت حماسة وقلقاً على حد سواء، في الشركات والمدارس والجامعات ولدى الحكومات وعامّة الناس، لقدرتها على معالجة كميات هائلة من المعلومات وإنشاء محتوى متطور ــ وإن لم يكن بالضرورة دقيقاً أو غير متحيز ــ استجابةً لمطالبات المستخدمين.
الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم هذا الشهر دققوا في مدى تأثير التقنية الجديدة على المهن، وحللوا المهام التي يمكن لهذه البرامج إتمامها بوقت أقل، بنسبة تصل إلى 50 في المائة، مقارنة بالبشر. وتوصلوا إلى أن برامج تشات جي بي تي تتفوق في مهام مثل الترجمة والتقييم والكتابة الإبداعية وإنشاء رموز الكمبيوتر. ووجدوا أن معظم الوظائف ستتغير، بشكل أو بآخر، بواسطة "تشات جي بي تي"، ولفتوا إلى أن الوظائف التي تتضمن معالجة المعلومات، وبينها العلاقات العامة ومراسلة المحاكم وهندسة "بلوكتشين"، من الأكثر عرضة للتأثر.
الوظائف التي ستكون أقل تأثراً بالتكنولوجيا تشمل الطهاة ذوي الطلبات القصيرة، وميكانيكيي الدراجات النارية، ومستخرجي النفط والغاز.
في هذا السياق، أوضح الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا، مات بين، أن الدراسة التي لم يشارك في إجرائها لم تتوقع ما هي الوظائف التي سنفقدها أو فقدناها سلفاً، بسبب الذكاء الاصطناعي. وقال بين، لصحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء، إن "الدراسة لم تقدم أي توقعات بشأن ما سيتغير وسرعة التغير"، وأضاف أن "البشر يرفضون التغيير الذي يضر بمصالحهم، وعملية فرض التقنيات الجديدة غالباً ما تكون محفوفة بالمفاوضات والمقاومة والخوف والأمل". وأشار إلى أن التحدي الحقيقي هو للشركات والمدارس وصانعي السياسات لمساعدة الناس على التكيف، قائلاً إن "هذه مشكلة تقدر بمليارات الدولارات"، ويمكن أن تشمل، من بين أمور أخرى، تدريب الموظفين على التعاون بفعالية مع التكنولوجيا، وإعادة تصميم الوظائف لتعزيز الاستقلالية والأجور وآفاق المستقبل الوظيفي.
وجدت دراسات جديدة أخرى أيضاً أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يوفر وقتاً طويلاً ويحقق نتائج أفضل مقارنة بالبشر. وفي تجربة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ركزت على المهنيين الحاصلين على تعليم جامعي، قسم الباحثون 444 من كتّاب المنح والمسوقين والمستشارين والمتخصصين في الموارد البشرية والعاملين الآخرين إلى مجموعتين. طُلب من كلتا المجموعتين إكمال مهام مكتوبة قصيرة، ويمكن لمجموعة واحدة استخدام "تشات جي بي تي" للقيام بذلك.
أولئك الذين استخدموا "تشات جي بي تي" أنهوا مهامهم أسرع بـ10 دقائق من الآخرين. وقال القراء الذين قيّموا جودة هذه المهام إن الأشخاص الذين استعانوا بالذكاء الاصطناعي حققوا أداءً أفضل من أفراد المجموعة الأخرى، وذلك وفقاً للدراسة التي صدرت في مارس/ آذار الماضي.
ورقة أخرى نُشرت الأسبوع الماضي من قبل باحثين في شركة مايكروسوفت التي تستثمر مليارات الدولار في "أوبن إيه آي" حللت قدرات "جي بي تي-4" GPT-4، وهي الإصدار الأحدث من "تشات جي بي تي"، ووجدت أن هذه النسخة يمكنها حل "المهام الجديدة والصعبة" بنفس المستوى الذي يقدمه البشر، في مجالات مثل الرياضيات والترميز والطب والقانون وعلم النفس.
وفي السياق نفسه، أفاد تقرير نشره اقتصاديون في مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية غولدمان ساكس، الأحد الماضي، أن 800 وظيفة بدوام كامل، في أنحاء العالم كافة، يمكن مكننتها، بطريقة ما، من خلال برامج الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي". وتوقع اقتصاديو "غولدمان ساكس" أن 18 في المائة من الوظائف على مستوى العالم يمكن مكننتها، مع الإشارة إلى أن التأثيرات ستكون أعمق في الاقتصادات المتقدمة أكثر من الأسواق الناشئة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن موظفي المكاتب يُنظر إليهم على أنهم أكثر عرضة للخطر من العمال اليدويين.
وقال الاقتصاديون إنه من المتوقع أن يكون الموظفون الإداريون والمحامون هم الأكثر تضرراً، مقارنةً بـ"التأثير الضئيل" الذي يُلاحظ على المهن التي تتطلب مجهوداً بدنياً أو التي تنفذ خارج المكاتب، مثل أعمال البناء والإصلاح.
ووفقاً لتقرير "غولدمان ساكس"، فإن نحو ثلث الوظائف الحالية في الولايات المتحدة وأوروبا "معرضة بدرجة ما للمكننة بواسطة الذكاء الاصطناعي"، وما يصل إلى ربع الوظائف كلها يمكن أن ينجزها الذكاء الاصطناعي بالكامل.
وكتب الاقتصاديون أنه إذا وفى الذكاء الاصطناعي التوليدي "بقدراته الموعودة"، فقد يواجه سوق العمل "اضطراباً كبيراً".
وفي حين أن أماكن العمل قد تتغير، فإن الاعتماد واسع النطاق للذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى زيادة إنتاجية العمل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7 في المائة على أساس سنوي، على مدى 10 سنوات، وفقاً لـ"غولدمان ساكس".
الرئيس التنفيذي لـ"أوبن إيه آي" سام ألتمان (جوفيل تامايو/ واشنطن بوست/ Getty)
+الخط-
المحاسبون سيكونون من بين الأشخاص الأكثر تأثراً بالذكاء الاصطناعي التوليدي، فنصف مهامهم على الأقل يمكن أن تتولاها هذه التقنية بشكل أسرع، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة بنسلفانيا الأميركية وشركة أوبن إيه آي التي طورت برنامج المحادثة الآلي الشهير تشات جي بي تي ChatGPT.
الحال نفسه ينطبق على علماء الرياضيات والمترجمين الفوريين والكتّاب، ونحو 20 في المائة من إجمالي القوى العاملة في الولايات المتحدة.
هذه التقنية أثارت حماسة وقلقاً على حد سواء، في الشركات والمدارس والجامعات ولدى الحكومات وعامّة الناس، لقدرتها على معالجة كميات هائلة من المعلومات وإنشاء محتوى متطور ــ وإن لم يكن بالضرورة دقيقاً أو غير متحيز ــ استجابةً لمطالبات المستخدمين.
الباحثون الذين نشروا نتائج دراستهم هذا الشهر دققوا في مدى تأثير التقنية الجديدة على المهن، وحللوا المهام التي يمكن لهذه البرامج إتمامها بوقت أقل، بنسبة تصل إلى 50 في المائة، مقارنة بالبشر. وتوصلوا إلى أن برامج تشات جي بي تي تتفوق في مهام مثل الترجمة والتقييم والكتابة الإبداعية وإنشاء رموز الكمبيوتر. ووجدوا أن معظم الوظائف ستتغير، بشكل أو بآخر، بواسطة "تشات جي بي تي"، ولفتوا إلى أن الوظائف التي تتضمن معالجة المعلومات، وبينها العلاقات العامة ومراسلة المحاكم وهندسة "بلوكتشين"، من الأكثر عرضة للتأثر.
الوظائف التي ستكون أقل تأثراً بالتكنولوجيا تشمل الطهاة ذوي الطلبات القصيرة، وميكانيكيي الدراجات النارية، ومستخرجي النفط والغاز.
في هذا السياق، أوضح الأستاذ المساعد في جامعة كاليفورنيا، مات بين، أن الدراسة التي لم يشارك في إجرائها لم تتوقع ما هي الوظائف التي سنفقدها أو فقدناها سلفاً، بسبب الذكاء الاصطناعي. وقال بين، لصحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء، إن "الدراسة لم تقدم أي توقعات بشأن ما سيتغير وسرعة التغير"، وأضاف أن "البشر يرفضون التغيير الذي يضر بمصالحهم، وعملية فرض التقنيات الجديدة غالباً ما تكون محفوفة بالمفاوضات والمقاومة والخوف والأمل". وأشار إلى أن التحدي الحقيقي هو للشركات والمدارس وصانعي السياسات لمساعدة الناس على التكيف، قائلاً إن "هذه مشكلة تقدر بمليارات الدولارات"، ويمكن أن تشمل، من بين أمور أخرى، تدريب الموظفين على التعاون بفعالية مع التكنولوجيا، وإعادة تصميم الوظائف لتعزيز الاستقلالية والأجور وآفاق المستقبل الوظيفي.
وجدت دراسات جديدة أخرى أيضاً أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يوفر وقتاً طويلاً ويحقق نتائج أفضل مقارنة بالبشر. وفي تجربة أجراها معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ركزت على المهنيين الحاصلين على تعليم جامعي، قسم الباحثون 444 من كتّاب المنح والمسوقين والمستشارين والمتخصصين في الموارد البشرية والعاملين الآخرين إلى مجموعتين. طُلب من كلتا المجموعتين إكمال مهام مكتوبة قصيرة، ويمكن لمجموعة واحدة استخدام "تشات جي بي تي" للقيام بذلك.
أولئك الذين استخدموا "تشات جي بي تي" أنهوا مهامهم أسرع بـ10 دقائق من الآخرين. وقال القراء الذين قيّموا جودة هذه المهام إن الأشخاص الذين استعانوا بالذكاء الاصطناعي حققوا أداءً أفضل من أفراد المجموعة الأخرى، وذلك وفقاً للدراسة التي صدرت في مارس/ آذار الماضي.
ورقة أخرى نُشرت الأسبوع الماضي من قبل باحثين في شركة مايكروسوفت التي تستثمر مليارات الدولار في "أوبن إيه آي" حللت قدرات "جي بي تي-4" GPT-4، وهي الإصدار الأحدث من "تشات جي بي تي"، ووجدت أن هذه النسخة يمكنها حل "المهام الجديدة والصعبة" بنفس المستوى الذي يقدمه البشر، في مجالات مثل الرياضيات والترميز والطب والقانون وعلم النفس.
وفي السياق نفسه، أفاد تقرير نشره اقتصاديون في مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية غولدمان ساكس، الأحد الماضي، أن 800 وظيفة بدوام كامل، في أنحاء العالم كافة، يمكن مكننتها، بطريقة ما، من خلال برامج الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي". وتوقع اقتصاديو "غولدمان ساكس" أن 18 في المائة من الوظائف على مستوى العالم يمكن مكننتها، مع الإشارة إلى أن التأثيرات ستكون أعمق في الاقتصادات المتقدمة أكثر من الأسواق الناشئة، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن موظفي المكاتب يُنظر إليهم على أنهم أكثر عرضة للخطر من العمال اليدويين.
وقال الاقتصاديون إنه من المتوقع أن يكون الموظفون الإداريون والمحامون هم الأكثر تضرراً، مقارنةً بـ"التأثير الضئيل" الذي يُلاحظ على المهن التي تتطلب مجهوداً بدنياً أو التي تنفذ خارج المكاتب، مثل أعمال البناء والإصلاح.
ووفقاً لتقرير "غولدمان ساكس"، فإن نحو ثلث الوظائف الحالية في الولايات المتحدة وأوروبا "معرضة بدرجة ما للمكننة بواسطة الذكاء الاصطناعي"، وما يصل إلى ربع الوظائف كلها يمكن أن ينجزها الذكاء الاصطناعي بالكامل.
وكتب الاقتصاديون أنه إذا وفى الذكاء الاصطناعي التوليدي "بقدراته الموعودة"، فقد يواجه سوق العمل "اضطراباً كبيراً".
وفي حين أن أماكن العمل قد تتغير، فإن الاعتماد واسع النطاق للذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي في النهاية إلى زيادة إنتاجية العمل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 7 في المائة على أساس سنوي، على مدى 10 سنوات، وفقاً لـ"غولدمان ساكس".