فلسفة القرن العشرين في الولايات المتحدة الأمريكية
تميزت الفلسفة الأمريكية American philosophy دائماً بأنها فلسفة براغماتية pragmatism، على الرغم من أنها كانت باستمرار فلسفة مستقبلة لكل التيارات الفلسفية الأوربية، من التطهرية[ر. البوريتانية] Puritanismوالمثالية idealism إلى الطبيعية naturalism والوضعية positivism. ولم تعرف أمريكا البراغماتية بشكلها الصحيح إلا في أواخر القرن التاسع عشر، لكن التاريخ الأمريكي يحفل بالدلالات التي تشير كلها إلى تغلغل المنهج البراغماتي في التجربة الفلسفية الأمريكية، فما كان من الممكن لأسلوب الحياة الأمريكية وتتابع الهجرة وما كانت تفرضه الحياة الجديدة على السكان إلا أن يطرح هذا النمط من التفكير. وحتى في عصر الاستعمار البريطاني، اتجهت أمريكا إلى مذهب المتطهرين، لأنه يناسب الفردية الأمريكية، فالخلق التطهري (البوريتاني) يدعو إلى النظام والاقتصاد والإقبال على العمل، وكلها قواعد للسلوك الصناعي العملي، لها مزاياها في المجتمع الأمريكي النامي.
ومع ذلك قويت به آنذاك نزعتان: النزعة اللامادية، ويمثلها جوناثان إدوارد Edward وصامويل جونسون Johnson، وكانت نزعة كالڤينية Calvinistic أو قدرية fatalistic؛ والنزعة المادية materialistic، ويمثلها كادولودر غولدن Golden وبنيامين فرانكلين Franklin، وكلاهما من المؤمنين بفلسفة نيوتن[ر] الطبيعية، والتفسير الميكانيكي الخالص للعالم. وتفوقت النزعة المادية، وارتبطت بها نزعة الربوبية Deism التي تؤمن بالله بغير اعتقاد بالديانات المنزلة. لكن إعلان الاستقلال والثورة الفرنسية أحدثا رد فعل ضد هذه الآراء الليبرالية، ورفض الجنوب مذهب الحقوق الطبيعية الذي دعا إليه جفرسون، وعارض كالهون Calhoun مساواة جفرسون Jefferson وقال إن عدم المساواة شرط للتقدم، وعرفت تلك الفترة مذهب الواقعية[ر] realism المسماة الواقعية الاسكتلندية، التي تنادي بسيادة العقل وبالمنهج الاستنباطي في التفكير، وواكبتها حركة فلسفية أخرى تعرف بالترانسندنتالية transcendentalism تناهض التشاؤم الكالڤيني وتدعو إلى التفاؤل، مضمونها مثالي أخلاقي أكثر منه تأملياً، ورغب الترنسندنتاليون بتحرير الفرد من التقاليد والعادات، واتباع ضميره وبصيرته الشخصية.
وكانت نظرية الارتقاء لداروين[ر] نقطة تحول في الفلسفة الأمريكية، أحالت فكرة الطبيعة من نظام ثابت، من الحقيقة الأزلية إلى واقع متغير باستمرار تغيراً دينامياً، وشجعت التفسيرات العلمية في غير العلوم الطبيعية، وقوضت سيطرة الفلسفة المثالية على الفكر الأمريكي، ومهدت لإدخال التجريبية experimentalism في الفلسفة.
بيد أن العصر الذهبي، كما يسمونه في الفلسفة الأمريكية، كان الفترة الواقعة ما بين سنوات 1880 إلى 1940، بسبب ظهور عدد من المفكرين والحركات الأصيلة في الفلسفة. وكان أهم مفكري ذاك العصر بيرس Peirce وجيمس James وديوي Dewey ورويس Royce وسانتَيانا Santayana ووايتهد Whitehead، وكانت البراغماتية والواقعية والطبيعية أهم حركاته الفلسفية. وبيرس هو أبو البراغماتية، وصفها بأنها منهج للتيقن من معاني الكلمات الصعبة والمفاهيم المجردة، لكن جيمس طور فكرة بيرس ووصف البراغماتية بأنها لا تحدد معاني الكلمات فقط، لكنها كذلك نظرية للتيقن من صدق الواقع، لكن ديوي وصف تفسير بيرس بالجمود، وتفسير جيمس بالذاتية، وأقام نوعاً من البراغماتية أطلق عليه اسم الذرائعية[ر] instrumentalism، ووصفها بأنها منهج لاستخلاص النتائج النهائية التي ينبغي التوصل إليها، لو أخذ في الحسبان كل ظروف المشكلة مثار التفكير. ووصف ديوي التفكير الذرائعي بأنه نوع من التكيف لتحديات البيئة. وكانت أهم إسهامات البراغماتية تقويضها مفاهيم الميتافيزيقا التقليدية، ولذلك تعاطف بيرس وجيمس وديوي مع الواقعية ضد المثالية، وكانت الواقعية مذهباً جديداً أخذ يروج في أواخر القرن العشرين، لكنه تطور إلى حركتين، الواقعية المحدثة new- realism والواقعية النقدية critical realism، وكان المحدثون يقولون إن الشيء المعلوم له وجوده المستقل، لكن النقديين قالوا إن الإدراك لا يكون للشيء نفسه، لكنه إدراك لمعطيات قد لا تكون أجزاء أو أوصافاً للشيء.
وتزعَّم الواقعية المحدثة بيري Perry ومونتاغ Montague، وميزوا أنفسهم لكونهم حركة. وتزعم الواقعية النقدية سانتيانا ولڤجوي Lovejoy وسيلارز Sellars. لكن الواقعية برافديها توقفت عن أن تكون تياراً مؤثراً بعد عام 1935، وغطّت عليها الفلسفة الطبيعية التي استمرت من العصر الذهبي حتى الوقت الحاضر، مع اختلاف في المضمون والشكل. فالطبيعية القديمة اهتمت بتفسير الظواهر بمسبباتها الطبيعية، وتطور هذا المعنى بوساطة ديوي واتخذ مفهوماً جديداً هو دراسة الظواهر دراسة منطقية تجريدية تحتوي الظاهرة بأكملها طبيعية كانت أم شعورية أم اجتماعية أم من أي نوع كانت، دراسة لا تفرق بين ظاهرها وباطنها ولا بين العقل والجسد. ورفض الطبيعيون مطالب الدين التقليدية، لكنهم لم يكونوا جميعاً ضد الدين، وفرّق ديوي مثلاً بين الدين والصفة الدينية للتجربة، وقال إن الصفة الدينية وحدها شيء له معنى، وإن الإنسان يعي مثله ومطامحه العليا بالتجربة الدينية، وإن الله ليس إلا غايات مثالية وقيماً يخلص المرء لها إخلاصاً كاملاً، ولذلك كان أغلب الطبيعيين إنسانيين، بمعنى أن الإنسان وما يحتاجه ويريده هو أساس القيمة.
ومن الصعب تحديد تاريخ انتهاء العصر الذهبي للفلسفة الأمريكية، فما زالت بعض نظرياته تطرح للمناقشة حتى اليوم، ومع ذلك ما تزال بعض الاتجاهات الفلسفية البارزة حاضرة في المشهد الفلسفي الأمريكي المعاصر، فلا يمكن الإنكار أن التحليل الفلسفي بشقيه - الوضعية المنطقية[ر] والفلسفة اللغوية - قد صار هو الاتجاه السائد في أمريكا اليوم. وقد بدأت الوضعية المنطقية، الأوربية المنشأ، تفعل فعلها في الفكر الأمريكي منذ الثلاثينات، وربما كان مرجع ذلك هروب أقطابها اليهود من ألمانيا والنمسا بعد تولي النازية الحكم، واستقرارهم في أمريكا، ومنهم كارناب[ر]، ورايشنباخ[ر]، وفيليب فرانك Frank، وريتشارد فون ميزِس R.von Mises، وهربرت فايغل Feigl، وكارل هيمبل Hempel، وألفرِد تارسكي Tarski، والجميع غايتهم إصلاح الفلسفة بهدف جعلها وسيلة صالحة لتحليل المعاني وتوضيحها، ومن ثم تنقية اللغات الحية وجعلها وسيلة التفاهم المثلى. ومنهجهم في هذا مبدأ القابلية للتحقيق، فالجملة لا تكون ذات معنى إلا إذا كانت ممكنة التحقيق تجريبياً، ومن ثم فكل جمل القضايا الرياضية والمنطقية وجمل الميتافيزيقا لغو لا مبرر له وحشو بلا معنى، لأنها جميعاً غير قابلة للتحقق منها.
فمن المؤكد أن بعض فلاسفة اللغة العادية الذين انطلقوا من نظرية القواعد التوليدية والتحويلية التي وضعها تشومسكي Chomsky، حاولوا على ضوء هذه النظرية أن يجدوا حلولاً لبعض المشكلات الفلسفية العالقة، خاصة تلك المتعلقة بتحليل القضايا. فقد وضح كاتس J.Katz في مؤلفه «فلسفة اللغة» كيفية تطبيق علم الدلالة التوليدية على تصنيف القضايا في تحليلية وتركيبية، صادقة وصحيحة. لكن المرحلة الأخيرة من تطور اللسانية التوليدية والتحويلية أدت، بغرض تلافي الدلالية، إلى ضرورة الاعتماد على بنية مجردة ذات صياغة قريبة من تلك التي تأخذ بها الوضعية المنطقية.
وبذلك اتهم فلاسفة التحليل اللغوي بالتفاهة، وبأنهم أحالوا الفلسفة إلى تمرينات لغوية عديمة الجدوى. وشمل الاتهام مور[ر] G.E.Moore وڤتغنشتاين[ر] L.Wittgenstein ورايـل Ryle وجون أوسـتن Austin. ومع أن اتجاهاتهم كانت صدى للاتجاهات المماثلة في أوربا، إلا أن مذاهب أخرى راجت في أوربا ولم ترج في أمريكا، مثل الظاهراتية phenomenology والتومائية[ر. الأكويني] Thomism والماركسية[ر] Marxim.
سوسن بيطار
تميزت الفلسفة الأمريكية American philosophy دائماً بأنها فلسفة براغماتية pragmatism، على الرغم من أنها كانت باستمرار فلسفة مستقبلة لكل التيارات الفلسفية الأوربية، من التطهرية[ر. البوريتانية] Puritanismوالمثالية idealism إلى الطبيعية naturalism والوضعية positivism. ولم تعرف أمريكا البراغماتية بشكلها الصحيح إلا في أواخر القرن التاسع عشر، لكن التاريخ الأمريكي يحفل بالدلالات التي تشير كلها إلى تغلغل المنهج البراغماتي في التجربة الفلسفية الأمريكية، فما كان من الممكن لأسلوب الحياة الأمريكية وتتابع الهجرة وما كانت تفرضه الحياة الجديدة على السكان إلا أن يطرح هذا النمط من التفكير. وحتى في عصر الاستعمار البريطاني، اتجهت أمريكا إلى مذهب المتطهرين، لأنه يناسب الفردية الأمريكية، فالخلق التطهري (البوريتاني) يدعو إلى النظام والاقتصاد والإقبال على العمل، وكلها قواعد للسلوك الصناعي العملي، لها مزاياها في المجتمع الأمريكي النامي.
ومع ذلك قويت به آنذاك نزعتان: النزعة اللامادية، ويمثلها جوناثان إدوارد Edward وصامويل جونسون Johnson، وكانت نزعة كالڤينية Calvinistic أو قدرية fatalistic؛ والنزعة المادية materialistic، ويمثلها كادولودر غولدن Golden وبنيامين فرانكلين Franklin، وكلاهما من المؤمنين بفلسفة نيوتن[ر] الطبيعية، والتفسير الميكانيكي الخالص للعالم. وتفوقت النزعة المادية، وارتبطت بها نزعة الربوبية Deism التي تؤمن بالله بغير اعتقاد بالديانات المنزلة. لكن إعلان الاستقلال والثورة الفرنسية أحدثا رد فعل ضد هذه الآراء الليبرالية، ورفض الجنوب مذهب الحقوق الطبيعية الذي دعا إليه جفرسون، وعارض كالهون Calhoun مساواة جفرسون Jefferson وقال إن عدم المساواة شرط للتقدم، وعرفت تلك الفترة مذهب الواقعية[ر] realism المسماة الواقعية الاسكتلندية، التي تنادي بسيادة العقل وبالمنهج الاستنباطي في التفكير، وواكبتها حركة فلسفية أخرى تعرف بالترانسندنتالية transcendentalism تناهض التشاؤم الكالڤيني وتدعو إلى التفاؤل، مضمونها مثالي أخلاقي أكثر منه تأملياً، ورغب الترنسندنتاليون بتحرير الفرد من التقاليد والعادات، واتباع ضميره وبصيرته الشخصية.
وكانت نظرية الارتقاء لداروين[ر] نقطة تحول في الفلسفة الأمريكية، أحالت فكرة الطبيعة من نظام ثابت، من الحقيقة الأزلية إلى واقع متغير باستمرار تغيراً دينامياً، وشجعت التفسيرات العلمية في غير العلوم الطبيعية، وقوضت سيطرة الفلسفة المثالية على الفكر الأمريكي، ومهدت لإدخال التجريبية experimentalism في الفلسفة.
بيد أن العصر الذهبي، كما يسمونه في الفلسفة الأمريكية، كان الفترة الواقعة ما بين سنوات 1880 إلى 1940، بسبب ظهور عدد من المفكرين والحركات الأصيلة في الفلسفة. وكان أهم مفكري ذاك العصر بيرس Peirce وجيمس James وديوي Dewey ورويس Royce وسانتَيانا Santayana ووايتهد Whitehead، وكانت البراغماتية والواقعية والطبيعية أهم حركاته الفلسفية. وبيرس هو أبو البراغماتية، وصفها بأنها منهج للتيقن من معاني الكلمات الصعبة والمفاهيم المجردة، لكن جيمس طور فكرة بيرس ووصف البراغماتية بأنها لا تحدد معاني الكلمات فقط، لكنها كذلك نظرية للتيقن من صدق الواقع، لكن ديوي وصف تفسير بيرس بالجمود، وتفسير جيمس بالذاتية، وأقام نوعاً من البراغماتية أطلق عليه اسم الذرائعية[ر] instrumentalism، ووصفها بأنها منهج لاستخلاص النتائج النهائية التي ينبغي التوصل إليها، لو أخذ في الحسبان كل ظروف المشكلة مثار التفكير. ووصف ديوي التفكير الذرائعي بأنه نوع من التكيف لتحديات البيئة. وكانت أهم إسهامات البراغماتية تقويضها مفاهيم الميتافيزيقا التقليدية، ولذلك تعاطف بيرس وجيمس وديوي مع الواقعية ضد المثالية، وكانت الواقعية مذهباً جديداً أخذ يروج في أواخر القرن العشرين، لكنه تطور إلى حركتين، الواقعية المحدثة new- realism والواقعية النقدية critical realism، وكان المحدثون يقولون إن الشيء المعلوم له وجوده المستقل، لكن النقديين قالوا إن الإدراك لا يكون للشيء نفسه، لكنه إدراك لمعطيات قد لا تكون أجزاء أو أوصافاً للشيء.
وتزعَّم الواقعية المحدثة بيري Perry ومونتاغ Montague، وميزوا أنفسهم لكونهم حركة. وتزعم الواقعية النقدية سانتيانا ولڤجوي Lovejoy وسيلارز Sellars. لكن الواقعية برافديها توقفت عن أن تكون تياراً مؤثراً بعد عام 1935، وغطّت عليها الفلسفة الطبيعية التي استمرت من العصر الذهبي حتى الوقت الحاضر، مع اختلاف في المضمون والشكل. فالطبيعية القديمة اهتمت بتفسير الظواهر بمسبباتها الطبيعية، وتطور هذا المعنى بوساطة ديوي واتخذ مفهوماً جديداً هو دراسة الظواهر دراسة منطقية تجريدية تحتوي الظاهرة بأكملها طبيعية كانت أم شعورية أم اجتماعية أم من أي نوع كانت، دراسة لا تفرق بين ظاهرها وباطنها ولا بين العقل والجسد. ورفض الطبيعيون مطالب الدين التقليدية، لكنهم لم يكونوا جميعاً ضد الدين، وفرّق ديوي مثلاً بين الدين والصفة الدينية للتجربة، وقال إن الصفة الدينية وحدها شيء له معنى، وإن الإنسان يعي مثله ومطامحه العليا بالتجربة الدينية، وإن الله ليس إلا غايات مثالية وقيماً يخلص المرء لها إخلاصاً كاملاً، ولذلك كان أغلب الطبيعيين إنسانيين، بمعنى أن الإنسان وما يحتاجه ويريده هو أساس القيمة.
ومن الصعب تحديد تاريخ انتهاء العصر الذهبي للفلسفة الأمريكية، فما زالت بعض نظرياته تطرح للمناقشة حتى اليوم، ومع ذلك ما تزال بعض الاتجاهات الفلسفية البارزة حاضرة في المشهد الفلسفي الأمريكي المعاصر، فلا يمكن الإنكار أن التحليل الفلسفي بشقيه - الوضعية المنطقية[ر] والفلسفة اللغوية - قد صار هو الاتجاه السائد في أمريكا اليوم. وقد بدأت الوضعية المنطقية، الأوربية المنشأ، تفعل فعلها في الفكر الأمريكي منذ الثلاثينات، وربما كان مرجع ذلك هروب أقطابها اليهود من ألمانيا والنمسا بعد تولي النازية الحكم، واستقرارهم في أمريكا، ومنهم كارناب[ر]، ورايشنباخ[ر]، وفيليب فرانك Frank، وريتشارد فون ميزِس R.von Mises، وهربرت فايغل Feigl، وكارل هيمبل Hempel، وألفرِد تارسكي Tarski، والجميع غايتهم إصلاح الفلسفة بهدف جعلها وسيلة صالحة لتحليل المعاني وتوضيحها، ومن ثم تنقية اللغات الحية وجعلها وسيلة التفاهم المثلى. ومنهجهم في هذا مبدأ القابلية للتحقيق، فالجملة لا تكون ذات معنى إلا إذا كانت ممكنة التحقيق تجريبياً، ومن ثم فكل جمل القضايا الرياضية والمنطقية وجمل الميتافيزيقا لغو لا مبرر له وحشو بلا معنى، لأنها جميعاً غير قابلة للتحقق منها.
فمن المؤكد أن بعض فلاسفة اللغة العادية الذين انطلقوا من نظرية القواعد التوليدية والتحويلية التي وضعها تشومسكي Chomsky، حاولوا على ضوء هذه النظرية أن يجدوا حلولاً لبعض المشكلات الفلسفية العالقة، خاصة تلك المتعلقة بتحليل القضايا. فقد وضح كاتس J.Katz في مؤلفه «فلسفة اللغة» كيفية تطبيق علم الدلالة التوليدية على تصنيف القضايا في تحليلية وتركيبية، صادقة وصحيحة. لكن المرحلة الأخيرة من تطور اللسانية التوليدية والتحويلية أدت، بغرض تلافي الدلالية، إلى ضرورة الاعتماد على بنية مجردة ذات صياغة قريبة من تلك التي تأخذ بها الوضعية المنطقية.
وبذلك اتهم فلاسفة التحليل اللغوي بالتفاهة، وبأنهم أحالوا الفلسفة إلى تمرينات لغوية عديمة الجدوى. وشمل الاتهام مور[ر] G.E.Moore وڤتغنشتاين[ر] L.Wittgenstein ورايـل Ryle وجون أوسـتن Austin. ومع أن اتجاهاتهم كانت صدى للاتجاهات المماثلة في أوربا، إلا أن مذاهب أخرى راجت في أوربا ولم ترج في أمريكا، مثل الظاهراتية phenomenology والتومائية[ر. الأكويني] Thomism والماركسية[ر] Marxim.
سوسن بيطار