ڤايمار (جمهورية -)
جمهورية ڤايمار Die Weimarer Republik هي تسمية لحقبة مهمة في تاريخ ألمانيا الحديث والمعاصر، امتدت من 19 كانون ثاني/يناير 1919 حتى 30 كانون ثاني/يناير 1933. قامت هذه الجمهورية في أعقاب خسارة ألمانيا الحرب العالمية الأولى، وثورة 1918 التي قام بها الاشتراكيون، وانتخاب برلمان جديد، ووضع دستور جديد لألمانيا سمي «دستور ڤايمار»، وسميت هذه الجمهورية باسم مدينة ڤايمار Weimar في مقاطعة تورنجين Türingen الألمانية التي انعقد فيها أول اجتماع للبرلمان بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.
عاشت جمهورية ڤايمار مراحل مهمة في تاريخها: المرحلة الأولى امتدت من بعد الحرب العالمية الأولى حتى عام 1923، وكانت الحكومة التي تشكلت بزعامة الاشتراكي ف.إبرت Friedrich Ebert مسؤولة عن مواجهة نتائج الهزيمة ونتائج مؤتمر الصلح في ڤرساي 1919، والأزمة الاقتصادية، والأزمات السياسية التي كان يثيرها الشيوعيون والرجعية الملكية في آن واحد.فمن المعروف أن معاهدة فرساي أُمليت إملاءً من دون أي مناقشة على حكومة إبرت، فوجدت هذه الحكومة نفسها في موضع الاتهام، وترتب على ذلك ظهور سلسلة من الأعباء والتبعات المعقدة، منها تمزيق الألمان بين أكثر من دولة مجاورة، وتطلع الألمان إلى استعادة وحدتهم، والمطالبة الفرنسية بالحصول على مبالغ ضخمة من التعويضات، هذا إضافة إلى تعرض حكومة إبرت البورجوازية لهجمات اليمين واليسار على حد سواء. وكان انتصار الشيوعية في روسيا 1917، قد حرض التشكيلات الشيوعية في أوربا على التحرك للوصول إلى الحكم، لكن حكومة إبرت قضت على الحركة الشيوعية لتواجه بعد ذلك تطلع الرجعية اليمينية إلى العودة إلى الحكم، وانتصرت حكومة ڤايمار على الحركة الرجعية وأدى استخدام الجيش لضرب الحركات المناهضة إلى احتفاظ الضباط بمراكزهم التي كانوا فيها في أثناء الحرب، الأمر الذي جعلها عرضة للنقد.
أما المرحلة الثانية فقد كانت أصعب ما واجهته حكومة ڤايمار، وتتمثل بمطالبة الرئيس الفرنسي بوانكاريه Poincaré بالتعويضات وتشدده فيها، وجرت محاولات للتقريب بين وجهات النظر الألمانية والفرنسية للوصول إلى تسوية للقضية، ولكن كان الطرفان على طرفي نقيض، فما كان من فرنسا إلا أن احتلت الراين ومنطقة الرور Ruhrgebiet عام 1923 مقابل وفاء ألمانيا بالتعويضات، وتحركت حكومة ڤايمار دولياً فشنت حملة دبلوماسية ضد فرنسا لقيت قبولاً في الدوائر السياسية البريطانية والأمريكية في أن هذا الاحتلال الفرنسي لا يتماشى مع بنود معاهدة فرساي. ولم يكن هدف الحكومة البريطانية فقط تحويل ألمانيا لقوة رادعة لفرنسا، إنما هدفت إلى توسيع تجارتها مع ألمانيا. وعانت ألمانيا بقسوة من جراء الاحتلال الفرنسي لأراضي الراين، فقد تدهور سعر المارك الألماني، وانتشرت المجاعة والاضطرابات، وسعت باڤاريا Bayern إلى الانفصال، ولم تجد حكومة ڤايمار مخرجاً من هذه الأزمة إلا بعد اهتزار مركز بوانكاريه أمام معارضة كل من بريطانيا والولايات المتحدة، وسقوطه في انتخابات 1924، في وقت تولى فيه غوستاف سترسمان Gustav Stresemann وزارة الخارجية الألمانية، واستطاع إخراج ألمانيا من عزلتها وتوقيع معاهدة داوس Dawes-Abkommen لتسوية مشكلة التعويضات وجلاء فرنسا عن الرور واستعادة المارك الألماني ثقته. وأدت المفاوضات 1929 إلى إنهاء احتلال قوات الحلفاء أرض الراين في حزيران/يونيو 1930 كما تخلت فرنسا عن مطالبتها بنزع سلاح ألمانيا.
والمرحلة الثالثة جاءت في ظروف دولية بالغة الدقة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929 التي أثرت سلبياً في الدول الكبرى، وجعلتها تسعى إلى الحصول على أي مبلغ ينقذها من الأزمة، وطالبت فرنسا ألمانيا بالاستمرار في دفع التعويضات، كما طالبت الولايات المتحدة الأمريكية ألمانيا بان تعيد إليها رؤوس أموالها التي أعطتها لألمانيا قرضاً.
وكان من المستحيل على ألمانيا أن تواجه كل هذا، وتحت ضغط من جانب بريطانيا وأمريكا اتُفق على تصفية مشكلة الديون، ومع هذا فقد ظلت ألمانيا معرضة لأزمات كبرى داخلية مهدت لظهور أدولف هتلر وحزبه النازي NSDAP الذي نجح في الانتخابات في أيلول/سبتمبر1930، وحصل على 107 مقاعد في البرلمان الألماني مستفيداً من تلك الأزمات التي ألمت بألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، ومن اهتزاز حكومة ڤايمار سنة بعد أخرى، ومع نجاح هتلر وحزبه بالانتخابات وتعيينه مستشاراً لألمانيا في 30 كانون ثاني/يناير 1933 انتهت جمهورية ڤايمار التي كانت لها مكانتها في التاريخ الألماني.
محمد أحمد
جمهورية ڤايمار Die Weimarer Republik هي تسمية لحقبة مهمة في تاريخ ألمانيا الحديث والمعاصر، امتدت من 19 كانون ثاني/يناير 1919 حتى 30 كانون ثاني/يناير 1933. قامت هذه الجمهورية في أعقاب خسارة ألمانيا الحرب العالمية الأولى، وثورة 1918 التي قام بها الاشتراكيون، وانتخاب برلمان جديد، ووضع دستور جديد لألمانيا سمي «دستور ڤايمار»، وسميت هذه الجمهورية باسم مدينة ڤايمار Weimar في مقاطعة تورنجين Türingen الألمانية التي انعقد فيها أول اجتماع للبرلمان بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى.
عاشت جمهورية ڤايمار مراحل مهمة في تاريخها: المرحلة الأولى امتدت من بعد الحرب العالمية الأولى حتى عام 1923، وكانت الحكومة التي تشكلت بزعامة الاشتراكي ف.إبرت Friedrich Ebert مسؤولة عن مواجهة نتائج الهزيمة ونتائج مؤتمر الصلح في ڤرساي 1919، والأزمة الاقتصادية، والأزمات السياسية التي كان يثيرها الشيوعيون والرجعية الملكية في آن واحد.فمن المعروف أن معاهدة فرساي أُمليت إملاءً من دون أي مناقشة على حكومة إبرت، فوجدت هذه الحكومة نفسها في موضع الاتهام، وترتب على ذلك ظهور سلسلة من الأعباء والتبعات المعقدة، منها تمزيق الألمان بين أكثر من دولة مجاورة، وتطلع الألمان إلى استعادة وحدتهم، والمطالبة الفرنسية بالحصول على مبالغ ضخمة من التعويضات، هذا إضافة إلى تعرض حكومة إبرت البورجوازية لهجمات اليمين واليسار على حد سواء. وكان انتصار الشيوعية في روسيا 1917، قد حرض التشكيلات الشيوعية في أوربا على التحرك للوصول إلى الحكم، لكن حكومة إبرت قضت على الحركة الشيوعية لتواجه بعد ذلك تطلع الرجعية اليمينية إلى العودة إلى الحكم، وانتصرت حكومة ڤايمار على الحركة الرجعية وأدى استخدام الجيش لضرب الحركات المناهضة إلى احتفاظ الضباط بمراكزهم التي كانوا فيها في أثناء الحرب، الأمر الذي جعلها عرضة للنقد.
أما المرحلة الثانية فقد كانت أصعب ما واجهته حكومة ڤايمار، وتتمثل بمطالبة الرئيس الفرنسي بوانكاريه Poincaré بالتعويضات وتشدده فيها، وجرت محاولات للتقريب بين وجهات النظر الألمانية والفرنسية للوصول إلى تسوية للقضية، ولكن كان الطرفان على طرفي نقيض، فما كان من فرنسا إلا أن احتلت الراين ومنطقة الرور Ruhrgebiet عام 1923 مقابل وفاء ألمانيا بالتعويضات، وتحركت حكومة ڤايمار دولياً فشنت حملة دبلوماسية ضد فرنسا لقيت قبولاً في الدوائر السياسية البريطانية والأمريكية في أن هذا الاحتلال الفرنسي لا يتماشى مع بنود معاهدة فرساي. ولم يكن هدف الحكومة البريطانية فقط تحويل ألمانيا لقوة رادعة لفرنسا، إنما هدفت إلى توسيع تجارتها مع ألمانيا. وعانت ألمانيا بقسوة من جراء الاحتلال الفرنسي لأراضي الراين، فقد تدهور سعر المارك الألماني، وانتشرت المجاعة والاضطرابات، وسعت باڤاريا Bayern إلى الانفصال، ولم تجد حكومة ڤايمار مخرجاً من هذه الأزمة إلا بعد اهتزار مركز بوانكاريه أمام معارضة كل من بريطانيا والولايات المتحدة، وسقوطه في انتخابات 1924، في وقت تولى فيه غوستاف سترسمان Gustav Stresemann وزارة الخارجية الألمانية، واستطاع إخراج ألمانيا من عزلتها وتوقيع معاهدة داوس Dawes-Abkommen لتسوية مشكلة التعويضات وجلاء فرنسا عن الرور واستعادة المارك الألماني ثقته. وأدت المفاوضات 1929 إلى إنهاء احتلال قوات الحلفاء أرض الراين في حزيران/يونيو 1930 كما تخلت فرنسا عن مطالبتها بنزع سلاح ألمانيا.
والمرحلة الثالثة جاءت في ظروف دولية بالغة الدقة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية عام 1929 التي أثرت سلبياً في الدول الكبرى، وجعلتها تسعى إلى الحصول على أي مبلغ ينقذها من الأزمة، وطالبت فرنسا ألمانيا بالاستمرار في دفع التعويضات، كما طالبت الولايات المتحدة الأمريكية ألمانيا بان تعيد إليها رؤوس أموالها التي أعطتها لألمانيا قرضاً.
وكان من المستحيل على ألمانيا أن تواجه كل هذا، وتحت ضغط من جانب بريطانيا وأمريكا اتُفق على تصفية مشكلة الديون، ومع هذا فقد ظلت ألمانيا معرضة لأزمات كبرى داخلية مهدت لظهور أدولف هتلر وحزبه النازي NSDAP الذي نجح في الانتخابات في أيلول/سبتمبر1930، وحصل على 107 مقاعد في البرلمان الألماني مستفيداً من تلك الأزمات التي ألمت بألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى، ومن اهتزاز حكومة ڤايمار سنة بعد أخرى، ومع نجاح هتلر وحزبه بالانتخابات وتعيينه مستشاراً لألمانيا في 30 كانون ثاني/يناير 1933 انتهت جمهورية ڤايمار التي كانت لها مكانتها في التاريخ الألماني.
محمد أحمد