فونتنيل (برنار لو بوڤييه)
(1657-1757)
برنار لو بوڤييه Bernard le Bovier الملقّب فونتنيل de Fontenelle أديب فرنسي، ولد في مدينة روان Rouen وتُوفِّي في باريس. كان لعمّه توماس كورني Thomas Corneille دور في تربيته وتوجيهه نحو الأدب. خالط الصالونات الباريسيّة، وتميّز بفصاحته وفكره المتوقد، لكن أعماله المسرحية لم تلقَ نجاحاً كبيراً، ومنها أوبرا «بسيشيه» Psyché عام (1678) و«بلليروفون» Bellérephon عام (1679)، والمسرحية التراجيدية «آسبار» Aspar عام (1680)، وبعض الأعمال الكوميدية (الملهاة).
ما يميز فونتنيل بحق هو أعماله الفكرية. ففي فترة شبابه كتب رواية طوباوية تحمل عنوان «جمهورية الفلاسفة» La République des Philosophes، تخيل فيها نظاماً ديمقراطياً يقوم على الانتخاب ويديره فلاسفة ماديّون. من أعماله المتميزة أيضاً مقال ساخر عن الصراع بين المذهَبَين الكاثوليكي والبروتستنتي. في هذين المؤلَّفَين يبدو فونتنيل حالة استثنائية في عصره الذي كان يمجّد الحكم الملكي المطلق للويس الرابع عشر، ويعيش صراعاً دموياً بين المذاهب الدينية. من المواقف المهمة لفونتنيل أيضاً دعمه لنظرية التطور الفكري في مؤلفه «استطراد حول القدماء والمحدثين» Digression sur les Anciens et les Modernes عام (1688). أما في كتابه «محادثات حول تعددية العوالم» Entretiens sur la pluralité des mondes عام (1686) فقد حاول تبسيط العلوم ووضعها في متناول الجميع، تماماً كما فعل حين حاول تبسيط اللاهوت في كتاب «تاريخ الكهنة العرافين» Histoire des Oracles عام (1687) الذي سخر فيه من الذين يعتقدون بالنبوءات التي ليست في رأيه سوى اختراع من الكهنة المشعوذين. أثار هذا الكتاب ضده عاصفة من النقد، لكن ذلك لم يمنع من انتخابه عضواً في الأكاديمية الفرنسية في 1691، ثم في 1697 في أكاديمية العلوم التي صار أمين سرها الدائم حتى 1740. في تلك الفترة كتب فونتنيل مراثي مدح فيها أعضاء الأكاديمية المتوفين مثل فوبان Vauban ودارجنسون D’Argenson ومالبرانش Malebranche وغيرهم، فكانت بمنزلة دراسة عن تاريخ العلوم وما يمكن أن تحمله للبشر.
كان فونتنيل أوّل من تحدث عن العلاقة الوثيقة بين العلوم، وعن ثبات قوانين الطبيعة، وعن ضرورة انفتاح الإنسان على فروع العلم المتنوعة؛ لا بل إنه في آخر حياته كتب مؤَلَّفاً بعنوان «شذرات» Fragments طرح فيه أفكاراً متعددة تناولت إحداها تنظيم العقل البشري وكيفية تشكل اللغة والصور فيه.
كان فونتنيل عالماً سبق عصره بأفكاره الجريئة المتحرّرة وبإيمانه بالعلم والعقل، وبمواقفه النقدية من التقاليد والسلطة وكلّ المنظومات الجامدة التي ترفض استقراء الدروس من التاريخ، وبذلك يكون من الذين تميّزوا بفكر موسوعي مهد لعصر التنوير.
حنان قصاب حسن
(1657-1757)
برنار لو بوڤييه Bernard le Bovier الملقّب فونتنيل de Fontenelle أديب فرنسي، ولد في مدينة روان Rouen وتُوفِّي في باريس. كان لعمّه توماس كورني Thomas Corneille دور في تربيته وتوجيهه نحو الأدب. خالط الصالونات الباريسيّة، وتميّز بفصاحته وفكره المتوقد، لكن أعماله المسرحية لم تلقَ نجاحاً كبيراً، ومنها أوبرا «بسيشيه» Psyché عام (1678) و«بلليروفون» Bellérephon عام (1679)، والمسرحية التراجيدية «آسبار» Aspar عام (1680)، وبعض الأعمال الكوميدية (الملهاة).
ما يميز فونتنيل بحق هو أعماله الفكرية. ففي فترة شبابه كتب رواية طوباوية تحمل عنوان «جمهورية الفلاسفة» La République des Philosophes، تخيل فيها نظاماً ديمقراطياً يقوم على الانتخاب ويديره فلاسفة ماديّون. من أعماله المتميزة أيضاً مقال ساخر عن الصراع بين المذهَبَين الكاثوليكي والبروتستنتي. في هذين المؤلَّفَين يبدو فونتنيل حالة استثنائية في عصره الذي كان يمجّد الحكم الملكي المطلق للويس الرابع عشر، ويعيش صراعاً دموياً بين المذاهب الدينية. من المواقف المهمة لفونتنيل أيضاً دعمه لنظرية التطور الفكري في مؤلفه «استطراد حول القدماء والمحدثين» Digression sur les Anciens et les Modernes عام (1688). أما في كتابه «محادثات حول تعددية العوالم» Entretiens sur la pluralité des mondes عام (1686) فقد حاول تبسيط العلوم ووضعها في متناول الجميع، تماماً كما فعل حين حاول تبسيط اللاهوت في كتاب «تاريخ الكهنة العرافين» Histoire des Oracles عام (1687) الذي سخر فيه من الذين يعتقدون بالنبوءات التي ليست في رأيه سوى اختراع من الكهنة المشعوذين. أثار هذا الكتاب ضده عاصفة من النقد، لكن ذلك لم يمنع من انتخابه عضواً في الأكاديمية الفرنسية في 1691، ثم في 1697 في أكاديمية العلوم التي صار أمين سرها الدائم حتى 1740. في تلك الفترة كتب فونتنيل مراثي مدح فيها أعضاء الأكاديمية المتوفين مثل فوبان Vauban ودارجنسون D’Argenson ومالبرانش Malebranche وغيرهم، فكانت بمنزلة دراسة عن تاريخ العلوم وما يمكن أن تحمله للبشر.
كان فونتنيل أوّل من تحدث عن العلاقة الوثيقة بين العلوم، وعن ثبات قوانين الطبيعة، وعن ضرورة انفتاح الإنسان على فروع العلم المتنوعة؛ لا بل إنه في آخر حياته كتب مؤَلَّفاً بعنوان «شذرات» Fragments طرح فيه أفكاراً متعددة تناولت إحداها تنظيم العقل البشري وكيفية تشكل اللغة والصور فيه.
كان فونتنيل عالماً سبق عصره بأفكاره الجريئة المتحرّرة وبإيمانه بالعلم والعقل، وبمواقفه النقدية من التقاليد والسلطة وكلّ المنظومات الجامدة التي ترفض استقراء الدروس من التاريخ، وبذلك يكون من الذين تميّزوا بفكر موسوعي مهد لعصر التنوير.
حنان قصاب حسن