ڤوندِل (يوسْت ڤان دِن -)
(1587-1679)
يوسْت ڤان دِن ڤونْدِل Joost van den Vondel شاعر وكاتب مسرحي هولندي، يمثل ذروة القرن الذهبي الذي بلغ فيه الأدب والفن في الأراضي المنخفضة Netherlands أوجهما، بوصول الطبقة البرجوازية إلى سدة الحكم عقب الأحداث الثورية التي رافقت النضال التحرري ضد الهيمنة الإسبانية. يتحدر ڤوندل من أسرة من الطائفة المعمدانية Mennonites التي هربت من الاضطهاد الكاثوليكي والبروتستنتي معاً من مدينة أنتڤربن Antwerpen الفلمنكية إلى مدينة كولونيا Köln في ألمانيا حتى استقرت في أمستردام. نتيجة لهذه الظروف المعاشية كان لابدّ لڤوندل من أن يعلِّم نفسه بنفسه، فتعلم الفرنسية واللاتينية، وترجم بعض أعمال فرجيل وسِِِينيكا إلى الهولندية. وأظهر منذ شبابه ميلاً لاقتباس الأساطير الإنجيلية في مسرحياته، مبرزاً بها ميله الصريح لتأكيد نمو الوعي الذاتي الإنساني لدى البرجوازية الصاعدة، في وجه التعصب والتحجر الديني لدى الأرستقراطية الإقطاعية والإكليروس (رجال الكنيسة). وقد تجلى ذلك منذ مسرحياته المبكرة، مثل «عيد الفصح» Het Pascha عام (1612) التي كشفت زخم لغته الشعرية وكفاءته في توظيفها بغية تحقيق التأثير المنشود، ولاسيما أن هدفه في ما بين السطور كان الإشارة إلى هجرة أنصار كالڤينوس Calvinists من إسبانيا الكاثوليكية إلى جنوبي الأراضي المنخفضة. وفي عام 1619 عندما أعـدمت الحكـومة السياسي الوطني يوهـان ڤان أولْدِنبارْنِڤِلْتJohan van Oldenbarnevelt استفزت مجريات المحاكمة والحكم الجائر ڤوندل فنظم مجموعة من الأهجيات والقصائد الساخرة، عرَّض فيها بالحكومة والكنيسة، مثلما فعل عام 1625 في مسرحية «بَلاميدِس» Palamedes حيث حاكى أسلوب المحاكمة بسخرية لاذعة. وفي الفترة نفسها تعرف ڤوندل السياسي والكاتب الهولندي هوغو غروتيوس Hugo Grotius الذي لفت اهتمامه إلى البنية الكلاسيكية في الدراما اليونانية، فهي الأصل، وما المسرح اللاتيني سوى فرع هزيل منها، فاستجاب ڤوندل، وكتب عام 1637 مسرحية «خيسبرِشت ڤان إمْستل Gijsbrecht van Aemstel مستلهماً روح التراجيديا (المأساة) اليونانية، أما بطله فقد استوحى سماته ومهمته التاريخية من شخصية إينياس Aeneas في «الإنيادة» لفرجيليوس Vergil، وأسقطه على أحداث أمستردام عام 1299. وقد ألَّف ڤونْدِل هذه المسرحية بمناسبة افتتاح مسرح شاوبورغ Schauburg في أمستردام، ومازالت تعرض حتى اليوم في عيد رأس السنة في المسرح نفسه، لقيمتها التاريخية الوطنية. وفي مسرحية «لوڤندال» De Leewendalers عام (1648) امتدح ڤوندل اتفاقية السلام في ڤستفالِن Westfalen أو ما يطلق عليه «صلح ويستفاليا».
كتب ڤوندِل اثنتين وثلاثين مسرحية مأسَوية، اقتبس منها ست مسرحيات عن سوفوكلس وأوربيديس وسينيكا، وعالج في ست عشرة منها موضوعات إنجيلية وأسطورية، وذلك بعد تحوله إلى الكاثوليكية، ومنها «ثلاثية يوسف»Joseph-Trilogie ما بين (1635-1640)، و«يافث» Jephta عام (1659)، كما تناول في عشر مآس موضوعات تاريخية مثل «ماريا ستوارت» Maria Stuart عام (1646).
أبدع ڤوندل بعمله المسرحي الدراما الوطنية الهولندية مستلهماً تقاليد الفرجة المحلية العريقة، مازجاً إياها مع البنية المسرحية الكلاسيكية، وعرض مجريات الحياة بصفتها صراعاً بين الرب وإبليس حول روح الإنسان. وتتسم مسرحياته عامة بقوة أحداثها وحيوية شخصياتها وعمق تأثيرها في المشاهدين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية. وقد كان لأعماله كبير الأثر في نهضة الحركة المسرحية في البلدان الأوربية المجاورة، مثل الدنمارك وألمانيا وسويسرا، كما أثبت كونه شاعراً من مقام رفيع، ولاسيما في قصائد الأود ode والسونيتة sonnet.
نبيـل الحفـار
(1587-1679)
يوسْت ڤان دِن ڤونْدِل Joost van den Vondel شاعر وكاتب مسرحي هولندي، يمثل ذروة القرن الذهبي الذي بلغ فيه الأدب والفن في الأراضي المنخفضة Netherlands أوجهما، بوصول الطبقة البرجوازية إلى سدة الحكم عقب الأحداث الثورية التي رافقت النضال التحرري ضد الهيمنة الإسبانية. يتحدر ڤوندل من أسرة من الطائفة المعمدانية Mennonites التي هربت من الاضطهاد الكاثوليكي والبروتستنتي معاً من مدينة أنتڤربن Antwerpen الفلمنكية إلى مدينة كولونيا Köln في ألمانيا حتى استقرت في أمستردام. نتيجة لهذه الظروف المعاشية كان لابدّ لڤوندل من أن يعلِّم نفسه بنفسه، فتعلم الفرنسية واللاتينية، وترجم بعض أعمال فرجيل وسِِِينيكا إلى الهولندية. وأظهر منذ شبابه ميلاً لاقتباس الأساطير الإنجيلية في مسرحياته، مبرزاً بها ميله الصريح لتأكيد نمو الوعي الذاتي الإنساني لدى البرجوازية الصاعدة، في وجه التعصب والتحجر الديني لدى الأرستقراطية الإقطاعية والإكليروس (رجال الكنيسة). وقد تجلى ذلك منذ مسرحياته المبكرة، مثل «عيد الفصح» Het Pascha عام (1612) التي كشفت زخم لغته الشعرية وكفاءته في توظيفها بغية تحقيق التأثير المنشود، ولاسيما أن هدفه في ما بين السطور كان الإشارة إلى هجرة أنصار كالڤينوس Calvinists من إسبانيا الكاثوليكية إلى جنوبي الأراضي المنخفضة. وفي عام 1619 عندما أعـدمت الحكـومة السياسي الوطني يوهـان ڤان أولْدِنبارْنِڤِلْتJohan van Oldenbarnevelt استفزت مجريات المحاكمة والحكم الجائر ڤوندل فنظم مجموعة من الأهجيات والقصائد الساخرة، عرَّض فيها بالحكومة والكنيسة، مثلما فعل عام 1625 في مسرحية «بَلاميدِس» Palamedes حيث حاكى أسلوب المحاكمة بسخرية لاذعة. وفي الفترة نفسها تعرف ڤوندل السياسي والكاتب الهولندي هوغو غروتيوس Hugo Grotius الذي لفت اهتمامه إلى البنية الكلاسيكية في الدراما اليونانية، فهي الأصل، وما المسرح اللاتيني سوى فرع هزيل منها، فاستجاب ڤوندل، وكتب عام 1637 مسرحية «خيسبرِشت ڤان إمْستل Gijsbrecht van Aemstel مستلهماً روح التراجيديا (المأساة) اليونانية، أما بطله فقد استوحى سماته ومهمته التاريخية من شخصية إينياس Aeneas في «الإنيادة» لفرجيليوس Vergil، وأسقطه على أحداث أمستردام عام 1299. وقد ألَّف ڤونْدِل هذه المسرحية بمناسبة افتتاح مسرح شاوبورغ Schauburg في أمستردام، ومازالت تعرض حتى اليوم في عيد رأس السنة في المسرح نفسه، لقيمتها التاريخية الوطنية. وفي مسرحية «لوڤندال» De Leewendalers عام (1648) امتدح ڤوندل اتفاقية السلام في ڤستفالِن Westfalen أو ما يطلق عليه «صلح ويستفاليا».
كتب ڤوندِل اثنتين وثلاثين مسرحية مأسَوية، اقتبس منها ست مسرحيات عن سوفوكلس وأوربيديس وسينيكا، وعالج في ست عشرة منها موضوعات إنجيلية وأسطورية، وذلك بعد تحوله إلى الكاثوليكية، ومنها «ثلاثية يوسف»Joseph-Trilogie ما بين (1635-1640)، و«يافث» Jephta عام (1659)، كما تناول في عشر مآس موضوعات تاريخية مثل «ماريا ستوارت» Maria Stuart عام (1646).
أبدع ڤوندل بعمله المسرحي الدراما الوطنية الهولندية مستلهماً تقاليد الفرجة المحلية العريقة، مازجاً إياها مع البنية المسرحية الكلاسيكية، وعرض مجريات الحياة بصفتها صراعاً بين الرب وإبليس حول روح الإنسان. وتتسم مسرحياته عامة بقوة أحداثها وحيوية شخصياتها وعمق تأثيرها في المشاهدين على اختلاف مستوياتهم الاجتماعية والثقافية. وقد كان لأعماله كبير الأثر في نهضة الحركة المسرحية في البلدان الأوربية المجاورة، مثل الدنمارك وألمانيا وسويسرا، كما أثبت كونه شاعراً من مقام رفيع، ولاسيما في قصائد الأود ode والسونيتة sonnet.
نبيـل الحفـار