إستكمالا للمجالس المحفوظية...
رواية زقاق المدق (1946).
على عادة نجيب محفوظ في ادراج الحيز المكاني في صلب العمل الروائي ، زقاق المدق رواية من الأدب الوصفي الواقعي ، تحكي حالة المجتمع المصري ابان الحرب العالمية الثانية.
يغوص الكاتب بهذا العمل في الحارات الشعبية مستخلصا منها الواقع المعاش بكل تموجاته عبر العديد من الشخصيات المختلفة التراكيب ،( شيخ كسليم علوان التاجر، حميدة ال فتاة،عباس كرشة صاحب المقهى، رضوان الحسيني التقي الورع ، عباس الحلو الشاب الطموح ...)
هذه الرواية في حد ذاتها تعتبر عتبة محفوظية للمنهج الواقعي في الأدب ، فهي تخوض في تفصيلات الحياة الواقعية عبر المطبات التي تواجهها كل شخصية منفردة ، من هموم الموت، الشذوذ الجنسي، الزواج، العهر، التدين، الكدية، تقاليد الزواج، ...
بطلة الرواية هي حميدة الذي تمثل الثورة على التقاليد في المجتمع المحافظ، فبعد قبولها بعباس الحلو زوجا لها تقرر بعد انضمام الاخير الى الجيش ، امتهان مهنة الدعارة، لعلها بهذا تطلق الفقر الذي نشأت فيه ، لكن الاخير يصادفها في احدى الحانات الافرنجية ، فلا يتمالك نفسه الا وهو يهشم رأسها بزجاجة خمر ، ليقوم الانجليز بقتله بينما تفقد هي نضارة وجهها و تنته تورثها على الاعراف قبل أن تبدأ.
فهل نجح محفوظ في هذا العمل الروائي ؟
يمكن الجزم ان الرواية بعيدا عن السينما هي تقرير صحفي في مجال علم الاجتماع ، و إلا أين هي حبكة الرواية ، أين التغلغل داخل الشخصيات ؟ أين أدبية الأدب ، هذا العمل هو سجل حافل لتطور الفكر المصري عبر انعكاسات الحرب و الاحتلال عليه ، و يمكن أن نخرج هذه الرواية من مسار الأدب الواقعي فهي عبارة عن نص وصفي لحالة المجتمع.
و أعتقد شخصيا ، ان هذه الرواية تعد محاولات محفوظية لمقاربة الأدب الواقعي خصوصا انها كتبت في فترة متقدمة من حياة كاتبنا ، ولعله استفاد منها في تطوير منهجه الروائي الذي سيبرز في أعماله الأخرات خصوصا الثلاثية .
وهران 26-07-2023م