مناطيد لغزو واستيطان كوكب الزهرة - العيش على كوكب الزهرة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • مناطيد لغزو واستيطان كوكب الزهرة - العيش على كوكب الزهرة

    رُبما سنرى روّاد الفضاء في المستقبل القريب في مُهمةِ استكشاف كوكبِ الزهرة، ما داموا مُحلّقين عالِيًا في السماء الحمضيّة لهذا الكوكب.

    وقدّم باحثوا ناسا فكرةَ إرسالٍ تجريبيّة لهذهِ المناطيد؛ حيثُ سيتمّ ملؤها بغازِ الهيليوم، لتُبحِر عبرَ الغِلافِ الجوّي للزُهرّةِ. وتُدعى هذهِ الفكرة “هافوك” (The High Altitude Venus Operational Concept-HAVOC) والتي تعني حرفيّا “مَفهوم الزهرة التشغيلي العالي الإرتفاع”، ويقول المُطورون: أنّهُ في نِهايةِ المَطاف، مِنَ المُمكِن أن تُؤدي هذهِ الفِكرة إلى الإستِعمارِ الكامِل لهذا الكَوكَبِ الجهنَّمي الساخِن.

    (يُمكِنُك رؤية طريقة عمل هذه المناطيد في المَصدر عن طريق الفيديو المُرفق).

    ويقول جونز من مركزِ أبحاث لانغلي التابِع لِناسا في ولاية فيرجينا: ’’إنشاءُ مُدنٍ سحابيّةً، بالتأكيدِ إنّهُ لتَحدٍّ تكنولوجيّ كبير، ونَتصوّر أنّ هذا الشيء سَيكونُ ممُكِنًا في المُستقبَل.‘‘
    لا تستبعِد الزُهرة


    لَطالَما كانَ وضعُ القدمِ الأولى عَلى سطحِ المرّيخ هِيَ الأولَوية القُصوى على المَدى الطَويلِ للمُجتَمعِ الدُوليّ لِرحلاتِ الفَضاء البَشريّة، وبالفعل، تَعمَلُ وَكالةُ ناسا لإِرسالِ أوّلَ رِحلةٍ إلى مُحيطِ الكَوكَبِ الأحمر بحلولِ مُنتَصف عام 2030.

    أمّا كَوكبُ الزُهرة، فهوَ هَدفٌ مُحتَمل آخر لِلإستكشافِ البَشريّ، وَيقولُ جونز وَزَميله دايل آرني، وهو أيضًا من نفس مركز أبحاث لانغلي: ’’قَد يَبدو هذا التَأكيد مُفاجِئًا للوَهلةِ الاولى، فَدَرجةُ حرارة سَطح كَوكب الزُهرة تبلغ 860 درجة فهرنهايتية تقريبًا (460 دَرجة مِئوية) –كافية لِصهرِ الرَصاص- والضَغطُ الجَويّ عندَ مُستوى سطحِ الزُهرة أكبر بِتسعين مرّة من كوكب الأرض‘‘.

    ولكِن “هافوك” ستَتجنّب القُرب من السَطح، وبَدلاً من ذلك، سِتُحلّق بارتِفاع 30 ميلاً تقريبًا (50كيلومترًا)، في طَبقةِ هواء الزُهرة السَميكة المَليئة بِثاني أكسيدِ الكربون، ولكن عِندَ هذا الإرتِفاع الكبير، سيكون الضغطُ الجوّي تقريبًا كَما اعتَدنا عَليه، ومُتوسّطُ درجة الحَرارة سيكون 167 فهرنهايت(75 مِئوية).

    فَحجمُ الزُهرة الذي يُقارِبُ حَجم كوكبِ الأرض، وكَونهُ أقرب كوكبٍ إلينا، سيَجعَلُ من السَهلِ الوُصول إليه، أو على الأقل، الوُصولُ إليهِ سيَكونُ سَريعًا.

    قال “آرني”: ’’الزُهرة لا يَقلُّ سوء عن الكَوكب الثاني الذي سَنزورهُ بعدَ مُغادرتنا لِكوكب الأرض، لِذا وضَعنا هذا بِعينِ الإِعتبار، ومِن ثمّ بدأنا بالبَحثِ بالميكانيكية المداريّة، ودَرسنا بعض الوسائل التي ستُساعدنا للوصول إلى الزهرة والعَيش فيه والعَمل فيهِ أيضًا، وإما أن ننجح، أو أن نفشل، ومِن هذا المُنطلق، بدأنا الدراسات عنه، وسُبل العيش فيه.‘‘

    وتَبقى هافوك إلى الآن عِبارة عن –دِراسة- فقط. وعِندَ هذه النُقطة، ناسا ليسَ لديها أيّة خُطط مَلموسة، لِتنقلَ هذه المُهمة، من -الخَيالِ والمَفهوم- إلى الواقع.
    صُنعُ هافوك:


    الخُطة لإنشاء المُدن السحابيّة على الزُهرة تتضمّنُ خمسة مراحل، المراحلُ الأربعة الأولى مِن شأنِها التَحقق من إستخدام التِقنيّات اللازمة لخطواتٍ تالية أكبَر طُموحًا.

    ستتضمّنُ المرحلة الأولى إسْتِكشاف الغِلاف الجوّي الخاص بكوكب الزُهرة عَن طَريقِ روبوتٍ غير مأهول، بطول 102 قَدم(31 مِترًا)، وفي المَرحلة الثانية سيَقضي إثنان مِن رُوّاد الفَضاء 30 يومًا في المَدارِ حولَ كوكب الزُهرة، وفي المَرحلتين الثالثة والرابعة، سيحلّق اثنان من أفرادِ الطاقم عبرَ سماءِ الزُهرة في المنطادِ بطول 423 قدم(129مِترًا)، لمدة سنة و30 يومًا، ومِن ثمّ الإستعمارُ النهائيّ في المرحلةِ الخامسة.

    ومَناطيد هافوك التي تعمل بالطاقَةِ الشَمسيّة تطيرُ بارتفاع 30 ميلًا تقريبًا، حَيث ستتلقّى طاقةً شمسيّة أكبر بأربعينَ بالمئةِ عمّا تَحصُل عليهِ على سطح كَوكب الأرض.

    وهناكَ المَركبات التي تتَحركُ بِواسطةِ المَراوِح، والتي سَتحمِل العَديد منَ المعدّات اللازِمة لِدراسةِ غِلاف الزُهرة الجوّي، أمّا المَناطيد المأهولة فَتَحتوي على أماكِن لإقامَةِ الرُوّاد فيها، وصاروخ مُتعدّد المَراحل، والّذي سَيُعيد أفرادَ الطاقم إلى المدار، عِندما تنتهي مُهِمّتهم.

    وعِندما يُصبحون في المَدار، سيلتَقون بالمَركبةِ الفضائيّة التي سَتُعيدهم إلى كوكبِ الأرض.
    التَحديّات التي يجب تَجاوزها


    لَيس مِن السَهل فِعل كلّ هذهِ الأمور، فبَعد أن قامَ الإتحادُ السوفيتيّ بإسرالِ سفينَتين فضائِيّتين غير مأهولتين لاستكشافِ الزُهرة عام 1985 أثناء مُهمّة “فيغا”، لم تَقُم البَشريّة بإرسالِ أيَّة سَفينة إلى العالمِ الآخر(الفَضاء).

    مناطيد هافوك مَطويَّة، وذلك حتى تتسع بِداخلِ كَبسولة الإطلاق، ثمّ ستدخُل الغِلاف الجوّي للزُهرة بِسرعة 16.000 ميلاً(25.750كم/الساعة)، بعدها سَتنشُر المِظلّة لإبطاءِ سُرعتِها، وبعد ذلك، ستتخلص من القشرة (Aeroshell)، والتي تَعمل على حِماية المِنطاد من الضغط والحرارة والحُطام الناتِج عَن إِختراقِ الغِلاف الجَويّ (يُمكِنُك البَحث في نظرية “الدُخول الجوّي”)، ثمّ ستَنتفِخ المَناطيد بِغاز الهيليوم، وإن سارَ كلّ شيءٍ على ما يُرام، سَتستَقِر المَناطيد عَلى إرتفاع 30 ميلاً (50كم تقريبًا)، وِمن دونِ أن تَلمِس سطحَ الزُهرة الذي لا يَرحَمُ أبدًا.

    والبِعثة الروبوتيّة التي تَحدّثنا عنها في المَرحلةِ الأولى من المهمّة، هيَ التي سَتتحقّق من حُدوثِ عمليّة الدُخول بشَكلٍ سَليم، وسَيَتمّ إستخدام إستراتيجيّة الهُبوط والتضخُّم (EDI)، قبل بدء مُهمّة الرُوّاد.

    وقال جونز: لا بُدّ لِلألواح الشَمسيّة التي تَعتمِد عليها المناطيد، أنْ تَعمل حتى في هذهِ البيئة المعادِية المليئة بِقطرات حامض الكبريتيك المركّزة، لذا أَجرى فَريقنا بَعض التَجارُب لتَحديدِ المَواد اللازِمة التي مِنَ المُمكِن أن تُستَخدَم كَطِلاء واقٍ للألواح.

    وقال آرني: ’’الَعودةُ إلى مدار الزُهرة تُشكّل تحدّيًا آخر، فجاذبيّة الزُهرة مُماثِلة لجاذبيّةِ الأرض، لِذا سيتطَلّبُ الأمر صاروخًا كَبيرًا قويًّا للوصول إلى المَركَبة التي تَدور حَولَ الكَوكَب. (في المُقابل، جاذِبيّة المرّيخ أقل بِنسبةِ 60% من جاذِبيّةِ الأرض).

    والتحَدِّيات التي ستواجِه عملية هافوك، لا تَقتَصِر فقط على كَوكبِ الزُهرة، فعلى سبيل المثال، تَوفير النُظم الآمنة للعَيْش في هذهِ المناطيد ومَركبات الفضاء السَحيق.

    وسيكون هنالِكَ الكَثير مِنَ الأمورِ الواجِب تطويرها، بِغضّ النَظر عَن الوُجهة التي ستَقصِدُها.‘‘

    وَلَم يصل آرني وجونز إلى السِعر المُقدّر الذي سَتُكلّفه خُطة “هافوك”، حَيث ركّزوا بِدراسَتِهم على الأداء والجَوانِب التكنولوجيّة لِمفهومِ هذِهِ المُهمّة فقط.
    العِلمُ والإستكشاف:


    جونز وآرني لا يُحاوِلون صَرف إنتِباه ناسا إلى تَحويل رِحلاتِها الفَضائيَّة البَشريَّة من المَريخِ إلى الزُهرة.

    قال آرني: نَحنُ لا نَقول أننا سَنُهمل جَميعَ الكَواكب الأخرى، ونَذهب إلى الزُهرة، نَحنُ نقول أنهُ إذا أرَدنا الذَهاب إلى الزُهرة، ما الأمور الواجِبِ إجراؤها للقِيامِ بِهذهِ المُهمَّة؟

    أضافوا: لَفتَ مَفهوم المناطيد إنتباه العَديد مِنَ العُلماء المُهتمِّينَ بِمَعرفة المَزيد عن هذا الكَوكب وتَطَوُّراتِه، وهُنالِك العَديد منَ الأسبابِ التي تَدفَعُنا إلى دِراسة شَقيقة كَوكب الأرض.

    فَعلى سَبيل المِثال، أنَّهُ كان مُماثِلاً لِكوكبِ الأرض مُنذُ زَمنٍ بَعيد، حَتى إستَحكمَت التغيُّرات المناخية الوَضع، وحوَّلته إلى “اناء ضغط”.

    قال جونز: تَحمَّسَ عُلماءُ الكَواكب كثيرًا لِخطَّةِ هافوك، وهُم يقدِّرون أن الخُطة تتضمَّن العَديد مِن التَحدِّيات التِكنولوجيَّة، التي لن نتَغلَّب عليها بِحلولِ الغَد فقط. ولكن في الحَقيقة، إستِكشاف كَوكبِ الزُهرة قَد أثارَ إهتِمامَهُم بالتَّأكيد. وَعُلماءُ ناسا، سيأخذون هذا الأَمر بجِدِّيَّةٍ أكبر وأكبر في الأيام القادمة.

    وقال جونز أيضًا: ’’عِندما بدأنا أول مرَّه بِهذهِ الخُطَّة، قال الناس: أوه يا إلهي، هذا جُنون، سَتقوم بإرسالِ الناس لِرحلةٍ فضائيَّةٍ إلى الزُهرة؟ .. ولكن بِمُجرَّد أن بَدأنا القِيام بالدِراسات و التحاليل، وبيَّنَّا لَهُم أن الأمرَ مُمكِن، بدأَ الناسُ بالمجيءِ مِن حَولِنا والقَول: نَعم، إنَّه حقا ممكن
يعمل...
X