تصف دورة الأعمال التجارية ارتفاع وانخفاض معدل إنتاج السلع والخدمات في الاقتصاد. وتقاس الدورة الاقتصادية عمومًا بالزيادة والنقصان و الانكماش و الركود في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أو الناتج المحلي الإجمالي المعدل حسب نسبة التضخم. ولا ينبغي الخلط بين دورة الأعمال ودورات السوق التي تقاس باستخدام المؤشرات القياسية العامة لأسواق الأوراق المالية. وتختلف الدورة الاقتصادية أيضًا عن دورة الديون التي تشير إلى ارتفاع ونقص ديون الأسر (العائلات) والحكومة. وتعرف دورة الأعمال التجارية أيضًا باسم الدورة الاقتصادية أو الدورة التجارية.
مفهوم دورة الأعمال التجارية
دورات الأعمال هي التقلبات في النشاط الاقتصادي التي يمر بها الاقتصاد خلال فترة زمنية محددة. إلا أن التقلبات الحقيقية في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بعيدة عن كونها ثابتة. هذه التقلبات تشمل نفقات جميع القطاعات، بما في ذلك الأسر، والمنظمات غير الربحية، والحكومات، والشركات. ولذلك فإن «دورة النفقات» هي وصف أفضل لما يقاس في هذه الحالة.
تتسم دورة الأعمال بالتوسع والانكماش. خلال التوسع ينمو الاقتصاد، بينما يمثل الانكماش فترة من التدهور الاقتصادي. وتسمى هذه الانكماشات بحالات الركود.
بعد الحرب العالمية الثانية، ارتبطت التوسعات بشكل أساسي بالنمو السكاني والزحف العمراني وظهور الاستهلاك. في السبعينيات، كان النمو مدفوعًا أكثر عن طريق حقن الديون من خلال بطاقات الائتمان الاستهلاكية، والرهون العقارية، والقروض التجارية والصناعية -على عكس تمويل الأسهم- تليها فقاعة المضاربة التجارية، ثم المزيد من ديون الرهن العقاري.
مفاهيم أساسية
- دورة الأعمال التجارية هي ارتفاع وانخفاض نفقات إنتاج السلع والخدمات في الاقتصاد.
- تشمل مراحل الدورة الاقتصادية التوسع، والذروة، والركود أو الانكماش، والكساد، والهبوط، والانتعاش.
- تقاس الدورات الاقتصادية من قبل المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية في الولايات المتحدة.
- بعد التسعينيات، استمر متوسط التوسع 95 شهرًا، في حين استمر متوسط الانكماش 11 شهرًا.
تتميز جميع الدورات الاقتصادية بعدة مراحل مختلفة، كما يتضح أدناه:
أولًا: التوسع
هذه هي المرحلة الأولى. عندما يحدث التوسع، تحدث زيادة في التوظيف، والدخل، والإنتاج، والمبيعات. الناس عادة يسددون ديونهم في الوقت المحدد؛ فالاقتصاد يتدفق باستمرار في العرض النقدي، والاستثمار يزدهر.
ثانيًا: الذروة
المرحلة الثانية هي الذروة؛ أي عندما يواجه الاقتصاد عقبة بعد أن بلغ الحد الأقصى من النمو، والأسعار في أعلى مستوياتها والمؤشرات الاقتصادية لا تنمو. يبدأ العديد من الناس في إعادة الهيكلة مع بدء النمو الاقتصادي في التراجع.
ثالثًا: الركود
هي فترات الانكماش. في أوقات الركود ترتفع البطالة، ويتباطأ الإنتاج، وتبدأ المبيعات في الانخفاض بسبب انخفاض الطلب، والدخل يصبح راكدًا أو ينخفض.
رابعًا: الكساد
يستمر النمو الاقتصادي في الانخفاض بينما ترتفع البطالة وينخفض الإنتاج. ويجد المستهلكون ورجال الأعمال صعوبة في تسديد الديون؛ لأن التجارة تقل وحالات الإفلاس تزداد. وتنخفض أيضًا ثقة المستهلكين ومستويات الاستثمار.
خامسًا: الهبوط
تشير هذه الفترة إلى نهاية الكساد، الأمر الذي سيقود الاقتصاد إلى الخطوة التالية: التعافي أو الانتعاش.
سادسًا: التعافي أو الانتعاش
في هذه المرحلة، يبدأ الاقتصاد في التحول؛ يحفز انخفاض الأسعار الزيادة في الطلب والتوظيف والإنتاج، ويبدأ المقرضون في فتح خزائنهم الائتمانية. وتمثل هذه المرحلة نهاية دورة اقتصادية واحدة.
هام
السياسة المالية والتنظيمية، والتكنولوجيا، والإحصائيات الديموغرافية، والتغيرات الخارجية مثل ارتفاع أسعار النفط تؤثر على الدورة الاقتصادية.
قياس دورة الأعمال التجارية
يقاس التوسع من قاع الدورة الاقتصادية السابقة إلى قمة الدورة الحالية، في حين يقاس الركود من الذروة إلى القاع.
يحدد المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية (NBER) تواريخ الدورات الاقتصادية في الولايات المتحدة؛ فأعضاء اللجنة يأخذون بعين الاعتبار الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي وغيرها من المؤشرات، بما في ذلك الدخل الحقيقي والتوظيف والإنتاج الصناعي والمبيعات بالجملة والتجزئة. الجمع بين هذه القياسات وقياسات الديون والسوق يساعد على فهم أسباب التوسعات.
وفقًا المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية، استمر متوسط التوسع 58 شهرًا في حين استمر متوسط الانكماش 11 شهرًا منذ عام 1945. وقدَّر بعد التسعينيات أن متوسط التوسع استمر 95 شهرًا، في حين ظل متوسط الانكماش على حاله. وكان من الصعب على أعضاء NBER أن يختاروا حزيران 2009 كنقطة الانكماش الأخيرة؛ عندما نظروا إلى البيانات أشارت إلى انخفاض عدد عشر قياسات في الفترة من حزيران إلى كانون الأول عام 2009.
بدأ الركود في كانون الأول 2007 واستمر 18 شهرًا، ما جعله أطول تراجع للركود منذ الحرب العالمية الثانية. أطول فترات الركود بعد الحرب كانت من 1973 إلى 1975، ومن 1981 إلى 1982، وكلاهما دام 16 شهرًا.
الاقتصاديون ودورات الأعمال التجارية
يعتقد الاقتصاديون أن دورة الأعمال التجارية جزء طبيعي من الاقتصاد. لكن هناك آخرون يعتقدون أن المصارف المركزية تتحكم بصورة غير مباشرة في الدورة بالتدخل في السياسة النقدية.
عندما يتوسع الاقتصاد بسرعة مفرطة يتدخل محافظو البنوك المركزية ويقومون بتقييد المعروض من الأموال ورفع أسعار الفائدة. وعلى العكس، إذا تباطأ الاقتصاد بسرعة مفرطة فإن الأسعار ستخفض ويزيد المعروض من الأموال.
ويعتقد النقاد أنه إذا توقفت البنوك المركزية عن التدخل فإن الاقتصاد سيتجنب كل هذه الدورات.
المستثمرون ودورة الأعمال التجارية
قد يتمكن المستثمرون من استخدام دورة الأعمال التجارية للاستفادة من السوق باختيار الأسهم المناسبة في الوقت المناسب. على سبيل المثال، يمكن للمستثمر اختيار الاستثمار في أسهم السلع والتكنولوجيا في نهاية دورة الأعمال لأنها قد تكون رخيصة، ومن ثم بيعها خلال الجزء المبكر من التوسع.
عندما يكون الاقتصاد محمومًا ووصل إلى ذروته، قد يقرر المستثمرون استثمار أموالهم في المرافق والسلع الاستهلاكية والرعاية الصحية. تميل هذه القطاعات إلى جعل أداء السوق أعلى خلال فترات الركود لأن الطلب لا ينخفض، حتى في أوقات التقلبات؛ بسبب التدفقات النقدية وعوائد الأرباح الخاصة بهذه القطاعات.
دورة الأعمال التجارية والأسواق
يمكن أن يترتب عن الركود خسائر فادحة في أسواق الأوراق المالية. معظم مؤشرات الأسهم الرئيسية في العالم شهدت انخفاضا بأكثر من 50% خلال 18 شهرًا من الركود الكبير، الذي كان أسوأ انكماش منذ الكساد العظيم.
وشهدت الأسهم العالمية أيضًا تغيرًا كبيرًا خلال فترة ركود عام 2001؛ فكان سهم الناسداك المركب (Nasdaq Composite) من بين أكثر الأسهم تضررًا. وانخفض المؤشر بنسبة 80% تقريبًا من ذروته في عام 2001 إلى ذروته في عام 2002.
من المهم معرفة أن الركود بسبب انفجار فقاعات الائتمان أسوأ بكثير على الدخل والاستهلاك من انفجار فقاعات المضاربة في سوق الأسهم.