​​​​​​​سيكولوجية الشماتة وثقافة الانتقام

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ​​​​​​​سيكولوجية الشماتة وثقافة الانتقام

    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	IMG_٢٠٢٣٠٧٢٧_١١٢٦٤٧.jpg 
مشاهدات:	5 
الحجم:	38.0 كيلوبايت 
الهوية:	138210 شيار الجميل
    عندما أقرأ ردود فعل الخصوم على أعدائهم.. أو انتصار الفرقاء ضد بعضهم الآخر.. أجد أن الشماتة أو التشّفي، تعبير عاطفي محموم ويائس يترجم حالة الانتقام والوصول إلى ذروته بالتمتع السادي، ويحوّل الإنسان إلى حالة من النشوة والفرح، إذ يحقق للشامت ما كان ينتظره من خصمه أو عدوه، جراء هزيمة أو انتكاسة أو أزمة أو فشل أو خسارة.. وانتهاء بالموت.
    فالشماتة والتشفي هما عكس التسامح والتعاطف والمشاركة. وإذا كان هذا يحدث بين الأفراد، فهو يحدث بين المجتمعات والدول. وإذا كنا نقرأ عن شماتة شعب ضد شعب آخر، فهل يمكن أن يحدث مثل هذا الاضطراب الخلقي والإصابات السيكولوجية البائسة عند أبناء بلد واحد، أو ملة واحدة، أو قومية واحدة؟
    إن شماتة الحسّاد تأتي عاطفيا دوما ضد أصحاب الثروات، كما يذكر أوتوني وآخرون، وترتبط به شماتة الأغبياء الذين يعلنون عن حقدهم ضد الناجحين والمتفوقين، كما يذكر باريت وجماعته، في حين أن شماتة المنتقمين الذين يعلنون عن فرحهم ورقصاتهم ضد الفئات العليا وأصحاب الجاه والسلطان، كما يقول فون دايك، وثمة تصنيفات أخرى للشماتة! إن الشماتة التي نجدها بين أعداء حقيقيين، أو خصوم سياسيين، أو فرقاء مؤدلجين.. لا يمكن أن نجدها عند كل الشعوب.
    فثمة مجتمعات لم تعرف تواريخها الأحقاد، ولم تتوارث ثقافيا الأخذ بالثارات، أو أنها ربّت أبناءها على سيكولوجية الكراهية والانتقام. وثمة مجتمعات لا تعرف إلا روح التعاون والتسامح بين أبنائها.. بل يقول الكاتب الإسرائيلي بن زئيف ان إسرائيل رّبت أبناءها على التسامح في ما بينهم قبل التعاون، فلا تعاون من دون سماحة في مجتمع متنوع إزاء خصوم موحدين!
    إن مجتمعات أخرى لا تعرف إلا فلسفة التعاطف مع الآخرين في أزماتهم ومشكلاتهم. بل ثمة تربية أخلاقية تتوارثها الأجيال في عدم خلق الخصوم والأعداء.
    ولكن ثمة ثقافات أخرى تستغل الظروف، لتعمل على بث روح الشماتة والانتقام عبر وسائل إعلامية حديثة، إنها مجرد ممارسة سيكولوجية لا أخلاقية، حتى إذا ما تعّرض إلى أزمة أو مشكلة، تجد الآخرين ينكلون به أفظع تنكيل، ويظهرون على الملأ تشفيهم وانتقامهم! بل ويزيدون على الحالة أشياء كبيرة تعبيرا عن شماتتهم، فتنتقل مشاعرهم التنافسية إلى هياج فظ وعواطف لا أخلاقية!
    إذا كنت أفهم ذلك معبرا عنه في صحف أجنبية، كونها تحمل أغراضا سياسية وأهدافا إعلامية، وتبثّ المشاعر السيئة من أجل كسب العالم، وإذا كنت أدرك ما الذي يعّبر عنه الخصوم والأعداء، وخصوصا في ثقافات متوارثة لشعوب، أو في دعايات سياسية لدول.. فإنني أدين تماما أن يتم تبادل التشفي بالانتقام، أو إعلان الشماتة لدى العرب والمسلمين.. أو تنكيل أحدهم بالآخر!
    ربما الأسباب مادية، وربما سياسية أو إيديولوجية، وربما ثقافية واجتماعية متوارثة! فمجتمعاتنا كلها قد ترّبى أبناؤها على الانتقام وأخذ الثأر، وربما التشفي بالآخرين، وتوزيع الشماتة بشكل مازوشي أو بأسلوب سادي. إنني أجد حالات من التعاطف بين دول وشعوب، وخصوصا عندما يتعرّض أحدها إلى نكبات وحروب وأزمات.. أما أن يصل حجم الأحقاد والانتقام إلى التشّفي وإعلان النشوة بشكل مفضوح، فهذا ما لا نجده إلا عند شعوبنا، حيث بدت مجتمعاتنا منقسمة جدا وهي تغطي نفسها بالحرير!
    إن الدبلوماسية بين الدول العربية وأكذوبة جامعة تجمعهم، قد انكشفت مرارا عما يسود من كراهية فظيعة بين مجتمعات كّنا نصفق للوحدة التي تجمعها! لم تتعلم الأجيال لا في بيوتها ولا مدارسها وجامعاتها ومؤسساتها، ولا في خطب قادتها معاني التسامح والتعاطف.. لا أذكر أن العرب تعاطفوا مع بعضهم بعضا أبدا.. أذكر أنهم شمتوا باللبنانيين، عندما حارب هؤلاء بعضهم بعضا.. وجلسوا يتفرجون على العراقيين وهم يتساقطون في الحروب!
    وقالوا للفلسطينيين: اذهبوا لوحدكم قاتلوا إنا هنا قاعدون! وشمتوا بالكويت عند غزوها! ومؤخرا وجدتهم شمتوا بوزير ثقافة مصري كونه لم يصل إلى إدارة اليونسكو! ومؤخرا أجدهم يشمتون بدبي كون إحدى شركاتها مرت بأزمة مالية مؤقتة! أو يفرحون بنزاع كروي بين دولتين عربيتين!
    لقد تربى هؤلاء على روح الانتقام والقتل والموت.. أذكر أن رؤساء دول كانت تبّث روح التشفّي والشماتة في خطاباتها على الملايين.. أذكر أن روح الانتقام قد غرست في مجتمعاتنا منذ أزمان طوال، من دون أية سياسات تربوية أو إعلامية تقف ضد هذه الأمراض القاتلة.
    بل العكس، زادت مستوياتها بفعل وسائل الإعلام الحديثة التي أخذت الآن على عاتقها هذا الدور البدائي الذي لا تعرفه إلا المجتمعات المكروهة.
    ولقد وجدت أنه بالقدر الذي يخاصمنا العالم جراء مصالحه العمياء وبكل الوسائل البشعة، فإن مجتمعاتنا يأكل بعضها بعضا، وثمة طوابير خامسة وسادسة تنخر بنيوياتنا، وتكره وجودنا، وتمقت تاريخنا وتراثنا.. وأجدها تلعب لعباتها الدنيئة في الأزمات!
    إن ثمة عقليات لا تمتلك الصلاحية للعيش والتعاطف والشراكة وذكر المعروف، إنها ناكرة للجميل، بل إنها قد افتقدت منذ زمن طويل حيوية البقاء والتعايش مع بعضها الآخر، إن مجتمعاتنا كلها بحاجة إلى ثورة قيمية وتربوية وأخلاقية وحضارية، وأن تزيح العقليات والأمراض التي تفتك بها.
    جامعة تجمعهم، قد انكشفت مرارا عما يسود من كراهية فظيعة بين مجتمعات كّنا نصفق للوحدة التي تجمعها! لم تتعلم الأجيال لا في بيوتها ولا مدارسها وجامعاتها ومؤسساتها، ولا في خطب قادتها معاني التسامح والتعاطف.. لا أذكر أن العرب تعاطفوا مع بعضهم بعضا أبدا.. أذكر أنهم شمتوا باللبنانيين، عندما حارب هؤلاء بعضهم بعضا.. وجلسوا يتفرجون على العراقيين وهم يتساقطون في الحروب!
    وقالوا للفلسطينيين: اذهبوا لوحدكم قاتلوا إنا هنا قاعدون! وشمتوا بالكويت عند غزوها! ومؤخرا وجدتهم شمتوا بوزير ثقافة مصري كونه لم يصل إلى إدارة اليونسكو! ومؤخرا أجدهم يشمتون بدبي كون إحدى شركاتها مرت بأزمة مالية مؤقتة! أو يفرحون بنزاع كروي بين دولتين عربيتين!
    لقد تربى هؤلاء على روح الانتقام والقتل والموت.. أذكر أن رؤساء دول كانت تبّث روح التشفّي والشماتة في خطاباتها على الملايين.. أذكر أن روح الانتقام قد غرست في مجتمعاتنا منذ أزمان طوال، من دون أية سياسات تربوية أو إعلامية تقف ضد هذه الأمراض القاتلة.
    بل العكس، زادت مستوياتها بفعل وسائل الإعلام الحديثة التي أخذت الآن على عاتقها هذا الدور البدائي الذي لا تعرفه إلا المجتمعات المكروهة.
    ولقد وجدت أنه بالقدر الذي يخاصمنا العالم جراء مصالحه العمياء وبكل الوسائل البشعة، فإن مجتمعاتنا يأكل بعضها بعضا، وثمة طوابير خامسة وسادسة تنخر بنيوياتنا، وتكره وجودنا، وتمقت تاريخنا وتراثنا.. وأجدها تلعب لعباتها الدنيئة في الأزمات!
    إن ثمة عقليات لا تمتلك الصلاحية للعيش والتعاطف والشراكة وذكر المعروف، إنها ناكرة للجميل، بل إنها قد افتقدت منذ زمن طويل حيوية البقاء والتعايش مع بعضها الآخر، إن مجتمعاتنا كلها بحاجة إلى ثورة قيمية وتربوية وأخلاقية وحضارية، وأن تزيح العقليات والأمراض التي تفتك بها.
يعمل...
X