رونبيري (يوهان لودفيغ)
Runeberg (Johan Ludvig-) - Runeberg (Johan Ludvig-)
رونِبيري (يوهان لودڤيغ ـ)
(1804 ـ 1877)
يوهان لودڤيغ رونِبيري Johan Ludvig Runeberg أكبر شعراء فنلندا في القرن التاسع عشر. ولد في بلدة بيترساري Pietarsaari وسط فنلندا على ساحل بحر البلطيق. عاش في مرحلة عصيبة من تاريخ بلاده بحكم موقعها بين قوتين كبيرتين متناحرتين آنذاك: روسيا والسويد، والحروب التي دارت بينهما، ثم الهيمنة الروسية على فنلندا. كان والده قبطاناً وكانت أحوال العائلة المادية جيدة، إلا أنها تدهورت تدريجياً. درس الأدب الإغريقي واللاتيني في جامعة توركو Turku ثم تخرج في جامعة هلسنكي Helsinki التي درّس فيها ردحاً من الزمن. كانت السويدية لغته الأم فكتب بها. انتقل في عام 1837 إلى بلدة بورفو Porvoo بهدف العيش والعمل في التعليم وظل فيها حتى وفاته.
عمل رونِبيري في أثناء دراسته في الريف الفنلندي فاختلط هناك بالناس البسطاء والفلاحين، وعاش في أحضان الطبيعة الفنلندية الأخاذة، وتعلق بهذا النوع من الحياة، مما هيأ له خلفية أغلب أعماله الأدبية وشخوصها. تأثر أيضاً بالإبداعية[ر] (الرومنسية) وغوته[ر] والكتّاب السويديين أمثال آلمكفيست[ر]، وبدا كل ذلك واضحاً في مجموعاته الشعرية الثلاث «قصائد»(1830ـ1833ـ1843) Dikter، ثم في ديوان «أناشيد رعوية وحِكَم» (1830) Idyll och epigram الذي كتبه بأسلوب الشعر الشعبي حول موضوعات الحب والإيمان والوطن كما في قصيدة «القبر في بِرهو» Grafven I Perho، وفي وصفه للشخصيات المحببة والحياة اليومية في «الفلاح بافو» Bonden Paavo. وقد اتسم شعره هذا بالإيمان بقدرة الإنسان على الصبر والصمود والكفاح، مما جعل الأكاديمية السويدية تمنحه جائزتها للشعر عام 1839.
لم يكن غريباً على رونِبيري، وهو الدارس والمدرّس للأدب الاتباعي (الكلاسيكي) [ر. الاتباعية] والناشئ على تقاليد الساغا[ر] وكالِفالا[ر]، أن يكتب «صيادو الأيائل» (1832) Älgskyttarne، وهو نسيج هائل من الأحداث والشخصيات كتبه رونِبيري بأسلوب الملحمة وبالوزن السداسي على غرار إلياذة هوميروس[ر]. وظهرت خصائص النزعة الإبداعية في مأساة «الملك فيالار» (1844) Kung Fjalar إذ عاد الشاعر إلى زمن الفايكينغ حيث يتحدى ملكهم فيالار الآلهة فتصب عليه جام غضبها. وفي «حكايات الملازم ستول» Fänrik Ståls Sägner، التي تعد أهم وأضخم أعمال رونِبيري ونُشرت في جزئين (1848 و1860)، يستعيد الضابط السابق العجوز ستول ذكرياته أيام الحرب ضد روسيا القيصرية (1808ـ1809) ويقصها على طالب شاب. وقد اعتمد رونِبيري في هذا المؤلف على حوادث تاريخية وروايات شفهية على لسان أناس عاصروا تلك الفترة ونقلها بأسلوب قصصي ممتع وبشعر غنائي واقعي مفعم بالروح المرحة والعاطفة المتقدة، ويحفل بشخصيات من جميع الأجناس والطبقات، وأبطاله هم الفلاحون والأرستقراطيون، الفنلنديون والسويديون. منهم القادة أمثال دوبلْن Döbeln وسانديلز Sandels، والنساء أمثال لوتّاسڤيرد Lotta Svärd التي تقدم الدعم والعناية والخدمة في الخطوط الخلفية للجيش؛ وحتى الأبله المنبوذ سفين دوفا Sven Dufva يصبح بطلاً في ملحمة موضوعها البطولة والتضحية في سبيل الوطن، مع ما للخيانة، هي الأخرى، من دور.
لاقت مؤلفات رونِبيري انتشاراً واسعاً على جانبي بحر البلطيق، واحتلت « حكايات الملازم ستول» مكانةً مرموقةً في السويد كما في فنلندا، وأسهمت في إذكاء الروح الوطنية حين اشتدت قبضة حكم روسيا القيصرية على البلاد، وأصبحت الحكاية الأولى منها «أخو الغيمة» Molnets broder، التي كتبها عام 1835، ومطلعها «بلادنا» Vårt Land, Maamme النشيد الوطني الفنلندي، وأصبح مؤلفها شاعر الوطن الأكبر.
طارق علوش
Runeberg (Johan Ludvig-) - Runeberg (Johan Ludvig-)
رونِبيري (يوهان لودڤيغ ـ)
(1804 ـ 1877)
يوهان لودڤيغ رونِبيري Johan Ludvig Runeberg أكبر شعراء فنلندا في القرن التاسع عشر. ولد في بلدة بيترساري Pietarsaari وسط فنلندا على ساحل بحر البلطيق. عاش في مرحلة عصيبة من تاريخ بلاده بحكم موقعها بين قوتين كبيرتين متناحرتين آنذاك: روسيا والسويد، والحروب التي دارت بينهما، ثم الهيمنة الروسية على فنلندا. كان والده قبطاناً وكانت أحوال العائلة المادية جيدة، إلا أنها تدهورت تدريجياً. درس الأدب الإغريقي واللاتيني في جامعة توركو Turku ثم تخرج في جامعة هلسنكي Helsinki التي درّس فيها ردحاً من الزمن. كانت السويدية لغته الأم فكتب بها. انتقل في عام 1837 إلى بلدة بورفو Porvoo بهدف العيش والعمل في التعليم وظل فيها حتى وفاته.
عمل رونِبيري في أثناء دراسته في الريف الفنلندي فاختلط هناك بالناس البسطاء والفلاحين، وعاش في أحضان الطبيعة الفنلندية الأخاذة، وتعلق بهذا النوع من الحياة، مما هيأ له خلفية أغلب أعماله الأدبية وشخوصها. تأثر أيضاً بالإبداعية[ر] (الرومنسية) وغوته[ر] والكتّاب السويديين أمثال آلمكفيست[ر]، وبدا كل ذلك واضحاً في مجموعاته الشعرية الثلاث «قصائد»(1830ـ1833ـ1843) Dikter، ثم في ديوان «أناشيد رعوية وحِكَم» (1830) Idyll och epigram الذي كتبه بأسلوب الشعر الشعبي حول موضوعات الحب والإيمان والوطن كما في قصيدة «القبر في بِرهو» Grafven I Perho، وفي وصفه للشخصيات المحببة والحياة اليومية في «الفلاح بافو» Bonden Paavo. وقد اتسم شعره هذا بالإيمان بقدرة الإنسان على الصبر والصمود والكفاح، مما جعل الأكاديمية السويدية تمنحه جائزتها للشعر عام 1839.
لم يكن غريباً على رونِبيري، وهو الدارس والمدرّس للأدب الاتباعي (الكلاسيكي) [ر. الاتباعية] والناشئ على تقاليد الساغا[ر] وكالِفالا[ر]، أن يكتب «صيادو الأيائل» (1832) Älgskyttarne، وهو نسيج هائل من الأحداث والشخصيات كتبه رونِبيري بأسلوب الملحمة وبالوزن السداسي على غرار إلياذة هوميروس[ر]. وظهرت خصائص النزعة الإبداعية في مأساة «الملك فيالار» (1844) Kung Fjalar إذ عاد الشاعر إلى زمن الفايكينغ حيث يتحدى ملكهم فيالار الآلهة فتصب عليه جام غضبها. وفي «حكايات الملازم ستول» Fänrik Ståls Sägner، التي تعد أهم وأضخم أعمال رونِبيري ونُشرت في جزئين (1848 و1860)، يستعيد الضابط السابق العجوز ستول ذكرياته أيام الحرب ضد روسيا القيصرية (1808ـ1809) ويقصها على طالب شاب. وقد اعتمد رونِبيري في هذا المؤلف على حوادث تاريخية وروايات شفهية على لسان أناس عاصروا تلك الفترة ونقلها بأسلوب قصصي ممتع وبشعر غنائي واقعي مفعم بالروح المرحة والعاطفة المتقدة، ويحفل بشخصيات من جميع الأجناس والطبقات، وأبطاله هم الفلاحون والأرستقراطيون، الفنلنديون والسويديون. منهم القادة أمثال دوبلْن Döbeln وسانديلز Sandels، والنساء أمثال لوتّاسڤيرد Lotta Svärd التي تقدم الدعم والعناية والخدمة في الخطوط الخلفية للجيش؛ وحتى الأبله المنبوذ سفين دوفا Sven Dufva يصبح بطلاً في ملحمة موضوعها البطولة والتضحية في سبيل الوطن، مع ما للخيانة، هي الأخرى، من دور.
لاقت مؤلفات رونِبيري انتشاراً واسعاً على جانبي بحر البلطيق، واحتلت « حكايات الملازم ستول» مكانةً مرموقةً في السويد كما في فنلندا، وأسهمت في إذكاء الروح الوطنية حين اشتدت قبضة حكم روسيا القيصرية على البلاد، وأصبحت الحكاية الأولى منها «أخو الغيمة» Molnets broder، التي كتبها عام 1835، ومطلعها «بلادنا» Vårt Land, Maamme النشيد الوطني الفنلندي، وأصبح مؤلفها شاعر الوطن الأكبر.
طارق علوش