الصُّدَاف
الصدافpsoriasis مرض جلدي شائع، يتصف بالإزمان والمعاودة وعُسرة الشفاء، يصيب الجلد ويبدو بمظاهر سريرية متنوعة، أهمها: الأشكال الحمامية (الاحمرارية)erythematous الوسفية، كما أنه يصيب الأظافر والمفاصل. وللصداف جينات (مورثات) تنتقل في بعض أسر المرضى. أما الآلية الإمراضية فكانت إلى عهد قريب غامضة ومجهولة حتى جلّتها البحوث الحديثة، وأصبح مقبولاً أن الصداف ناجم عن اضطراب في الجهاز المناعي يستهدف عناصر محددة في الجلد والمفاصل.
الوبئيات
ـ الانتشار والحدوث: الصداف مرض شائع يشاهد في مختلف البقاع، إلا أنه أقل انتشاراً في الأقاليم الاستوائية من القارة السوداء، وفي أقاليم شرق آسيا، ويكاد الصداف أن يكون معدوماً في الهنود الحمر الأميركيين وفي قبائل الإسكيمو. أما نسبة الحدوث بين عامة الناس فتقدر بين 1 إلى 2% بحسب الأقطار والإحصائيات، وتعلو النسبة عن ذلك بقليل في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تقدر أعداد المصدوفين فيها بما يزيد على خمسة ملايين مصاب، ويسجل سنويّاً نحو 150.000إصابة منها 20.000إصابة في الأطفال.
ـ الجنس والسن: يصيب الصداف الجنسين، الذكور والإناث، على حدّ سواء، ويشاهد في جميع الأعمار: في الطفولة واليَفَع والكهولة وعند كبار السن، إلا أن قمة الحدوث تلاحظ في العقدين الثاني والثالث من العمر، ويبدأ في سن أبكر لدى الإناث. وظهوره في الطفولة أو في الشيخوخة مشاهد ولكن بنسب أقل حدوثاً من مراحل العمر الأخرى. وإذا ما بدأ الصداف في سنّ ما استمر وعاود، وتخللت سيره فترات هجوع، تقصر أو تطول، حتى يخيل لصاحبها أنه نال الشفاء.
السببيات والإمراض
ـ العوامل الوراثية: يشاهد الصداف في بعض الأسر وأنسالها بنسب أعلى من نسبة حدوثه لدى عامة الناس الآخرين، وقد أظهرت الإحصائيات العلمية بأن هذه الفئة من مرضى الصداف تؤلف نحو 35% من مجموع المصدوفين، أي إن واحداً من كل ثلاثة مرضى لديه قصة صداف عائلية، وتشير الدراسات إلى أنه إذا كان أحد الأبوين مصاباً بالصداف فإن نسبة ظهور الإصابة في الأولاد تصل إلى 25%، وإذا كان الأبوان مصابين فإن هذه النسبة تعلو إلى 50%، وذكرت مشاهدات عديدة بأن هذه النسبة في التوائم الصنوية (وحيدة البيضة) Identicaتصل إلى 80% وذلك يشير إلى أن جيناً أو مجموعة جينات يحملها هؤلاء المرضى تؤهبهم لظهور المرض لديهم إذا ما أطلقته بعض العوامل الآتي ذكرها، أو أن المرض يبقى كامنا فيهم. ولقد حددت البحوث الحديثة عدداً من هذه الجينات وهي تنتقل من جيل إلى جيل.
وتجدر الإشارة هنا إلى ما عُرِف سابقا من صلة قوية بين الصُّداف وبعض مستضدات الأنماط الوراثية النسجية (هلاHLA)، فقد حددت أنماط معينة منها تتوافق مع أشكال سريرية محدَّدة من الصداف.
ـ العوامل المحرضة أو المطلقة للصداف: ذكرت عوامل عديدة تقدح زناد الصداف الكامن، أو تزيد في شدة الأعراض المشاهدة، وفيمايلي بعض منها:
ـ الأذيات الجلدية: كالتسحجات والرضوح والحروق. وتعرف في الصداف ظاهرة تعرف بـ استجابة كوبنرKoebner response وهي ظهور الآفة الجلدية مكان الأذية الجلدية.
ـ العوامل البيئية والمناخية: يلاحظ عديد من المصدوفين تفاقم الصداف أو تراجعه بعوامل بيئية و مناخية مختلفة، فمنهم من يتحسن صيفاً ويسوء شتاء أو العكس.
ـ الأخماج: تطلق بعض الأخماج الصداف الكامن، وبخاصة عند الأطفال، فقد يبدو الصداف البثري لديهم بعد خمج بلعومي بالعقديات Streptococcus. وليس الصداف بخمج وهو غير مُعْدٍ.
ـ الأدوية: يثير عدد منها الصداف أو يزيد في شدته كالليثيوم وحاصرات بيتا الخافضة للضغط، وبعض مضادات الملاريا والستيروئيدات القشرية بعد إيقافها، وأدوية أخرى.
ـ الشدة النفسية: تزيد حال الصداف سوءاً، كما أن الصداف قد يزيدها شدة.
الآلية الإمراضية
للصداف في الأدب الطبي تاريخ حافل وبحوث وفيرة ونظريات متعددة لشرح الآلية الإمراضية فيه، والرأي السائد اليوم والقائم على بحوث تقنية متقدمة يشير إلى أن الصداف هو استجابة مناعية تتناول خلايا معينة في الجلد (والمفاصل) بسبب اضطراب خاطئ في الجهاز المناعي يفعل الخلايا التائية T.cell (وهي جزء من الجهاز المناعي التلاؤمي adaptive) ويطلق منها سيتوكيناتcytokines (وهي بروتينات تعمل على نقل الرسالات إلى الخلايا) تحث الخلايا المولدة للبشرة على التكاثر المتسارع، كما تحث على اتساع العروق الشعرية الدمويةcapillary في الأدمة محدثة الالتهاب وفرط التنسج hyperplasia البشروي المشاهد في الصداف.
ومن المعلوم أن الجلد يتألف من قسمين أساسين: البشرة epidermis في الأعلى والأدمة dermis تحتها، وتتألف البشرة من عدة طبقات أولها الطبقة القاعدية basal التي تحوي الخلايا القاعدية المولدة للخلايا التي فوقها، والتي تتطور في صعودها مشكلة الخلايا المتقرنة keratinous cells، وهذه تتوسف وتنطرح من سطح الجلد. ويتم تطور هذه الخلايا في الجلد الطبيعي خلال 28 يوما، أما في الصداف فيتم هذا التطور الخلوي خلال 3 إلى 4 أيام وذلك بفعل السيتوكينات التي تحث الخلايا القاعدية البشروية على التكاثر المتسارع والذي ينجم عنه خلايا متقرنة غير ناضجة تتراكم على سطح الجلد، لأن عملية التوسف والطرح لا تتماشى مع سرعة التكون، وكذلك تعمل السيتوكينات على تفعيل خلايا تائية أخرى تعمل على توسع الأوعية الشعرية الدموية في الأدمة، وبذلك تتم ظاهرة الصداف بتشكل مناطق حمامية (التهابية) وسفية في الجلد.
يُظِهر التشريح المرضي الجلدي للصداف هذه التبدلات الأساسية فتبدو الطبقة المتقرنة المفرطة التقرن والخلايا فيها غير ناضجة (تحوي بقايا النوى مع غياب الطبقة الحبيبية)، وتبدو بقية البشرة متسمكة ذات استطالات متوازية تعلو بينها الحليمات الأدمية، وفيها العروق الدموية المتسعة وحولها الخلايا الالتهابية اللمفاوية.
المظاهر السريرية للصداف
1ـ الصداف الجلدي: وله أشكال سريرية متعددة تشمل مايلي:
ـ الصداف الشائع psoriasis vulgaris: ويتميز باندفاعه الحمامي الوسفي ويبدو عادة بشكل بقع أو سطوح احمرارية، صريحة الحدود، تعلوها وسوف شمعية متطابقة فضية اللون أو مغبرة، تبدي حين حكها بالكاشطة علامات خاصة وصفية يتحراها الطبيب الجلدي. تشاهد هذه الاندفاعات في مختلف أنحاء الجسم وبخاصة قرب المرفقين والركبتين وفي أسفل الظهر، وقد تأخذ توضعات في أماكن محددة كفروة الرأس والراحتين والأخمصين والحشفة.
وتأخذ في توضعاتها المنتشرة أشكالاً توصف بالدينارية والحلقية والجغرافية والمقوسة وغيرها. ونادراً ما يصيب الصداف الأغشية المخاطية.
ـ صداف الثنيات flexural psoriasis: وهو شكل خاص يتوضع في الثنيات الإبطية والتناسلية وتحت الثديين، ويبدو بشكل سطوح احمرارية لامعة واضحة الحدود تزول عنها الوسوف بسبب الاحتكاك والتعرق.
ـ الصداف النقطي: وهو شكل يتصف باندفاعات احمرارية دقيقة كالقَطر تنتشر في الجذع و الأطراف.
ـ الصداف البثري المعمم generalized pustular psoriasis: ويبدو اندفاعه الأولي بشكل بثرة على قاعدة التهابية، ويغلب أن يكون حاداً ومنتشراً ومترافقاً بأعراض عامة وحال سيئة قد تستدعي المعالجة في المشفى. وله شكل يشاهد في الأطفال عقب التهاب بلعومي حاد بالعقديات، وللصداف البثري أشكال موضعة في الأصابع أو في الراحتين والأخمصين، وهي حالات حسنة الإنذار ولكنها عسيرة على العلاج.
ـ الصداف الاحمراري erythrodermic psoriasis: وهو حال معممة تشمل كل الجلد أو معظمه، وتبدو بشكل احمراري شامل شديد التوسف، وكثيراً ما تتطلب الحال دخول المريض المستشفى، ويغلب حدوثه بعد معالجات جهازية شديدة.
ليس للأشكال الموضعة في الصداف أعراض شخصية سوى الحكة في بعض الحالات والانزعاج، أما الأشكال المتعممة والشديدة فتترافق بأعراض عامة كالحمى والألم وسوء الحالة العامة.
2ـ صداف الأظافر: تعدّ الأظافر من ملحقات الجلد، ويصاب الظفر في سياق إصابة الجلد أو إصابة المفصل، أو يصاب وحده. وتبدو الإصابة بانحلال الظفرonycholysis، وفيها ينفصل في مقدمته عن سرير الظفر وتبدو عليه بقع متبدلة اللون، صفراء كبقعة الزيت، أو حمراء باهتة، أو تبدو على سطح الظفر وهدات (نقر) pittingخاصة، وقد تترافق هذه التبدلات بتقرنات تحت الظفر قرب نهايته الحرة، وبخاصة في أظفار الأقدام. وكثيراً ما يرافق صداف الأظافر الصداف المفصلي.
3ـ الصداف المفصلي أو الاعتلال المفصلي الصدافي psoriatic arthropathy: ويشاهد في أقل من 10% من مرضى الصداف عموماً، وهو مرض التهابي يصيب المفصل والأنسجة الضامة حوله، وتعزى الآلية الإمراضية فيه أيضاً إلى الاضطراب المناعي الذاتي. وتأخذ مظاهره السريرية أشكالاً خاصة هي:
ـ إصابة المفاصل الصغرى القاصية (الانتهائية) في الأصابع، وهو الشكل الشائع يصيب ما بين السلاميات الانتهائية لأصابع اليدين والقدمين، ويتظاهر بانتباجها والتهابها وألمها.
ـ التهاب المفاصل المتعددة: شبيهة بالالتهابات المفصلية الرثيانية rheumatoid إلا أنها غير متناظرة، واختبار العامل الرثواني فيها سلبي دائماً.
ـ التهاب المفاصل الباتر أو الجادع، وهو شكل شديد مشوّه للأصابع.
ـ التهاب الفقار العجزي الحرقفي القاسطankylosing spondylitis sacroiliacs ويرافق عادة HLA -B27.
ـ التهاب المفاصل القليلة العدد كإصابة أحد المفاصل الكبيرة وبتوزع غير متناظر.
تعالج الحالات الباكرة من الصداف المفصلي عادة بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAID؛ أما في الحالات المتقدمة فتعطى كابتات المناعة الجهازية (كالميتوتركسات) أو الحيوية مثل:etanercept (enbrel).
التشخيص والتشخيص التفريقي
تشخيص الصداف سهل سريرياً في الشكل الشائع وفي التوضعات النموذجية، ويمكن أن يستعان في التشخيص السريري بطريقة الحك المنتظم وعلاماتها. وقد يلتبس في بعض الحالات بالآفات الحمامية الوسفية الأخرى كالتهاب الجلد الزهمي sebaceous، والنخالية الوردية pityriasis rosea، والآفات الفطرية، والاندفاعات الدوائية وغيرها، ويمكن أن يستعان أحياناً لوضع التشخيص بالخزعة الجلدية والتشريح المرضي. ويفرق صداف الأظافر وإصابات الأظافر الفطرية المنشأ بالفحوص المخبرية الخاصة، كما يفرّق بين الصداف المفصلي والآفات المفصلية الرثيانية بتفاعلاتها الخاصة.
السير و الإنذار
لم يعرف للصداف بعد حالة شفاء تام، بل يسير الصداف عادة سيراً مزمناً مترقياً مع فترات همود أو هجوع. و إن معظم حالاته ذات إنذار حسن، ومعظم المرضى يبدون بصحة جيدة إلا في الحالات الحادة والمعممة، وبخاصة في الأشكال البثرية، فالإنذار فيها محتفظ به. وللصداف من الناحية النفسية والاقتصادية تأثير بالغ، فبعض الأشكال حتى الموضعة منها قد تؤدي إلى تعطل المصاب عن العمل وإلى تحمله نفقات مستديمة، إضافة إلى ما قد يعتري بعض المصابين من اكتئاب أو انطواء نفسي أو شعور بالدونية.
التدبير والمعالجة
عرفت للصداف طرائق علاجية مختلفة وأدوية عديدة، والغاية منها الحد من اشتداد المرض أو تغييب ما أمكن من أعراضه ولو إلى حين، إذ أن الشفاء التام غير ممكن بعد، وهذا ما ينبغي إفهامه للمصاب ولذويه.
يصنف الصداف من الوجهة العلاجية في أشكال ثلاثة:
ـ الأشكال البسيطة: وهي أشكال موضعة أو محدودة الانتشار لا تتعدى إصابتها 2% من سطح الجلد وهي الأكثر مشاهدة بين المرضى.
ـ الأشكال المعتدلة أو المتوسطة الشدة: وهذه لا يتعدى انتشار الإصابة فيها10% من سطح الجلد. وهي تشكل نحو 30% من أشكال الصداف.
ـ الأشكال الشديدة: وهي أشكال الصداف الحادة أو البثرية المعممة أو الواسعة الانتشار، وهي أقل مشاهدة بين الأشكال الثلاثة.
وتصنف الطرق العلاجية في الزمر التالية: المعالجات الموضعية، والمعالجة الضوئية، والمعالجة الجهازية، والمعالجات الحيوية.
1ـ المعالجات الموضعية: وتشمل مايأتي:
ـ المطريات وحالات الوسوف: ولها مستحضرات كثيرة ويحوي معظمها على (حمض الصفصاف salicylic acid)، ويفضل بدء المعالجات بها.
ـ المركبات القطرانية ومركبات الأنترالين: وهي مفيدة، وينبه إلى كونها مخرشة أحياناً وملوثة للثياب.
ـ المركبات الستيروئيدية القشرية (الكورتيزونية): وهي المفضلة في معالجة الأشكال البسيطة والمتسعة قليلا،ً وهي جيدة التأثير، على أن المعالجة المديدة أو الشديدة قد تؤدي إلى ضمورات وتشققات في الجلد.
ـ مركبات مشتقات الفيتامين د3 (calcipotriene) مفيدة وحسنة التأثير، وبخاصة حين إشراكها مع المركبات الكورتيزونية، غير أنها غالية الثمن ومخرشة (لا تطبق على الوجه).
ـ الريتنيات الموضعية (مشتقات الفيتامين A التركيبية) جيدة التحمل، ومن محاذيرها أيضاً تخريش (الثنيات). ولاتعطى للحوامل والراغبات في الحمل.
ويحسن، في المعالجات الموضعية، المشاركة بين هذه المركبات أحياناً للحصول على نتائج أفضل، وأعراض جانبية أقل.
2ـ المعالجة الضوئيةphototherapy : وهي تشمل الأشعة الشمسية، وأجهزة الإشعاعات فوق البنفسجية A وB، وحديثاً الليزر (excimer laser) ذا الموجات 388 nm الضيقة narrow bands UVB. وينبغي في المعالجات الضوئية تطبيقها المتدرج والحذر من بلوغ حد الاحتراق، وبخاصة في المعالجة بالموجات الضيقة، وكثيراً ما تشارك المعالجة الضوئية بالمحسسات الضوئية موضعياً (كالمركبات القطرانية) أو داخلاً (كمركبات البسورالينpsoralen) وتعرف بالـ PUVA. ومن محاذير هذه المعالجة ازدياد عوامل الخطورة في إحداث تنشؤات جلدية خبيثة.
3ـ المعالجات الجهازية: وقد لجئ إليها في الحالات المعندة على المعالجات السابقة، وفي الحالات الحادة والمهددة للحياة، أو المقعدة. ولهذه المعالجات تأثيرات جانبية شديدة ينبغي فيها الموازنة بين حال المصاب وتلك التأثيرات، واختيار ما هو أقل خطورة،ً لاتعطى للحوامل، ولاتطبق إلا بأيد خبيرة وبمراقبة طبية. وتعمل هذه المعالجات بكبتها العام الواسع للجهاز المناعي.
وتشمل الأدوية المتعارفة فيها مايأتي: الميتوتريكسات (من محاذيره التأثيرات السمية في الكبد وفي الدم)، والسيكلوسبورين (ومن أعراضه الجانبية تأثيره في الوظائف الكلوية)، والرتينيات الداخلية مثل الأسيتريتينacitretin (وأهم محاذيرها إحداثها للتشوهات الجنينية) والهيدروكسي يوريا hydroxyurea و6- ثيوغوانين thioguanine-6، وكلاهما قد يؤثران في حدوث فقر دم ونقص صفيحات، وحديثاً المكرولكتان macrolactans، ويعطى بطريق الفم (أو موضعياً مع ضماد كتيم) وهو فعال وسريع التأثير في بعض الحالات.
4ـ المعالجات الحيوية biologic treatments : وهي معالجات حديثة واعدة في الصداف وفي الأمراض المناعية المشابهة، وهي لمّا تنتشر بعد.
لاتحضر الأدوية الحيوية من كيماويات تركيبية ذات تأثيرات جانبية شديدة كما في الأدوية الجهازية السابقة، وإنّما تحضر من بروتينات حية (بشرية أو حيوانية)، وهي تشبه في ذلك الأنسولين، كما أنها تعطى عادة حقنا تحت الجلد وبمواعيد محددة. وتتميز بأنها لا تهاجم الجهاز المناعي في الجسم بأكمله كالأدوية الجهازية، وإنما تستهدف العناصر الفعالة في إحداث الاستجابة المناعية، فهي في الصداف تستهدف مستقبلات خاصة في الخلايا التائية المفعّلة ورسالات السيتوكينات، مما يؤدي إلى تثبيط الاستجابة المناعية أو إيقافها، وتحسّنِ حال المريض بالتالي، إلا أنها غير شافية، وقد لا يستجيب بعض المرضى لهذه العلاجات. وليس للمعالجة الحيوية تلك التأثيرات السمية في الدم والكبد والكلى كما في الأدوية الجهازية، ولذا فهي أسلم في الحمل والإرضاع، على أنها لاتخلو هي أيضاً من مضاعفات كالتفاعلات الأرجية allergicالعابرة، والتعرض للأخماج، ولايزال ينقصها التقييم والدراسة على الأمد الطويل.
يأتي في طليعة الأدوية الحيوية الأدوية التالية:
ـ أميفيف alefacept (amevive): وهو أول دواء حيوي أقرته منظمة الغذاء والدواء F-D-A الأمريكية أوائل عام 2003 وأقرت استعماله في أشكال الصداف المعتدلة والشديدة أو المعندة على العلاجات المعتادة.
ـ إنبريل etanercept (enbrel): أُقرّ لمعالجة الصداف المفصلي عام 2002 وعام 2004 للصداف الجلدي، ولايعطى في حال وجود أخماج معاودة أو إصابة بالداء السكري أو بعض الآفات العصبية. ويشبهما العلاجان: رابتيفا efalizumab (raptiva)، وريميكاinfliximab (remicade).
ولما كان الصداف يتميز بسهولة متابعة النتائج العلاجية فيه عيانياً وبوضوح فهو يعد نموذجاً صالحاً لدراسة هذه الأدوية الحيوية.
والأمل معقود بمستقبل أفضل في تدبير الصداف ومعالجته مع تقدم الدراسات المناعية والوراثية والعلاجية.
مأمون الجلاد
الصدافpsoriasis مرض جلدي شائع، يتصف بالإزمان والمعاودة وعُسرة الشفاء، يصيب الجلد ويبدو بمظاهر سريرية متنوعة، أهمها: الأشكال الحمامية (الاحمرارية)erythematous الوسفية، كما أنه يصيب الأظافر والمفاصل. وللصداف جينات (مورثات) تنتقل في بعض أسر المرضى. أما الآلية الإمراضية فكانت إلى عهد قريب غامضة ومجهولة حتى جلّتها البحوث الحديثة، وأصبح مقبولاً أن الصداف ناجم عن اضطراب في الجهاز المناعي يستهدف عناصر محددة في الجلد والمفاصل.
الوبئيات
ـ الانتشار والحدوث: الصداف مرض شائع يشاهد في مختلف البقاع، إلا أنه أقل انتشاراً في الأقاليم الاستوائية من القارة السوداء، وفي أقاليم شرق آسيا، ويكاد الصداف أن يكون معدوماً في الهنود الحمر الأميركيين وفي قبائل الإسكيمو. أما نسبة الحدوث بين عامة الناس فتقدر بين 1 إلى 2% بحسب الأقطار والإحصائيات، وتعلو النسبة عن ذلك بقليل في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ تقدر أعداد المصدوفين فيها بما يزيد على خمسة ملايين مصاب، ويسجل سنويّاً نحو 150.000إصابة منها 20.000إصابة في الأطفال.
ـ الجنس والسن: يصيب الصداف الجنسين، الذكور والإناث، على حدّ سواء، ويشاهد في جميع الأعمار: في الطفولة واليَفَع والكهولة وعند كبار السن، إلا أن قمة الحدوث تلاحظ في العقدين الثاني والثالث من العمر، ويبدأ في سن أبكر لدى الإناث. وظهوره في الطفولة أو في الشيخوخة مشاهد ولكن بنسب أقل حدوثاً من مراحل العمر الأخرى. وإذا ما بدأ الصداف في سنّ ما استمر وعاود، وتخللت سيره فترات هجوع، تقصر أو تطول، حتى يخيل لصاحبها أنه نال الشفاء.
السببيات والإمراض
ـ العوامل الوراثية: يشاهد الصداف في بعض الأسر وأنسالها بنسب أعلى من نسبة حدوثه لدى عامة الناس الآخرين، وقد أظهرت الإحصائيات العلمية بأن هذه الفئة من مرضى الصداف تؤلف نحو 35% من مجموع المصدوفين، أي إن واحداً من كل ثلاثة مرضى لديه قصة صداف عائلية، وتشير الدراسات إلى أنه إذا كان أحد الأبوين مصاباً بالصداف فإن نسبة ظهور الإصابة في الأولاد تصل إلى 25%، وإذا كان الأبوان مصابين فإن هذه النسبة تعلو إلى 50%، وذكرت مشاهدات عديدة بأن هذه النسبة في التوائم الصنوية (وحيدة البيضة) Identicaتصل إلى 80% وذلك يشير إلى أن جيناً أو مجموعة جينات يحملها هؤلاء المرضى تؤهبهم لظهور المرض لديهم إذا ما أطلقته بعض العوامل الآتي ذكرها، أو أن المرض يبقى كامنا فيهم. ولقد حددت البحوث الحديثة عدداً من هذه الجينات وهي تنتقل من جيل إلى جيل.
وتجدر الإشارة هنا إلى ما عُرِف سابقا من صلة قوية بين الصُّداف وبعض مستضدات الأنماط الوراثية النسجية (هلاHLA)، فقد حددت أنماط معينة منها تتوافق مع أشكال سريرية محدَّدة من الصداف.
الصداف الشائع |
ـ الأذيات الجلدية: كالتسحجات والرضوح والحروق. وتعرف في الصداف ظاهرة تعرف بـ استجابة كوبنرKoebner response وهي ظهور الآفة الجلدية مكان الأذية الجلدية.
ـ العوامل البيئية والمناخية: يلاحظ عديد من المصدوفين تفاقم الصداف أو تراجعه بعوامل بيئية و مناخية مختلفة، فمنهم من يتحسن صيفاً ويسوء شتاء أو العكس.
ـ الأخماج: تطلق بعض الأخماج الصداف الكامن، وبخاصة عند الأطفال، فقد يبدو الصداف البثري لديهم بعد خمج بلعومي بالعقديات Streptococcus. وليس الصداف بخمج وهو غير مُعْدٍ.
ـ الأدوية: يثير عدد منها الصداف أو يزيد في شدته كالليثيوم وحاصرات بيتا الخافضة للضغط، وبعض مضادات الملاريا والستيروئيدات القشرية بعد إيقافها، وأدوية أخرى.
ـ الشدة النفسية: تزيد حال الصداف سوءاً، كما أن الصداف قد يزيدها شدة.
الآلية الإمراضية
للصداف في الأدب الطبي تاريخ حافل وبحوث وفيرة ونظريات متعددة لشرح الآلية الإمراضية فيه، والرأي السائد اليوم والقائم على بحوث تقنية متقدمة يشير إلى أن الصداف هو استجابة مناعية تتناول خلايا معينة في الجلد (والمفاصل) بسبب اضطراب خاطئ في الجهاز المناعي يفعل الخلايا التائية T.cell (وهي جزء من الجهاز المناعي التلاؤمي adaptive) ويطلق منها سيتوكيناتcytokines (وهي بروتينات تعمل على نقل الرسالات إلى الخلايا) تحث الخلايا المولدة للبشرة على التكاثر المتسارع، كما تحث على اتساع العروق الشعرية الدمويةcapillary في الأدمة محدثة الالتهاب وفرط التنسج hyperplasia البشروي المشاهد في الصداف.
ومن المعلوم أن الجلد يتألف من قسمين أساسين: البشرة epidermis في الأعلى والأدمة dermis تحتها، وتتألف البشرة من عدة طبقات أولها الطبقة القاعدية basal التي تحوي الخلايا القاعدية المولدة للخلايا التي فوقها، والتي تتطور في صعودها مشكلة الخلايا المتقرنة keratinous cells، وهذه تتوسف وتنطرح من سطح الجلد. ويتم تطور هذه الخلايا في الجلد الطبيعي خلال 28 يوما، أما في الصداف فيتم هذا التطور الخلوي خلال 3 إلى 4 أيام وذلك بفعل السيتوكينات التي تحث الخلايا القاعدية البشروية على التكاثر المتسارع والذي ينجم عنه خلايا متقرنة غير ناضجة تتراكم على سطح الجلد، لأن عملية التوسف والطرح لا تتماشى مع سرعة التكون، وكذلك تعمل السيتوكينات على تفعيل خلايا تائية أخرى تعمل على توسع الأوعية الشعرية الدموية في الأدمة، وبذلك تتم ظاهرة الصداف بتشكل مناطق حمامية (التهابية) وسفية في الجلد.
يُظِهر التشريح المرضي الجلدي للصداف هذه التبدلات الأساسية فتبدو الطبقة المتقرنة المفرطة التقرن والخلايا فيها غير ناضجة (تحوي بقايا النوى مع غياب الطبقة الحبيبية)، وتبدو بقية البشرة متسمكة ذات استطالات متوازية تعلو بينها الحليمات الأدمية، وفيها العروق الدموية المتسعة وحولها الخلايا الالتهابية اللمفاوية.
المظاهر السريرية للصداف
1ـ الصداف الجلدي: وله أشكال سريرية متعددة تشمل مايلي:
ـ الصداف الشائع psoriasis vulgaris: ويتميز باندفاعه الحمامي الوسفي ويبدو عادة بشكل بقع أو سطوح احمرارية، صريحة الحدود، تعلوها وسوف شمعية متطابقة فضية اللون أو مغبرة، تبدي حين حكها بالكاشطة علامات خاصة وصفية يتحراها الطبيب الجلدي. تشاهد هذه الاندفاعات في مختلف أنحاء الجسم وبخاصة قرب المرفقين والركبتين وفي أسفل الظهر، وقد تأخذ توضعات في أماكن محددة كفروة الرأس والراحتين والأخمصين والحشفة.
وتأخذ في توضعاتها المنتشرة أشكالاً توصف بالدينارية والحلقية والجغرافية والمقوسة وغيرها. ونادراً ما يصيب الصداف الأغشية المخاطية.
ـ صداف الثنيات flexural psoriasis: وهو شكل خاص يتوضع في الثنيات الإبطية والتناسلية وتحت الثديين، ويبدو بشكل سطوح احمرارية لامعة واضحة الحدود تزول عنها الوسوف بسبب الاحتكاك والتعرق.
ـ الصداف النقطي: وهو شكل يتصف باندفاعات احمرارية دقيقة كالقَطر تنتشر في الجذع و الأطراف.
ـ الصداف البثري المعمم generalized pustular psoriasis: ويبدو اندفاعه الأولي بشكل بثرة على قاعدة التهابية، ويغلب أن يكون حاداً ومنتشراً ومترافقاً بأعراض عامة وحال سيئة قد تستدعي المعالجة في المشفى. وله شكل يشاهد في الأطفال عقب التهاب بلعومي حاد بالعقديات، وللصداف البثري أشكال موضعة في الأصابع أو في الراحتين والأخمصين، وهي حالات حسنة الإنذار ولكنها عسيرة على العلاج.
صداف الأظافر |
ليس للأشكال الموضعة في الصداف أعراض شخصية سوى الحكة في بعض الحالات والانزعاج، أما الأشكال المتعممة والشديدة فتترافق بأعراض عامة كالحمى والألم وسوء الحالة العامة.
2ـ صداف الأظافر: تعدّ الأظافر من ملحقات الجلد، ويصاب الظفر في سياق إصابة الجلد أو إصابة المفصل، أو يصاب وحده. وتبدو الإصابة بانحلال الظفرonycholysis، وفيها ينفصل في مقدمته عن سرير الظفر وتبدو عليه بقع متبدلة اللون، صفراء كبقعة الزيت، أو حمراء باهتة، أو تبدو على سطح الظفر وهدات (نقر) pittingخاصة، وقد تترافق هذه التبدلات بتقرنات تحت الظفر قرب نهايته الحرة، وبخاصة في أظفار الأقدام. وكثيراً ما يرافق صداف الأظافر الصداف المفصلي.
التهاب المفاصل الصدفي |
ـ إصابة المفاصل الصغرى القاصية (الانتهائية) في الأصابع، وهو الشكل الشائع يصيب ما بين السلاميات الانتهائية لأصابع اليدين والقدمين، ويتظاهر بانتباجها والتهابها وألمها.
ـ التهاب المفاصل المتعددة: شبيهة بالالتهابات المفصلية الرثيانية rheumatoid إلا أنها غير متناظرة، واختبار العامل الرثواني فيها سلبي دائماً.
ـ التهاب المفاصل الباتر أو الجادع، وهو شكل شديد مشوّه للأصابع.
ـ التهاب الفقار العجزي الحرقفي القاسطankylosing spondylitis sacroiliacs ويرافق عادة HLA -B27.
ـ التهاب المفاصل القليلة العدد كإصابة أحد المفاصل الكبيرة وبتوزع غير متناظر.
تعالج الحالات الباكرة من الصداف المفصلي عادة بمضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAID؛ أما في الحالات المتقدمة فتعطى كابتات المناعة الجهازية (كالميتوتركسات) أو الحيوية مثل:etanercept (enbrel).
التشخيص والتشخيص التفريقي
تشخيص الصداف سهل سريرياً في الشكل الشائع وفي التوضعات النموذجية، ويمكن أن يستعان في التشخيص السريري بطريقة الحك المنتظم وعلاماتها. وقد يلتبس في بعض الحالات بالآفات الحمامية الوسفية الأخرى كالتهاب الجلد الزهمي sebaceous، والنخالية الوردية pityriasis rosea، والآفات الفطرية، والاندفاعات الدوائية وغيرها، ويمكن أن يستعان أحياناً لوضع التشخيص بالخزعة الجلدية والتشريح المرضي. ويفرق صداف الأظافر وإصابات الأظافر الفطرية المنشأ بالفحوص المخبرية الخاصة، كما يفرّق بين الصداف المفصلي والآفات المفصلية الرثيانية بتفاعلاتها الخاصة.
السير و الإنذار
لم يعرف للصداف بعد حالة شفاء تام، بل يسير الصداف عادة سيراً مزمناً مترقياً مع فترات همود أو هجوع. و إن معظم حالاته ذات إنذار حسن، ومعظم المرضى يبدون بصحة جيدة إلا في الحالات الحادة والمعممة، وبخاصة في الأشكال البثرية، فالإنذار فيها محتفظ به. وللصداف من الناحية النفسية والاقتصادية تأثير بالغ، فبعض الأشكال حتى الموضعة منها قد تؤدي إلى تعطل المصاب عن العمل وإلى تحمله نفقات مستديمة، إضافة إلى ما قد يعتري بعض المصابين من اكتئاب أو انطواء نفسي أو شعور بالدونية.
التدبير والمعالجة
عرفت للصداف طرائق علاجية مختلفة وأدوية عديدة، والغاية منها الحد من اشتداد المرض أو تغييب ما أمكن من أعراضه ولو إلى حين، إذ أن الشفاء التام غير ممكن بعد، وهذا ما ينبغي إفهامه للمصاب ولذويه.
يصنف الصداف من الوجهة العلاجية في أشكال ثلاثة:
ـ الأشكال البسيطة: وهي أشكال موضعة أو محدودة الانتشار لا تتعدى إصابتها 2% من سطح الجلد وهي الأكثر مشاهدة بين المرضى.
ـ الأشكال المعتدلة أو المتوسطة الشدة: وهذه لا يتعدى انتشار الإصابة فيها10% من سطح الجلد. وهي تشكل نحو 30% من أشكال الصداف.
ـ الأشكال الشديدة: وهي أشكال الصداف الحادة أو البثرية المعممة أو الواسعة الانتشار، وهي أقل مشاهدة بين الأشكال الثلاثة.
وتصنف الطرق العلاجية في الزمر التالية: المعالجات الموضعية، والمعالجة الضوئية، والمعالجة الجهازية، والمعالجات الحيوية.
1ـ المعالجات الموضعية: وتشمل مايأتي:
ـ المطريات وحالات الوسوف: ولها مستحضرات كثيرة ويحوي معظمها على (حمض الصفصاف salicylic acid)، ويفضل بدء المعالجات بها.
ـ المركبات القطرانية ومركبات الأنترالين: وهي مفيدة، وينبه إلى كونها مخرشة أحياناً وملوثة للثياب.
ـ المركبات الستيروئيدية القشرية (الكورتيزونية): وهي المفضلة في معالجة الأشكال البسيطة والمتسعة قليلا،ً وهي جيدة التأثير، على أن المعالجة المديدة أو الشديدة قد تؤدي إلى ضمورات وتشققات في الجلد.
ـ مركبات مشتقات الفيتامين د3 (calcipotriene) مفيدة وحسنة التأثير، وبخاصة حين إشراكها مع المركبات الكورتيزونية، غير أنها غالية الثمن ومخرشة (لا تطبق على الوجه).
ـ الريتنيات الموضعية (مشتقات الفيتامين A التركيبية) جيدة التحمل، ومن محاذيرها أيضاً تخريش (الثنيات). ولاتعطى للحوامل والراغبات في الحمل.
ويحسن، في المعالجات الموضعية، المشاركة بين هذه المركبات أحياناً للحصول على نتائج أفضل، وأعراض جانبية أقل.
2ـ المعالجة الضوئيةphototherapy : وهي تشمل الأشعة الشمسية، وأجهزة الإشعاعات فوق البنفسجية A وB، وحديثاً الليزر (excimer laser) ذا الموجات 388 nm الضيقة narrow bands UVB. وينبغي في المعالجات الضوئية تطبيقها المتدرج والحذر من بلوغ حد الاحتراق، وبخاصة في المعالجة بالموجات الضيقة، وكثيراً ما تشارك المعالجة الضوئية بالمحسسات الضوئية موضعياً (كالمركبات القطرانية) أو داخلاً (كمركبات البسورالينpsoralen) وتعرف بالـ PUVA. ومن محاذير هذه المعالجة ازدياد عوامل الخطورة في إحداث تنشؤات جلدية خبيثة.
3ـ المعالجات الجهازية: وقد لجئ إليها في الحالات المعندة على المعالجات السابقة، وفي الحالات الحادة والمهددة للحياة، أو المقعدة. ولهذه المعالجات تأثيرات جانبية شديدة ينبغي فيها الموازنة بين حال المصاب وتلك التأثيرات، واختيار ما هو أقل خطورة،ً لاتعطى للحوامل، ولاتطبق إلا بأيد خبيرة وبمراقبة طبية. وتعمل هذه المعالجات بكبتها العام الواسع للجهاز المناعي.
وتشمل الأدوية المتعارفة فيها مايأتي: الميتوتريكسات (من محاذيره التأثيرات السمية في الكبد وفي الدم)، والسيكلوسبورين (ومن أعراضه الجانبية تأثيره في الوظائف الكلوية)، والرتينيات الداخلية مثل الأسيتريتينacitretin (وأهم محاذيرها إحداثها للتشوهات الجنينية) والهيدروكسي يوريا hydroxyurea و6- ثيوغوانين thioguanine-6، وكلاهما قد يؤثران في حدوث فقر دم ونقص صفيحات، وحديثاً المكرولكتان macrolactans، ويعطى بطريق الفم (أو موضعياً مع ضماد كتيم) وهو فعال وسريع التأثير في بعض الحالات.
4ـ المعالجات الحيوية biologic treatments : وهي معالجات حديثة واعدة في الصداف وفي الأمراض المناعية المشابهة، وهي لمّا تنتشر بعد.
لاتحضر الأدوية الحيوية من كيماويات تركيبية ذات تأثيرات جانبية شديدة كما في الأدوية الجهازية السابقة، وإنّما تحضر من بروتينات حية (بشرية أو حيوانية)، وهي تشبه في ذلك الأنسولين، كما أنها تعطى عادة حقنا تحت الجلد وبمواعيد محددة. وتتميز بأنها لا تهاجم الجهاز المناعي في الجسم بأكمله كالأدوية الجهازية، وإنما تستهدف العناصر الفعالة في إحداث الاستجابة المناعية، فهي في الصداف تستهدف مستقبلات خاصة في الخلايا التائية المفعّلة ورسالات السيتوكينات، مما يؤدي إلى تثبيط الاستجابة المناعية أو إيقافها، وتحسّنِ حال المريض بالتالي، إلا أنها غير شافية، وقد لا يستجيب بعض المرضى لهذه العلاجات. وليس للمعالجة الحيوية تلك التأثيرات السمية في الدم والكبد والكلى كما في الأدوية الجهازية، ولذا فهي أسلم في الحمل والإرضاع، على أنها لاتخلو هي أيضاً من مضاعفات كالتفاعلات الأرجية allergicالعابرة، والتعرض للأخماج، ولايزال ينقصها التقييم والدراسة على الأمد الطويل.
يأتي في طليعة الأدوية الحيوية الأدوية التالية:
ـ أميفيف alefacept (amevive): وهو أول دواء حيوي أقرته منظمة الغذاء والدواء F-D-A الأمريكية أوائل عام 2003 وأقرت استعماله في أشكال الصداف المعتدلة والشديدة أو المعندة على العلاجات المعتادة.
ـ إنبريل etanercept (enbrel): أُقرّ لمعالجة الصداف المفصلي عام 2002 وعام 2004 للصداف الجلدي، ولايعطى في حال وجود أخماج معاودة أو إصابة بالداء السكري أو بعض الآفات العصبية. ويشبهما العلاجان: رابتيفا efalizumab (raptiva)، وريميكاinfliximab (remicade).
ولما كان الصداف يتميز بسهولة متابعة النتائج العلاجية فيه عيانياً وبوضوح فهو يعد نموذجاً صالحاً لدراسة هذه الأدوية الحيوية.
والأمل معقود بمستقبل أفضل في تدبير الصداف ومعالجته مع تقدم الدراسات المناعية والوراثية والعلاجية.
مأمون الجلاد