الصناعات الغذائية
تعد الصناعات الغذائية food industriesمن أهم وسائل حفظ فائض المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية بتحويلها إلى سلع غذائية جديدة يمكن حفظها مدة طويلة وعليها طلب كبير، ويمكن بوساطتها نقل المواد الغذائية إلى مناطق الحاجة والعوز كما هو في حالات المجاعات والكوارث.
لمحة تاريخية
لا توجد سجلات تاريخية تحدد الزمن الذي بدأ فيه حفظ الغذاء بغية استهلاكه في وقت لاحق، إلا أن التجفيف كان من أول الأساليب التي اتبعت بغرض حفظ المواد الغذائية. وتشير كتابات قدامى المصريين إلى تجفيف بعض الأغذية بأشعة الشمس، واستخدام الملح في حفظ أغذية أخرى.
ومنذ قديم الزمن مارست الأقوام التي استقرت في بلاد الشام والرافدين ومصر وشبه الجزيرة العربية حفظ الأغذية تجفيفاً بتعريضها لأشعة الشمس، وشمل ذلك ثمار التين والعنب والجوز والتمر وشرائح التفاح.
وقد عُثر في سورية على جرار ضخمة ذات ارتفاع يقارب المتر ويرجع عهدها إلى نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد يُعتقد أنها كانت تستخدم لخزن الحبوب وزيت الزيتون. كما عثر في إيران على جرار مشابهة قُدِّر بأنها ترجع إلى 2500 قبل الميلاد. وقد استخدم اليونان والرومان الثلج لحفظ أغذيتهم السريعة التلف. ويستدل من آثارهم، وآثار أقوام غيرهم، أنهم عصروا الزيتون وحفظوا أغذيتهم بغمرها في زيت الزيتون.
وتُشير الرسوم على قبور الفراعنة إلى إلمامهم بتربية النحل منذ نحو 2600 قبل الميلاد. ويعود أول ذكر للسكر وقصب السكر إلى عام 375 للميلاد، وكان العرب المسلمون أول من استنبط طرائق استخلاصه وتنقيته (تكريره)، وانتقلت صناعته إلى أوربا مع الحروب الصليبية، ووصلت فيما بعد إلى العالم الجديد.
ومن المرجح أن يكون العرب القدامى من أوائل من اكتشف تغير خصائص الحليب بعد تركه مدة من الزمن عرضة لتأثيرات العوامل الجوية، وعرفوا كثيراً من منتجاته، وما «الأقط» إلا خثرة حليب ترك ليحمض. ومن المهم أن يشار إلى أن الطرائق المعاصرة المعتمدة في الصناعات الغذائية ما هي إلا نتيجة للتطور التدريجي الذي لازمها في أثناء مراحل تطور الإنسان نفسه إبان آلاف السنين.
الأهمية الغذائية والاقتصادية
تتضح الأهمية الغذائية والاقتصادية لتصنيع الأغذية من الأمثلة الآتية:
1ـ حفظ محاصيل الخضر والفاكهة ومنتجات اللحوم وصيد البر والبحر والإبقاء عليها صالحة للأكل حتى يحين موعد استهلاكها إما في البلد المنتج وإما في مقصد أو مقاصد بلاد التصدير، ويكون كل ذلك في منأى عن الفساد واستبعاد حالات التسمم والإنسمام الغذائيين.
ومن الطرائق الرئيسة لحفظ الأغذية المعالجة الحرارية (كالتعقيم والبسترة [ر]) وبالضغط الميكانيكي والتجفيف [ر] والتبريد والتجميد [ر] والتشعيع [ر] وتركيز السكر (كالهلامات والمربيات) والتخليل لإنتاج مخللات الخضر والفاكهة [ر] والتحكم بالوسط المحيط.
2ـ استنباط أغذية ذات مزايا صحية محددة كتلك التي تخصص لمرضى السكري أو التهابات الكبد، أو لإمداد عناصر القوات المسلحة المكلفة بمهام قتالية أو رواد الفضاء في رحلاتهم الاستكشافية، أو تحوير بعض ما تحتويه منتجات المحاصيل الزراعية مثل بروتين فول الصويا إلى أغذية تماثل تلك المشتقة من أصل حيواني.
تتكون الأغذية من مركبات رئيسة لكل منها دوره في عملية التغذية وهي:
المواد الكربوهدراتية carbohydrates، المواد البروتينية proteins، الزيوت والدسمoils and fats، ومشتقات المجموعات الثلاث السابقة، تمد جميعها جسم الإنسان بالطاقة اللازمة لنشاطاته المختلفة، والماء وهو المادة الناقلة لعناصر التغذية، ويشكل نحو 60% من وزن جسم الإنسان، والمواد المحلِّبةemulsifiers تعمل على تمكين الجسم من إتمام التفاعلات الكيمياحيوية، والفيتامينات وأهميتها واضحة بالنسبة لصحة الإنسان، والأنزيمات enzymes اللازمة للعمليات الاستقلابية، ومانعات الأكسدة antioxidantsالتي تعمل على درء الأمراض ودعم المناعة، والصباغات pigments وهي تحدد لون الغذاء وانجذاب الإنسان لتناوله أو العزوف عنه.
تصنيف الصناعات الغذائية
يتم حفظ الأغذية بوسائل صناعية عدة منها حفظ الفاكهة و الخضر واللحوم وتعليبها وتعقيم الحليب وتصنيع مشتقاته، وصناعة السكر ومنتوجاته، واستخلاص الزيوت والدهون من مصادرها ومعالجتها وحفظها، وتقطير الزيوت العطرية، وتجفيف الحبوب الغذائية وتصنيع منتوجاتها (الخبز والمعجنات ومنتوجات المخابز)، وتعبئة الفواكه والخضر الطازجة بعد غسلها، وإعدادها للتصدير، وصناعة الحلويات بأنواعها المختلفة، وتصنيع منتوجات الكاكاو والشوكولاته، والمخللات والخمور والمقبلات والتوابل، والكحول النقي والخميرة، وحفظ الأسماك، وغيرها من الصناعات كالنشاء والغلوكوز والجليد والمعكرونة، وغيرها.
أهداف الصناعات الغذائية
يهدف التوسع في الصناعات الغذائية وتطويرها إلى تحقيق الأهداف الآتية:
ـ الحد من استيراد المنتوجات الغذائية المصنعة.
ـ تحويل الكثير من الخامات الزراعية إلى سلع غذائية ذات قيم عالية ورائجة تجارياً.
ـ الإفادة من المحاصيل التي لا تجد سوقاً رائجة، أو تباع بأثمان غيرمجزية.
ـ الإسهام في دعم الأوضاع الاقتصادية عبر تنويع طرائق الاستغلال الزراعي.
ـ تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة مما يسهم في الحد من البطالة وفي رفع مستوى معيشة الفرد.
ـ زيادة إنتاج الألبان ومشتقاتها عن طريق التوسع في تربية الماشية التي تزيد خصوبة التربة بما تخلفه من أسمدة عضوية.
ـ تطوير الريف وتنمية اقتصادياته.
ـ تحظى منتوجات الصناعات الغذائية مجالات واسعة في أسواق الدول الأخرى.
عوامل تطوير الصناعات الغذائية
يمكن إيجازها كما يأتي:
ـ إنتاج كاف وملائم من الخامات الزراعية اللازمة لإنشاء قطاع صناعي غذائي في المناطق التي تسمح بتنفيذ عمليات فرز المنتجات التي تسوق طازجة بعد تعبئتها، أو تعد لعمليات الحفظ والتعبئة والخزن.
ـ مدى اتساع السوق المحلية أو قدرتها على تصريف المنتجات الصناعية، وهذا يتعلق بالمستويات المعيشية والقدرة الشرائية ومستوى التعلم والثقافة الاستهلاكية والعادات الغذائية المتبعة.
ـ إمكانية التصدير إلى الأسواق الخارجية وانخفاض تكاليف الإنتاج.
ـ توافر الخبرات الفنية والإدارية والاقتصادية واليد العاملة المدربة.
ـ توافر رأس مال كاف لإقامة المصانع والتشغيل وتغطية تكاليفها من الوقود والقوى الكهربائية والمياه.
ـ طرق المواصلات الكافية ووسائل النقل والانتقال الملائمة (البنى التحتية).
ـ الرعاية الكافية والمساعدات والتسهيلات التي تقدمها الدولة.
ـ تطوير وسائل النقل وتحسين المواصلات،
ـ إقامة مراكز البحوث العلمية الهادفة إلى تطوير أساليب التصنيع والتخزين والنقل والتداول واستنباط منتوجات جديدة.
تنفيذ مشروع التصنيع الغذائي
يمر المشروع بمراحل عدة يمكن إيجازها كما يأتي:
1ـ مرحلة التعرف على مشروع التصنيع بالتخطيط الاقتصادي الشامل للدولة والخاص باستراتيجية التصنيع والفرص المتاحة.
2ـ مرحلة الدراسات والإعداد للتنفيذ:
ـ الدراسة الأولية للسوق والخامات والمنتجات وحدود الاستثمار المطلوب والتقدير الأولي لكل من عائد الاستثمار والربح التجاري.
ـ دراسة الجدوى الفنية، وتشتمل على دراسات صلاحية الأرض والمعدات والوقود والخامات وتحديد مصادر الشراء وتفنيد طرائق التصنيع ومراحله، وكذلك مستلزمات اليد العاملة الفنية منها والإدارية.
3ـ دراسة الجدوى الاقتصادية: وتهدف إلى معرفة سلامة المشروع من الوجهة الاقتصادية، مع الأخذ بمعايير معدلات استثمار رأس المال، ونسبة العائد من الاستثمار، ومعدل دوران رأس المال.
4ـ مرحلة التقويم وإقرار المشروع: ويلزم في هذه المرحلة الحصول على ترخيص السلطات المعنية.
5ـ مرحلة التنفيذ: تركب في هذه المرحلة المعدات بعد الانتهاء من إقامة المباني.
6ـ مرحلة التشغيل: ويراعى فيها إنتاج سلعة (أو سلع) تتصف بالسلامة الصحية والوفر والاقتصاد بالجهد والطاقة والنظافة وسهولة الاستعمال، إضافة إلى المظهر والحجم الملائمين بما يتفق والذوق السليم والقوانين المعمول بها محليا.
الصناعات الغذائية في سورية وآفاقها المستقبلية:
يعد قطاع الصناعات الغذائية في سورية من أبرز القطاعات على مستوى الاقتصاد الوطني حيث يسهم في دعم الدخل القومي وتحقيق الأمن الغذائي ويوفر فرص العمل، إضافة إلى أنه يمتص فوائد الإنتاج الزراعي، وقد تطور هذا القطاع منذ صدور قانون الاستثمار رقم 10 في عام 1991.
يتميز هذا القطاع بخصائص مهمة توفر ميزات داعمة لتطويره:
1ـ الموقع الجغرافي المطل على البحر المتوسط.
2ـ الدعم الحكومي لتطوير الاستثمار.
3ـ إمكانية تصريف المنتجات في الأسواق المحلية والمجاورة.
4ـ توافر المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعات.
5ـ إمكانية تصنيع الآلات والمعدات محلياً والتي هي اليوم في حالة تطور سريعة.
6ـ توافر اليد العاملة القابلة للتطور.
وتتوافر في سورية فرص جيدة متاحة للاستثمار في مختلف فروع الصناعات الغذائية مثل إنتاج زيت الزيتون وتكريره وتخزينه، إنتاج السكر والخميرة والكحول الطبي، وإنتاج الحليب المعقم ومنتجات الألبان المختلفة، وإنتاج نشاء الذرة والقطر الصناعي والنشاء الدوائي والدكستروز وزيت الذرة، وتنقية الملح الصخري، وتصنيع ثمار الحمضيات والبطاطا وإنتاج الفطر وتعليبه. ويؤدي القطاع الخاص والمشترك دوراً أساسياً في بناء القاعدة الاقتصادية ليكون مكملاً لدور القطاع العام (الجدول ـ1)، ويعملان حثيثاً على تطوير الصناعات الغذائية وتحديثهما وتطبيق المعايير الدولية الخاصة بالمواصفات والجودة بغية التصدير.
الصناعات الغذائية في الوطن العربي وآفاقها المستقبلية
أقيم منذ خمسينات القرن العشرين العديد من المنشآت التي تعنى بالصناعات الغذائية في عدد من الأقطار العربية اعتماداً على إنتاجها الوفير من الخضر والفواكه في مصر ولبنان وسورية وتونس والمغرب وغيرها. وقد كانت تلك المصانع موسمية الإنتاج تعتمد على ما هو متاح لها من مواد أولية، وكانت في معظمها صناعات صغيرة. ومع التطور الاقتصادي والزيادة الكبيرة في عدد السكان والهجرة التي انطلقت من الريف إلى المدن والهجرات السكانية في إطار الوطن العربي ودخول المرأة في مجال العمل وغيرها من العوامل ازدادت الحاجة إلى منتجات الصناعات الغذائية كونها مغذية وسهلة الاستعمال.
وشهدت العقود الخمسة الأخيرة تطوراً ملحوظاً حيث أنشئت إبانها مئات الوحدات التصنيعية، ولازمها تحسين المنتجات الغذائية وفق مواصفات تتلاءم مع تقانات الصناعات الغذائية ومواصفاتها القياسية، كما تمشى معها تطور نسبي ملحوظ في قدرات العاملين. وتشير الدلائل إلى نمو الصناعات الغذائية مستقبلا في ضوء تنشيط التجارة العربية البينية والعربية العالمية.
وتوسعت إثر ذلك القدرات الزراعية القابلة للتصنيع. ومع تحرك القوى العاملة إلى مناطق العمل المتاحة والانفتاح على دول العالم الأخرى بدئ باستيراد كميات ضخمة من المنتجات الغذائية، مما حدا بالمستثمرين العرب إلى إقامة المزيد من المصانع وكان ذلك في مختلف أقطار الوطن العربي.
ومع ذلك فلا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الصناعات الغذائية في الوطن العربي لابد من إيجاد وسائل للتغلب عليها، من أهمها:
1ـ في ضوء المستجدات التقانية والاقتصادية و الاجتماعية سيبقى العامل الاقتصادي هو المرتكز الاساسي للتطوير.
2ـ اتخاذ الاجراءات تجاه الازدياد المرتقب على الأغذية المجمدة.
3ـ عدم كفاية الانتاج العربي للمواد الأولية الداخلة في العمليات الانتاجية باستثناء بعض السلع المحدودة كالتمور.
4ـ توجيه إنتاج المحاصيل الزراعية بما يتلاءم مع عمليات تصنيعها.
5ـ الاهتمام بأمور التعبئة والتغليف وابتكار العبوات الحديثة لتتماشى مع التطورات التقنية العالمية.
6ـ إنشاء مركز عربي مرجعي يعنى بالتعبئة والتغليف ليكون مركز عطاء وابتكار في مجالات تصميم أشكال العبوات وموادها الأولية، ومركزا للتدريب والتأهيل.
ويظهر الجدول (2) بعض الاحصائيات بأنواع اللحوم المصنعة والمستوردة في عام 1999 إلى المنطقة العربية، كما يبين الجدول (3) تطور كميات منتوجات الألبان المستوردة إلى الدول العربية والمصدرة منها خلال المدة بين 1990 و2000، حيث يتضح منها مدى اتساع الفجوة الغذائية وازدياد حجمها بين المستوردات والصادرات، مما يتطلب اتخاذ خطوات إيجابية وسريعة تهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي العربي.
محمد نزار حمد
تعد الصناعات الغذائية food industriesمن أهم وسائل حفظ فائض المنتجات الزراعية النباتية والحيوانية بتحويلها إلى سلع غذائية جديدة يمكن حفظها مدة طويلة وعليها طلب كبير، ويمكن بوساطتها نقل المواد الغذائية إلى مناطق الحاجة والعوز كما هو في حالات المجاعات والكوارث.
لمحة تاريخية
لا توجد سجلات تاريخية تحدد الزمن الذي بدأ فيه حفظ الغذاء بغية استهلاكه في وقت لاحق، إلا أن التجفيف كان من أول الأساليب التي اتبعت بغرض حفظ المواد الغذائية. وتشير كتابات قدامى المصريين إلى تجفيف بعض الأغذية بأشعة الشمس، واستخدام الملح في حفظ أغذية أخرى.
ومنذ قديم الزمن مارست الأقوام التي استقرت في بلاد الشام والرافدين ومصر وشبه الجزيرة العربية حفظ الأغذية تجفيفاً بتعريضها لأشعة الشمس، وشمل ذلك ثمار التين والعنب والجوز والتمر وشرائح التفاح.
وقد عُثر في سورية على جرار ضخمة ذات ارتفاع يقارب المتر ويرجع عهدها إلى نحو ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد يُعتقد أنها كانت تستخدم لخزن الحبوب وزيت الزيتون. كما عثر في إيران على جرار مشابهة قُدِّر بأنها ترجع إلى 2500 قبل الميلاد. وقد استخدم اليونان والرومان الثلج لحفظ أغذيتهم السريعة التلف. ويستدل من آثارهم، وآثار أقوام غيرهم، أنهم عصروا الزيتون وحفظوا أغذيتهم بغمرها في زيت الزيتون.
وتُشير الرسوم على قبور الفراعنة إلى إلمامهم بتربية النحل منذ نحو 2600 قبل الميلاد. ويعود أول ذكر للسكر وقصب السكر إلى عام 375 للميلاد، وكان العرب المسلمون أول من استنبط طرائق استخلاصه وتنقيته (تكريره)، وانتقلت صناعته إلى أوربا مع الحروب الصليبية، ووصلت فيما بعد إلى العالم الجديد.
ومن المرجح أن يكون العرب القدامى من أوائل من اكتشف تغير خصائص الحليب بعد تركه مدة من الزمن عرضة لتأثيرات العوامل الجوية، وعرفوا كثيراً من منتجاته، وما «الأقط» إلا خثرة حليب ترك ليحمض. ومن المهم أن يشار إلى أن الطرائق المعاصرة المعتمدة في الصناعات الغذائية ما هي إلا نتيجة للتطور التدريجي الذي لازمها في أثناء مراحل تطور الإنسان نفسه إبان آلاف السنين.
الأهمية الغذائية والاقتصادية
تتضح الأهمية الغذائية والاقتصادية لتصنيع الأغذية من الأمثلة الآتية:
1ـ حفظ محاصيل الخضر والفاكهة ومنتجات اللحوم وصيد البر والبحر والإبقاء عليها صالحة للأكل حتى يحين موعد استهلاكها إما في البلد المنتج وإما في مقصد أو مقاصد بلاد التصدير، ويكون كل ذلك في منأى عن الفساد واستبعاد حالات التسمم والإنسمام الغذائيين.
ومن الطرائق الرئيسة لحفظ الأغذية المعالجة الحرارية (كالتعقيم والبسترة [ر]) وبالضغط الميكانيكي والتجفيف [ر] والتبريد والتجميد [ر] والتشعيع [ر] وتركيز السكر (كالهلامات والمربيات) والتخليل لإنتاج مخللات الخضر والفاكهة [ر] والتحكم بالوسط المحيط.
2ـ استنباط أغذية ذات مزايا صحية محددة كتلك التي تخصص لمرضى السكري أو التهابات الكبد، أو لإمداد عناصر القوات المسلحة المكلفة بمهام قتالية أو رواد الفضاء في رحلاتهم الاستكشافية، أو تحوير بعض ما تحتويه منتجات المحاصيل الزراعية مثل بروتين فول الصويا إلى أغذية تماثل تلك المشتقة من أصل حيواني.
تتكون الأغذية من مركبات رئيسة لكل منها دوره في عملية التغذية وهي:
المواد الكربوهدراتية carbohydrates، المواد البروتينية proteins، الزيوت والدسمoils and fats، ومشتقات المجموعات الثلاث السابقة، تمد جميعها جسم الإنسان بالطاقة اللازمة لنشاطاته المختلفة، والماء وهو المادة الناقلة لعناصر التغذية، ويشكل نحو 60% من وزن جسم الإنسان، والمواد المحلِّبةemulsifiers تعمل على تمكين الجسم من إتمام التفاعلات الكيمياحيوية، والفيتامينات وأهميتها واضحة بالنسبة لصحة الإنسان، والأنزيمات enzymes اللازمة للعمليات الاستقلابية، ومانعات الأكسدة antioxidantsالتي تعمل على درء الأمراض ودعم المناعة، والصباغات pigments وهي تحدد لون الغذاء وانجذاب الإنسان لتناوله أو العزوف عنه.
تصنيف الصناعات الغذائية
يتم حفظ الأغذية بوسائل صناعية عدة منها حفظ الفاكهة و الخضر واللحوم وتعليبها وتعقيم الحليب وتصنيع مشتقاته، وصناعة السكر ومنتوجاته، واستخلاص الزيوت والدهون من مصادرها ومعالجتها وحفظها، وتقطير الزيوت العطرية، وتجفيف الحبوب الغذائية وتصنيع منتوجاتها (الخبز والمعجنات ومنتوجات المخابز)، وتعبئة الفواكه والخضر الطازجة بعد غسلها، وإعدادها للتصدير، وصناعة الحلويات بأنواعها المختلفة، وتصنيع منتوجات الكاكاو والشوكولاته، والمخللات والخمور والمقبلات والتوابل، والكحول النقي والخميرة، وحفظ الأسماك، وغيرها من الصناعات كالنشاء والغلوكوز والجليد والمعكرونة، وغيرها.
أهداف الصناعات الغذائية
يهدف التوسع في الصناعات الغذائية وتطويرها إلى تحقيق الأهداف الآتية:
ـ الحد من استيراد المنتوجات الغذائية المصنعة.
ـ تحويل الكثير من الخامات الزراعية إلى سلع غذائية ذات قيم عالية ورائجة تجارياً.
ـ الإفادة من المحاصيل التي لا تجد سوقاً رائجة، أو تباع بأثمان غيرمجزية.
ـ الإسهام في دعم الأوضاع الاقتصادية عبر تنويع طرائق الاستغلال الزراعي.
ـ تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة مما يسهم في الحد من البطالة وفي رفع مستوى معيشة الفرد.
ـ زيادة إنتاج الألبان ومشتقاتها عن طريق التوسع في تربية الماشية التي تزيد خصوبة التربة بما تخلفه من أسمدة عضوية.
ـ تطوير الريف وتنمية اقتصادياته.
ـ تحظى منتوجات الصناعات الغذائية مجالات واسعة في أسواق الدول الأخرى.
عوامل تطوير الصناعات الغذائية
يمكن إيجازها كما يأتي:
ـ إنتاج كاف وملائم من الخامات الزراعية اللازمة لإنشاء قطاع صناعي غذائي في المناطق التي تسمح بتنفيذ عمليات فرز المنتجات التي تسوق طازجة بعد تعبئتها، أو تعد لعمليات الحفظ والتعبئة والخزن.
ـ مدى اتساع السوق المحلية أو قدرتها على تصريف المنتجات الصناعية، وهذا يتعلق بالمستويات المعيشية والقدرة الشرائية ومستوى التعلم والثقافة الاستهلاكية والعادات الغذائية المتبعة.
ـ إمكانية التصدير إلى الأسواق الخارجية وانخفاض تكاليف الإنتاج.
ـ توافر الخبرات الفنية والإدارية والاقتصادية واليد العاملة المدربة.
ـ توافر رأس مال كاف لإقامة المصانع والتشغيل وتغطية تكاليفها من الوقود والقوى الكهربائية والمياه.
ـ طرق المواصلات الكافية ووسائل النقل والانتقال الملائمة (البنى التحتية).
ـ الرعاية الكافية والمساعدات والتسهيلات التي تقدمها الدولة.
ـ تطوير وسائل النقل وتحسين المواصلات،
ـ إقامة مراكز البحوث العلمية الهادفة إلى تطوير أساليب التصنيع والتخزين والنقل والتداول واستنباط منتوجات جديدة.
تنفيذ مشروع التصنيع الغذائي
يمر المشروع بمراحل عدة يمكن إيجازها كما يأتي:
1ـ مرحلة التعرف على مشروع التصنيع بالتخطيط الاقتصادي الشامل للدولة والخاص باستراتيجية التصنيع والفرص المتاحة.
2ـ مرحلة الدراسات والإعداد للتنفيذ:
ـ الدراسة الأولية للسوق والخامات والمنتجات وحدود الاستثمار المطلوب والتقدير الأولي لكل من عائد الاستثمار والربح التجاري.
ـ دراسة الجدوى الفنية، وتشتمل على دراسات صلاحية الأرض والمعدات والوقود والخامات وتحديد مصادر الشراء وتفنيد طرائق التصنيع ومراحله، وكذلك مستلزمات اليد العاملة الفنية منها والإدارية.
3ـ دراسة الجدوى الاقتصادية: وتهدف إلى معرفة سلامة المشروع من الوجهة الاقتصادية، مع الأخذ بمعايير معدلات استثمار رأس المال، ونسبة العائد من الاستثمار، ومعدل دوران رأس المال.
4ـ مرحلة التقويم وإقرار المشروع: ويلزم في هذه المرحلة الحصول على ترخيص السلطات المعنية.
5ـ مرحلة التنفيذ: تركب في هذه المرحلة المعدات بعد الانتهاء من إقامة المباني.
6ـ مرحلة التشغيل: ويراعى فيها إنتاج سلعة (أو سلع) تتصف بالسلامة الصحية والوفر والاقتصاد بالجهد والطاقة والنظافة وسهولة الاستعمال، إضافة إلى المظهر والحجم الملائمين بما يتفق والذوق السليم والقوانين المعمول بها محليا.
الصناعات الغذائية في سورية وآفاقها المستقبلية:
يعد قطاع الصناعات الغذائية في سورية من أبرز القطاعات على مستوى الاقتصاد الوطني حيث يسهم في دعم الدخل القومي وتحقيق الأمن الغذائي ويوفر فرص العمل، إضافة إلى أنه يمتص فوائد الإنتاج الزراعي، وقد تطور هذا القطاع منذ صدور قانون الاستثمار رقم 10 في عام 1991.
يتميز هذا القطاع بخصائص مهمة توفر ميزات داعمة لتطويره:
1ـ الموقع الجغرافي المطل على البحر المتوسط.
2ـ الدعم الحكومي لتطوير الاستثمار.
3ـ إمكانية تصريف المنتجات في الأسواق المحلية والمجاورة.
4ـ توافر المواد الأولية اللازمة لهذه الصناعات.
5ـ إمكانية تصنيع الآلات والمعدات محلياً والتي هي اليوم في حالة تطور سريعة.
6ـ توافر اليد العاملة القابلة للتطور.
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
* المجموعة الاحصائية السورية، دمشق 2002. الجدول ـ1 إنتاج السلع الغذائية في الجمهورية العربية السورية في العامين 1996 و2000×0 |
الصناعات الغذائية في الوطن العربي وآفاقها المستقبلية
أقيم منذ خمسينات القرن العشرين العديد من المنشآت التي تعنى بالصناعات الغذائية في عدد من الأقطار العربية اعتماداً على إنتاجها الوفير من الخضر والفواكه في مصر ولبنان وسورية وتونس والمغرب وغيرها. وقد كانت تلك المصانع موسمية الإنتاج تعتمد على ما هو متاح لها من مواد أولية، وكانت في معظمها صناعات صغيرة. ومع التطور الاقتصادي والزيادة الكبيرة في عدد السكان والهجرة التي انطلقت من الريف إلى المدن والهجرات السكانية في إطار الوطن العربي ودخول المرأة في مجال العمل وغيرها من العوامل ازدادت الحاجة إلى منتجات الصناعات الغذائية كونها مغذية وسهلة الاستعمال.
وشهدت العقود الخمسة الأخيرة تطوراً ملحوظاً حيث أنشئت إبانها مئات الوحدات التصنيعية، ولازمها تحسين المنتجات الغذائية وفق مواصفات تتلاءم مع تقانات الصناعات الغذائية ومواصفاتها القياسية، كما تمشى معها تطور نسبي ملحوظ في قدرات العاملين. وتشير الدلائل إلى نمو الصناعات الغذائية مستقبلا في ضوء تنشيط التجارة العربية البينية والعربية العالمية.
وتوسعت إثر ذلك القدرات الزراعية القابلة للتصنيع. ومع تحرك القوى العاملة إلى مناطق العمل المتاحة والانفتاح على دول العالم الأخرى بدئ باستيراد كميات ضخمة من المنتجات الغذائية، مما حدا بالمستثمرين العرب إلى إقامة المزيد من المصانع وكان ذلك في مختلف أقطار الوطن العربي.
ومع ذلك فلا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه الصناعات الغذائية في الوطن العربي لابد من إيجاد وسائل للتغلب عليها، من أهمها:
1ـ في ضوء المستجدات التقانية والاقتصادية و الاجتماعية سيبقى العامل الاقتصادي هو المرتكز الاساسي للتطوير.
2ـ اتخاذ الاجراءات تجاه الازدياد المرتقب على الأغذية المجمدة.
3ـ عدم كفاية الانتاج العربي للمواد الأولية الداخلة في العمليات الانتاجية باستثناء بعض السلع المحدودة كالتمور.
4ـ توجيه إنتاج المحاصيل الزراعية بما يتلاءم مع عمليات تصنيعها.
5ـ الاهتمام بأمور التعبئة والتغليف وابتكار العبوات الحديثة لتتماشى مع التطورات التقنية العالمية.
6ـ إنشاء مركز عربي مرجعي يعنى بالتعبئة والتغليف ليكون مركز عطاء وابتكار في مجالات تصميم أشكال العبوات وموادها الأولية، ومركزا للتدريب والتأهيل.
|
|
||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الجدول (2) أنواع اللحوم المصنعة المستوردة من قبل دول الوطن العربي في عام 1999 *. |
الجدول (3) تطور كميات منتوجات الألبان المستوردة والمصدرة من قبل الوطن العربي خلال المدة بين 1990/2000 *. |
محمد نزار حمد