الفن في الصين
الحضارة الصينية هي إحدى أهم الحضارات المستمرة في العالم، والثقافة الصينية مظهر من مظاهر تلك الحضارة. أما الفن فهو من أبرز ملامح هذه الثقافة. والفن الصيني من أكثر الفنون غنى وتنوعاً، وهو يمتاز بالانسجام والتوازن بين التقليدي والمبتكر، المحلي والأجنبي، والديني والعلماني، وبقدرته على هضم كل الفنون الدخيلة وإعادة إنتاجها بنكهة صينية.
الفن الصيني من أكثر الفنون حساسية تجاه السياسة والدين، والعادات والتقاليد، والديني والدنيوي. وقد أثر صعود عائلة مالكة وانحدار أخرى في مسار هذا الفن وطبيعته، إذ كان الأباطرة الصينيون يرعون الفنون لكسب الشرعية السياسية لحكمهم، وشكل الفنانون العاملون بأوامر البلاط الإمبراطوري ورعايته مدرسة فنية أطلق عليها «مدرسة البلاط»، كما شكل الفنانون الهواة، من الموظفين الصغار المنفيين في المناطق النائية وبعيداً عن سيطرة البلاط، مدرسة معارضة لمدرسة البلاط عُرفت باسم «مدرسة الأدباء». استمرت هاتان المدرستان الفنيتان في تجاذب وتنافر على مدى قرون عدة.
لقد برهنت المكتشفات الأثرية على أن الصين كانت بلداً مأهولاً منذ مطلع العصر الحجري، إذ تتوزع مخلفات العصر الحجري الحديث على مختلف أراضي الصين، وهي تعبر عن ثقافة يانغشاو Yang Shao (خنانHe Nan، شانشي Shan Xi، شنشي Shan Xi، غانسو Gan Su)؛ وثقافة لونغشان Long Shan(شاندونغ Shan Dong، السهول الوسطى).
جاءت سجلات شانغ[ر] Shang (القرن 16ـ11 ق.م) منقوشة على الأدوات البرونزية ودروع السلاحف وعظام الحيوانات. كما اكتشفت الأدوات البرونزية في مملكة شانغ بمختلف أدوارها. وقد شملت أدوات طعام وشراب من ملاعق وكؤوس وحراب وأسلحة ومراجل. كما استعمل نبلاء مملكة شانغ المنسوجات الحريرية. وعثر على نقوش كتابية أول مرة في قرية شياو تون Xiao Tunـ محافظة آنيانغ An Yang دوَّنها العرافون للتنبؤ بالأحداث، وأطلق عليها لغة العرافين.
الفنون الجميلة
اهتم الفن الصيني في مراحله المبكرة بقضية الموت والخلود والانتقال الآمن إلى العالم الآخر. من هنا جاء اهتمام الصينيين بقبورهم، فزينوها بإسراف، وضمَّنوها كل ما من شأنه راحة الميت وحماية روحه وتسهيل انتقالها إلى العالم الآخر. ولقد تطورت طقوس دفن الموتى، فتضمنت دفن بعض المواد المستخدمة في الحياة اليومية، وبعض الصناعات اليدوية، مثل جرار الفخار الملونة والأدوات الطينية المصقولة والحجرية المنحوتة. إن معظم الصناعات اليدوية من سيراميك ويَشْب وبرونز وُجدت في المقابر. لقد حفَّزت مراسم دفن الموتى في شانغ الناس على تزيين أدواتهم بنوعين من الرسوم: رسوم وحوش وطيور مخيفة مهمتها حماية الميت، ورسوم لبشر مهمتها تسلية الميت والترفيه عنه. كان ملوك أسرة شانغ يبنون مقابرهم، وكان بعض منهم يطلب أن يُدفن فيها مع مقتنياته، ففي عام 1975 اكتُشف في مقابر شانغ 400وعاء برونزي منقوش عليها صور لحيوانات وطيور، و600قطعة من اليشب والحجر منحوتة بدقة وبأشكال مختلفة.
كانت مملكة تشو Zhou (القرن 11ـ 221ق.م) تابعة لمملكة شانغ، ثم انفصلت عنها، وتطورت ثقافة تشو على أساس ثقافة شانغ، وظهرت ملامح تلك الثقافة في الأشعار والأغاني والأوامر الملكية والمدونات، وتحسنت أدوات الحرف اليدوية عند اكتشاف الحديد واستخدامه، وتطورت التجارة، وظهرت المسكوكات المعدنية. ظهر نمطان من البرونز: برونز تشو الغربية، وينتمي إلى البلاط الملكي، وبرونز تشو الشرقية، وينتمي إلى معظم الدويلات. وكانت الأدوات البرونزية تُقدم هدايا في الزواج. كما ظهرت كتابات صينية على شرائح الخيزران والخشب، وظهر الرسم على الحرير، والنحت على الخشب، والطلاء، والسيراميك المزجج.
ينبع الرسم والخط الصينيان من مصدر واحد، هو مجموعة الأشكال والرموز والخطوط البسيطة على الأواني الفخارية التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث. وتُعد الفخاريات الملونة والمزينة بالطيور والمكتشفة في محافظة يويياو Yue Yao بمقاطعة تشجيانغ Zhe Jiang وقرية بانبوه Ban Po بمدينة شيآن Xi An، تجسيداً رائعاً لفن الرسم والنحت في العصور القديمة. أما الأدوات البرونزية المزينة بالرسوم والنقوش التي تعود إلى أسرتي شانغ وتشو، والرسم على الحرير في أواخر عهد تشو، وتماثيل المحاربين والخيول الفخارية والرسوم الجدارية التي اكتشفت في مقابر أباطرة أسرتي تشين Qin وهان Han، فإنها تمثل أدلة واضحة على تطور الفنون الجميلة المعبرة عن تلك المرحلة المبكرة في تاريخ الفن الصيني.
أثرت الرحلات الأجنبية والاضطرابات السياسية التي تلت انهيار أسرة هان(206ق.م ـ220) Han في مسار تطور الفن الصيني؛ ومع دخول البوذية إلى المجتمع الصيني ظهرت أنماط معمارية جديدة، ومدارس فنية جديدة على صعيد الرسم والنحت. وقد جاءت البوذية من الهند إلى الصين عن طريق الحرير القديم، في عهد الإمبراطور مينغ دي (58ـ75م) Ming Di. ومع انتشار البوذية أحرز فنا الرسم والنحت تقدماً ملموسا،ً في عهد أسرتي جين Jin الغربية والشرقية (265ـ420). وظهرت الأديرة والمقامات والكهوف، ومن بينها كهوف دونهوانغ Dun Huang في مقاطعة غانسو، وكهوف يونغانغ Yun Gang في مقاطعة شانشي، وكهوف لونغمن Long Men في مقاطعة خنان، تحولت الكهوف في القرن الرابع الميلادي إلى أماكن مقدسة يحج إليها البوذيون، وضمت تماثيل ومشاكي متعددة، ورسوماً جدارية تصور قصص الكتاب البوذي المقدس، ومنحوتات حجرية ضخمة لآلهة بوذية. وتجسد اللوحات الجدارية والتماثيل البوذية في كهوف موغاو Mo Gao أو كهوف الألف بوذا، الخصائص التي تجمع بين الثقافتين الصينية والأجنبية، وتعبر عن الفنون البوذية وقد طبعت بالفن الصيني، مثل لوحة «تفسير الأسفار البوذية»، كما ظهر نمط معماري جديد تمثل في الباغودات الخشبية (معابد برجية) Pagodes التي جمعت بين الأبراج الهندية والعمارة الصينية. لقد سيطر الفن البوذي على الأعمال الفنية المنجزة في تلك المرحلة، وبرز فنانون من أهمهم غو كاي تشي Gu Kai Zhi الذي أجاد في تصوير الموضوعات التاريخية، ومن أعماله «قصة نزول الإله إلى الأرض».
يُعد عهد تانغ (618ـ907) Tang العصر الذهبي للثقافة الصينية وفنونها؛ فقد اتخذ الفن في هذه المرحلة اتجاهاً دنيوياً تجلى في مظاهر شهوانية في محاولة للتحرر من تأثير الفن البوذي. وقد امتاز هذا الفن برسم المناظر الطبيعية، وبروز رسامين معروفين منهم وو داو تسى Wu Dao Zi الملقب بملك الرسم، لإجادته رسم الأشخاص ومناظر الجبال والأنهار، ووانغ وي(701ـ761) Wang Wei الذي دعا إلى رسم الجبال الثلجية والسحب والأنهار بحبر كثيف، ولي صه شون الأب (651ـ716) Li Si Xun ولي تشاو داو الابنLi Zhao Dao اللذان استخدما الأصباغ المستخرجة من مواد معدنية لرسم الجبال والأنهار، مما جعل أعمالهما نابضة بالحياة والحيوية مشكلان بذلك أسلوباً مغايراً لأسلوب وانغ وي. والرسام تشان تسى تشيانZhan Ci Qian ولوحته المعروفة «نزهة الربيع»، ويان لي بن Yan Li Ben (؟ ـ673) الذي اشتهر برسم صور الأباطرة والحكام، وقد غلب اللونان الأخضر والأزرق على المناظر المرسومة في عهد تانغ. أما في النحت فقد برز اسم يانغ هوي تشي Yang Hui Qi الذي اشتهر بتماثيله النابضة بالحياة، وثمة مجموعة من أعماله محفوظة في كهوف دونهوانغ. كذلك أحرزت صناعة السيراميك والبورسلان تقدماً بارزاً.
لقد امتاز الرسم في عهد أسرة سونغSong الشمالية والجنوبية (960ـ1279) بتنوع نماذجه وتعدد مدارسه: مدرسة البلاط التي اشتهرت برسم الطيور والزهور والحيوانات والأطفال, ومدرسة الأدباء التي امتازت برسم الأشجار والصخور وأعواد القصب, ومدرسة Ma Xia التي امتازت برسم المناظر ومن أهم مؤسسيها ما يوان Ma Yuan، وشيا غوي Xia Gui اللذان سُميت المدرسة باسمهما.
وتطور الرسم بالحبر الصيني في عهد يوان (1271ـ1368) Yuan، إذ دخلت تأثيرات درامية على الرسم، مثل استخدام المساحات الواسعة والسحب، وبرز رسامون من أهمهم هوانغ غونغ وانغ Huang Gong Wang وني تسان Ni Zan وو تشن Wu Zhen و وانغ منغ Wang Meng.
وفي عهد أسرة مينغ (1368ـ1644)Ming تأسست أكاديمية الرسم الإمبراطورية التي استقطبت رسامي الطيور والزهور والمناظر الطبيعية من أتباع مدرسة Ma- Xia، وبرز رسامون وخطاطون مثقفون، مثل شن تشو Shen Zhou الذي امتازت لوحاته بانسيابية الخطوط ووضوح الألوان، واستمد موضوعاته من واقع الحياة اليومية، مثل «القمر ينظر من الشرفة» وون تشنغ مينغWen Zheng Ming الذي امتازت لوحاته ببساطة موضوعاتها، مثل شجرة أو صخرة، كما امتاز عهد أسرة مينغ بظهور نقاد الفن، مثل الناقد والرسام دونغ تشي تشانغ Dong Qi Chang، فكان أول من ميز رسامي البلاط من الرسامين الأدباء. قسم دونغ المدارس الفنية مدرسة جنوبية ذات صفات فردية ذاتية تأملية، متأثرة بأسلوب وانغ وي من أسرة تانغ، ومدرسة شمالية اكتفت بتقليد مدارس فنية سابقة.
انقسمت مدرسة الرسامين الأدباء في عهد أسرة تشينغ (1644ـ1911) Qing تيارين أساسيين: تيار عاد إلى محاكاة الأعمال الفنية في عهد يوان، ويمثل هذا التيار الرسامان وانغ هوي Wang Hui وهونغ رن Hong Ren؛ وتيار آخر فردي ذاتي أكثر حرية، ويمثله الراهب تشو دا Zhu Da الذي امتاز بأسلوبه الجامح الذي يستعيد فيه بعضاً من فلسفة الزن، إلا أنه أكثر تجريداً؛ وداو جي Dao Ji الذي تمتاز لوحاته بحيوية نابعة من فهمه الجيد للطبيعة.
وقد تجلت الفنون الجميلة الصينية في الكهوف والرسوم الجدارية، وفيما يأتي تفصيل ذلك:
1ـ الكهوف: ظهرت الكهوف كنمط معماري للبوذية في الهند، وعندما دخلت البوذية إلى الصين، قلد الصينيون النمط الهندي في حفر الكهوف، ثم ما لبثت أن اختلفت عن الكهوف الهندية في غرض إقامتها وفي شكلها، فلم تعد أماكن للعبادة. بنيت معظم الكهوف في حوض النهر الأصفر شمالي الصين، الذي كان مركزاً سياسياً واقتصادياً وثقافياً للصين من عهد أُسر ويWei الشمالية (386ـ543) إلى أسرة تانغ، ومن أشهر الكهوف الصينية:
ـ كهوف دونهوانغ: أكبر مجموعة من الكهوف في الصين، تقع في الشمال من محافظة دونهوانغ بمقاطعة غانسو. أنشأ أول كهف منها الراهب البوذي «له تسون» Lei Cunعام 365م. ثم تتالت الأديرة والمقامات والكهوف التي من أهمها كهوف موغاو أو كهوف الألف بوذا. تشتهر كهوف دونهوانغ بالرسوم الجدارية والتماثيل الصلصالية، ولكل مجموعة منها أسلوبها الخاص وتؤرخ لمرحلة تاريخية محددة.
ـ كهوف مايجيشان :Mai Ji Shan وتقع في الجنوب الشرقي لمدينة تيانشوى Tian Xue بمقاطعة غانسو. بدأ بناء هذه الكهوف عام 380م. وهي تمتاز بموقعها الخطير، وبدروبها الخشبية المعلقة، وكثرة تماثيلها التي تجسد مسيرة تطور فن النحت.
ـ كهوف يونغانغ :Yun Gang تقع في الغرب من مدينة داتونغ Da Tong بمقاطعة شانشي، وقد بنيت في عهد أسرة وي الشمالية، واشتهرت بنقوشها الحجرية المهيبة، وهي تضم 53كهفاً، وأكثر من 51ألفاً من التماثيل البوذية، من بينها تمثال لبوذا يرتفع أكثر من 17 متراً. وتجسد هذه التماثيل فنون النحت التقليدي لأسرتي تشين (221ـ207ق.م) Qin وهان من جهة، واستيعابها لفنون أجنبية، كالفن الفارسي البادي على ملامح الحوريات الطائرة والراقصة من جهة ثانية.
ـ كهوف لونغمن: تقع جنوب مدينة لويانغ Lu Yang بمقاطعة خنان. بنيت في زمن أسرة وي الشمالية، وتضم أكثر من 2100محراب و40معبداً برجياً (باغودة)، وأكثر من 3600نصب تذكاري، و100ألف تمثال. يبلغ ارتفاع أكبر تمثال لبوذا 17.14م، وارتفاع رأسه أربعة أمتار، وأذنه 1.9م. وهو يتمتع بملامح أنثوية لطيفة، تشبه ملامح الإمبراطورة التي تبرعت ببعض أموالها لبنائه. تشتهر كهوف لونغمن بنقش النصب التذكارية التي تُعد تحفة فنية لدراسة تاريخ الخط.
2 ـ الرسوم الجدارية: استُخدمت الرسوم الجدارية لنشر البوذية، ثم لتسهيل انتقال روح الميت إلى العالم الآخر، ولهذا كان الناس يتبرعون بأموالهم لإنجاز مثل تلك الرسوم. تصف معظم الرسوم الجدارية قصص الكتاب المقدس، وحياة بوذا، والحوريات الطائرة الراقصة، وصور بعض الأفراد المتبرعين بأموالهم لإنجازها. وتختلف خصائص الرسوم الجدارية باختلاف العصور. تمتاز رسوم أسرة وي الشمالية بألوانها البسيطة وخطوطها الطليقة، ورسوم أسرة سوي (581ـ618) Sui بتنوع ألوانها وانسياب خطوطها، ورسوم أسرة تانغ بضخامة تشكيلاتها، ورسوم سونغ بخطوطها الجامدة، أما رسوم يوان فهي غامضة تعبر عن خصائص اللامية (الديانة البوذية في التيبت ومنغوليا) باستخدامها لألوان الأزرق والأحمر والأخضر والذهبي، ومن أهم الرسومات الجدارية لوحة «الحورية الطائرة التي ترش الزهور من السماء».
يؤرَّخ للفن الصيني المعاصر بانهيار أسرة تشينغ الملكية، وتأسيس جمهورية الصين، ثم جمهورية الصين الشعبية. وقد ركّز الرسامون جهودهم في هذه المرحلة على تخصص واحد. فبعضهم تخصص في رسم الحسناوات، وبعضهم الآخر في رسم الحيوانات، أو في رسم نوع واحد منها كالقط أو الجياد، مما زاد في حرفية الفنانين ومهارتهم. يختلف الرسم الصيني عن الرسم الغربي في مواضع كثيرة، فهو يهتم بالروح والجوهر أكثر من اهتمامه بالشكل والمظهر، ويميل إلى الاختزال والإيجاز والإيحاء، ويهمل التفاصيل، أو هو يترك استكمالها للمتلقي، وتعدد المناظير في اللوحة الواحدة. تطور الرسم الصيني المعاصر باتجاه الرسم الأوربي وتأثر بتقاناته، مثل توزيع الظل والضوء والبنية التشريحية للجسم واستخدام الألوان الزيتية والمائية، ونجح بعض الرسامين الصينيين بدمج مزايا الرسم الصيني والرسم الغربي، كاستخدام مفهوم الإيحاء في الرسوم الزيتية.
وتمتاز هذه المرحلة بتأسيس أكاديميات الفنون، مثل أكاديمية لو شين Lu Xin للفنون في يانآن Yan An عام 1938، وأكاديمية الفنون الجميلة في بكين. وبرز فنانون معاصرون مميزون مثل جيانغ فنغ Jiang Feng وتساي روو هونغ Cai Ruo Hong وهوا جون وو Hua Jun wu وغو يوان Gu Yuan.
الفنون الزخرفية
تشمل الفنون الزخرفية الحفر والخزف والفخار والتطريز والأشغال اللكية (صبغ أحمر تصبغ به الجلود أو غيرها) والفنون المعدنية والمقصوصات والطائرات الورقية. تمتاز الفنون الزخرفية الصينية بتنوعها وبراعة صنعها، ويعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث. فقد ظهر النحت على اليشم وفخار يانغشاو الملون وفخار لونغشان الأسود. استُعملت الأواني الطقوسية والزخارف اليشمية في عهد أسرة شانغ، وأصبح النحت على اليشم حرفة خاصة، إلى جانب المنحوتات العاجية والفخار المطلي والأدوات البرونزية. يشمل فن النقش الحفر على اليشم والعاج والحجر والخشب وصناعة التماثيل الصلصالية.
1ـ المنحوتات اليشمية: تنتشر في بكين وشنغهاي shang Hai ولياونينغ Liao Ning وجيانغسوJiang Su، وغوانغدونغ Guang Dong. وتشتمل الأدوات اليشمية في بكين على رسوم الشخصيات التاريخية والأسطورية وشخصيات الروايات والمسرحيات والقصائد والكتب البوذية والرسوم الجدارية، وشخصيات القادة والأبطال والعمال النموذجيين أيضاً، وعلى زهور الخوخ والسحلب والأقحوان والخيزران واللوتس والفوانيا والورد والرمان، والطيور والحيوانات والمنمنمات والحلي. تمتاز الأدوات اليشمية في بكين بفخامة التشكيل وتكامل الصورة، وتجمع زخارفها بين الأشكال القومية وفنون الرسم.
2ـ المنحوتات العاجية: ينحصر إنتاجها في بكين وغوانغتشو Guang Zhouوشنغهاي. شهد نحت العاج في بكين أول ازدهاره في أسرتي مينغ وتشينغ، ومعظم نحاتي العاج كانوا في الأصل نحاتي خشب. أُنشئ أول معمل لنحت العاج في بكين عام 1910م. ووصل نحت العاج ذروته في ثلاثينيات القرن العشرين. تشتهر بكين بمنحوتات الحسناوات والأزهار والطيور، ومنحوتات غوانغتشو بالكرات العاجية ذات الطبقات الرقيقة المتحركة، وتشتهر شنغهاي بنحت تماثيل الأشخاص. من أعمال أسرة تشينغ الباقية تمثال «نزهة في ضوء القمر». ومن الأعمال النموذجية لنحت العاج في بكين «محظية الإمبراطور شيانغ في Xiang Fei» للنحات وانغ بين Wang Pin و«مداعبة الببغاء» و«ركوب العنقاء» للنحات دنغ ون ليDeng Wen Li و«طيران تشانغ أ chang E إلى القمر» للنحات دينغ يويه تينغ Ding Yue Ting، و«الجندب والملفوف الصيني» للنحات يانغ شى هوي Yang Shi Hui المُلقب بكبير النحاتين. إضافة إلى أعمال نحتية صغيرة الحجم مثل «حبة الأرز» وهي حبة من العاج بحجم حبة الأرز نحت عليها النحات تشن جينغ يى Chen Jing Yi منظراً لجبل وانشوWan Shou و17 بطلاً يعبرون نهر دا دو Da Du، وأعمال نحتية كبيرة الحجم، مثل «الاحتفال بولادة الدستور» الذي يبلغ طوله متران ووزنه 64.5كغ للنحات يانغ شي هوي وآخرين. من الكرات العاجية المجوفة التي اشتهرت بها غوانغتشو كرة «الحديقة تفوح برائحة الفواكه» وكرة «التنانين الطائرة والعنقاوات الراقصة» وكرة «دعوة القمر» لكبير عاملي الفنون التطبيقية النحات ونغ رونغ بياو Weng Rong Biao.
3 ـ المنحوتات الحجرية: اشتهرت بها ثلاثة أماكن هي: شوشان (مقاطعة فو جيان Fu Jian) وأبرز منتجاتها خاتم شوشان الحجري، وأبرز فنانيها غوو غونغ شن Guo Gong Shen، ومن أعماله «عبور الجبال الثلجية» و«الحكماء السبعة في غابة الخيزران». وتشينغ تيان Qing Tian (مقاطعة تشجيانغ). ويعود فن المنحوتات الحجرية فيها إلى عهد أسرة سونغ، وتمتاز أحجارها بنعومة التركيب وصفاء الألوان. ومن أبرز الأعمال النحتية فيها «قطيع الخيول» للنحات لين غوانغ ياو Lin guang Yao. أما ليو يانغ Liu Yang(مقاطعة هونان Hu Nan) فقد اشتهرت بنوع من الحجارة تُسمى «حجارة الأقاحي»، وأبرز نحاتيها داي تشينغ شنغ Dai Qing Shen الذي أبدع أكثر من 1600قطعة من بينها «زهور الأقحوان» و«الفراشة تداعب زهور الأقحوان».
4ـ المنحوتات اللكية: يتم صناعة الأدوات اللكية بطلاء اللك الصافي على القوالب عدة مرات، ثم تجري عمليات نحت دقيقة عليها. ويمكن أن تأخذ أشكالاً متعددة ومتنوعة، كالقوارير والأوعية والعوارض الكبيرة، وتمتاز بلونها الأحمر الداكن الجميل وتصميمها الأنيق والعريق.
5 ـ الخزف: من أهم الفنون الزخرفية الصينية فن الخزف؛ والخزف الصيني من الإبداعات العظيمة، إذ بلغت شهرته العالم كله؛ وهو يمتاز بقيمته الفنية العالية ودقة صناعته وأناقة أسلوبه. بدأ فن الخزف الصيني في عهد أسرة شانغ، حين اهتدى الخزافون الصينيون إلى اكتشاف (سيليكات الألمنيوم)؛ وكان متطوراً حتى في المرحلة المبكرة لإنتاج الخزف في عهد أسرة هان. بدأت صناعة الخزف المزجج في عهد أسرة وي، وتطورت في عهدي جين. والأسر الشمالية والجنوبية. تأثر فن الخزف بالديانة البوذية. وقد كانت أسرة تانغ من أكثر الأسر التاريخية ازدهاراً على صعيد الثقافة والعلوم والفنون، وامتاز في هذه المرحلة نوعان من الخزف: خزفيات البلاط، وهي من خزف مزجج ذي لون أبيض ناصع ومنتج في أفران خاصة بالبلاط (فرن شينغ Xing)، وخزفيات الجنوب التي ينتجها فرن يويه Yue. صارت صناعة الخزف في عهد أسرة سونغ أكثر إنتاجاً وانتشاراً، وبلغ عدد المحافظات التي تحتوي على أفران لصناعة الخزف 170محافظة، وصارت بلدة جينغ تشن Jing Qin في عهد أسرة يوان مركزاً لصناعة الخزف، وقد أُنشئت فيها إدارة فو ليانغ Fu Liang للخزف، كما تطورت أنواع جديدة من الخزف، كالخزف الأبيض والأزرق. امتازت خزفيات عهد أسرة مينغ بتعدد ألوانها (الألوان الخمسة) ورقتها ونقاوتها، وخطوطها الزاهية، ورسومها الماهرة باستخدام لونين مختلفين وتدرجات كل منهما، وزخرفتها الثنائية. وقد بلغ إنتاج الخزف ذروته في عهود الأباطرة، كانغ شي Kang Xi ويونغ تشنغYong Cheng وتشيان لونغ (1662ـ1795)،Qian Long وكانت ألوانه الخمسة كثيفة وزاهية، وتصور رسومها قصصاً تاريخية وأحداثاً مثيرة.
6ـ الفنون المعدنية: وتشتمل على الأعمال البرونزية والذهبية والفضية والمخرمات والمرصعات والمنمنمات والرسوم الحديدية الجدارية والأواني المطلية بالمينا، والفنون المعدنية من الفنون الصينية القديمة، تم اكتشاف بعض الزينات النحاسية في أطلال تشيجيا Qi Jia وحضارة لونغشان. كما وصلت فنون سباكة البرونزيات والصياغة والمخرمات درجة عالية في عصر شانغ ـ ين Shang Yin. وظهر أسلوب جديد في تطعيم البرونزيات بالفضة والذهب وترصيعها باللون القرمزي في: مرحلتي الخريف والربيع (770ـ476ق.م) والممالك المتحاربة (475ـ221 ق.م)، ثم ارتقى هذا الفن وتوسع الإنتاج فيه في عهدي هان الغربية والشرقية (206 ق.م ـ220) وخير مثال على ذلك تمثال «الحصان الراكض». وفي عهد أسرة تانغ أقيمت هيئة خاصة للإشراف على مختلف الفنون المعدنية. اشتهرت أسرة مينغ بالتيجان والأكاليل والمباخر، وأسرة تشينغ بالأعمال المطعمة بالذهب والفضة والأواني المطلية بالمينا. ومن أشهر المشغولات المعدنية سيف لونغتشيوان Long Quang، زرقة جينغتاي Jing Tai.
7ـ فن العرائس: فن تشكيل العرائس من الفنون الصينية القديمة، يعود تاريخه إلى أسرة تشو. وتنقسم العرائس حسب حجمها وأسلوب التمثيل ثلاثة أنواع: عرائس متحركة بالعصي، وأخرى بالأسلاك، وثالثة باليد. تبدأ عملية صنعها بنحت الخشب وتشكيل الرأس ثم يطلى بالملاط الصلصالي، ويصقل ويزخرف بالألوان. كذلك فن الدمى الصلصالية في جبل هويشان ,Hui Shanوأبرزها دمية «الطفل آفو A Fu الكبير»، وأعمال تشانغ Zhang الصلصالية في تيانجينTian Jing، وتماثيل ويغانغ Wei Gang الملونة وتماثيل العجين.
فن الخط
جاءت الكتابة الصينية من الرسم والرموز القديمة، ثم تطورت تدريجياً إلى أن ظهر فن الخط. ولا يخلو التاريخ الصيني في مختلف مراحله من خطاطين بارزين. ارتبط تطور الخط بتطور الرسم؛ وقد استخدمت أدوات الرسم نفسها في الخط، كالورق والفرشاة والحبر الصيني. كما أن الرسوم الصينية التقليدية لا تكاد تخلو من أشعار وكلمات إهداء مكتوبة بطريقة فنية. لقد ظهر في التاريخ الصيني خطاطون مبدعون، من أبرزهم وانغ شي تشي Wang Shi Qi من أسرة جين الشرقية الذي لُقب بـ «الخطاط القديس»، وتمثل خطوطه تنيناً يطير أو عنقاء ترقص. ويعد عهد أسرة تانغ عهد ازدهار الخط الصيني، إذ ظهر خطاطون كبار، مثل أو يانغ شون Ou Yang Xun وتشو سوي ليانغ Qu Sui Liang ويان تشن تشينغYan Qin Qing وليو غونغ تشوان Liu Gong Quan، وما زالت خطوطهم حتى اليوم تمثل نماذج للدارسين والمتدربين.
تطور الخط والرسم المعاصران جنباً إلى جنب. ومن أبرز الخطاطين المعاصرين وو تشانغ شويه Wu Zhang Xue الذي يتميز أسلوبه بالبساطة والسلاسة وتفاوت التراكيب ودمج فن الخط ورسمه. وتقوم جمعية الخطاطين الصينية وكليات الفنون الجميلة برعاية هذا الفن من خلال إقامة المعارض، الفردية والجماعية، داخل البلاد وخارجها.
الموسيقى والأوبرا والرقص
1ـ الموسيقى: تشير المراجع التاريخية إلى أن الموسيقى الصينية كانت متطورة في عهد أسرتي شانغ وتشو الغربية، نحو الألف الثالث ق.م. وفي عهود الربيع والخريف والممالك المتحاربة كان هناك أكثر من ثمانين نوعاً من الآلات الموسيقية. واستخدم الصينيون السلم [ر. الموسيقى] الخماسي Pentatonic منذ الألف الثاني ق.م. تطورت الموسيقى بتطور الغناء والرقص وفن القصص الشعبي والأوبرات المحلية في عهدي تانغ ويوان. ومن النماذج الموسيقية الكلاسيكية الصينية «الفواصل الموسيقية الثمانية عشر» و«هجوم مباغت من جميع النواحي» و «المساء على شاطئ النهر في الربيع».
بعد تأسيس جمهورية الصين تطورت الموسيقى على صعيد القواعد والتأليف. كما بُذلت جهود كبيرة في جمع وتنظيم الموسيقى الكلاسيكية والفولكلورية، مثل «موسيقى ورقصات أسرة تانغ» و «الأجراس والموسيقى والرقص» و «الأغاني التسع» المستلهمة من قصائد بالعنوان ذاته للشاعر تشو يوان Qu Yuan، و«لحن دونهوانغ Dun Huang»، وهي رقصة مستلهمة من جداريات كهوف مو غاو. من أشهر الموسيقيين الصينيين نيه آر (1912ـ1935) Ni Erوشيان شينغ هاي (1905ـ1945) Xian Xing Hai، وخه لو تينغ (1903ـ) He Lu Ting . أنشأت الحكومة الصينية ثمانية معاهد للموسيقى بغية تأهيل الكوادر الأكاديمية المتخصصة. ويوجد في الوقت الحاضر مئات الفرق الفنية في الرقص والغناء والأوبرا والأوركسترا [ر. الفرقة الموسيقية] السمفونية والموسيقى القومية.
2ـ الأوبرا: يعود تاريخ الأوبرا [ر] إلى أكثر من ثمانمئة سنة، وهي الشكل الرئيس للمسرح الصيني. والأوبرا الصينية فن شامل متعدد المهارات يجمع بين الموسيقى التقليدية والغناء والحوار والتلاوة والرقص والتمثيل والألعاب البهلوانية والقتالية بأسلوب مجازي وفني رفيع المستوى. في الصين أنواع كثيرة من الأوبرات، لكل منها خصائصها المميزة، تُقدم باللهجات المحلية والأغاني والموسيقى المحليتين، وهي تحظى بشعبية واسعة، ومن أشهر دور الأوبرا المحلية التي تُعرض المسرحيات الغنائية فيها على نطاق البلاد أوبرا بكين Jing Ju وبينغ جو Ping Ju (أوبرا شمالي الصين) ويو جو Yu Ju (مقاطعة تشجيانغ وشنغهاي) ويويه جوYue Ju (مقاطعة خنان) وتشوان جو Chuan Ju (مقاطعة سيتشوان).
ظهرت دار أوبرا بكين في مدينة بكين عاصمة أسرة تشينغ في أوائل القرن التاسع عشر، ثم ما لبثت أن تحولت إلى النمط الأكثر انتشاراً في الصين وغدت نموذجاً للمسرح الصيني الكلاسيكي. تقسم الأدوار في الأوبرا أربعة أنواع: شنغ Sheng (الرجل) ودان Dan(المرأة) وجينغ Jing (صاحب الوجه المطلي) والمهرج. أسلوب التمثيل في الأوبرا هو أسلوب مجازي تعبيري افتراضي، وتخلو عروض الأوبرا من الديكور وتكتفي ببعض اللوازم (الإكسسوارات) البسيطة، كالطاولة والكرسي، ويلقى على عاتق الممثل توضيح زمان الأحداث ومكانها. لفن مستحضرات التجميل (المكياج) والأزياء في أوبرا بكين دور مهم في الإشارة إلى مكانة الشخصيات وطباعها، ويمتاز المكياج في أوبرا بكين بالمبالغة والألوان الزاهية، وتعتمد الأزياء على طراز ملابس أسرة مينغ. من أبرز ممثلي أوبرا بكين الممثل مي لان فانغ(1894ـ1961) Mei Lan Fang الذي اشتهر بأدائه لدور المرأة الشابة، ومن الأوبرات التي مثَّل فيها: «امرأة تتظاهر بالجنون» و«الحسناء السكرى» و«الفاتح يودع حبيبته». برز إلى جانب مي لان فانغ الممثلون تشنغ يان تشيو (1904ـ1958)Cheng Yan Qiu، وما ليان ليانغ(1901ـ1966) Ma Lian Liang وتشو شين فانغ(1895ـ1975) Zhou Xin Fang وتشانغ جون تشيو (1920ـ) Zhang Jun Qiu. ومن أهم الأوبرات: «على مفترق الطرق» و«الأميرة ذات المروحة الحديدية» و«الراهبة البوذية تنزل من الجبل» و«تساي ون جي Cai Wen Ji تعود إلى أسرة الهان». أنشئ في بكين معهد الأوبرا الصيني عام 1950وخرَّج عدداً من الممثلين الموهوبين ممن ورثوا خبرات الأجيال السابقة، وشكلوا أساليبهم المميزة في التمثيل.
3ـ الرقص: ارتبط فن الرقص بفنون الموسيقى والغناء. وقد جُمع بعد التحرير أكثر من 2000قطعة موسيقية ورقصة شعبية، ومن أشهرها رقصة يانغ غه Yang Geوالتنين والأسد والحرير الأحمر وزهرة اللوتس وطبل الزهور. ومن الرقصات القومية «رقصة القدح» المنغولية و«غوتشوانغ Gu Quang» التبتية و«قطف العنب» الويغورية و«المزمار الخيزراني» لقومية مياو Miaoو«رقصة الطبل الطويل» لقومية كوريا، و«رقصة الطاووس» لقومية داي Dai. ومن المسرحيات الدرامية الراقصة «فانوس اللوتس السحري» و«جمعية الخنجر الصغير» و«طريق الحرير». كما قدمت فرقة الباليه [ر]Ballet المركزية في السنوات الأخيرة عدداً من الباليهات ذات الموضوعات الصينية، مثل «حورية الماء الصغيرة» و«قربان العام الجديد» و«لين داي يوى Lin Dai Yue».
المسرح
فن الدراما فن وافد إلى المجتمع الصيني، نشأ بتأثير الثقافة الخارجية، ويؤرخ له بتأسيس أول فرقة دراما في البلاد، وهي «جمعية الصفصاف الأخضر» عام 1906م التي قام بتأسيسها مجموعة من الطلاب الصينيين درسوا في اليابان. ثم تلا ذلك «شركة النشوء» عام 1910 و«جمعية جنوب الصين» عام 1925. من أبرز كتَّاب هذه المرحلة: تيان هان (1898ـ1968) Tian Hanو أو يانغ يو تشيان (1889ـ1962) Ou Yang Yu Qian وتساو يو (1910ـ1997) Cao Yu. لعب المسرح دوراً إيجابياً في حرب المقاومة ضد اليابان، وظهرت مسرحيات تدعو إلى المقاومة وإنقاذ الوطن، من أهمها: «ارمِ سوطك» و«متوجهون إلى الجبهة» و«تشو يوان Qu Yuan». وبعد تأسيس جمهورية الصين الشعبية ظهرت نصوص تنتقد الماضي، وتمجد الحاضر، وتبشر بالمستقبل، منها «خندق لحية التنين» و«المقهى» للكاتب لاو شه (1899ـ1966) Lao She، و«تساي ون جي» للكاتب غو مو رو (1892ـ1978)Guo Mo Ruo و«غوان هان تشينغ Guan Han Qing» للكاتب تيان هان و«حارة شياو جينغXiao Jing» للكاتب لي لونغ يون Li Long Yun(1948ـ).
السينما
دخلت السينما إلى الصين عام 1896، عبر عروض وتصوير بعض الأفلام الأجنبية. وقد بدأت صناعة الأفلام فيها عشية الحرب العالمية الأولى. ويقسم تاريخ السينما الصينية خمس مراحل:
ـ مرحلة استيراد السينما الغربية ومحاولات استنباتها في المجتمع الصيني (1905ـ1931): بدأت بإنتاج عدة أفلام قصيرة بتمويل حكومي، مثل «زوجان في ورطة» و«حكاية اليتيم الذي ينقذ جده». ثم جذبت السينما اهتمام بعض المستثمرين بالفيلم المحلي، وبداية منافسة بين السينما الصينية والسينما الغربية. لاقت أفلام هذه المرحلة إقبالاً جماهيرياً واسعاً وحققت كسباً مادياً شجع المستثمرين على توظيف أموالهم في هذا المجال.
ـ مرحلة تأسيس سينما صينية محلية (1932ـ1949): أمام الغزو الياباني للصين، أشرف الحزب الشيوعي الصيني على صناعة السينما، ودعا إلى تسييسها. وظهرت حركة السينما اليسارية التي رفعت شعار مقاومة الإقطاعية والإمبريالية وقيادة الشعب وحشد طاقاته في حركة التحرر الوطني والدعوة إلى الثورة الديمقراطية. وقد تناولت السينما مواضيع واقعية معاصرة. من أهم أفلام حرب المقاومة «الطريق الواسع» و«أغنية صيادي السمك» و«مفترق الطرق» و«ثلاث نساء عصريات» و«دودة القز» و«المومس» و«العروس». وبعد انتهاء حرب المقاومة أُنتج الكثير من الأفلام، مثل: «النهر يتجه شرقاً في الربيع» و«سحب وقمر طريق الثمانية آلاف لي» و«ألوف البيوت مضاءة بالمصابيح» و«الغراب والعصفور».
ـ مرحلة ازدهار السينما الصينية (1949ـ1966): تأسس في هذه المرحلة الكثير من معامل صناعة السينما في بكين وشنغهاي وشيآن، وافتُتحت معاهد سينما في بكين وشنغهاي خرّجت كوادر فنية متخصصة اشتغلت جنباً إلى جنب مع الرعيل الأول من السينمائيين. بلغت السينما في هذه المرحلة مستويات فنية وجمالية عالية، وازدادت مضامينها اتساعاً وتنوعاً، ومن أبرز أفلام هذه المرحلة «الجسر» و«محارب لا يقهر» و«أبناء الصين» و«الفتاة ذات الشعر الأبيض» و«قربان السنة الجديدة» و«أغنية الشباب» و«حياة جديدة لمحارب قديم» و«دكان أسرة لين».
ـ مرحلة الثورة الثقافية (1966ـ1976) التي شلت فيها الحركة الفنية والأدبية وزُج بكثير من الفنانين في السجون.
ـ مرحلة السينما الصينية الجديدة (1977ـ): عادت البلاد تلملم جراحها في السنوات الأولى التي تلت الثورة الثقافية، ثم طرحت القيادة السياسية شعار الإصلاح والانفتاح الذي طال جميع جوانب الحياة الثقافية، وتحررت السينما من هيمنة الدولة، وانفتحت على السوق العالمية، وظهر المنتج المستقل. تميزت أفلام هذه المرحلة بجرأة الطرح، وتعدد الموضوعات، وتنوع الأساليب، وحرية التعامل مع التراث بمفهوم عصري ومنظور نقدي. ومن أهم الأفلام التي تحمل خصائص هذه المرحلة «البئر القديمة» و«الأرض الصفراء» و«الذرة الحمراء» و«ارفعوا المصابيح الحمراء» و«الطائرة الورقية الزرقاء» و«الصندوق الصيني» و«قمر الغواية» و«وداعاً حبيبتي» و«لا أقل من واحدة» و«الامبراطور والقاتل». كما ظهرت سينما الشباب والأطفال، وتطورت أفلام الصور المتحركة الصينية، مثل «فرخ الضفدع يبحث عن أمه» و«الراعي والمزمار» وكذلك الأفلام العلمية، مثل «ابن عرس الأصفر» و«الولد كثيف الشعر». وبرز مخرجون مبدعون، من أهمهم تشانغ إي موZhang Yi Mo، وتشن كاي غه Qin Kaiوغيرهم.
الألعاب البهلوانية
بدأت الألعاب البهلوانية الصينية في مرحلة مبكرة تعود إلى عهد أسرة تشو، وكان إي لياو Yi Liaoمن مواليد دولة تشو أول بهلوان صيني قديم معروف، كان يلعب بـ 9كرات في آن واحد. وقد ظهرت عروض «ترويض الخيول» في عهد أسرة تشو Zhouوهو الشكل الأولي للألعاب البهلوانية الصينية. كما كان الامبراطور وو دي (88ـ140ق.م) Wu Di يقيم في العاصمة تشانغ آن Chang An مهرجاناً للألعاب البهلوانية تكريماً للمبعوثين الأجانب، وكان اللاعبون يعرضون فيه مهاراتهم. تطورت الألعاب البهلوانية في عهد تانغ، ويبدو ذلك واضحاً في العديد من المنحوتات والتماثيل والجداريات، مثل «المشي على الحبال» و«حمل السارية على الرأس». تراجعت ألعاب البلاط البهلوانية في عهد أسرة سونغ، وتطورت في الأوساط الشعبية. ظهرت أماكن لهو مؤقتة قدم فيها اللاعبون مختلف ألعاب الخفة والليونة، مثل «تسلق السارية» و«المشي على الحبال» و«تدوير الجرة بالقدم» و«فنون السحر والخفة»، وقد حظيت هذه الألعاب بإعجاب جماهيري واسع. ومن الألعاب المتميزة «لعبة التوازن» و«تدوير الأطباق» و«نط الحبل» و«القفز على السلم المتحرك».
بعد تأسيس جمهورية الصين ألِّفت فرق بهلوانية في مختلف المقاطعات والمدن الصينية، كما وفد إلى الصين لاعبون من مختلف أنحاء العالم، من مصر وروما والهند، ونقل اللاعبون الصينيون فنونهم ومهاراتهم إلى العالم كله وإلى اليابان خاصة. كما أقامت الدولة مهرجانات عدة لهذا الفن، مثل مهرجان وو تشياو Wu Qiao للفنون البهلوانية العالمية الذي يقدم جائزة «الأسد الذهبي» للعروض الفائزة. يطلق على الصين لقب «مملكة الفنون البهلوانية العالمية» لبراعتها في هذا الفن وحصدها للكثير من الجوائز الذهبية، منها الجائزة الأولى في «مهرجان الغد الخامس للأكروبات» عام 1981وجائزة «مهرج الملك» في مسابقة مونت كارلو عام 1998. وتَلْقى الألعاب البهلوانية ترحيباً كبيراً، ولاسيما في الأوساط الشعبية، وذلك لأن معظم حركاتها مستمدة من أنشطة حياتية أو من حركات رياضية شعبية.
فؤاد حسين
الحضارة الصينية هي إحدى أهم الحضارات المستمرة في العالم، والثقافة الصينية مظهر من مظاهر تلك الحضارة. أما الفن فهو من أبرز ملامح هذه الثقافة. والفن الصيني من أكثر الفنون غنى وتنوعاً، وهو يمتاز بالانسجام والتوازن بين التقليدي والمبتكر، المحلي والأجنبي، والديني والعلماني، وبقدرته على هضم كل الفنون الدخيلة وإعادة إنتاجها بنكهة صينية.
النمر الأبيض، رمز الغرب، من اليشب (عصر هان) |
لقد برهنت المكتشفات الأثرية على أن الصين كانت بلداً مأهولاً منذ مطلع العصر الحجري، إذ تتوزع مخلفات العصر الحجري الحديث على مختلف أراضي الصين، وهي تعبر عن ثقافة يانغشاو Yang Shao (خنانHe Nan، شانشي Shan Xi، شنشي Shan Xi، غانسو Gan Su)؛ وثقافة لونغشان Long Shan(شاندونغ Shan Dong، السهول الوسطى).
جاءت سجلات شانغ[ر] Shang (القرن 16ـ11 ق.م) منقوشة على الأدوات البرونزية ودروع السلاحف وعظام الحيوانات. كما اكتشفت الأدوات البرونزية في مملكة شانغ بمختلف أدوارها. وقد شملت أدوات طعام وشراب من ملاعق وكؤوس وحراب وأسلحة ومراجل. كما استعمل نبلاء مملكة شانغ المنسوجات الحريرية. وعثر على نقوش كتابية أول مرة في قرية شياو تون Xiao Tunـ محافظة آنيانغ An Yang دوَّنها العرافون للتنبؤ بالأحداث، وأطلق عليها لغة العرافين.
الفنون الجميلة
ين ـ لي ـ بن مصور البلاط في عهد تانغ، صورة شخصية لأحد الأباطرة |
كانت مملكة تشو Zhou (القرن 11ـ 221ق.م) تابعة لمملكة شانغ، ثم انفصلت عنها، وتطورت ثقافة تشو على أساس ثقافة شانغ، وظهرت ملامح تلك الثقافة في الأشعار والأغاني والأوامر الملكية والمدونات، وتحسنت أدوات الحرف اليدوية عند اكتشاف الحديد واستخدامه، وتطورت التجارة، وظهرت المسكوكات المعدنية. ظهر نمطان من البرونز: برونز تشو الغربية، وينتمي إلى البلاط الملكي، وبرونز تشو الشرقية، وينتمي إلى معظم الدويلات. وكانت الأدوات البرونزية تُقدم هدايا في الزواج. كما ظهرت كتابات صينية على شرائح الخيزران والخشب، وظهر الرسم على الحرير، والنحت على الخشب، والطلاء، والسيراميك المزجج.
ينبع الرسم والخط الصينيان من مصدر واحد، هو مجموعة الأشكال والرموز والخطوط البسيطة على الأواني الفخارية التي يعود تاريخها إلى العصر الحجري الحديث. وتُعد الفخاريات الملونة والمزينة بالطيور والمكتشفة في محافظة يويياو Yue Yao بمقاطعة تشجيانغ Zhe Jiang وقرية بانبوه Ban Po بمدينة شيآن Xi An، تجسيداً رائعاً لفن الرسم والنحت في العصور القديمة. أما الأدوات البرونزية المزينة بالرسوم والنقوش التي تعود إلى أسرتي شانغ وتشو، والرسم على الحرير في أواخر عهد تشو، وتماثيل المحاربين والخيول الفخارية والرسوم الجدارية التي اكتشفت في مقابر أباطرة أسرتي تشين Qin وهان Han، فإنها تمثل أدلة واضحة على تطور الفنون الجميلة المعبرة عن تلك المرحلة المبكرة في تاريخ الفن الصيني.
برونز مذهب يعود إلى عهد سونغ (القرن السابع الميلادي) كوان وين «الاسترخاء الملكي» |
يُعد عهد تانغ (618ـ907) Tang العصر الذهبي للثقافة الصينية وفنونها؛ فقد اتخذ الفن في هذه المرحلة اتجاهاً دنيوياً تجلى في مظاهر شهوانية في محاولة للتحرر من تأثير الفن البوذي. وقد امتاز هذا الفن برسم المناظر الطبيعية، وبروز رسامين معروفين منهم وو داو تسى Wu Dao Zi الملقب بملك الرسم، لإجادته رسم الأشخاص ومناظر الجبال والأنهار، ووانغ وي(701ـ761) Wang Wei الذي دعا إلى رسم الجبال الثلجية والسحب والأنهار بحبر كثيف، ولي صه شون الأب (651ـ716) Li Si Xun ولي تشاو داو الابنLi Zhao Dao اللذان استخدما الأصباغ المستخرجة من مواد معدنية لرسم الجبال والأنهار، مما جعل أعمالهما نابضة بالحياة والحيوية مشكلان بذلك أسلوباً مغايراً لأسلوب وانغ وي. والرسام تشان تسى تشيانZhan Ci Qian ولوحته المعروفة «نزهة الربيع»، ويان لي بن Yan Li Ben (؟ ـ673) الذي اشتهر برسم صور الأباطرة والحكام، وقد غلب اللونان الأخضر والأزرق على المناظر المرسومة في عهد تانغ. أما في النحت فقد برز اسم يانغ هوي تشي Yang Hui Qi الذي اشتهر بتماثيله النابضة بالحياة، وثمة مجموعة من أعماله محفوظة في كهوف دونهوانغ. كذلك أحرزت صناعة السيراميك والبورسلان تقدماً بارزاً.
«خيزران تعصف به الريح» رسم بالألوان المائية مع قصيدة وو ـ تشين (1220ـ1954) |
وفي عهد أسرة مينغ (1368ـ1644)Ming تأسست أكاديمية الرسم الإمبراطورية التي استقطبت رسامي الطيور والزهور والمناظر الطبيعية من أتباع مدرسة Ma- Xia، وبرز رسامون وخطاطون مثقفون، مثل شن تشو Shen Zhou الذي امتازت لوحاته بانسيابية الخطوط ووضوح الألوان، واستمد موضوعاته من واقع الحياة اليومية، مثل «القمر ينظر من الشرفة» وون تشنغ مينغWen Zheng Ming الذي امتازت لوحاته ببساطة موضوعاتها، مثل شجرة أو صخرة، كما امتاز عهد أسرة مينغ بظهور نقاد الفن، مثل الناقد والرسام دونغ تشي تشانغ Dong Qi Chang، فكان أول من ميز رسامي البلاط من الرسامين الأدباء. قسم دونغ المدارس الفنية مدرسة جنوبية ذات صفات فردية ذاتية تأملية، متأثرة بأسلوب وانغ وي من أسرة تانغ، ومدرسة شمالية اكتفت بتقليد مدارس فنية سابقة.
انقسمت مدرسة الرسامين الأدباء في عهد أسرة تشينغ (1644ـ1911) Qing تيارين أساسيين: تيار عاد إلى محاكاة الأعمال الفنية في عهد يوان، ويمثل هذا التيار الرسامان وانغ هوي Wang Hui وهونغ رن Hong Ren؛ وتيار آخر فردي ذاتي أكثر حرية، ويمثله الراهب تشو دا Zhu Da الذي امتاز بأسلوبه الجامح الذي يستعيد فيه بعضاً من فلسفة الزن، إلا أنه أكثر تجريداً؛ وداو جي Dao Ji الذي تمتاز لوحاته بحيوية نابعة من فهمه الجيد للطبيعة.
وقد تجلت الفنون الجميلة الصينية في الكهوف والرسوم الجدارية، وفيما يأتي تفصيل ذلك:
1ـ الكهوف: ظهرت الكهوف كنمط معماري للبوذية في الهند، وعندما دخلت البوذية إلى الصين، قلد الصينيون النمط الهندي في حفر الكهوف، ثم ما لبثت أن اختلفت عن الكهوف الهندية في غرض إقامتها وفي شكلها، فلم تعد أماكن للعبادة. بنيت معظم الكهوف في حوض النهر الأصفر شمالي الصين، الذي كان مركزاً سياسياً واقتصادياً وثقافياً للصين من عهد أُسر ويWei الشمالية (386ـ543) إلى أسرة تانغ، ومن أشهر الكهوف الصينية:
ـ كهوف دونهوانغ: أكبر مجموعة من الكهوف في الصين، تقع في الشمال من محافظة دونهوانغ بمقاطعة غانسو. أنشأ أول كهف منها الراهب البوذي «له تسون» Lei Cunعام 365م. ثم تتالت الأديرة والمقامات والكهوف التي من أهمها كهوف موغاو أو كهوف الألف بوذا. تشتهر كهوف دونهوانغ بالرسوم الجدارية والتماثيل الصلصالية، ولكل مجموعة منها أسلوبها الخاص وتؤرخ لمرحلة تاريخية محددة.
ـ كهوف مايجيشان :Mai Ji Shan وتقع في الجنوب الشرقي لمدينة تيانشوى Tian Xue بمقاطعة غانسو. بدأ بناء هذه الكهوف عام 380م. وهي تمتاز بموقعها الخطير، وبدروبها الخشبية المعلقة، وكثرة تماثيلها التي تجسد مسيرة تطور فن النحت.
ـ كهوف يونغانغ :Yun Gang تقع في الغرب من مدينة داتونغ Da Tong بمقاطعة شانشي، وقد بنيت في عهد أسرة وي الشمالية، واشتهرت بنقوشها الحجرية المهيبة، وهي تضم 53كهفاً، وأكثر من 51ألفاً من التماثيل البوذية، من بينها تمثال لبوذا يرتفع أكثر من 17 متراً. وتجسد هذه التماثيل فنون النحت التقليدي لأسرتي تشين (221ـ207ق.م) Qin وهان من جهة، واستيعابها لفنون أجنبية، كالفن الفارسي البادي على ملامح الحوريات الطائرة والراقصة من جهة ثانية.
ـ كهوف لونغمن: تقع جنوب مدينة لويانغ Lu Yang بمقاطعة خنان. بنيت في زمن أسرة وي الشمالية، وتضم أكثر من 2100محراب و40معبداً برجياً (باغودة)، وأكثر من 3600نصب تذكاري، و100ألف تمثال. يبلغ ارتفاع أكبر تمثال لبوذا 17.14م، وارتفاع رأسه أربعة أمتار، وأذنه 1.9م. وهو يتمتع بملامح أنثوية لطيفة، تشبه ملامح الإمبراطورة التي تبرعت ببعض أموالها لبنائه. تشتهر كهوف لونغمن بنقش النصب التذكارية التي تُعد تحفة فنية لدراسة تاريخ الخط.
الفصيلة الوردية، حقبة كيان ـ لونغ (1736ـ1796) |
إناءكبير من الفصيلة السوداء، القرن الثامن العشر | خزف «أزرق وأبيض» نهاية القرن السابع عشر |
يؤرَّخ للفن الصيني المعاصر بانهيار أسرة تشينغ الملكية، وتأسيس جمهورية الصين، ثم جمهورية الصين الشعبية. وقد ركّز الرسامون جهودهم في هذه المرحلة على تخصص واحد. فبعضهم تخصص في رسم الحسناوات، وبعضهم الآخر في رسم الحيوانات، أو في رسم نوع واحد منها كالقط أو الجياد، مما زاد في حرفية الفنانين ومهارتهم. يختلف الرسم الصيني عن الرسم الغربي في مواضع كثيرة، فهو يهتم بالروح والجوهر أكثر من اهتمامه بالشكل والمظهر، ويميل إلى الاختزال والإيجاز والإيحاء، ويهمل التفاصيل، أو هو يترك استكمالها للمتلقي، وتعدد المناظير في اللوحة الواحدة. تطور الرسم الصيني المعاصر باتجاه الرسم الأوربي وتأثر بتقاناته، مثل توزيع الظل والضوء والبنية التشريحية للجسم واستخدام الألوان الزيتية والمائية، ونجح بعض الرسامين الصينيين بدمج مزايا الرسم الصيني والرسم الغربي، كاستخدام مفهوم الإيحاء في الرسوم الزيتية.
وتمتاز هذه المرحلة بتأسيس أكاديميات الفنون، مثل أكاديمية لو شين Lu Xin للفنون في يانآن Yan An عام 1938، وأكاديمية الفنون الجميلة في بكين. وبرز فنانون معاصرون مميزون مثل جيانغ فنغ Jiang Feng وتساي روو هونغ Cai Ruo Hong وهوا جون وو Hua Jun wu وغو يوان Gu Yuan.
الفنون الزخرفية
منظر طبيعي ل: با ـ تشا ـ شان ـ جن (تشوـ تا) (1625ـ1705) |
1ـ المنحوتات اليشمية: تنتشر في بكين وشنغهاي shang Hai ولياونينغ Liao Ning وجيانغسوJiang Su، وغوانغدونغ Guang Dong. وتشتمل الأدوات اليشمية في بكين على رسوم الشخصيات التاريخية والأسطورية وشخصيات الروايات والمسرحيات والقصائد والكتب البوذية والرسوم الجدارية، وشخصيات القادة والأبطال والعمال النموذجيين أيضاً، وعلى زهور الخوخ والسحلب والأقحوان والخيزران واللوتس والفوانيا والورد والرمان، والطيور والحيوانات والمنمنمات والحلي. تمتاز الأدوات اليشمية في بكين بفخامة التشكيل وتكامل الصورة، وتجمع زخارفها بين الأشكال القومية وفنون الرسم.
2ـ المنحوتات العاجية: ينحصر إنتاجها في بكين وغوانغتشو Guang Zhouوشنغهاي. شهد نحت العاج في بكين أول ازدهاره في أسرتي مينغ وتشينغ، ومعظم نحاتي العاج كانوا في الأصل نحاتي خشب. أُنشئ أول معمل لنحت العاج في بكين عام 1910م. ووصل نحت العاج ذروته في ثلاثينيات القرن العشرين. تشتهر بكين بمنحوتات الحسناوات والأزهار والطيور، ومنحوتات غوانغتشو بالكرات العاجية ذات الطبقات الرقيقة المتحركة، وتشتهر شنغهاي بنحت تماثيل الأشخاص. من أعمال أسرة تشينغ الباقية تمثال «نزهة في ضوء القمر». ومن الأعمال النموذجية لنحت العاج في بكين «محظية الإمبراطور شيانغ في Xiang Fei» للنحات وانغ بين Wang Pin و«مداعبة الببغاء» و«ركوب العنقاء» للنحات دنغ ون ليDeng Wen Li و«طيران تشانغ أ chang E إلى القمر» للنحات دينغ يويه تينغ Ding Yue Ting، و«الجندب والملفوف الصيني» للنحات يانغ شى هوي Yang Shi Hui المُلقب بكبير النحاتين. إضافة إلى أعمال نحتية صغيرة الحجم مثل «حبة الأرز» وهي حبة من العاج بحجم حبة الأرز نحت عليها النحات تشن جينغ يى Chen Jing Yi منظراً لجبل وانشوWan Shou و17 بطلاً يعبرون نهر دا دو Da Du، وأعمال نحتية كبيرة الحجم، مثل «الاحتفال بولادة الدستور» الذي يبلغ طوله متران ووزنه 64.5كغ للنحات يانغ شي هوي وآخرين. من الكرات العاجية المجوفة التي اشتهرت بها غوانغتشو كرة «الحديقة تفوح برائحة الفواكه» وكرة «التنانين الطائرة والعنقاوات الراقصة» وكرة «دعوة القمر» لكبير عاملي الفنون التطبيقية النحات ونغ رونغ بياو Weng Rong Biao.
3 ـ المنحوتات الحجرية: اشتهرت بها ثلاثة أماكن هي: شوشان (مقاطعة فو جيان Fu Jian) وأبرز منتجاتها خاتم شوشان الحجري، وأبرز فنانيها غوو غونغ شن Guo Gong Shen، ومن أعماله «عبور الجبال الثلجية» و«الحكماء السبعة في غابة الخيزران». وتشينغ تيان Qing Tian (مقاطعة تشجيانغ). ويعود فن المنحوتات الحجرية فيها إلى عهد أسرة سونغ، وتمتاز أحجارها بنعومة التركيب وصفاء الألوان. ومن أبرز الأعمال النحتية فيها «قطيع الخيول» للنحات لين غوانغ ياو Lin guang Yao. أما ليو يانغ Liu Yang(مقاطعة هونان Hu Nan) فقد اشتهرت بنوع من الحجارة تُسمى «حجارة الأقاحي»، وأبرز نحاتيها داي تشينغ شنغ Dai Qing Shen الذي أبدع أكثر من 1600قطعة من بينها «زهور الأقحوان» و«الفراشة تداعب زهور الأقحوان».
4ـ المنحوتات اللكية: يتم صناعة الأدوات اللكية بطلاء اللك الصافي على القوالب عدة مرات، ثم تجري عمليات نحت دقيقة عليها. ويمكن أن تأخذ أشكالاً متعددة ومتنوعة، كالقوارير والأوعية والعوارض الكبيرة، وتمتاز بلونها الأحمر الداكن الجميل وتصميمها الأنيق والعريق.
5 ـ الخزف: من أهم الفنون الزخرفية الصينية فن الخزف؛ والخزف الصيني من الإبداعات العظيمة، إذ بلغت شهرته العالم كله؛ وهو يمتاز بقيمته الفنية العالية ودقة صناعته وأناقة أسلوبه. بدأ فن الخزف الصيني في عهد أسرة شانغ، حين اهتدى الخزافون الصينيون إلى اكتشاف (سيليكات الألمنيوم)؛ وكان متطوراً حتى في المرحلة المبكرة لإنتاج الخزف في عهد أسرة هان. بدأت صناعة الخزف المزجج في عهد أسرة وي، وتطورت في عهدي جين. والأسر الشمالية والجنوبية. تأثر فن الخزف بالديانة البوذية. وقد كانت أسرة تانغ من أكثر الأسر التاريخية ازدهاراً على صعيد الثقافة والعلوم والفنون، وامتاز في هذه المرحلة نوعان من الخزف: خزفيات البلاط، وهي من خزف مزجج ذي لون أبيض ناصع ومنتج في أفران خاصة بالبلاط (فرن شينغ Xing)، وخزفيات الجنوب التي ينتجها فرن يويه Yue. صارت صناعة الخزف في عهد أسرة سونغ أكثر إنتاجاً وانتشاراً، وبلغ عدد المحافظات التي تحتوي على أفران لصناعة الخزف 170محافظة، وصارت بلدة جينغ تشن Jing Qin في عهد أسرة يوان مركزاً لصناعة الخزف، وقد أُنشئت فيها إدارة فو ليانغ Fu Liang للخزف، كما تطورت أنواع جديدة من الخزف، كالخزف الأبيض والأزرق. امتازت خزفيات عهد أسرة مينغ بتعدد ألوانها (الألوان الخمسة) ورقتها ونقاوتها، وخطوطها الزاهية، ورسومها الماهرة باستخدام لونين مختلفين وتدرجات كل منهما، وزخرفتها الثنائية. وقد بلغ إنتاج الخزف ذروته في عهود الأباطرة، كانغ شي Kang Xi ويونغ تشنغYong Cheng وتشيان لونغ (1662ـ1795)،Qian Long وكانت ألوانه الخمسة كثيفة وزاهية، وتصور رسومها قصصاً تاريخية وأحداثاً مثيرة.
6ـ الفنون المعدنية: وتشتمل على الأعمال البرونزية والذهبية والفضية والمخرمات والمرصعات والمنمنمات والرسوم الحديدية الجدارية والأواني المطلية بالمينا، والفنون المعدنية من الفنون الصينية القديمة، تم اكتشاف بعض الزينات النحاسية في أطلال تشيجيا Qi Jia وحضارة لونغشان. كما وصلت فنون سباكة البرونزيات والصياغة والمخرمات درجة عالية في عصر شانغ ـ ين Shang Yin. وظهر أسلوب جديد في تطعيم البرونزيات بالفضة والذهب وترصيعها باللون القرمزي في: مرحلتي الخريف والربيع (770ـ476ق.م) والممالك المتحاربة (475ـ221 ق.م)، ثم ارتقى هذا الفن وتوسع الإنتاج فيه في عهدي هان الغربية والشرقية (206 ق.م ـ220) وخير مثال على ذلك تمثال «الحصان الراكض». وفي عهد أسرة تانغ أقيمت هيئة خاصة للإشراف على مختلف الفنون المعدنية. اشتهرت أسرة مينغ بالتيجان والأكاليل والمباخر، وأسرة تشينغ بالأعمال المطعمة بالذهب والفضة والأواني المطلية بالمينا. ومن أشهر المشغولات المعدنية سيف لونغتشيوان Long Quang، زرقة جينغتاي Jing Tai.
7ـ فن العرائس: فن تشكيل العرائس من الفنون الصينية القديمة، يعود تاريخه إلى أسرة تشو. وتنقسم العرائس حسب حجمها وأسلوب التمثيل ثلاثة أنواع: عرائس متحركة بالعصي، وأخرى بالأسلاك، وثالثة باليد. تبدأ عملية صنعها بنحت الخشب وتشكيل الرأس ثم يطلى بالملاط الصلصالي، ويصقل ويزخرف بالألوان. كذلك فن الدمى الصلصالية في جبل هويشان ,Hui Shanوأبرزها دمية «الطفل آفو A Fu الكبير»، وأعمال تشانغ Zhang الصلصالية في تيانجينTian Jing، وتماثيل ويغانغ Wei Gang الملونة وتماثيل العجين.
فن الخط
جاءت الكتابة الصينية من الرسم والرموز القديمة، ثم تطورت تدريجياً إلى أن ظهر فن الخط. ولا يخلو التاريخ الصيني في مختلف مراحله من خطاطين بارزين. ارتبط تطور الخط بتطور الرسم؛ وقد استخدمت أدوات الرسم نفسها في الخط، كالورق والفرشاة والحبر الصيني. كما أن الرسوم الصينية التقليدية لا تكاد تخلو من أشعار وكلمات إهداء مكتوبة بطريقة فنية. لقد ظهر في التاريخ الصيني خطاطون مبدعون، من أبرزهم وانغ شي تشي Wang Shi Qi من أسرة جين الشرقية الذي لُقب بـ «الخطاط القديس»، وتمثل خطوطه تنيناً يطير أو عنقاء ترقص. ويعد عهد أسرة تانغ عهد ازدهار الخط الصيني، إذ ظهر خطاطون كبار، مثل أو يانغ شون Ou Yang Xun وتشو سوي ليانغ Qu Sui Liang ويان تشن تشينغYan Qin Qing وليو غونغ تشوان Liu Gong Quan، وما زالت خطوطهم حتى اليوم تمثل نماذج للدارسين والمتدربين.
تطور الخط والرسم المعاصران جنباً إلى جنب. ومن أبرز الخطاطين المعاصرين وو تشانغ شويه Wu Zhang Xue الذي يتميز أسلوبه بالبساطة والسلاسة وتفاوت التراكيب ودمج فن الخط ورسمه. وتقوم جمعية الخطاطين الصينية وكليات الفنون الجميلة برعاية هذا الفن من خلال إقامة المعارض، الفردية والجماعية، داخل البلاد وخارجها.
الموسيقى والأوبرا والرقص
1ـ الموسيقى: تشير المراجع التاريخية إلى أن الموسيقى الصينية كانت متطورة في عهد أسرتي شانغ وتشو الغربية، نحو الألف الثالث ق.م. وفي عهود الربيع والخريف والممالك المتحاربة كان هناك أكثر من ثمانين نوعاً من الآلات الموسيقية. واستخدم الصينيون السلم [ر. الموسيقى] الخماسي Pentatonic منذ الألف الثاني ق.م. تطورت الموسيقى بتطور الغناء والرقص وفن القصص الشعبي والأوبرات المحلية في عهدي تانغ ويوان. ومن النماذج الموسيقية الكلاسيكية الصينية «الفواصل الموسيقية الثمانية عشر» و«هجوم مباغت من جميع النواحي» و «المساء على شاطئ النهر في الربيع».
بعد تأسيس جمهورية الصين تطورت الموسيقى على صعيد القواعد والتأليف. كما بُذلت جهود كبيرة في جمع وتنظيم الموسيقى الكلاسيكية والفولكلورية، مثل «موسيقى ورقصات أسرة تانغ» و «الأجراس والموسيقى والرقص» و «الأغاني التسع» المستلهمة من قصائد بالعنوان ذاته للشاعر تشو يوان Qu Yuan، و«لحن دونهوانغ Dun Huang»، وهي رقصة مستلهمة من جداريات كهوف مو غاو. من أشهر الموسيقيين الصينيين نيه آر (1912ـ1935) Ni Erوشيان شينغ هاي (1905ـ1945) Xian Xing Hai، وخه لو تينغ (1903ـ) He Lu Ting . أنشأت الحكومة الصينية ثمانية معاهد للموسيقى بغية تأهيل الكوادر الأكاديمية المتخصصة. ويوجد في الوقت الحاضر مئات الفرق الفنية في الرقص والغناء والأوبرا والأوركسترا [ر. الفرقة الموسيقية] السمفونية والموسيقى القومية.
2ـ الأوبرا: يعود تاريخ الأوبرا [ر] إلى أكثر من ثمانمئة سنة، وهي الشكل الرئيس للمسرح الصيني. والأوبرا الصينية فن شامل متعدد المهارات يجمع بين الموسيقى التقليدية والغناء والحوار والتلاوة والرقص والتمثيل والألعاب البهلوانية والقتالية بأسلوب مجازي وفني رفيع المستوى. في الصين أنواع كثيرة من الأوبرات، لكل منها خصائصها المميزة، تُقدم باللهجات المحلية والأغاني والموسيقى المحليتين، وهي تحظى بشعبية واسعة، ومن أشهر دور الأوبرا المحلية التي تُعرض المسرحيات الغنائية فيها على نطاق البلاد أوبرا بكين Jing Ju وبينغ جو Ping Ju (أوبرا شمالي الصين) ويو جو Yu Ju (مقاطعة تشجيانغ وشنغهاي) ويويه جوYue Ju (مقاطعة خنان) وتشوان جو Chuan Ju (مقاطعة سيتشوان).
ظهرت دار أوبرا بكين في مدينة بكين عاصمة أسرة تشينغ في أوائل القرن التاسع عشر، ثم ما لبثت أن تحولت إلى النمط الأكثر انتشاراً في الصين وغدت نموذجاً للمسرح الصيني الكلاسيكي. تقسم الأدوار في الأوبرا أربعة أنواع: شنغ Sheng (الرجل) ودان Dan(المرأة) وجينغ Jing (صاحب الوجه المطلي) والمهرج. أسلوب التمثيل في الأوبرا هو أسلوب مجازي تعبيري افتراضي، وتخلو عروض الأوبرا من الديكور وتكتفي ببعض اللوازم (الإكسسوارات) البسيطة، كالطاولة والكرسي، ويلقى على عاتق الممثل توضيح زمان الأحداث ومكانها. لفن مستحضرات التجميل (المكياج) والأزياء في أوبرا بكين دور مهم في الإشارة إلى مكانة الشخصيات وطباعها، ويمتاز المكياج في أوبرا بكين بالمبالغة والألوان الزاهية، وتعتمد الأزياء على طراز ملابس أسرة مينغ. من أبرز ممثلي أوبرا بكين الممثل مي لان فانغ(1894ـ1961) Mei Lan Fang الذي اشتهر بأدائه لدور المرأة الشابة، ومن الأوبرات التي مثَّل فيها: «امرأة تتظاهر بالجنون» و«الحسناء السكرى» و«الفاتح يودع حبيبته». برز إلى جانب مي لان فانغ الممثلون تشنغ يان تشيو (1904ـ1958)Cheng Yan Qiu، وما ليان ليانغ(1901ـ1966) Ma Lian Liang وتشو شين فانغ(1895ـ1975) Zhou Xin Fang وتشانغ جون تشيو (1920ـ) Zhang Jun Qiu. ومن أهم الأوبرات: «على مفترق الطرق» و«الأميرة ذات المروحة الحديدية» و«الراهبة البوذية تنزل من الجبل» و«تساي ون جي Cai Wen Ji تعود إلى أسرة الهان». أنشئ في بكين معهد الأوبرا الصيني عام 1950وخرَّج عدداً من الممثلين الموهوبين ممن ورثوا خبرات الأجيال السابقة، وشكلوا أساليبهم المميزة في التمثيل.
3ـ الرقص: ارتبط فن الرقص بفنون الموسيقى والغناء. وقد جُمع بعد التحرير أكثر من 2000قطعة موسيقية ورقصة شعبية، ومن أشهرها رقصة يانغ غه Yang Geوالتنين والأسد والحرير الأحمر وزهرة اللوتس وطبل الزهور. ومن الرقصات القومية «رقصة القدح» المنغولية و«غوتشوانغ Gu Quang» التبتية و«قطف العنب» الويغورية و«المزمار الخيزراني» لقومية مياو Miaoو«رقصة الطبل الطويل» لقومية كوريا، و«رقصة الطاووس» لقومية داي Dai. ومن المسرحيات الدرامية الراقصة «فانوس اللوتس السحري» و«جمعية الخنجر الصغير» و«طريق الحرير». كما قدمت فرقة الباليه [ر]Ballet المركزية في السنوات الأخيرة عدداً من الباليهات ذات الموضوعات الصينية، مثل «حورية الماء الصغيرة» و«قربان العام الجديد» و«لين داي يوى Lin Dai Yue».
المسرح
السينما
دخلت السينما إلى الصين عام 1896، عبر عروض وتصوير بعض الأفلام الأجنبية. وقد بدأت صناعة الأفلام فيها عشية الحرب العالمية الأولى. ويقسم تاريخ السينما الصينية خمس مراحل:
ـ مرحلة تأسيس سينما صينية محلية (1932ـ1949): أمام الغزو الياباني للصين، أشرف الحزب الشيوعي الصيني على صناعة السينما، ودعا إلى تسييسها. وظهرت حركة السينما اليسارية التي رفعت شعار مقاومة الإقطاعية والإمبريالية وقيادة الشعب وحشد طاقاته في حركة التحرر الوطني والدعوة إلى الثورة الديمقراطية. وقد تناولت السينما مواضيع واقعية معاصرة. من أهم أفلام حرب المقاومة «الطريق الواسع» و«أغنية صيادي السمك» و«مفترق الطرق» و«ثلاث نساء عصريات» و«دودة القز» و«المومس» و«العروس». وبعد انتهاء حرب المقاومة أُنتج الكثير من الأفلام، مثل: «النهر يتجه شرقاً في الربيع» و«سحب وقمر طريق الثمانية آلاف لي» و«ألوف البيوت مضاءة بالمصابيح» و«الغراب والعصفور».
ـ مرحلة ازدهار السينما الصينية (1949ـ1966): تأسس في هذه المرحلة الكثير من معامل صناعة السينما في بكين وشنغهاي وشيآن، وافتُتحت معاهد سينما في بكين وشنغهاي خرّجت كوادر فنية متخصصة اشتغلت جنباً إلى جنب مع الرعيل الأول من السينمائيين. بلغت السينما في هذه المرحلة مستويات فنية وجمالية عالية، وازدادت مضامينها اتساعاً وتنوعاً، ومن أبرز أفلام هذه المرحلة «الجسر» و«محارب لا يقهر» و«أبناء الصين» و«الفتاة ذات الشعر الأبيض» و«قربان السنة الجديدة» و«أغنية الشباب» و«حياة جديدة لمحارب قديم» و«دكان أسرة لين».
ـ مرحلة الثورة الثقافية (1966ـ1976) التي شلت فيها الحركة الفنية والأدبية وزُج بكثير من الفنانين في السجون.
الألعاب البهلوانية
بدأت الألعاب البهلوانية الصينية في مرحلة مبكرة تعود إلى عهد أسرة تشو، وكان إي لياو Yi Liaoمن مواليد دولة تشو أول بهلوان صيني قديم معروف، كان يلعب بـ 9كرات في آن واحد. وقد ظهرت عروض «ترويض الخيول» في عهد أسرة تشو Zhouوهو الشكل الأولي للألعاب البهلوانية الصينية. كما كان الامبراطور وو دي (88ـ140ق.م) Wu Di يقيم في العاصمة تشانغ آن Chang An مهرجاناً للألعاب البهلوانية تكريماً للمبعوثين الأجانب، وكان اللاعبون يعرضون فيه مهاراتهم. تطورت الألعاب البهلوانية في عهد تانغ، ويبدو ذلك واضحاً في العديد من المنحوتات والتماثيل والجداريات، مثل «المشي على الحبال» و«حمل السارية على الرأس». تراجعت ألعاب البلاط البهلوانية في عهد أسرة سونغ، وتطورت في الأوساط الشعبية. ظهرت أماكن لهو مؤقتة قدم فيها اللاعبون مختلف ألعاب الخفة والليونة، مثل «تسلق السارية» و«المشي على الحبال» و«تدوير الجرة بالقدم» و«فنون السحر والخفة»، وقد حظيت هذه الألعاب بإعجاب جماهيري واسع. ومن الألعاب المتميزة «لعبة التوازن» و«تدوير الأطباق» و«نط الحبل» و«القفز على السلم المتحرك».
بعد تأسيس جمهورية الصين ألِّفت فرق بهلوانية في مختلف المقاطعات والمدن الصينية، كما وفد إلى الصين لاعبون من مختلف أنحاء العالم، من مصر وروما والهند، ونقل اللاعبون الصينيون فنونهم ومهاراتهم إلى العالم كله وإلى اليابان خاصة. كما أقامت الدولة مهرجانات عدة لهذا الفن، مثل مهرجان وو تشياو Wu Qiao للفنون البهلوانية العالمية الذي يقدم جائزة «الأسد الذهبي» للعروض الفائزة. يطلق على الصين لقب «مملكة الفنون البهلوانية العالمية» لبراعتها في هذا الفن وحصدها للكثير من الجوائز الذهبية، منها الجائزة الأولى في «مهرجان الغد الخامس للأكروبات» عام 1981وجائزة «مهرج الملك» في مسابقة مونت كارلو عام 1998. وتَلْقى الألعاب البهلوانية ترحيباً كبيراً، ولاسيما في الأوساط الشعبية، وذلك لأن معظم حركاتها مستمدة من أنشطة حياتية أو من حركات رياضية شعبية.
فؤاد حسين