رومانس (لغات)
Romance languages - Langues romanes
الرومانس (لغات ـ)
يطلق اسم لغات الرومانس langues romanes على مجموعة اللغات واللهجات المحكية الكثيرة والمتنوعة، والتي تفرعت من اللاتينية العامية في بعض البلدان الأوربية الواقعة في المناطق التي كانت جزءاً من الامبراطورية الرومانية. ومن هذه اللغات الفرنسية (والتي تُعد اللغة الأم لشعوب فرنسا وبلجيكا وغرب سويسرا ومقاطعة كيبيك الكندية وجمهورية هاييتي، كما ينطق بها سكان المستعمرات الفرنسية السابقة بما في ذلك معظم شمالي وغربي إفريقيا والهند الصينية)، والإسبانية (وهي لغة إسبانيا والمكسيك وكوبا وبورتو ريكو وجمهورية الدومينيكان وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية باستثناء البرازيل وغويانا)، والبرتغالية (وينطق بها سكان البرتغال والبرازيل وموزامبيق وأنغولا)، والإيطالية (وهي لغة إيطاليا ومستعمراتها سابقاً، إضافة إلى تجمعات سكانية كبيرة في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية)، والرومانية (وهي لغة رومانيا، وتشكل تطوراً خاصاً للاتينية، إذ تختلف في كثير من خصائصها النحوية والصرفية عن سواها من لغات الرومانس) . ومن بين لغات الرومانس أيضاً اللغة القطالونية (كتالونيا) المستخدمة في شمال شرقي إسبانيا، واللغة البروفنساليّة المستخدمة في جنوب شرقي فرنسا، كما تضم اللهجة السردينية.
تأثرت اللاتينية العامية بلغات البلدان الواقعة تحت سيطرة الامبراطورية الرومانية واقتبست منها بعض المفردات وبعض قواعد النطق، ثم ما لبثت أن تفرعت إلى عدة لغات سميت بالرومانس، وهي تسمية مشتقة من كلمة «رومانس» وتعني باللغة الفرنسية القديمة «اللغة المحلية».
تطورت لغات الرومانس عن العاميات اللاتينية المختلفة على مدى عدة قرون. فقد بدأ ظهور الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية منذ القرن الثامن الميلادي، ويعود أقدم أثر يدل على وجود هذه اللغات إلى القرن التاسع. ففي عام 813 اعترف مجمع أساقفة ولاهوتيي مدينة تور الفرنسية بوجود ما أسماه اللغة الرومانية الريفية. لكن الفرنسية والإسبانية والإيطالية لم تتبلور بشكلها الحالي قبل القرن الثالث عشر. ومع نهاية هذا القرن، كان قدر كبير من الأعمال الأدبية قد كتب بلغات الرومانس، وتناول في غالبيته موضوع العشق، فصارت تلك الأعمال تعرف بالرومانسيات، وهو السبب الذي حدا ببعض المؤرخين إلى تسمية هذه اللغات بلغات الرومانس نسبة إلى أهم الموضوعات التي تناولتها، والتي كان من بينها أيضاً أدب الفروسية والرموز الدينية. وقد استُقِيت تلك الموضوعات من مصدرين أساسيين هما التاريخ والأسطورة.
ظهرت لغات الرومانس في النصوص الأدبية بنوعيها الشعري والنثري على حد سواء، وإن أتى النثر فيها لاحقاً. وقد تميزت هذه النصوص بتطور أسلوبها السردي واحتوائها على بعد نفسي، وذلك مقارنة بالشكل الغنائي لأشعار المفاخر والمآثر التي تعود لبداية القرن الثاني عشر الميلادي. وقد دأب الدارسون على تصنيف هذه اللغات تاريخياً كلغات مشتقة من العاميات اللاتينية، وبحسب نقاط التقارب التي تجمعها على الصعيدين البنيوي والتصنيفي. فإلى جانب لغات الرومانس الأساسية التي ورد ذكرها أعلاه، هناك عدد كبير من اللغات العامية المتفرعة منها، وتصنف كالآتي:
الرومانس ـ الإيطالية: مجموعة اللهجات المحكية في إيطاليا. وهي لهجات شديدة التنوع، يمكن تصنيفها جغرافياً إلى لهجات الشمال والجنوب والوسط.
الرومانس ـ الإيبيرية: مجموعة اللهجات المحكية في شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال)، وهي غنية بعناصر لغوية غير لاتينية قديمة نسبياً.
الرومانس ـ الغالية: لهجات يطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى بلاد الغال، وتنتمي تاريخياً إما إلى الفرنسية أو إلى الأوكيتانية (لانغدوك) التي يمكن عدّها جسراً يصل شمال إيطاليا بشبه الجزيرة الإيبيرية. وهناك مجموعة من اللهجات الفرنسية البروفنسالية المتداولة في منطقة الرون الأوسط وحتى منطقة فاليه أو فوريز.
الرومانس ـ الألبية: وهي فئة من لغات الرومانس العامية المتداولة في أودية جبال الألب. يُميز منها خاصة خمس لهجات محكية في سويسرا.
الرومانس ـ البلقانية: توجد في جنوب- شرقي أوربا لغتان متفرعتان عن اللاتينية هما الرومانية بمختلف لهجاتها وتشترك ببعض الخصائص مع لغات الرومانس الألبية، والدلماسية و تحتوي أكثر من سابقتها على كلمات قديمة، وهي لغة محكية في بعض المدن الكرواتية ومناطق محدودة من مونت ِنيغرو (الجبل الأسود). وقد تراجعت هذه اللغة المحكية أمام لغة البندقية واللغة الكرواتية.
الرومانس ـ الإفريقية: وهي اللغات اللاتينية المحكية في إفريقيا، وقد افتقرت للمتابعة الجلية. ولاحظ اللغويون وجود نقاط تشابه بينها وبين اللهجات السردينية، ومنها أنها تمتاز بلفظ شديد الاهتزاز لحرف الراء المشدد الواقع في بداية الكلمة والمتبوع غالباً بحرف صوتي بدئي مقحم. مثال ذلك كلمة rege اللاتينية والتي تلفظ بلهجة منطقة الباسك errege. وهذا دليل على وجود صلة بين صقلية وسردينيا ومناطق البيرينيه.
تظهر دراسة مقارنة للنظام الصرفي في لغات الرومانس مع ما يقابلها في اللاتينية أنها تخلت كلها، باستثناء اللغة الرومانية، عن نظام علامات الإعراب الذي كان سائداً في اللاتينية، واستعاضت عنه بنظام تأخذ فيه الأسماء صيغة أحادية في حالة الإفراد، وأخرى في حالة الجمع، أياً كان محلّها من الإعراب. واللغة الرومانية وحدها حافظت على نظام حالتي الإعراب القائم على ثنائية الرفع والنصب، مقابل الجر بالإضافة والجر بحرف الجر. أما بقية لغات الرومانس، كالفرنسية مثلاً، فقد تخلّت عن نظام علامات الإعراب في أواخر الكلمات، واستعاضت عنه بنظام تركيبي يقوم على الاعتماد على موقع الاسم من الفعل لبيان محل الاسم من الإعراب. وهكذا، أصبح الفاعل يحدد في التركيب ليس بعلامة الرفع التي يحملها، كما كان الحال في اللاتينية، وإنما بموقعه المتقدّم على الفعل. كذلك الأمر في المفعول به الذي فقد علامة النصب، لكنه أصبح بالضرورة متأخراً عن الفعل، وهو الموقع الذي يتيح تحديد محله من الإعراب.
كذلك اختفت من لغات الرومانس تماماً قسمة الجنس المحايد genre neutre التي نجدها في اللاتينية (وهي قسمة تقابلية تختص، في بعض اللغات كالألمانية، بصيغة تميّزها عن صيغة المذكر والمؤنث، بغض النظر عن الجنس الطبيعي). أما من الناحية الصرفية فإن أغلب الأسماء المذكرة تنتهي بحرف - o في الإيطالية والإسبانية والبرتغالية، وبحرف صامت في الفرنسية. وتنتهي أغلب الأسماء المؤنثة بحرف - a في كل من الإيطالية والإسبانية والبرتغالية، بينما تنتهي بـ - e في الفرنسية. كذلك تحتفظ كل من الإيطالية والإسبانية والبرتغالية بعدد كبير من الأسماء المذكرة والمؤنثة التي تنتهي بـ - e أو بحرف صامت. وتجمع الأسماء عادة بإضافة حرف - s إلى أواخرها في كل من الفرنسية والإسبانية والبرتغالية. في حين تكون صيغة جمع الأسماء في الإيطالية باستبدال - o أو - e بحرف - i، واستبدال - a بـ - e. تتبع الصفة الموصوف في تذكيره وتأنيثه، وفي إفراده وجمعه. بيد أن هذا لا يعني بالضرورة أن تختتم الصفة بالحرف نفسه الذي ينتهي به الموصوف.
تشترك لغات الرومانس فيما بينها بأنها طوّرت أداة تعريف مشتقة من أداة الإشارة اللاتينية ille . إلاّ أنها تختلف فيما بينها في أن لغات الرومانس الغربية تقدّم أداة التعريف على الاسم، كما في الكلمة اللاتينية ille caballus (الحصان)، التي يقابلها بالفرنسية le cheval ، وبالإسبانية el caballo، وبالبرتغالية o cavalo، وبالإيطالية il cavallo . أمّا لغات الرومانس الشرقية، فإنها تؤخّر أداة التعريف عن الاسم، كما هي الحال في الرومانية calul. وهذا أيضاً مردّه تأثير التراكيب اللاتينية. إذ نجد أداة التعريف في اللاتينية الفصحى قبل الاسم، على نحو: ille caballus ، بينما تأخذ مكانها بعد الاسم في اللاتينية العامية، نحو: caballus ille.
من جهة أخرى، وبينما لا تستخدم اللاتينية أداة تنكير ظاهرة، فإن بعض لغات الرومانس، كاللغة الفرنسية، يكون فيها الاسم النكرة مسبوقاً بأداة تنكير ظاهرة. مثال على ذلك، كلمة murus (وتعني باللاتينية «جدار +علامة الرفع»)، ويقابلها بالفرنسية un mur (حيث unأداة تنكير، وكلمة «جدار» مجرّدة عن علامة الإعراب).
وخلافاً لنظام إعراب الأسماء الذي اختارت لغات الرومانس تبسيطه مقارنة لما كان عليه الحال في اللاتينية، فإن نظام تصريف الأفعال بقي على ما كان عليه من تعقيد في معظم الأفعال. ولم تلجأ لغات الرومانس إلى الإبقاء على معظم صيغ الأفعال فحسب، بل أنشأت صيغ أفعال جديدة مركبة. فبينما تدل صيغة الفعل اللاتينية amavi (أحببت) على صيغتي الماضي والحاضر التام، فإن لغات الرومانس تستخدم صيغتين مختلفتين لهذا الغرض ، كما هي الحال مثلاً بالنسبة للإيطالية إذ يعبّر عن الماضي بـ amai وعن الحاضر التام بـ ho amato.
تشترك لغات الرومانس بمعظم خصائصها التركيبية، ومردّ ذلك أولاً إلى كونها تتفرّع من أصل واحد، إضافة إلى كونها قد ظلت في حالة تماس دائم، وأقامت فيما بينها علاقات تبادل مستمر. تتّسم مفرداتها أيضاً بالكثير من نقاط التشابه، إلاّ أن كل لغة منها تحتوي على مجموعات خاصة من المفردات دخلت إليها بتأثير اللغات الأخرى. فاللغة الفرنسية مثلاً تحتوي على مفردات مأخوذة من اللغات السلتية، وكذلك من اللغات الاسكندنافية بتأثير اللغة الاسكندنافية القديمة، وهذا ما لا يظهر في لغات الرومانس الأخرى. بينما تحتوي اللغتان البرتغالية والإسبانية على مفردات من لغة الباسك، إضافة إلى عدد من المفردات الموروثة من اللغة العربية. كما يحتوي معجم الإيطالية على مفردات موروثة من الأترورية (لغة أتروريا التي كانت تقع قديماً شمال غربي إيطاليا)، أو أتى بها البرابرة. وأخيراً فإن جزءاً كبيراً من معجم اللغة الرومانية الذي لا يحوي إلاّ القليل من الكلمات المستعارة من الألمانية، يتألف من مفردات مستعارة من اللغة التركية والهنغارية واليونانية، وقليل من المفردات السلافية.
لبانة مشوح
Romance languages - Langues romanes
الرومانس (لغات ـ)
يطلق اسم لغات الرومانس langues romanes على مجموعة اللغات واللهجات المحكية الكثيرة والمتنوعة، والتي تفرعت من اللاتينية العامية في بعض البلدان الأوربية الواقعة في المناطق التي كانت جزءاً من الامبراطورية الرومانية. ومن هذه اللغات الفرنسية (والتي تُعد اللغة الأم لشعوب فرنسا وبلجيكا وغرب سويسرا ومقاطعة كيبيك الكندية وجمهورية هاييتي، كما ينطق بها سكان المستعمرات الفرنسية السابقة بما في ذلك معظم شمالي وغربي إفريقيا والهند الصينية)، والإسبانية (وهي لغة إسبانيا والمكسيك وكوبا وبورتو ريكو وجمهورية الدومينيكان وأمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية باستثناء البرازيل وغويانا)، والبرتغالية (وينطق بها سكان البرتغال والبرازيل وموزامبيق وأنغولا)، والإيطالية (وهي لغة إيطاليا ومستعمراتها سابقاً، إضافة إلى تجمعات سكانية كبيرة في الأمريكيتين الشمالية والجنوبية)، والرومانية (وهي لغة رومانيا، وتشكل تطوراً خاصاً للاتينية، إذ تختلف في كثير من خصائصها النحوية والصرفية عن سواها من لغات الرومانس) . ومن بين لغات الرومانس أيضاً اللغة القطالونية (كتالونيا) المستخدمة في شمال شرقي إسبانيا، واللغة البروفنساليّة المستخدمة في جنوب شرقي فرنسا، كما تضم اللهجة السردينية.
تأثرت اللاتينية العامية بلغات البلدان الواقعة تحت سيطرة الامبراطورية الرومانية واقتبست منها بعض المفردات وبعض قواعد النطق، ثم ما لبثت أن تفرعت إلى عدة لغات سميت بالرومانس، وهي تسمية مشتقة من كلمة «رومانس» وتعني باللغة الفرنسية القديمة «اللغة المحلية».
تطورت لغات الرومانس عن العاميات اللاتينية المختلفة على مدى عدة قرون. فقد بدأ ظهور الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية منذ القرن الثامن الميلادي، ويعود أقدم أثر يدل على وجود هذه اللغات إلى القرن التاسع. ففي عام 813 اعترف مجمع أساقفة ولاهوتيي مدينة تور الفرنسية بوجود ما أسماه اللغة الرومانية الريفية. لكن الفرنسية والإسبانية والإيطالية لم تتبلور بشكلها الحالي قبل القرن الثالث عشر. ومع نهاية هذا القرن، كان قدر كبير من الأعمال الأدبية قد كتب بلغات الرومانس، وتناول في غالبيته موضوع العشق، فصارت تلك الأعمال تعرف بالرومانسيات، وهو السبب الذي حدا ببعض المؤرخين إلى تسمية هذه اللغات بلغات الرومانس نسبة إلى أهم الموضوعات التي تناولتها، والتي كان من بينها أيضاً أدب الفروسية والرموز الدينية. وقد استُقِيت تلك الموضوعات من مصدرين أساسيين هما التاريخ والأسطورة.
ظهرت لغات الرومانس في النصوص الأدبية بنوعيها الشعري والنثري على حد سواء، وإن أتى النثر فيها لاحقاً. وقد تميزت هذه النصوص بتطور أسلوبها السردي واحتوائها على بعد نفسي، وذلك مقارنة بالشكل الغنائي لأشعار المفاخر والمآثر التي تعود لبداية القرن الثاني عشر الميلادي. وقد دأب الدارسون على تصنيف هذه اللغات تاريخياً كلغات مشتقة من العاميات اللاتينية، وبحسب نقاط التقارب التي تجمعها على الصعيدين البنيوي والتصنيفي. فإلى جانب لغات الرومانس الأساسية التي ورد ذكرها أعلاه، هناك عدد كبير من اللغات العامية المتفرعة منها، وتصنف كالآتي:
الرومانس ـ الإيطالية: مجموعة اللهجات المحكية في إيطاليا. وهي لهجات شديدة التنوع، يمكن تصنيفها جغرافياً إلى لهجات الشمال والجنوب والوسط.
الرومانس ـ الإيبيرية: مجموعة اللهجات المحكية في شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال)، وهي غنية بعناصر لغوية غير لاتينية قديمة نسبياً.
الرومانس ـ الغالية: لهجات يطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى بلاد الغال، وتنتمي تاريخياً إما إلى الفرنسية أو إلى الأوكيتانية (لانغدوك) التي يمكن عدّها جسراً يصل شمال إيطاليا بشبه الجزيرة الإيبيرية. وهناك مجموعة من اللهجات الفرنسية البروفنسالية المتداولة في منطقة الرون الأوسط وحتى منطقة فاليه أو فوريز.
الرومانس ـ الألبية: وهي فئة من لغات الرومانس العامية المتداولة في أودية جبال الألب. يُميز منها خاصة خمس لهجات محكية في سويسرا.
الرومانس ـ البلقانية: توجد في جنوب- شرقي أوربا لغتان متفرعتان عن اللاتينية هما الرومانية بمختلف لهجاتها وتشترك ببعض الخصائص مع لغات الرومانس الألبية، والدلماسية و تحتوي أكثر من سابقتها على كلمات قديمة، وهي لغة محكية في بعض المدن الكرواتية ومناطق محدودة من مونت ِنيغرو (الجبل الأسود). وقد تراجعت هذه اللغة المحكية أمام لغة البندقية واللغة الكرواتية.
الرومانس ـ الإفريقية: وهي اللغات اللاتينية المحكية في إفريقيا، وقد افتقرت للمتابعة الجلية. ولاحظ اللغويون وجود نقاط تشابه بينها وبين اللهجات السردينية، ومنها أنها تمتاز بلفظ شديد الاهتزاز لحرف الراء المشدد الواقع في بداية الكلمة والمتبوع غالباً بحرف صوتي بدئي مقحم. مثال ذلك كلمة rege اللاتينية والتي تلفظ بلهجة منطقة الباسك errege. وهذا دليل على وجود صلة بين صقلية وسردينيا ومناطق البيرينيه.
تظهر دراسة مقارنة للنظام الصرفي في لغات الرومانس مع ما يقابلها في اللاتينية أنها تخلت كلها، باستثناء اللغة الرومانية، عن نظام علامات الإعراب الذي كان سائداً في اللاتينية، واستعاضت عنه بنظام تأخذ فيه الأسماء صيغة أحادية في حالة الإفراد، وأخرى في حالة الجمع، أياً كان محلّها من الإعراب. واللغة الرومانية وحدها حافظت على نظام حالتي الإعراب القائم على ثنائية الرفع والنصب، مقابل الجر بالإضافة والجر بحرف الجر. أما بقية لغات الرومانس، كالفرنسية مثلاً، فقد تخلّت عن نظام علامات الإعراب في أواخر الكلمات، واستعاضت عنه بنظام تركيبي يقوم على الاعتماد على موقع الاسم من الفعل لبيان محل الاسم من الإعراب. وهكذا، أصبح الفاعل يحدد في التركيب ليس بعلامة الرفع التي يحملها، كما كان الحال في اللاتينية، وإنما بموقعه المتقدّم على الفعل. كذلك الأمر في المفعول به الذي فقد علامة النصب، لكنه أصبح بالضرورة متأخراً عن الفعل، وهو الموقع الذي يتيح تحديد محله من الإعراب.
كذلك اختفت من لغات الرومانس تماماً قسمة الجنس المحايد genre neutre التي نجدها في اللاتينية (وهي قسمة تقابلية تختص، في بعض اللغات كالألمانية، بصيغة تميّزها عن صيغة المذكر والمؤنث، بغض النظر عن الجنس الطبيعي). أما من الناحية الصرفية فإن أغلب الأسماء المذكرة تنتهي بحرف - o في الإيطالية والإسبانية والبرتغالية، وبحرف صامت في الفرنسية. وتنتهي أغلب الأسماء المؤنثة بحرف - a في كل من الإيطالية والإسبانية والبرتغالية، بينما تنتهي بـ - e في الفرنسية. كذلك تحتفظ كل من الإيطالية والإسبانية والبرتغالية بعدد كبير من الأسماء المذكرة والمؤنثة التي تنتهي بـ - e أو بحرف صامت. وتجمع الأسماء عادة بإضافة حرف - s إلى أواخرها في كل من الفرنسية والإسبانية والبرتغالية. في حين تكون صيغة جمع الأسماء في الإيطالية باستبدال - o أو - e بحرف - i، واستبدال - a بـ - e. تتبع الصفة الموصوف في تذكيره وتأنيثه، وفي إفراده وجمعه. بيد أن هذا لا يعني بالضرورة أن تختتم الصفة بالحرف نفسه الذي ينتهي به الموصوف.
تشترك لغات الرومانس فيما بينها بأنها طوّرت أداة تعريف مشتقة من أداة الإشارة اللاتينية ille . إلاّ أنها تختلف فيما بينها في أن لغات الرومانس الغربية تقدّم أداة التعريف على الاسم، كما في الكلمة اللاتينية ille caballus (الحصان)، التي يقابلها بالفرنسية le cheval ، وبالإسبانية el caballo، وبالبرتغالية o cavalo، وبالإيطالية il cavallo . أمّا لغات الرومانس الشرقية، فإنها تؤخّر أداة التعريف عن الاسم، كما هي الحال في الرومانية calul. وهذا أيضاً مردّه تأثير التراكيب اللاتينية. إذ نجد أداة التعريف في اللاتينية الفصحى قبل الاسم، على نحو: ille caballus ، بينما تأخذ مكانها بعد الاسم في اللاتينية العامية، نحو: caballus ille.
من جهة أخرى، وبينما لا تستخدم اللاتينية أداة تنكير ظاهرة، فإن بعض لغات الرومانس، كاللغة الفرنسية، يكون فيها الاسم النكرة مسبوقاً بأداة تنكير ظاهرة. مثال على ذلك، كلمة murus (وتعني باللاتينية «جدار +علامة الرفع»)، ويقابلها بالفرنسية un mur (حيث unأداة تنكير، وكلمة «جدار» مجرّدة عن علامة الإعراب).
وخلافاً لنظام إعراب الأسماء الذي اختارت لغات الرومانس تبسيطه مقارنة لما كان عليه الحال في اللاتينية، فإن نظام تصريف الأفعال بقي على ما كان عليه من تعقيد في معظم الأفعال. ولم تلجأ لغات الرومانس إلى الإبقاء على معظم صيغ الأفعال فحسب، بل أنشأت صيغ أفعال جديدة مركبة. فبينما تدل صيغة الفعل اللاتينية amavi (أحببت) على صيغتي الماضي والحاضر التام، فإن لغات الرومانس تستخدم صيغتين مختلفتين لهذا الغرض ، كما هي الحال مثلاً بالنسبة للإيطالية إذ يعبّر عن الماضي بـ amai وعن الحاضر التام بـ ho amato.
تشترك لغات الرومانس بمعظم خصائصها التركيبية، ومردّ ذلك أولاً إلى كونها تتفرّع من أصل واحد، إضافة إلى كونها قد ظلت في حالة تماس دائم، وأقامت فيما بينها علاقات تبادل مستمر. تتّسم مفرداتها أيضاً بالكثير من نقاط التشابه، إلاّ أن كل لغة منها تحتوي على مجموعات خاصة من المفردات دخلت إليها بتأثير اللغات الأخرى. فاللغة الفرنسية مثلاً تحتوي على مفردات مأخوذة من اللغات السلتية، وكذلك من اللغات الاسكندنافية بتأثير اللغة الاسكندنافية القديمة، وهذا ما لا يظهر في لغات الرومانس الأخرى. بينما تحتوي اللغتان البرتغالية والإسبانية على مفردات من لغة الباسك، إضافة إلى عدد من المفردات الموروثة من اللغة العربية. كما يحتوي معجم الإيطالية على مفردات موروثة من الأترورية (لغة أتروريا التي كانت تقع قديماً شمال غربي إيطاليا)، أو أتى بها البرابرة. وأخيراً فإن جزءاً كبيراً من معجم اللغة الرومانية الذي لا يحوي إلاّ القليل من الكلمات المستعارة من الألمانية، يتألف من مفردات مستعارة من اللغة التركية والهنغارية واليونانية، وقليل من المفردات السلافية.
لبانة مشوح