نظريّة الانفجار العظيم (Big Bang) هي النموذج الأكثر قبولًا بين العلماء اليوم لكونه نموذجًا مدعومًا بالكثير من الأدلة. النظريّة تُفسّر كيفيّة تطوّر الكون المُبكّر إلى ما هو عليه الآن. الفكرة الرئيسيّة هي أنّ الكون في توسّع، مما يعني أنه في وقتٍ ما كانت كل المادة والفضاء (المكان والزمان نفسهما) متكدسَين في نقطةٍ ذات حرارة وكثافة عاليتَين جدًا. أحدث التّقديرات تقول أن الكون “بدأ” منذ 13.82 مليار عام. الأدلة ترتكز على ثلاث ملاحظات؛
(1) بأنّ الكون لازال يتمدد اليوم،
(2) إشعاع الخلفيّة الكونيّة الميكروي،
(3) توقّع نسبة وفرة العناصر في الكون بدقة كبيرة. كما يمكننا إضافة الاكتشاف الأخير لموجات الجاذبيّة من الإنفجار العظيم كدليل قوي، والتي ستتأكّد العام المقبل من قِبل تيليسكوب بلانك (وعلى الأغلب سيكون هذا الاكتشاف هو السبب في جائزة نوبل في الفيزياء لنفس العام).
نموذج توضيحي لتمدد الفضاء، حيث يُمثل كل فترة زمنية مقطع دائري في الرسم. على اليسار تبدأ حقبة التضخم، وفي المنتصف يتسارع تمدد الكون.
في عام 1927، افترض عالم الفيزياء والقِسّيس الكاثوليكي جورج لوميتر ما يُعرف الآن بالـ”بيج بانج” أو “الإنفجار العظيم”. لومتر هو أول من افترض هذا النموذج، مع أنّ أينشتاين كان يمكنه أن يتوقّع تمدد الكون من نظرياته عام 1915. كان الاعتقاد الشائع أيام لومتر أنّ الكون ثابت لا يتمدّد. ولكن ملاحظات إدوين هابل بتليسكوبه كانت تثبت عكس ذلك، إذْ كان يلاحظ ابتعاد المجرات عنّا. في عام 1948، قام فريد هويل، توماس جولد، وهرمان بوندي بإضافة التّعديلات على نظريّة الحالة الثابتة (Steady State Theory) -معترضين على تفسير ملاحظات هابل- واستخدموها لمهاجمة نظرية الإنفجار العظيم. كان المجتمع العلميّ آنذاك منقسم بين هذا وذاك. كان فريد هويل يؤيّد فكرة أنّ الكون لا بداية له، لدرجة أنه قام بالهجوم المتعمّد المتعصّب والمهين على الإنفجار العظيم في راديو الـBBC، وقام بتأليف الاسم “بيج بانج – الإنفجار العظيم”.. الملاحظات المعارضة لنظريّة الحالة الثابتة بدأت بالظهور في الستينيات، خصوصًا بعد اكتشاف إشعاع الخلفيّة الكونيّة الميكروي الذي حصل مكتشفوه (اكتشاف بالصّدفة) على إثره على جائزة نوبل لاحقًا.
وفقًا لنموذج الانفجار العظيم، فإن الفضاء الكوني يتمدد من حالة حارة شديدة الكثافة، وما زال يتمدد إلى اليوم. يوضح هذا المخطط تمدد مسطح لجزء من الكون، حيث تتباعد المجرات مع التمدد.
بعكس الشائع، “الإنفجار العظيم” هذا ليس بإنفجار حقيقةً كما يتخيله البعض. لم يكن هناك مركز له، ولم يوجد حطام متجمّع في الأطراف في الفضاء المحيط. بل لم يكن هناك فضاء. الواقع هو تمدّد الفضاء نفسه (نسيج الزمكان) من كل نقطة. يمكن تخيّل هذا (مع أنه تمثيل ثنائي الأبعاد) كبالون ملزوق على سطحها قِطَع ورقيّة، ويتمّ نفخها. مع تمدد البالون، تبتعد قطع الأوراق عن بعضها البعض. التمدد يحدث في كل الإتجاهات وبدون مركز.
مع الأخذ في الاعتبار النظريات النسبيّة لأينشتاين، فإن “الإنفجار العظيم” بداية للزمان والمكان، هو الحدث الذي ظهر منه كل شيء. لهذا إنه لمن غير الدّقيق القول بأنّ الكون تمدد في الفضاء، بل هو الفضاء نفسه يظهر إلى الوجود ويتمدد. كذلك، “ماذا كان هناك قبل الإنفجار العظيم؟” هو سؤال غير دقيق، لأنه لم يوجد زمان قبله أصلا.
من الواجب ذكره هو أنّ العلوم لا تأبه لعواطفك، فمن الواضح أنّ الكون خيالي أكثر مما نتخيّل، نحن لا نعتمد على الحدس البديهي ولا على ما نريد له أن يكون صحيحًا في إختيارنا لفهم الواقع، بل على المنهج العلمي. الأدلة والملاحظات والتجربة هي وحدها ما يحكم. “الإنفجار العظيم” ليس كأي شيء يمكنك تخيّله، فهذا التّمدد (وليس إنفجار) كان أسرع على الأقل مليون مرة من أي إنفجار نووي، وبدرجة حرارة أكثر بكثير من قلب النجوم في الكون (درجة حرارة الكون في أقل من جزء من الثانية كانت أكثر من 1000 تريليون درجة مئوية). ما أروعه الواقع!
(1) بأنّ الكون لازال يتمدد اليوم،
(2) إشعاع الخلفيّة الكونيّة الميكروي،
(3) توقّع نسبة وفرة العناصر في الكون بدقة كبيرة. كما يمكننا إضافة الاكتشاف الأخير لموجات الجاذبيّة من الإنفجار العظيم كدليل قوي، والتي ستتأكّد العام المقبل من قِبل تيليسكوب بلانك (وعلى الأغلب سيكون هذا الاكتشاف هو السبب في جائزة نوبل في الفيزياء لنفس العام).
نموذج توضيحي لتمدد الفضاء، حيث يُمثل كل فترة زمنية مقطع دائري في الرسم. على اليسار تبدأ حقبة التضخم، وفي المنتصف يتسارع تمدد الكون.
في عام 1927، افترض عالم الفيزياء والقِسّيس الكاثوليكي جورج لوميتر ما يُعرف الآن بالـ”بيج بانج” أو “الإنفجار العظيم”. لومتر هو أول من افترض هذا النموذج، مع أنّ أينشتاين كان يمكنه أن يتوقّع تمدد الكون من نظرياته عام 1915. كان الاعتقاد الشائع أيام لومتر أنّ الكون ثابت لا يتمدّد. ولكن ملاحظات إدوين هابل بتليسكوبه كانت تثبت عكس ذلك، إذْ كان يلاحظ ابتعاد المجرات عنّا. في عام 1948، قام فريد هويل، توماس جولد، وهرمان بوندي بإضافة التّعديلات على نظريّة الحالة الثابتة (Steady State Theory) -معترضين على تفسير ملاحظات هابل- واستخدموها لمهاجمة نظرية الإنفجار العظيم. كان المجتمع العلميّ آنذاك منقسم بين هذا وذاك. كان فريد هويل يؤيّد فكرة أنّ الكون لا بداية له، لدرجة أنه قام بالهجوم المتعمّد المتعصّب والمهين على الإنفجار العظيم في راديو الـBBC، وقام بتأليف الاسم “بيج بانج – الإنفجار العظيم”.. الملاحظات المعارضة لنظريّة الحالة الثابتة بدأت بالظهور في الستينيات، خصوصًا بعد اكتشاف إشعاع الخلفيّة الكونيّة الميكروي الذي حصل مكتشفوه (اكتشاف بالصّدفة) على إثره على جائزة نوبل لاحقًا.
وفقًا لنموذج الانفجار العظيم، فإن الفضاء الكوني يتمدد من حالة حارة شديدة الكثافة، وما زال يتمدد إلى اليوم. يوضح هذا المخطط تمدد مسطح لجزء من الكون، حيث تتباعد المجرات مع التمدد.
بعكس الشائع، “الإنفجار العظيم” هذا ليس بإنفجار حقيقةً كما يتخيله البعض. لم يكن هناك مركز له، ولم يوجد حطام متجمّع في الأطراف في الفضاء المحيط. بل لم يكن هناك فضاء. الواقع هو تمدّد الفضاء نفسه (نسيج الزمكان) من كل نقطة. يمكن تخيّل هذا (مع أنه تمثيل ثنائي الأبعاد) كبالون ملزوق على سطحها قِطَع ورقيّة، ويتمّ نفخها. مع تمدد البالون، تبتعد قطع الأوراق عن بعضها البعض. التمدد يحدث في كل الإتجاهات وبدون مركز.
مع الأخذ في الاعتبار النظريات النسبيّة لأينشتاين، فإن “الإنفجار العظيم” بداية للزمان والمكان، هو الحدث الذي ظهر منه كل شيء. لهذا إنه لمن غير الدّقيق القول بأنّ الكون تمدد في الفضاء، بل هو الفضاء نفسه يظهر إلى الوجود ويتمدد. كذلك، “ماذا كان هناك قبل الإنفجار العظيم؟” هو سؤال غير دقيق، لأنه لم يوجد زمان قبله أصلا.
من الواجب ذكره هو أنّ العلوم لا تأبه لعواطفك، فمن الواضح أنّ الكون خيالي أكثر مما نتخيّل، نحن لا نعتمد على الحدس البديهي ولا على ما نريد له أن يكون صحيحًا في إختيارنا لفهم الواقع، بل على المنهج العلمي. الأدلة والملاحظات والتجربة هي وحدها ما يحكم. “الإنفجار العظيم” ليس كأي شيء يمكنك تخيّله، فهذا التّمدد (وليس إنفجار) كان أسرع على الأقل مليون مرة من أي إنفجار نووي، وبدرجة حرارة أكثر بكثير من قلب النجوم في الكون (درجة حرارة الكون في أقل من جزء من الثانية كانت أكثر من 1000 تريليون درجة مئوية). ما أروعه الواقع!