صندوق الدنيا Sandouk al-Donia ظاهرة مسرحية في بلاد الشام، قبل ظهور المسرح الحقيقي،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • صندوق الدنيا Sandouk al-Donia ظاهرة مسرحية في بلاد الشام، قبل ظهور المسرح الحقيقي،

    صندوق الدنيا

    عُدَّ «صندوق الدنيا» ظاهرة مسرحية في بلاد الشام، قبل ظهور المسرح الحقيقي، أسوةً بالظواهر المسرحية الأخرى، كخيال الظل والحكواتي ومسرح الدمى. ولا تذكر المصادر التاريخية كثيراً عن هذا الشكل من الأداء المسرحي الشعبي الذي كان يعتمد على الصور المرسومة باليد، والمطبوعة الملونة فيما بعد، والتي كانت محرَّمة أو مكروهة في أدبيات المعتقد الديني السائد. ومع ذلك شاع «صندوق الدنيا» برسومه وصوره وتعليقات صاحب الصندوق، وانتشر ألهية للأطفال خاصة.
    يتألف الصندوق من تشكيل خشبي له جوف، بطول متر وعرض نصف المتر تقريباً، وكان في هذا التشكيل فتحات زجاجية عدة، ثبتت فيها بلورات مكبّرة، يطل منها مشاهدون ثلاثة أو أربعة، يجلسون على دكة خشبية، أو على كراسي وطئة. ويضع كل واحد منهم وجهه على إحدى البلورات، لتمر الصور المثبتة على دولاب يلتف في جوف التشكيل، يديره صاحب الصندوق بتحريك لولب يدوي يتحكم بسرعته. وكان يعلق على الصور بتعليقات مرتجلة أو محفوظة عن ظهر قلب، يغنيها غناءً على الأغلب. وكانت الصور تري ما يوهم أنها معركة بين الأتراك والروس مثلاً، أو تري وجهاً جميلاً لفتاة يسميها صاحب الصندوق عبلة، أو وجهاً أسود لحبيبها عنترة العبسي. وكان مما علق في الذهن من تعليقاته: «تفرج يا سلام، على عبلة يا سلام، على عنتر يا سلام، وصلّ على النبيr محمد خير الأنام».
    كانت تمر على الدولاب عشرات الصور، ثم ينتهي العرض. وكان صاحب الصندوق يقبض ثمن العرض نصف قرش سوري «نكلة» أو رغيفاً من الخبز أو شيئاً من الإدام. وكان يحمل صندوقه على ظهره، ويحمل بإحدى يديه الدكة الخشبية التي يجلس عليها الأطفال أثناء العرض، وينادي على عرضه نداءً منغماً: «عجايبك عجايب». وبهذا الاسم عرف الصندوق بين الأطفال. وينتهي العرض بدمية يخرجها الرجل من تجويف في الصندوق، يلوّح بها مغنياً: «خلصت الفرجة … خلصت الفرجة»، والأطفال يتضاحكون لمرأى الدمية المنفوشة الشعر والتي كانوا يسمونها: «أم شوشة منفوشة».
    ظلَّ «صندوق الدنيا» موجوداً في مدن بلاد الشام حتى منتصف القرن العشرين، ثم انحسر عنها، وانتشر في الأرياف ردحاً من الزمن، ثم تلاشى وانقرض.
    عادل أبو شنب

يعمل...
X