أظهرت دراسة نُشِرت مؤخرًا أن نقل الدم من فئران مسنة إلى فئران يافعة يتسبب بالشيخوخة الخلوية لدى الفئران اليافعة من المرة الأولى. قد يساعدنا تحديد عوامل الدم المسؤولة عن تقدم الفئران اليافعة في السن على استنباط نهج علاجية لمحاولة إبطاء الشيخوخة.
تقول الأستاذة أيرينا كونبوي من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: «تبين دراستنا أن ظاهرة الشيخوخة الخلوية ليست ناجمة عن تراكم الضرر داخل الخلية فقط، وأنها لا تحدث في تسلسل زمني ثابت؛ إذ اتضح أنه يمكن إحداثها في غضون أسبوعين لدى الفئران اليافعة».
«عندما استخدمنا مضادات الشيخوخة، لاحظنا أنها لا تمنع سوى بعض التأثيرات السلبية لدماء الفئران المسنة في الخلايا والأنسجة اليافعة، وليس جميعها؛ ما يشير إلى وجود عوامل جديدة يمكننا استهدافها في النهج العلاجية المستقبلية».
أشارت كونبوي أيضًا إلى أن هذه الدراسة تؤكد الدور الذي تؤديه عوامل دماء الفئران المسنة في تحفيز الشيخوخة.
أسباب الشيخوخة الخلوية
عندما تتعرض الخلايا إلى إصابة أو إجهاد، تستجيب عادةً إما بالموت المبرمج أو بالدخول في وضع عدم التكاثر، الذي يُعرَف بالشيخوخة الخلوية، وتتوقف الخلايا في هذه الحالة عن النمو والانقسام.
قد تنجم الشيخوخة عن محفزات خارجية مثل الإجهاد، أو عوامل داخلية مثل التغيرات التي تحدث في بنية الحمض النووي مع التقدم في السن. عندما تتعرض الخلايا إلى الشيخوخة، ترسل إشارات إلى الجهاز المناعي لتحفز الخلايا المناعية على التخلص منها.
غير أن قدرة الجهاز المناعي على التخلص من الخلايا المسنة تنخفض تدريجيًا مع التقدم في السن، ومن ثم تتراكم تلك الخلايا، ما يساهم في شيخوخة الأعضاء والإصابة بالأمراض المزمنة.
بإمكان الخلايا المسنة كذلك التسبب بشيخوخة الخلايا المجاورة لها بإفراز جزيئات تُصنَّف من «النمط الظاهري الإفرازي المرتبط بالشيخوخة»، وهي تتضمن البروتينات الالتهابية وعوامل أخرى تعيد هيكلة النسيج المحيط بتلك الخلايا؛ بيد أن العلماء ما زالوا غير متيقنين من دور المواد التي تفرزها الخلايا المسنة في التسبب بالشيخوخة.
أوضحت نتائج الدراسات السابقة أن نقل بعض الخلايا أو الجزيئات من حيوانات مسنة إلى حيوانات يافعة قد يتسبب بشيخوخة أنسجة الحيوانات اليافعة؛ مثلًا، أظهرت دراسات أن الوصل الجراحي بين فأر مسن وفأر يافع يؤدي إلى تجدد أنسجة الفأر المسن، ولكنه يتسبب في المقابل بشيخوخة أنسجة الفأر اليافع.
لم يتشارك هذان الفأران جهازهما الدوري فقط، بل تشاركا أيضًا الأعضاء وتعرضا إلى العوامل البيئية ذاتها؛ نتيجة لذلك، يصعب إسناد العوامل التي حفزت تجدد الأنسجة أو شيخوختها إلى مصدر واحد.
على غرار ذلك، اتضح أن نقل الدم من فئران مسنة إلى فئران يافعة يمكنه التسبب بشيخوخة أنسجة الفئران اليافعة. أشارت هذه الدراسات إلى أن شيخوخة أنسجة الفئران اليافعة يعزى إلى وجود عوامل محددة في دماء الفئران المسنة، ولكن لم يتمكن الباحثون من الجزم بأن الخلايا المسنة هي المسؤولة عن إحداث تلك التأثيرات.
بيد أن هدف باحثي هذه الدراسة كان التأكد من إمكانية نقل الشيخوخة من الفئران المسنة إلى الفئران اليافعة عبر نقل الدم.
العلاقة بين نقل الدم والشيخوخة لدى الفئران
من أجل استقصاء قدرة دماء الفئران المسنة على إحداث الشيخوخة، نقل الباحثون الدم من فئران مسنة تراوح عمرها بين 22 و24 شهرًا إلى فئران يافعة بلغ عمرها 3 أشهر، وكرروا تجربتهم مع مجموعة الضبط، التي نُقِل فيها الدم بين فئران يافعة متماثلة في العمر.
بعد مرور 14 يومًا على التجربة، تبين أن مستويات مؤشرات الشيخوخة في العضلات والكلى والكبد ارتفعت لدى الفئران اليافعة التي تلقت دماء الفئران المسنة، بينما لم تشهد تلك المؤشرات الحيوية أي ارتفاع في الرئتين والقلب والدماغ.
فضلًا عن ذلك، كان أداء الفئران اليافعة في اختبارات القوة العضلية معيبًا، وأصبحت قوة تحملها الجسدية ضعيفة، وأظهرتْ الفئران كذلك ارتفاعًا في مستويات المؤشرات الحيوية لتضرر الأنسجة، وانخفاضًا في وظيفة الكبد والكليتين.
نقل الباحثون أيضًا الدم من فئران يافعة إلى أخرى مسنة، ووجدوا أن دماءها قللت تضرر أنسجة الكبد والكلى والعضلات لدى الفئران المسنة.
تشير هذه النتائج إجمالًا إلى أن تلقي الفئران اليافعة الدم من فئران متقدمة في السن يسبب شيخوخة أنسجتها، وتبين كذلك أن الشيخوخة الناجمة عن نقل الدم مقتصرة على أنسجة معينة وليست شاملة.
تأثيرات مضادات الشيخوخة
أجرى الباحثون بعد ذلك تجربةً إضافية أزالوا فيها الخلايا المسنة عند الفئران المتقدمة في السن بغية التأكد من أن ذلك سيمنع حدوث الشيخوخة عند الفئران اليافعة بعد تلقيها الدم.
في هذه الحالة، ألزم الباحثون الفئران المسنة باتباع نظام دوائي لمضادات الشيخوخة التي تتخلص من الخلايا المسنة لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع، وكما كان متوقعًا، اتضح أن معالجة الفئران المسنة بمضادات الشيخوخة قللت مستويات مؤشرات الشيخوخة في بلازما دمائها.
نقل الباحثون بعدئذ الدم من الفئران المسنة المعالجة بمضادات الشيخوخة إلى فئران يافعة، فأظهرت الفئران اليافعة مستويات أقل من مؤشرات الشيخوخة في العضلات والكبد والكلى، وذلك مقارنةً مع الفئران اليافعة التي تلقت الدماء غير المعالجة بمضادات الشيخوخة.
بعد معالجة دماء الفئران المسنة بمضادات الشيخوخة، أصبح تضرر الكبد والعضلات والكلى وتدهورها الوظيفي أقل عند الفئران اليافعة التي تلقت الدم المعالج، إلى جانب أن التأثيرات السلبية في مستويات نشاطها البدني وتوازن الطاقة لديها أصبحت أقل، وانخفضت كذلك مستويات البروتينات المرتبطة بالالتهاب لديها، التي تُعَد مؤشرًا مميزًا للشيخوخة.
بيد أن النتائج لم تكن جميعها إيجابية، إذ أظهرت تلك الفئران بعض التأثيرات السلبية الناجمة عن تلقيها دم الفئران المسنة، مثل بعض المشكلات في وظيفة الكلى؛ أي أن مضادات الشيخوخة لم تمنع جميع التأثيرات السلبية المتوقع حدوثها عند نقل الدم من الفئران المسنة.
تبين هذه التجارب أن إزالة الخلايا المسنة عند الفئران البالغة خففت تأثيرات التقدم في السن الناجمة عن نقل دمائها إلى الفئران اليافعة. بالأحرى، تشير النتائج إلى أن الشيخوخة قد تنجم عن التعرض إلى عوامل معينة في دماء المسنين، وأنها لا تنتج بسبب التوتر أو التقدم في السن فقط.
تفرز الخلايا المسنة عددًا من جزيئات التواصل الخلوي في مجرى الدم، وقد تكون هذه الجزيئات مسؤولة على الأقل إلى حد ما عن التسبب بالشيخوخة.
لكن ثمة حاجة إلى مزيد من البحوث لتحديد عوامل الدم المسؤولة عن إحداث الشيخوخة لدى الفئران اليافعة، التي قد تكون الجزيئات أو العضيات أو الخلايا المسنة التي تسري في مجرى الدم، وقد يساعدنا تحديد هذه العوامل على تطوير نهج علاجية لإبطاء عملية الشيخوخة.
ما قد يترتب عن هذه الدراسة
يقول الطبيب جيمس كيركلاند من مركز كوغود للتقدم في السن التابع لمؤسسة مايو كلينك: «أرى أن هذه الدراسة تبرهن فاعلية مضادات الشيخوخة في تخفيف الأضرار الناجمة عن التقدم في السن، وهي تؤكد النتائج السابقة التي أشارت إلى أن نقل الخلايا المسنة من حيوانات مسنة إلى حيوانات يافعة يسبب خللًا وظيفيًا، وأن إزالة تلك الخلايا المسنة من الفئران بعد زراعتها يعيد الوظائف إلى مستواها الطبيعي، إلى جانب أنها توافق الاكتشاف السابق بأن زراعة قلوب فئران مسنة لدى فئران يافعة يسبب انتقال الشيخوخة والخلل الوظيفي إلى الفئران اليافعة، بينما لا يحدث ذلك عند زراعة القلب بين فئران يافعة».
تثير نتائج هذه الدراسة بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام حول عملية الشيخوخة والنهج العلاجية المحتملة لإبطائها.
يقول الطبيب ستيفان توليوس، مدير مختبر بحوث الزراعة الجراحية في مستشفى بريغهام آند وومن: «على غرار أي مساهمة علمية كبيرة، تثير هذه الدراسة العديد من الأسئلة المفتوحة، إضافةً إلى طرح جانب مهم لتطوير فهمنا عن الشيخوخة واحتمالية إطالة مدة الصحة المثلى».
«تدور تلك الأسئلة تحديدًا حول الأهمية السريرية لهذه النتائج التجريبية، مثلًا: ما كمية الدم التي ينبغي نقلها لنلاحظ تلك التأثيرات؟ هل تكفي عملية نقل دم واحدة لإحداث فارق عند البشر، أم أننا نحتاج إلى تكرارها أكثر من ذلك؟ إلى متى ستستمر تلك التأثيرات؟ هل ستكون مؤقتة ويمكن عكسها؟».
«أفاد باحثو الدراسة أن التغيرات التي لوحظت لدى الفئران اليافعة تضمنت تضررًا عضويًا طويل المدى وتليفًا في الكبد والكليتين، وقد يكشف فهمنا للآليات المسؤولة عن هذه العملية الكثير».
«من الملاحظات اللافتة للنظر في تجارب هذه الدراسة هي وهن النشاط الفيزيائي لدى الفئران اليافعة بعد تلقيها الدم، فهل يصبح هذا تأثيرًا دائمًا أم أنه مؤقت؟ وفي هذا الصدد، بما أن القدرات الجسدية تأثرت سلبيًا، فهل من الوارد أن يحدث أيضًا تدهور معرفي؟»
«توصل الباحثون إلى نتائج مذهلة حقًا، وأثارت دراستهم العديد من الأسئلة المحيرة التي قد ترشدنا نحو فهم الشيخوخة على نحو أفضل وتطوير نهج جديدة لتمكين الشيخوخة الصحية».
تقول الأستاذة أيرينا كونبوي من جامعة كاليفورنيا في بيركلي: «تبين دراستنا أن ظاهرة الشيخوخة الخلوية ليست ناجمة عن تراكم الضرر داخل الخلية فقط، وأنها لا تحدث في تسلسل زمني ثابت؛ إذ اتضح أنه يمكن إحداثها في غضون أسبوعين لدى الفئران اليافعة».
«عندما استخدمنا مضادات الشيخوخة، لاحظنا أنها لا تمنع سوى بعض التأثيرات السلبية لدماء الفئران المسنة في الخلايا والأنسجة اليافعة، وليس جميعها؛ ما يشير إلى وجود عوامل جديدة يمكننا استهدافها في النهج العلاجية المستقبلية».
أشارت كونبوي أيضًا إلى أن هذه الدراسة تؤكد الدور الذي تؤديه عوامل دماء الفئران المسنة في تحفيز الشيخوخة.
أسباب الشيخوخة الخلوية
عندما تتعرض الخلايا إلى إصابة أو إجهاد، تستجيب عادةً إما بالموت المبرمج أو بالدخول في وضع عدم التكاثر، الذي يُعرَف بالشيخوخة الخلوية، وتتوقف الخلايا في هذه الحالة عن النمو والانقسام.
قد تنجم الشيخوخة عن محفزات خارجية مثل الإجهاد، أو عوامل داخلية مثل التغيرات التي تحدث في بنية الحمض النووي مع التقدم في السن. عندما تتعرض الخلايا إلى الشيخوخة، ترسل إشارات إلى الجهاز المناعي لتحفز الخلايا المناعية على التخلص منها.
غير أن قدرة الجهاز المناعي على التخلص من الخلايا المسنة تنخفض تدريجيًا مع التقدم في السن، ومن ثم تتراكم تلك الخلايا، ما يساهم في شيخوخة الأعضاء والإصابة بالأمراض المزمنة.
بإمكان الخلايا المسنة كذلك التسبب بشيخوخة الخلايا المجاورة لها بإفراز جزيئات تُصنَّف من «النمط الظاهري الإفرازي المرتبط بالشيخوخة»، وهي تتضمن البروتينات الالتهابية وعوامل أخرى تعيد هيكلة النسيج المحيط بتلك الخلايا؛ بيد أن العلماء ما زالوا غير متيقنين من دور المواد التي تفرزها الخلايا المسنة في التسبب بالشيخوخة.
أوضحت نتائج الدراسات السابقة أن نقل بعض الخلايا أو الجزيئات من حيوانات مسنة إلى حيوانات يافعة قد يتسبب بشيخوخة أنسجة الحيوانات اليافعة؛ مثلًا، أظهرت دراسات أن الوصل الجراحي بين فأر مسن وفأر يافع يؤدي إلى تجدد أنسجة الفأر المسن، ولكنه يتسبب في المقابل بشيخوخة أنسجة الفأر اليافع.
لم يتشارك هذان الفأران جهازهما الدوري فقط، بل تشاركا أيضًا الأعضاء وتعرضا إلى العوامل البيئية ذاتها؛ نتيجة لذلك، يصعب إسناد العوامل التي حفزت تجدد الأنسجة أو شيخوختها إلى مصدر واحد.
على غرار ذلك، اتضح أن نقل الدم من فئران مسنة إلى فئران يافعة يمكنه التسبب بشيخوخة أنسجة الفئران اليافعة. أشارت هذه الدراسات إلى أن شيخوخة أنسجة الفئران اليافعة يعزى إلى وجود عوامل محددة في دماء الفئران المسنة، ولكن لم يتمكن الباحثون من الجزم بأن الخلايا المسنة هي المسؤولة عن إحداث تلك التأثيرات.
بيد أن هدف باحثي هذه الدراسة كان التأكد من إمكانية نقل الشيخوخة من الفئران المسنة إلى الفئران اليافعة عبر نقل الدم.
العلاقة بين نقل الدم والشيخوخة لدى الفئران
من أجل استقصاء قدرة دماء الفئران المسنة على إحداث الشيخوخة، نقل الباحثون الدم من فئران مسنة تراوح عمرها بين 22 و24 شهرًا إلى فئران يافعة بلغ عمرها 3 أشهر، وكرروا تجربتهم مع مجموعة الضبط، التي نُقِل فيها الدم بين فئران يافعة متماثلة في العمر.
بعد مرور 14 يومًا على التجربة، تبين أن مستويات مؤشرات الشيخوخة في العضلات والكلى والكبد ارتفعت لدى الفئران اليافعة التي تلقت دماء الفئران المسنة، بينما لم تشهد تلك المؤشرات الحيوية أي ارتفاع في الرئتين والقلب والدماغ.
فضلًا عن ذلك، كان أداء الفئران اليافعة في اختبارات القوة العضلية معيبًا، وأصبحت قوة تحملها الجسدية ضعيفة، وأظهرتْ الفئران كذلك ارتفاعًا في مستويات المؤشرات الحيوية لتضرر الأنسجة، وانخفاضًا في وظيفة الكبد والكليتين.
نقل الباحثون أيضًا الدم من فئران يافعة إلى أخرى مسنة، ووجدوا أن دماءها قللت تضرر أنسجة الكبد والكلى والعضلات لدى الفئران المسنة.
تشير هذه النتائج إجمالًا إلى أن تلقي الفئران اليافعة الدم من فئران متقدمة في السن يسبب شيخوخة أنسجتها، وتبين كذلك أن الشيخوخة الناجمة عن نقل الدم مقتصرة على أنسجة معينة وليست شاملة.
تأثيرات مضادات الشيخوخة
أجرى الباحثون بعد ذلك تجربةً إضافية أزالوا فيها الخلايا المسنة عند الفئران المتقدمة في السن بغية التأكد من أن ذلك سيمنع حدوث الشيخوخة عند الفئران اليافعة بعد تلقيها الدم.
في هذه الحالة، ألزم الباحثون الفئران المسنة باتباع نظام دوائي لمضادات الشيخوخة التي تتخلص من الخلايا المسنة لمدة تتراوح بين 4 إلى 6 أسابيع، وكما كان متوقعًا، اتضح أن معالجة الفئران المسنة بمضادات الشيخوخة قللت مستويات مؤشرات الشيخوخة في بلازما دمائها.
نقل الباحثون بعدئذ الدم من الفئران المسنة المعالجة بمضادات الشيخوخة إلى فئران يافعة، فأظهرت الفئران اليافعة مستويات أقل من مؤشرات الشيخوخة في العضلات والكبد والكلى، وذلك مقارنةً مع الفئران اليافعة التي تلقت الدماء غير المعالجة بمضادات الشيخوخة.
بعد معالجة دماء الفئران المسنة بمضادات الشيخوخة، أصبح تضرر الكبد والعضلات والكلى وتدهورها الوظيفي أقل عند الفئران اليافعة التي تلقت الدم المعالج، إلى جانب أن التأثيرات السلبية في مستويات نشاطها البدني وتوازن الطاقة لديها أصبحت أقل، وانخفضت كذلك مستويات البروتينات المرتبطة بالالتهاب لديها، التي تُعَد مؤشرًا مميزًا للشيخوخة.
بيد أن النتائج لم تكن جميعها إيجابية، إذ أظهرت تلك الفئران بعض التأثيرات السلبية الناجمة عن تلقيها دم الفئران المسنة، مثل بعض المشكلات في وظيفة الكلى؛ أي أن مضادات الشيخوخة لم تمنع جميع التأثيرات السلبية المتوقع حدوثها عند نقل الدم من الفئران المسنة.
تبين هذه التجارب أن إزالة الخلايا المسنة عند الفئران البالغة خففت تأثيرات التقدم في السن الناجمة عن نقل دمائها إلى الفئران اليافعة. بالأحرى، تشير النتائج إلى أن الشيخوخة قد تنجم عن التعرض إلى عوامل معينة في دماء المسنين، وأنها لا تنتج بسبب التوتر أو التقدم في السن فقط.
تفرز الخلايا المسنة عددًا من جزيئات التواصل الخلوي في مجرى الدم، وقد تكون هذه الجزيئات مسؤولة على الأقل إلى حد ما عن التسبب بالشيخوخة.
لكن ثمة حاجة إلى مزيد من البحوث لتحديد عوامل الدم المسؤولة عن إحداث الشيخوخة لدى الفئران اليافعة، التي قد تكون الجزيئات أو العضيات أو الخلايا المسنة التي تسري في مجرى الدم، وقد يساعدنا تحديد هذه العوامل على تطوير نهج علاجية لإبطاء عملية الشيخوخة.
ما قد يترتب عن هذه الدراسة
يقول الطبيب جيمس كيركلاند من مركز كوغود للتقدم في السن التابع لمؤسسة مايو كلينك: «أرى أن هذه الدراسة تبرهن فاعلية مضادات الشيخوخة في تخفيف الأضرار الناجمة عن التقدم في السن، وهي تؤكد النتائج السابقة التي أشارت إلى أن نقل الخلايا المسنة من حيوانات مسنة إلى حيوانات يافعة يسبب خللًا وظيفيًا، وأن إزالة تلك الخلايا المسنة من الفئران بعد زراعتها يعيد الوظائف إلى مستواها الطبيعي، إلى جانب أنها توافق الاكتشاف السابق بأن زراعة قلوب فئران مسنة لدى فئران يافعة يسبب انتقال الشيخوخة والخلل الوظيفي إلى الفئران اليافعة، بينما لا يحدث ذلك عند زراعة القلب بين فئران يافعة».
تثير نتائج هذه الدراسة بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام حول عملية الشيخوخة والنهج العلاجية المحتملة لإبطائها.
يقول الطبيب ستيفان توليوس، مدير مختبر بحوث الزراعة الجراحية في مستشفى بريغهام آند وومن: «على غرار أي مساهمة علمية كبيرة، تثير هذه الدراسة العديد من الأسئلة المفتوحة، إضافةً إلى طرح جانب مهم لتطوير فهمنا عن الشيخوخة واحتمالية إطالة مدة الصحة المثلى».
«تدور تلك الأسئلة تحديدًا حول الأهمية السريرية لهذه النتائج التجريبية، مثلًا: ما كمية الدم التي ينبغي نقلها لنلاحظ تلك التأثيرات؟ هل تكفي عملية نقل دم واحدة لإحداث فارق عند البشر، أم أننا نحتاج إلى تكرارها أكثر من ذلك؟ إلى متى ستستمر تلك التأثيرات؟ هل ستكون مؤقتة ويمكن عكسها؟».
«أفاد باحثو الدراسة أن التغيرات التي لوحظت لدى الفئران اليافعة تضمنت تضررًا عضويًا طويل المدى وتليفًا في الكبد والكليتين، وقد يكشف فهمنا للآليات المسؤولة عن هذه العملية الكثير».
«من الملاحظات اللافتة للنظر في تجارب هذه الدراسة هي وهن النشاط الفيزيائي لدى الفئران اليافعة بعد تلقيها الدم، فهل يصبح هذا تأثيرًا دائمًا أم أنه مؤقت؟ وفي هذا الصدد، بما أن القدرات الجسدية تأثرت سلبيًا، فهل من الوارد أن يحدث أيضًا تدهور معرفي؟»
«توصل الباحثون إلى نتائج مذهلة حقًا، وأثارت دراستهم العديد من الأسئلة المحيرة التي قد ترشدنا نحو فهم الشيخوخة على نحو أفضل وتطوير نهج جديدة لتمكين الشيخوخة الصحية».