غرسة في الدماغ تسمح لمريض مصاب بالشلل التام بالتواصل مع محيطه

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • غرسة في الدماغ تسمح لمريض مصاب بالشلل التام بالتواصل مع محيطه

    استعاد رجل مشلول لا يملك أي سيطرة إرادية على عضلاته -بما في ذلك عينيه- القدرة على التواصل مع الآخرين بجمل كاملة من خلال غرسة في الدماغ.

    بعد شهور من التدريب على الغرسة الدماغية، تمكن من تأليف جملة كاملة: «أنا أحب ابني الرائع». وحُللت النتائج في ورقة بحثية نشرتها Nature Communications يوم الثلاثاء (22 آذار).

    منذ بضع سنوات، شُخّص الرجل البالغ من العمر 36 عامًا بالتصلب الجانبي الضموري (ALS)، وهو مرض تنكسي عصبي تدريجي يقتل الخلايا العصبية الحركية.

    يفقد مرضى التصلب الجانبي الضموري تدريجيًا القدرة على التحدث والأكل والتنفس من تلقاء أنفسهم، ويموتون عادةً في غضون خمس سنوات من تشخيصهم. ولكن حتى في حالة الشلل التام، يبقى العديد من مرضى ALS قادرين على الرؤية والسمع والشم، وهي قدرات يعتمد عليها الباحثون عند تطوير أجهزة اتصال جديدة.



    في عام 2016، صرح فريق من الباحثين أنه بمساعدة غرسة في الدماغ اكتشفت محاولات امرأة لتحريك يدها، وتمكنت امرأة مصابة بالتصلب الجانبي الضموري من التواصل بجمل كاملة من خلال جهاز حاسوب. لكن العلم يشير إلى أن المرأة ما زالت تتحكم جزئيًا في حركات عينيها وفمها، ما يمنحها قدرة أكبر على التواصل مقارنةً بالرجل الموصوف في الدراسة الجديدة.

    كان الرجل في البداية قادرًا على استخدام حركات العين للتواصل مع عائلته، لكنه بدأ يفقد السيطرة على عضلات عينه في عام 2017. وبناءً على ذلك، تواصل والدا المريض مع الأطباء في جامعة توبنغن القريبة في ألمانيا طالبين طريقة جديدة للتواصل، وفقًا لصحيفة New York Times.

    عندما كان المريض في عام 2017 ما يزال قادرًا على الموافقة بواسطة حركات العين، زرع الباحثون جراحيًا مصفوفتين من الأقطاب الكهربائية المجهرية بمساحة 3.2 مليمتر مربع في قشرته الدماغية الحركية الأساسية، وهي جزء من الدماغ معنيّ بتخطيط وتنفيذ الحركات الإرادية.

    بحلول أواخر عام 2018، تقدم التصلب الجانبي الضموري للرجل إلى درجة أنه أصبح غير قادر على تحريك أي عضلة بما في ذلك عينه وفقًا لصحيفة The Guardian.

    بعد زرع الغرسة في دماغه، طلب الأطباء من الرجل تحريك يديه أو قدميه أو ذراعيه، لكن لم تكن الإشارات العصبية التي تلت ذلك متسقة، ما يعني أنه لا يمكن استخدامها كرمز للإجابة بنعم أو لا.

    بعد ثلاثة أشهر من المحاولات الفاشلة، اقترح عالم الأعصاب المتقاعد نيلز بيرباومر -من جامعة توبنغن والمشارك في العمل- تجربة نظام التلقيم الراجع العصبي السمعي، وهو تقنية تعلم المرضى التلاعب بنشاطهم الدماغي من خلال ردود الفعل في الوقت الفعلي لاختبار ما إذا كانوا يستطيعون ذلك.

    قرر الباحثون إعطاء الرجل (نغمة مستهدفة- target tone)، وهي الخطوة التي تم توجيه المريض للاستماع إليها والاستجابة لها بواسطة نشاطه العصبي، وولدوا بعد ذلك نغمة منفصلة بناءً على نشاط الدماغ الذي اكتُشف بواسطة الأقطاب الكهربائية المزروعة وأصبحت أعلى صوتًا مع تحفيز المزيد من الخلايا العصبية، وفقًا لتقارير Science.

    تعلم الرجل مع مرور الوقت تعديل النغمة بتخيل أفعال محددة، بهدف جعل النغمة الثانية تتطابق مع الأولى.

    رأى الباحثون النتائج على الفور تقريبًا، حسبما ذكرت التايمز. كان المريض قادرًا على تغيير النغمة المتولدة عصبيًا في يومه الأول وهو يحاول أداء المهمة. نجح في مطابقة النغمة المستهدفة بعد أسبوع واحد.

    على مدار العام التالي، عدل المريض مهارة مطابقة النغمة لتوليد كلمات وجمل باختيار أحرف من برنامج حاسوب يتناول حرفًا واحدًا في كل مرة. فبالضغط على نغمة “عالية” أو “منخفضة” يمكن للرجل أن يشير إلى “نعم” أو “لا” لمجموعات من الحروف، ثم لاحقًا أحرف فردية.

    في النهاية، كان قادرًا على تأليف جمل كاملة ومفهومة، فقد تضمنت مثلًا «حساء الغولاش وحساء البازلاء الحلوة» و «أود الاستماع إلى ألبوم Tool بصوت عالٍ» ورسالته إلى ابنه.

    عندما سأل الأطباء ما الذي كان يتخيله المريض لتغيير نشاط الدماغ، أجاب: «حركة العين».

    قال أوجوال تشودري -مهندس الطب الحيوي في جامعة توبنغن ومركز ويس للهندسة الحيوية والعصبية في جنيف- لصحيفة التايمز إنه وزملاءه لم يصدقوا أن هذا ممكن. وهو الآن المدير لشركة ALS Voice gGmbH -وهي شركة تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية العصبية ومقرها في ألمانيا- ولم يعد يعمل مع المريض.

    كانت النتائج مثيرة للجدل. فقد كان بيرباومر متهمًا بسوء السلوك العلمي لعمل مماثل قبل ثلاث سنوات، إذ سُحب العمل السابق للباحثين -الذي أفاد بأن المصابين بالشلل التام الذين يعانون من مرض التصلب الجانبي الضموري يمكنهم التواصل مع واجهة الدماغ والحاسوب (BCI)- من PLOS Biology بعد أن زعم أحد المبلغين في جامعة توبنغن أن نتائج الباحثين لم تكن قابلة للتكرار.

    دفع هذا إلى إجراء تحقيق من قبل مؤسسة الأبحاث الألمانية، وهي أكبر مؤسسة لتمويل الأبحاث في ألمانيا، التي وجدت أن الفريق قد احتفظ بسجلات غير كاملة لتحليلاتهم، ولم يسجل سوى مقاطع فيديو لفحوصاتهم للمرضى جزئيًا، وأدلى ببيانات كاذبة، وهذا وفقًا لتقارير STAT.

    ووفقًا لصحيفة التايمز فإن مؤسسة الأبحاث الألمانية ليس لديها أي علم بنشر الدراسة الحالية وستحقق فيها في الأشهر المقبلة.

    في رسالة بريد إلكتروني إلى التايمز، رفض متحدث عن Nature Communications التعليق على تفاصيل كيفية فحص الدراسة لكنه عبر عن ثقته في نتائجها.

    كتب المتحدث: «لدينا سياسات صارمة لحماية نزاهة البحث الذي ننشره، بما في ذلك التأكد من إجراء البحوث وفقًا لمعايير أخلاقية عالية والإبلاغ عنها بشفافية».

    قالت ناتالي مراتشاز كيرستينج -باحثة في معهد إدارة الأعمال في جامعة فرايبورغ في ألمانيا ولم تشارك في الدراسة- لصحيفة التايمز: «أود أن أقول إنها دراسة قوية»، وتقول إن لديها معرفة مسبقة بالأوراق التي سُحبت.

    قبل هذا العمل، لم يكن الباحثون يعرفون ما إذا كان الأشخاص في حالة الانغلاق التام قد فقدوا أيضًا القدرة على توليد أوامر الاتصال، وفقًا لما يقوله المؤلف المشارك في الدراسة جوناس زيمرمان لصحيفة The Guardian، وهو عالم أعصاب كبير في مركز Wyss: «لقد تم إثبات الاتصال الناجح سابقًا باستخدام واجهات الدماغ والحاسوب (BCIs) لدى المصابين بالشلل. ولكن بالنسبة إلى معرفتنا، فإن دراستنا هي الدراسة الأولى التي تحقق التواصل مع شخص ليس لديه أية حركة إرادية متبقية، لذا يعتبر BCI الآن الوسيلة الوحيدة للاتصال».

    يواصل الباحثون في مركز Wyss العمل مع المريض لكنهم أخبروا Science أن قدرته على التواصل قد تدهورت. غالبًا ما يجيب المريض على أسئلة “نعم” أو “لا” وتناقصت قدرته على التهجئة. يقول الباحثون إن النسيج الندبي حول الغرسة هو ما يحجب الإشارات العصبية، وقد يكون لانخفاض الوظيفة المعرفية منذ سنوات من عدم القدرة على الحركة أو الكلام دور أيضًا.

    يظل فريق البحث ملتزمًا بصيانة الجهاز ما دام المريض قادرًا على استخدامه، وفقًا لتقارير Science.
يعمل...
X