في سياق التطورات المستمرة في الطب النفسي، اتخذ باحثون في جامعة ييل خطوة جديدة كليًّا، إذ أقدم باحثون لأول مرة على دراسة الأمراض النفسية البشرية على النباتات، إذ أخضعوا أحد الجينات المتشابهة عند النباتات والثدييات إلى دراسة دقيقة من أجل البحث في تأثيره على السلوك، وفقًا للدراسة المنشورة في مجلة علوم الحياة الخلوية والجزيئية.
فكّر توماس هورفاث أستاذ في الطب المقارن في مؤسسة جين وديفيد والاس Jean and David W. Wallace وكبير واضعي الدراسة – كثيرًا لفترةٍ طويلة في إمكانية دراسة الأمراض النفسية عند النباتات، إذ عبّر عن ذلك قائلًا: «منذ سنوات بدأت أهتم في ما يجمع الكائنات الحية المختلفة، لا بد من وجود تشابه بينها في سلوكياتها أو وجودها بحد ذاته».
بقيت هذه الأفكار تراوده أثناء دراسته سلوك الكائنات الحية والمتقدرات- mitochondria، هي بنية خلوية متخصصة في توليد الطاقة.
اعتقد هورفاث أنه ربما نتمكن من فهم السلوك البشري أكثر من خلال دراسة النباتات، ذلك إن كنا قادرين على تغيير جينات المتقدرات في الحيوانات ورؤية التغيير الحاصل في سلوكياتها، ثم تكرار التجربة ذاتها عند النباتات ومراقبتها؛ في النهاية ربما نطور نباتًا مصابًا بالفصام.
أشار هورفاث إلى أن هدف الطب المقارن هو معرفة كيفية الاستفادة من النماذج غير البشرية لدراسة السلوكيات والحالات المرضية المختلفة عند البشر، قال: «تطوير نبات من النموذج السابق يتيح الفرصة إلى توسيع نطاق دراسة السلوكيات البشرية كي تشمل أنواعًا بديلة من الكائنات الحية، وليس فقط الثدييات».
في إطار البحث السابق، درس هورفاث وزملاؤه مورثتين من الحمض النووي التابع للمتقدرات تعود إحدى المورثتين (FMT) لنبات مزهر يسمى Arabidopsis، وأُخذت المورثة الأخرى (CLUH) من فأر.
تتولى المتقدرات تنظيم الاستقلاب في الكائنات الحية، وتمتاز بأهميّة وتأثير كبير في صحة الكائن الحي. يسبّب اضطراب وظائف المتقدرات خللًا في التطور عند النباتات والبشر ما يؤدي إلى أمراض عديدة، من ضمنها الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر، وهنتنغتون، وباركنسون والفصام عند البشر.
لإتمام الدراسة السابقة، قارن الباحثون بين نباتات نموذجية لا تحتوي على جين FMT، وأخرى تحتوي على صيغة مفرطة النشاط من هذا الجين. تحقّق هذه المقارنة فهمًا أفضل لدور هذا الجين. وجد الباحثون أن هذا الجين يؤثر في العديد من الخصائص الهامة من ضمنها الإنتاش أو تبرعم البذور، وطول الجذر، وتوقيت الإزهار، ونمو الأوراق.
بحث واضعو الدراسة في اثنين من السلوكيات الهامة عند النباتات:
السلوك الأول: استجابة النباتات للتراكيز الملحية:
تضرُّ التراكيز الملحية العالية النباتات وتكاد تقتلها. لذلك كان لا بد من تطوير سلوك النباتات لتجنب تعرضها الزائد للأملاح الموجودة في التربة والبيئة المزروعة فيها، وذلك بإيقاف الإنتاش، وتأخير الإزهار، وتعطيل نمو الجذور؛ وأكّد الباحثون على أهمية المورثة FMT في الاستجابات السابقة.
السلوك الثاني: يُعرَف بالسلوك ناقص الحركة القائمة على إيقاعات الساعة البيولوجية:
يقول هورفاث: «تؤثر إيقاعات الساعة البيولوجية بقوة على النباتات باعتبار الضوء مصدر الطاقة الأهم بالنسبة لها».
بالنسبة لنبات Arabidopsis، يشمل السلوك ناقص الحركة، كل الحركات التي تقوم بها أوراق النبات خلال الليل والنهار؛ تنبسط الأوراق وتستوي أثناء النهار وتكون أكثر تعرضًا لضوء الشمس، بينما تتجه الأوراق للأعلى عند غياب الضوء في الليل.
أكد هورفاث والباحثون أهمية الدور الذي تلعبه المورثة FMT في السلوك ناقص الحركة، إذ تتحكم في مقدار وسرعة حركة الأوراق.
لنتمكن من تطبيق نتائج الدراسة السابقة على الثدييات، قيّم الباحثون مجموعة متنوعة من سلوكيات الفئران، قارنوا الفئران النموذجية مع تلك التي تملك كمية قليلة من المورثة CLUH ، وهو جين يتقاطع بشدة مع المورثة FMT عند النباتات.
عند وضع الفئران في بيئة مفتوحة وإخضاعها لاختبار سلوكي، وجد الباحثون أن الفئران التي تمتلك كميات أقل من المورثة CLUH هي أبطأ، وتقطع مسافات أقصر من نظيراتها الفئران الاعتيادية.
يقول هورفاث: «تُبدي الفئران استجابة مشابهة لتلك الاستجابة المشاهدة عند النباتات، مع سرعات ونشاط تنقلي مختلف. ما تزال الأبحاث في هذا المجال بدائية لكنها تشير إلى احتمال وجود آليات متعلقة بالمتقدرات تعمل على فك شيفرة الوظائف المتماثلة عند النباتات والحيوانات».
وتابع: «تشكل هذه الدراسة خطوة أولى مثيرة للاهتمام في هذا المجال، لكن ما يزال أمامنا الكثير من الأعمال والدراسات لإنجازها».
المورثتان FMT و CLUH ليستا الوحيدتين، بل تشترك الثدييات وبعض النباتات مثل Arabidopsis في العديد من الجينات والعمليات الخلوية.
أكد هورفاث أن الهدف المراد من الدراسات في هذا المجال هو فهرسة أوجه التشابه بين النباتات والحيوانات تمهيدًا لطرح أسئلة بحثية أقوى، إذ ربما نتمكن من استخدام هذا النبات بمثابة كائن حي نموذجي لإتمام الأبحاث السلوكية في المستقبل.
فكّر توماس هورفاث أستاذ في الطب المقارن في مؤسسة جين وديفيد والاس Jean and David W. Wallace وكبير واضعي الدراسة – كثيرًا لفترةٍ طويلة في إمكانية دراسة الأمراض النفسية عند النباتات، إذ عبّر عن ذلك قائلًا: «منذ سنوات بدأت أهتم في ما يجمع الكائنات الحية المختلفة، لا بد من وجود تشابه بينها في سلوكياتها أو وجودها بحد ذاته».
بقيت هذه الأفكار تراوده أثناء دراسته سلوك الكائنات الحية والمتقدرات- mitochondria، هي بنية خلوية متخصصة في توليد الطاقة.
اعتقد هورفاث أنه ربما نتمكن من فهم السلوك البشري أكثر من خلال دراسة النباتات، ذلك إن كنا قادرين على تغيير جينات المتقدرات في الحيوانات ورؤية التغيير الحاصل في سلوكياتها، ثم تكرار التجربة ذاتها عند النباتات ومراقبتها؛ في النهاية ربما نطور نباتًا مصابًا بالفصام.
أشار هورفاث إلى أن هدف الطب المقارن هو معرفة كيفية الاستفادة من النماذج غير البشرية لدراسة السلوكيات والحالات المرضية المختلفة عند البشر، قال: «تطوير نبات من النموذج السابق يتيح الفرصة إلى توسيع نطاق دراسة السلوكيات البشرية كي تشمل أنواعًا بديلة من الكائنات الحية، وليس فقط الثدييات».
في إطار البحث السابق، درس هورفاث وزملاؤه مورثتين من الحمض النووي التابع للمتقدرات تعود إحدى المورثتين (FMT) لنبات مزهر يسمى Arabidopsis، وأُخذت المورثة الأخرى (CLUH) من فأر.
تتولى المتقدرات تنظيم الاستقلاب في الكائنات الحية، وتمتاز بأهميّة وتأثير كبير في صحة الكائن الحي. يسبّب اضطراب وظائف المتقدرات خللًا في التطور عند النباتات والبشر ما يؤدي إلى أمراض عديدة، من ضمنها الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر، وهنتنغتون، وباركنسون والفصام عند البشر.
لإتمام الدراسة السابقة، قارن الباحثون بين نباتات نموذجية لا تحتوي على جين FMT، وأخرى تحتوي على صيغة مفرطة النشاط من هذا الجين. تحقّق هذه المقارنة فهمًا أفضل لدور هذا الجين. وجد الباحثون أن هذا الجين يؤثر في العديد من الخصائص الهامة من ضمنها الإنتاش أو تبرعم البذور، وطول الجذر، وتوقيت الإزهار، ونمو الأوراق.
بحث واضعو الدراسة في اثنين من السلوكيات الهامة عند النباتات:
السلوك الأول: استجابة النباتات للتراكيز الملحية:
تضرُّ التراكيز الملحية العالية النباتات وتكاد تقتلها. لذلك كان لا بد من تطوير سلوك النباتات لتجنب تعرضها الزائد للأملاح الموجودة في التربة والبيئة المزروعة فيها، وذلك بإيقاف الإنتاش، وتأخير الإزهار، وتعطيل نمو الجذور؛ وأكّد الباحثون على أهمية المورثة FMT في الاستجابات السابقة.
السلوك الثاني: يُعرَف بالسلوك ناقص الحركة القائمة على إيقاعات الساعة البيولوجية:
يقول هورفاث: «تؤثر إيقاعات الساعة البيولوجية بقوة على النباتات باعتبار الضوء مصدر الطاقة الأهم بالنسبة لها».
بالنسبة لنبات Arabidopsis، يشمل السلوك ناقص الحركة، كل الحركات التي تقوم بها أوراق النبات خلال الليل والنهار؛ تنبسط الأوراق وتستوي أثناء النهار وتكون أكثر تعرضًا لضوء الشمس، بينما تتجه الأوراق للأعلى عند غياب الضوء في الليل.
أكد هورفاث والباحثون أهمية الدور الذي تلعبه المورثة FMT في السلوك ناقص الحركة، إذ تتحكم في مقدار وسرعة حركة الأوراق.
لنتمكن من تطبيق نتائج الدراسة السابقة على الثدييات، قيّم الباحثون مجموعة متنوعة من سلوكيات الفئران، قارنوا الفئران النموذجية مع تلك التي تملك كمية قليلة من المورثة CLUH ، وهو جين يتقاطع بشدة مع المورثة FMT عند النباتات.
عند وضع الفئران في بيئة مفتوحة وإخضاعها لاختبار سلوكي، وجد الباحثون أن الفئران التي تمتلك كميات أقل من المورثة CLUH هي أبطأ، وتقطع مسافات أقصر من نظيراتها الفئران الاعتيادية.
يقول هورفاث: «تُبدي الفئران استجابة مشابهة لتلك الاستجابة المشاهدة عند النباتات، مع سرعات ونشاط تنقلي مختلف. ما تزال الأبحاث في هذا المجال بدائية لكنها تشير إلى احتمال وجود آليات متعلقة بالمتقدرات تعمل على فك شيفرة الوظائف المتماثلة عند النباتات والحيوانات».
وتابع: «تشكل هذه الدراسة خطوة أولى مثيرة للاهتمام في هذا المجال، لكن ما يزال أمامنا الكثير من الأعمال والدراسات لإنجازها».
المورثتان FMT و CLUH ليستا الوحيدتين، بل تشترك الثدييات وبعض النباتات مثل Arabidopsis في العديد من الجينات والعمليات الخلوية.
أكد هورفاث أن الهدف المراد من الدراسات في هذا المجال هو فهرسة أوجه التشابه بين النباتات والحيوانات تمهيدًا لطرح أسئلة بحثية أقوى، إذ ربما نتمكن من استخدام هذا النبات بمثابة كائن حي نموذجي لإتمام الأبحاث السلوكية في المستقبل.