البكتيريا كائناتٌ صغيرةٌ واسعة الحيلة، يمكنها العيش في بعض أغرب الأماكن وأكثرها قسوةً على كوكبنا، مثل الصحاري القاحلة، والبحيرات الحمضية السامة، وحتى في قشرة الأرض تحت قاع المحيط. لكن العلماء اكتشفوا للتوّ موطنًا جديدًا وغير متوقع أبدًا لهذه الميكروبات القوية: إنه سم الأفاعي والعناكب.
يتناقض هذا الاكتشاف مع اعتقادنا السابق بأن هذه السموم تحتوي على مركباتٍ مضادةٍ للميكروبات، وافترض العلماء أنها بيئاتٌ عقيمةٌ لا يمكن أن تنمو الميكروبات فيها أيضًا.
هذا الاكتشاف يعني أن البكتيريا التي تسبب الإنتانات قد تكون موجودة مسبقًا في السم قبل أن تتعرض الضحية للدغ حتى، ما يشير إلى أن أي شخصٍ لدغته أفعى أو عنكبوت قد يحتاج لعلاجٍ ضد الإنتان أيضًا.
يقول عالم الأحياء الجزيئية ستيرغيوس موسكوس من جامعة نورثمبريا في المملكة المتحدة: «لقد وجدنا أن جميع الأفاعي والعناكب السامة التي اختبرناها تحتوي على حمضٍ نووي جرثومي في سمّها، لكن فشلت طرق التشخيص الشائعة في التعرف على هذه البكتيريا بدقة، فإن كنت مصابًا بهذه البكتيريا، سينتهي الأمر بالطبيب بإعطائك المضادات الحيوية غير المناسبة، وقد يزيد الأمور سوءًا».
بالرغم من اعتقادنا لمدةٍ طويلةٍ أن السم يجب أن يكون عقيمًا، فإن اللدغات الملوّثة ليست كذلك، إذ يطور حوالي ثلاثة أرباع ضحايا لدغات الأفاعي إنتانًا في مكان الإصابة؛ ويعزى ذلك عادةً كما سبق واعتقدنا إلى انتقال عدوى من بكتيريا تعيش في فم الأفعى خلفها براز الفريسة التي اقتاتت عليها.
غير أن الدراسات الحديثة كشفت أن أفواه الأفاعي غير السامة أكثر عقامةً من أفواه الأفاعي السامة، وهذا غريبٌ نظرًا للمركبات المضادة للميكروبات التي يحتويها السم، وهذا يعني أن البكتيريا الموجودة داخله من المحتمل أن تكون محليّة، وليس مستعمرًا من ميكروبات الفريسة.
أراد موسكوس وزملاؤه معرفة ما إذا كان السم وغدد السم هما مصدر البكتيريا الإضافية، وإن كان كذلك، كيف تكيفت الميكروبات لتعيش في بيئة عدوانية للغاية بالنسبة لها.
لقد جمعوا عيناتٍ من السم وأجهزة السموم لخمسة أنواعٍ من الأفاعي، الأفعى النفاثة – Bitis Arientans، الكوبرا الباصقة سوداء العنق – Naja Nigricollis، الأفعى رمحية الرأس الشائعة – Bothrops Atrox، الأفعى الجرسية الغربية ماسية الظهر – Crotalus Atrox وأفعى تايبان الساحلية – Oxyuranus Scutellatus.
وأخذو عينات سم من نوعين من العناكب، عنكبوت شجرة الزينة الهندي – Poecilotheria Regalis والرتيلاء البرازيلية الوردية آكلة الطيور – Lasiodora Parahybana، وشرعوا في عزل الميكروبات من السم وفحصها.
من المرجح أن تكون بعض الميكروبات الموجودة في أفواه الأفاعي فموية أو بيئية، وقد وُجد بعضها في كلٍ من السم وغدده، ومن بينها بكتيريا وجدت في إحدى هذه الأفاعي، تدعى المكورة المعوية البرازية – Enterococcus Faecalis، وهي بكتيريا شائعة تتواجد عادةً في الجهاز الهضمي عند الإنسان.
كان ذلك رائعًا، لأن الفريق قد تمكن من مقارنة عينات هذه البكتيريا بعينات بكتيريا المكورات المعوية البرازية الموجودة في المشافي.
يقول موسكوس: «عندما سلسلنا الحمض النووي، حددنا البكتيريا بوضوح، واكتشفنا بأنها قد تحورت لتقاوم السم، وهذا شيء استثنائي حقًا، لأن السم يشبه كوكتيلًا من المضادات الحيوية، ومثقلٌ جدًا بها، لذا كنا نعتقد أن البكتيريا لن تحظى بأي فرصةٍ في الصمود ضده، لكنها لم تحظَ بفرصةٍ ضده فحسب، بل فعلتها مرتين، مستخدمةً نفس الآليات، وقد اختبرنا مباشرةً مقاومة بكتيريا المكورات المعوية البرازية للسم نفسه وقارناها بالبكتيريا التقليدية المعزولة مخبريًا: لم تتحمل عينة البكتيريا المعزولة السم على الإطلاق، بينما نمت عيّنتانا المعزولتان بنجاحٍ في أعلى تراكيزٍ سميّة أمكننا وضعهم فيها».
بالنظر إلى سرعة مستعمرة البكتيريا في تطوير مقاومة المضادات الحيوية، ومنذ متى تقوم بذلك، قد لا يكون ذلك مفاجئًا.
لكن تفاجأت أم لا، تشير النتائج إلى أن علاج لدغات الحيوانات السامة الملوثة قد لا يكون بسيطًا كعلاج عدوى ثانويةٍ بسبب تكيفات هذه الميكروبات.
مع ذلك، قد تعطينا هذه التكيفات طريقة جديدة لفهم مقاومة المضادات الحيوية، وكيفية مراوغتها في ظروفٍ أخرى.
يقول عالم الأحياء الجزيئية الباحث ستيف تريم في شركة ڤانوم تك – VenomTech: «باستكشافنا لآليات المقاومة التي تساعد هذه البكتيريا على النجاة، نستطيع إيجاد طرقٍ جديدةٍ كليًا للتغلب على مقاومة الأدوية المتعددة، ربما عبر هندسة ببتيدات السموم المضادة للميكروبات».
تبع نشر هذه الدراسة الكثير من الأخبار التي تفيد بأن القوة البحثية لجامعة نورثمبريا مستمرةٌ في النمو مع نتائجٍ من إطار التميز البحثي (REF2021)، التي تُظهر أن جامعة نورثمبريا صاحبة أكبر ارتفاعٍ في تصنيف القوة البحثية بين الجامعات البريطانية، إذ ارتفع تصنيف قوتها البحثية إلى المركز الثالث والعشرين، بعد صعودها مسبقًا من المركز الثمانين في عام 2008 إلى المركز الخمسين في عام 2014، ما جعل من جامعة نورثمبريا صاحبة أكبر نهوضٍ في تصنيف القوة البحثية للمرة الثانية.
الآثار المترتبة على العلاج السريري:
تحدث 2.7 مليون إصابة مرتبطة باللدغات السامة سنويًا، وبشكلٍ رئيسيٍ في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويعتقد أن 75% من الضحايا يطورون إنتاناتٍ في الأنسجة المتضررة من السم، مع كون بكتيريا المكورات المعوية البرازية المسبب الأشيع لهذه الإنتانات.
كان يعتقد سابقًا أن الإنتانات ناتجةٌ عن الجرح المفتوح الذي خلّفته اللدغة، على عكس البكتيريا المسببة للعدوى القادمة من السم نفسه.
يقول الباحثون في الختام إن دراستهم تظهر حاجة الأطباء للتفكير في علاج ضحايا لدغات الأفاعي ليس من تلف الأنسجة فحسب، بل من الإنتان أيضًا، وفي أسرع وقت ممكن.
يتناقض هذا الاكتشاف مع اعتقادنا السابق بأن هذه السموم تحتوي على مركباتٍ مضادةٍ للميكروبات، وافترض العلماء أنها بيئاتٌ عقيمةٌ لا يمكن أن تنمو الميكروبات فيها أيضًا.
هذا الاكتشاف يعني أن البكتيريا التي تسبب الإنتانات قد تكون موجودة مسبقًا في السم قبل أن تتعرض الضحية للدغ حتى، ما يشير إلى أن أي شخصٍ لدغته أفعى أو عنكبوت قد يحتاج لعلاجٍ ضد الإنتان أيضًا.
يقول عالم الأحياء الجزيئية ستيرغيوس موسكوس من جامعة نورثمبريا في المملكة المتحدة: «لقد وجدنا أن جميع الأفاعي والعناكب السامة التي اختبرناها تحتوي على حمضٍ نووي جرثومي في سمّها، لكن فشلت طرق التشخيص الشائعة في التعرف على هذه البكتيريا بدقة، فإن كنت مصابًا بهذه البكتيريا، سينتهي الأمر بالطبيب بإعطائك المضادات الحيوية غير المناسبة، وقد يزيد الأمور سوءًا».
بالرغم من اعتقادنا لمدةٍ طويلةٍ أن السم يجب أن يكون عقيمًا، فإن اللدغات الملوّثة ليست كذلك، إذ يطور حوالي ثلاثة أرباع ضحايا لدغات الأفاعي إنتانًا في مكان الإصابة؛ ويعزى ذلك عادةً كما سبق واعتقدنا إلى انتقال عدوى من بكتيريا تعيش في فم الأفعى خلفها براز الفريسة التي اقتاتت عليها.
غير أن الدراسات الحديثة كشفت أن أفواه الأفاعي غير السامة أكثر عقامةً من أفواه الأفاعي السامة، وهذا غريبٌ نظرًا للمركبات المضادة للميكروبات التي يحتويها السم، وهذا يعني أن البكتيريا الموجودة داخله من المحتمل أن تكون محليّة، وليس مستعمرًا من ميكروبات الفريسة.
أراد موسكوس وزملاؤه معرفة ما إذا كان السم وغدد السم هما مصدر البكتيريا الإضافية، وإن كان كذلك، كيف تكيفت الميكروبات لتعيش في بيئة عدوانية للغاية بالنسبة لها.
لقد جمعوا عيناتٍ من السم وأجهزة السموم لخمسة أنواعٍ من الأفاعي، الأفعى النفاثة – Bitis Arientans، الكوبرا الباصقة سوداء العنق – Naja Nigricollis، الأفعى رمحية الرأس الشائعة – Bothrops Atrox، الأفعى الجرسية الغربية ماسية الظهر – Crotalus Atrox وأفعى تايبان الساحلية – Oxyuranus Scutellatus.
وأخذو عينات سم من نوعين من العناكب، عنكبوت شجرة الزينة الهندي – Poecilotheria Regalis والرتيلاء البرازيلية الوردية آكلة الطيور – Lasiodora Parahybana، وشرعوا في عزل الميكروبات من السم وفحصها.
من المرجح أن تكون بعض الميكروبات الموجودة في أفواه الأفاعي فموية أو بيئية، وقد وُجد بعضها في كلٍ من السم وغدده، ومن بينها بكتيريا وجدت في إحدى هذه الأفاعي، تدعى المكورة المعوية البرازية – Enterococcus Faecalis، وهي بكتيريا شائعة تتواجد عادةً في الجهاز الهضمي عند الإنسان.
كان ذلك رائعًا، لأن الفريق قد تمكن من مقارنة عينات هذه البكتيريا بعينات بكتيريا المكورات المعوية البرازية الموجودة في المشافي.
يقول موسكوس: «عندما سلسلنا الحمض النووي، حددنا البكتيريا بوضوح، واكتشفنا بأنها قد تحورت لتقاوم السم، وهذا شيء استثنائي حقًا، لأن السم يشبه كوكتيلًا من المضادات الحيوية، ومثقلٌ جدًا بها، لذا كنا نعتقد أن البكتيريا لن تحظى بأي فرصةٍ في الصمود ضده، لكنها لم تحظَ بفرصةٍ ضده فحسب، بل فعلتها مرتين، مستخدمةً نفس الآليات، وقد اختبرنا مباشرةً مقاومة بكتيريا المكورات المعوية البرازية للسم نفسه وقارناها بالبكتيريا التقليدية المعزولة مخبريًا: لم تتحمل عينة البكتيريا المعزولة السم على الإطلاق، بينما نمت عيّنتانا المعزولتان بنجاحٍ في أعلى تراكيزٍ سميّة أمكننا وضعهم فيها».
بالنظر إلى سرعة مستعمرة البكتيريا في تطوير مقاومة المضادات الحيوية، ومنذ متى تقوم بذلك، قد لا يكون ذلك مفاجئًا.
لكن تفاجأت أم لا، تشير النتائج إلى أن علاج لدغات الحيوانات السامة الملوثة قد لا يكون بسيطًا كعلاج عدوى ثانويةٍ بسبب تكيفات هذه الميكروبات.
مع ذلك، قد تعطينا هذه التكيفات طريقة جديدة لفهم مقاومة المضادات الحيوية، وكيفية مراوغتها في ظروفٍ أخرى.
يقول عالم الأحياء الجزيئية الباحث ستيف تريم في شركة ڤانوم تك – VenomTech: «باستكشافنا لآليات المقاومة التي تساعد هذه البكتيريا على النجاة، نستطيع إيجاد طرقٍ جديدةٍ كليًا للتغلب على مقاومة الأدوية المتعددة، ربما عبر هندسة ببتيدات السموم المضادة للميكروبات».
تبع نشر هذه الدراسة الكثير من الأخبار التي تفيد بأن القوة البحثية لجامعة نورثمبريا مستمرةٌ في النمو مع نتائجٍ من إطار التميز البحثي (REF2021)، التي تُظهر أن جامعة نورثمبريا صاحبة أكبر ارتفاعٍ في تصنيف القوة البحثية بين الجامعات البريطانية، إذ ارتفع تصنيف قوتها البحثية إلى المركز الثالث والعشرين، بعد صعودها مسبقًا من المركز الثمانين في عام 2008 إلى المركز الخمسين في عام 2014، ما جعل من جامعة نورثمبريا صاحبة أكبر نهوضٍ في تصنيف القوة البحثية للمرة الثانية.
الآثار المترتبة على العلاج السريري:
تحدث 2.7 مليون إصابة مرتبطة باللدغات السامة سنويًا، وبشكلٍ رئيسيٍ في جميع أنحاء أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويعتقد أن 75% من الضحايا يطورون إنتاناتٍ في الأنسجة المتضررة من السم، مع كون بكتيريا المكورات المعوية البرازية المسبب الأشيع لهذه الإنتانات.
كان يعتقد سابقًا أن الإنتانات ناتجةٌ عن الجرح المفتوح الذي خلّفته اللدغة، على عكس البكتيريا المسببة للعدوى القادمة من السم نفسه.
يقول الباحثون في الختام إن دراستهم تظهر حاجة الأطباء للتفكير في علاج ضحايا لدغات الأفاعي ليس من تلف الأنسجة فحسب، بل من الإنتان أيضًا، وفي أسرع وقت ممكن.