إبراهيم العريس
"ديغا رقص رسم" أو كيف وضع طه حسين النص الفرنسي في حمى أبي العلاء
.. وكان صاحبي قد أهدى إليّ هذا الكتاب من كتب بول فاليري منذ أسابيع، فطلبت منه أن يأخذ في قراءته لي، مستيقناً من أن حديث هذا الكاتب الفرنسي العظيم عن هذا المصور الفرنسي العظيم وعما أراد أن يستطرد إليه من حديث الرقص والرسم، سيشغلني عن أبي العلاء ولزومياته فضلاً عن الحديث في أبي العلاء ولزومياته. ولكن أعجب للمصادفات، وأعجب لقول فاليري نفسه أن حياة رجل من الناس ليست إلا سلسلة من المصادفات، وأعجب من قول أبي العلاء نفسه في أول اللزوميات إنه قال ما قال، بقضاء لا يشعر كيف هو. فلم أكد أسمع بول فاليري حتى رأيت خواطري مصوَّرة ومعانيّ ممثلة، وحتى خيّل إليّ أن هذه المعاني والخواطر قد قامت أمامي ضاحكة مني هازئة بي تقول: لقد حاولت أن تكظمنا وتكتمنا، فلم تفلح ولم توفق، وحاولت أن تفر منا إلى هذا الكتاب فإذا نحن نطالعك، وإذا أنت تطالعنا في أوله، فأذعن للقضاء وخذ في الإملاء...". هناك ثلاثة أو أربعة أمور تسِم هذا الحديث الذي يرد في الصفحات الأولى من ثاني كتاب وضعه طه حسين عن... أبي العلاء المعري، لا بد من المسارعة بتوضيحها كي لا يبدو الأمر وكأنه متاهة من الكلمات المتقاطعة بالنسبة إلى الذين، كما حالنا، سيجدون الغرابة المدهشة في هذا الخلط الذي يبدو مسيطراً هنا.
الرسم والرقص بين ضريرين!
ففي البداية، لا بد من توضيح أن عميد الأدب العربي يتحدث عن كتاب لبول فاليري صدر للمرة الأولى أواسط سنوات الثلاثين من القرن العشرين ثم نُسي إلى حد ما بعد ذلك لـ"يُعاد اكتشافه" بعد نحو ثلاثة أرباع القرن، فيُصوّر في باريس ويطبع فيها بل يقام له معرض خاص به في متحف الأورساي أواخر عام 2017. ونعني به كتابه "ديغا رقص رسم". وبعد ذلك، يجدر التنبه إلى أن طه حسين يتحدث عن كتاب فاليري/ ديغا في معرض حديث مسهب عن أبي العلاء المعري خالطاً بين "لزوميات" هذا الأخير وذلك الكتاب الفرنسي الطليعي. ومن المؤكد أن مصدر الدهشة الكبرى هنا ينبع من واقع أن الكتاب الفرنسي يتمحور من حول فنَّين من المؤكد أن لا علاقة لهما لا بالمعري ولا بطه حسين اللذين يجمع بينهما فقدان البصر، ما يجعلهما عاجزين عن رؤية الرقص والرسم اللذين لا يتحدث فاليري عنهما هنا فحسب، بل يجعلهماً عنواناً لكتابه عن ذلك الفنان الذي جمعهما معاً. ولكن الكاتب العربي لا يعدم وسيلة لتبرير حديثه غير كون الكتاب الفرنسي قد صدر وهو موجود في باريس يشتغل على لزوميات سلفه الشاعر العربي الكبير.
تبرير ظريف ومقبول
فها هو ينتقل ليعطي القارئ ذلك المبرر الذي يبدو مقبولاً منه مهما اتّسم به من غرابة، إذ يقول فوراً: "... والغريب الذي لم أكُن أتوقعه ولا أفترضه أن كثيراً من صفحات هذا المصور الفرنسي (ويقصد ديغا طبعاً) الذي كنت أسمع اسمه وأجهل من أمره كل شيء، تشبه ما ألِفت وأحببت من صفات أبي العلاء. فشدة الرجل على نفسه إلى أقصى غايات الشدة، وشك الرجل في مقدرته إلى أبعد آماد الشك، وزهد الرجل في الشهرة وبعد الصيت، وفي الثراء وسعة ذات اليد، وارتياب الرجل بأحكام الناس في أمور الفن، وانصرافه عن الحمد الكاذب والثناء الرخيص، وتأجيله لذة الظفر بالفوز وخلقه المصاعب لنفسه... إلخ، كل هذه الصفات التي يحدثنا بها فاليري عن صديقه وأثيره ديغا، قد حدثتنا به القرون والأجيال عن أبي العلاء، إلا أن الأول كان مصوّراً رساماً والثاني شاعراً حكيماً". وطبعاً يمكننا أن نقبل هذا كله من طه حسين حتى إن لم يبدُ لنا مقنعاً وقد نستنكره تماماً لو أتى من كاتب آخر. ونتوقف طبعاً عن الاستطراد في هذا لنشير فقط للمناسبة إلى أن المواصفات التي يستخلصها طه حسين هنا من كتابة فاليري عن ديغا قد تفسر، بل تبرر تلك الفقرات القاسية التي تحدث بها السينمائي الفرنسي الكبير جان رينوار عن ديغا نفسه في كتابه "رينوار أبي" الذي وضعه عن سيرة أبيه الرسام الانطباعي بيار أوغست رينوار وبدا فيه طريفاً في حديثه عن ذلك الأب وأصدقائه، إلا حين يتعلق الأمر بالحديث عن ديغا، فيشتدّ في انتقاده والتصغير من شأنه ما يكشف، من دون أن يفسر، أن رينوار الابن لم يحب ديغا وها هو كتاب فاليري وتناول طه حسين له، يفسران الأمر كله ولو بشكل موارب!
2500 يورو للنسخة
فما هو بعد كل شيء كتاب بول فاليري؟ هو كتاب لا يتجاوز عدد صفحاته ثمانين صفحة أو أقل قليلاً صدر بالعنوان الذي ذكرناه للمرة الأولى بين عامَي 1936 و1937، أي بعد أعوام عدة من ولادة فكرته للمرة الأولى عام 1929 حين كان الشاعر والكاتب بول فاليري قد اقترح عن صديقه أمبرواز فولار، جامع اللوحات المتطلع حينها ليعمل في النشر أيضاً أن يصدرا كتاباً عن صديقهما المشترك الرسام إدغار ديغا الذي كان قد رحل عن عالمنا عام 1917، فلم ينجز الكتاب ويصدر إلا في الذكرى العشرين لذلك الرحيل محتوياً على نص بديع لفاليري كما على عدد من رسوم ديغا ولوحاته، علماً أن بعض تلك الرسوم كان من مقتنيات فولار والبعض الآخر مما كان فاليري نفسه يملكه. والحقيقة أن الكتاب أتى تحفة فنية بكل معنى الكلمة، أولاً من ناحية نص فاليري الذي أتى متكاملاً مع اللوحات التي طُبعت بشكل بالغ الفخامة باهظ التكلفة، لا مفسراً لها مشتغلاً على تحليل جمالي شاعري لرسوم لديغا ومخططات، رأى فاليري أنها تحمل من الشاعرية ما يبديها نابعة من روح الفنان وتفاعله الخاص جداً مع الحياة بأكثر مما هي رسم للحياة ومشاهدها، لا سيما مشاهد راقصات الأوبرا الباريسيات في حياتهن اليومية. وهذا الكتاب الذي طُبع في نسخته الأولى بحجم لا يقل عن 25 سم عرضاً وعن 33 سم طولاً، إلا قليلاً، والذي يحتفظ متحف الأورساي منذ أعوام بنسخته الأولى من بين الـ300 نسخة التي شكّلت طبعته الأولى، سرعان ما تحوّل مع الوقت إلى كتاب نادر الوجود، يتم تداوله بين تجار الكتب الثمينة وهواتها بما لا يقل عن 2500 يورو للنسخة الواحدة ليمثّل علامة فارقة في تاريخ كتب الفن في فرنسا.
ولقد كان حدثاً باريسياً كبيراً تحوّل الكتاب، كما أشرنا أعلاه، إلى معرض فني أُقيم طوال ثلاثة أشهر في متحف الأورساي (بين آخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 وآخر فبراير/ شباط 2018)، كما كان مناسبة استُعيدت عبرها ذكرى ديغا وفنه الذي كان متفرّداً، سواء صور راقصات الأوبرا أو سباقات الخيل في لونغ شان وغيرها أو وصل إلى نيو أورلينز الأميركية حيث أمضى ردحاً من الزمن صوّر خلاله لوحات واقعية، من أشهرها لوحته التي تنقل مشهداً للعمل اليومي في بورصة الولاية الأميركية، ناهيك عن تصويره بعض سمات الحياة اليومية في باريس. ولكن استُعيدت كذلك للمناسبة ذاتها، ذكرى بول فاليري كشاعر مجدد ومنوع في الحياة الإبداعية الفرنسية، ولكن أيضاً ككاتب اهتم بالفنون التشكيلية ليس فقط من خلال كتابه البديع هذا عن ديغا، ولكن أيضاً من خلال كتب أخرى عدة لعل من أبرزها كتابه الكبير عن ليوناردو دا فنشي الذي سبق أن قدّمناه في هذه الزاوية ذاتها. أما نحن، فها نحن هنا نستعيد للمناسبة أيضاً ذكرى ذلك التدخل البديع الذي أضافه عميد الأدب العربي على الحكاية كلها، مركزاً على "الجانب البصري" فيها، لمجرّد أن معاونه وصديقه الذي كان يهتم بشراء الكتب وقراءتها له، اشترى له نسخة من الطبعة الأولى لذلك الكتاب عند صدوره للمرة الأولى في باريس، فأحب أن يسجل ذلك الحدث ولو على طريقته الخاصة، رابطاً إياه ذلك الرباط الطريف مع اهتمامه بأبي العلاء المعري!
"ديغا رقص رسم" أو كيف وضع طه حسين النص الفرنسي في حمى أبي العلاء
.. وكان صاحبي قد أهدى إليّ هذا الكتاب من كتب بول فاليري منذ أسابيع، فطلبت منه أن يأخذ في قراءته لي، مستيقناً من أن حديث هذا الكاتب الفرنسي العظيم عن هذا المصور الفرنسي العظيم وعما أراد أن يستطرد إليه من حديث الرقص والرسم، سيشغلني عن أبي العلاء ولزومياته فضلاً عن الحديث في أبي العلاء ولزومياته. ولكن أعجب للمصادفات، وأعجب لقول فاليري نفسه أن حياة رجل من الناس ليست إلا سلسلة من المصادفات، وأعجب من قول أبي العلاء نفسه في أول اللزوميات إنه قال ما قال، بقضاء لا يشعر كيف هو. فلم أكد أسمع بول فاليري حتى رأيت خواطري مصوَّرة ومعانيّ ممثلة، وحتى خيّل إليّ أن هذه المعاني والخواطر قد قامت أمامي ضاحكة مني هازئة بي تقول: لقد حاولت أن تكظمنا وتكتمنا، فلم تفلح ولم توفق، وحاولت أن تفر منا إلى هذا الكتاب فإذا نحن نطالعك، وإذا أنت تطالعنا في أوله، فأذعن للقضاء وخذ في الإملاء...". هناك ثلاثة أو أربعة أمور تسِم هذا الحديث الذي يرد في الصفحات الأولى من ثاني كتاب وضعه طه حسين عن... أبي العلاء المعري، لا بد من المسارعة بتوضيحها كي لا يبدو الأمر وكأنه متاهة من الكلمات المتقاطعة بالنسبة إلى الذين، كما حالنا، سيجدون الغرابة المدهشة في هذا الخلط الذي يبدو مسيطراً هنا.
الرسم والرقص بين ضريرين!
ففي البداية، لا بد من توضيح أن عميد الأدب العربي يتحدث عن كتاب لبول فاليري صدر للمرة الأولى أواسط سنوات الثلاثين من القرن العشرين ثم نُسي إلى حد ما بعد ذلك لـ"يُعاد اكتشافه" بعد نحو ثلاثة أرباع القرن، فيُصوّر في باريس ويطبع فيها بل يقام له معرض خاص به في متحف الأورساي أواخر عام 2017. ونعني به كتابه "ديغا رقص رسم". وبعد ذلك، يجدر التنبه إلى أن طه حسين يتحدث عن كتاب فاليري/ ديغا في معرض حديث مسهب عن أبي العلاء المعري خالطاً بين "لزوميات" هذا الأخير وذلك الكتاب الفرنسي الطليعي. ومن المؤكد أن مصدر الدهشة الكبرى هنا ينبع من واقع أن الكتاب الفرنسي يتمحور من حول فنَّين من المؤكد أن لا علاقة لهما لا بالمعري ولا بطه حسين اللذين يجمع بينهما فقدان البصر، ما يجعلهما عاجزين عن رؤية الرقص والرسم اللذين لا يتحدث فاليري عنهما هنا فحسب، بل يجعلهماً عنواناً لكتابه عن ذلك الفنان الذي جمعهما معاً. ولكن الكاتب العربي لا يعدم وسيلة لتبرير حديثه غير كون الكتاب الفرنسي قد صدر وهو موجود في باريس يشتغل على لزوميات سلفه الشاعر العربي الكبير.
تبرير ظريف ومقبول
فها هو ينتقل ليعطي القارئ ذلك المبرر الذي يبدو مقبولاً منه مهما اتّسم به من غرابة، إذ يقول فوراً: "... والغريب الذي لم أكُن أتوقعه ولا أفترضه أن كثيراً من صفحات هذا المصور الفرنسي (ويقصد ديغا طبعاً) الذي كنت أسمع اسمه وأجهل من أمره كل شيء، تشبه ما ألِفت وأحببت من صفات أبي العلاء. فشدة الرجل على نفسه إلى أقصى غايات الشدة، وشك الرجل في مقدرته إلى أبعد آماد الشك، وزهد الرجل في الشهرة وبعد الصيت، وفي الثراء وسعة ذات اليد، وارتياب الرجل بأحكام الناس في أمور الفن، وانصرافه عن الحمد الكاذب والثناء الرخيص، وتأجيله لذة الظفر بالفوز وخلقه المصاعب لنفسه... إلخ، كل هذه الصفات التي يحدثنا بها فاليري عن صديقه وأثيره ديغا، قد حدثتنا به القرون والأجيال عن أبي العلاء، إلا أن الأول كان مصوّراً رساماً والثاني شاعراً حكيماً". وطبعاً يمكننا أن نقبل هذا كله من طه حسين حتى إن لم يبدُ لنا مقنعاً وقد نستنكره تماماً لو أتى من كاتب آخر. ونتوقف طبعاً عن الاستطراد في هذا لنشير فقط للمناسبة إلى أن المواصفات التي يستخلصها طه حسين هنا من كتابة فاليري عن ديغا قد تفسر، بل تبرر تلك الفقرات القاسية التي تحدث بها السينمائي الفرنسي الكبير جان رينوار عن ديغا نفسه في كتابه "رينوار أبي" الذي وضعه عن سيرة أبيه الرسام الانطباعي بيار أوغست رينوار وبدا فيه طريفاً في حديثه عن ذلك الأب وأصدقائه، إلا حين يتعلق الأمر بالحديث عن ديغا، فيشتدّ في انتقاده والتصغير من شأنه ما يكشف، من دون أن يفسر، أن رينوار الابن لم يحب ديغا وها هو كتاب فاليري وتناول طه حسين له، يفسران الأمر كله ولو بشكل موارب!
2500 يورو للنسخة
فما هو بعد كل شيء كتاب بول فاليري؟ هو كتاب لا يتجاوز عدد صفحاته ثمانين صفحة أو أقل قليلاً صدر بالعنوان الذي ذكرناه للمرة الأولى بين عامَي 1936 و1937، أي بعد أعوام عدة من ولادة فكرته للمرة الأولى عام 1929 حين كان الشاعر والكاتب بول فاليري قد اقترح عن صديقه أمبرواز فولار، جامع اللوحات المتطلع حينها ليعمل في النشر أيضاً أن يصدرا كتاباً عن صديقهما المشترك الرسام إدغار ديغا الذي كان قد رحل عن عالمنا عام 1917، فلم ينجز الكتاب ويصدر إلا في الذكرى العشرين لذلك الرحيل محتوياً على نص بديع لفاليري كما على عدد من رسوم ديغا ولوحاته، علماً أن بعض تلك الرسوم كان من مقتنيات فولار والبعض الآخر مما كان فاليري نفسه يملكه. والحقيقة أن الكتاب أتى تحفة فنية بكل معنى الكلمة، أولاً من ناحية نص فاليري الذي أتى متكاملاً مع اللوحات التي طُبعت بشكل بالغ الفخامة باهظ التكلفة، لا مفسراً لها مشتغلاً على تحليل جمالي شاعري لرسوم لديغا ومخططات، رأى فاليري أنها تحمل من الشاعرية ما يبديها نابعة من روح الفنان وتفاعله الخاص جداً مع الحياة بأكثر مما هي رسم للحياة ومشاهدها، لا سيما مشاهد راقصات الأوبرا الباريسيات في حياتهن اليومية. وهذا الكتاب الذي طُبع في نسخته الأولى بحجم لا يقل عن 25 سم عرضاً وعن 33 سم طولاً، إلا قليلاً، والذي يحتفظ متحف الأورساي منذ أعوام بنسخته الأولى من بين الـ300 نسخة التي شكّلت طبعته الأولى، سرعان ما تحوّل مع الوقت إلى كتاب نادر الوجود، يتم تداوله بين تجار الكتب الثمينة وهواتها بما لا يقل عن 2500 يورو للنسخة الواحدة ليمثّل علامة فارقة في تاريخ كتب الفن في فرنسا.
ولقد كان حدثاً باريسياً كبيراً تحوّل الكتاب، كما أشرنا أعلاه، إلى معرض فني أُقيم طوال ثلاثة أشهر في متحف الأورساي (بين آخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2017 وآخر فبراير/ شباط 2018)، كما كان مناسبة استُعيدت عبرها ذكرى ديغا وفنه الذي كان متفرّداً، سواء صور راقصات الأوبرا أو سباقات الخيل في لونغ شان وغيرها أو وصل إلى نيو أورلينز الأميركية حيث أمضى ردحاً من الزمن صوّر خلاله لوحات واقعية، من أشهرها لوحته التي تنقل مشهداً للعمل اليومي في بورصة الولاية الأميركية، ناهيك عن تصويره بعض سمات الحياة اليومية في باريس. ولكن استُعيدت كذلك للمناسبة ذاتها، ذكرى بول فاليري كشاعر مجدد ومنوع في الحياة الإبداعية الفرنسية، ولكن أيضاً ككاتب اهتم بالفنون التشكيلية ليس فقط من خلال كتابه البديع هذا عن ديغا، ولكن أيضاً من خلال كتب أخرى عدة لعل من أبرزها كتابه الكبير عن ليوناردو دا فنشي الذي سبق أن قدّمناه في هذه الزاوية ذاتها. أما نحن، فها نحن هنا نستعيد للمناسبة أيضاً ذكرى ذلك التدخل البديع الذي أضافه عميد الأدب العربي على الحكاية كلها، مركزاً على "الجانب البصري" فيها، لمجرّد أن معاونه وصديقه الذي كان يهتم بشراء الكتب وقراءتها له، اشترى له نسخة من الطبعة الأولى لذلك الكتاب عند صدوره للمرة الأولى في باريس، فأحب أن يسجل ذلك الحدث ولو على طريقته الخاصة، رابطاً إياه ذلك الرباط الطريف مع اهتمامه بأبي العلاء المعري!