خلال العامين الماضيين فقط، نشر إدواردو ميركادو اثنتي عشرة دراسة تقريبًا في مجلات علمية رائدة؛ خضعت كلها لمراجعة الأقران. فازت ورقته البحثية عن أغنية الحيتان مع الأستاذة المساعدة في جامعة نيو إنجلاند، كريستينا إي بيرازيو، بجائزة فرانك إيه بيتش لعلم النفس المقارن لعام 2021 التي تُمنح لأفضل دراسة في العام في مجلة علم النفس المقارن الصادرة عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس.
في تلك الورقة البحثية، أبرز ميركادو خطأ الممارسة الشائعة المتمثلة في تعيين التسلسلات الصوتية لأغنية الحيتان في ثلاث مجموعات: الصيحات والأنين والبكاء، ويقول إن هذا تصنيف عشوائي يؤدي إلى مقارنات إشكالية.
تمثّل أحدث ورقة علمية نشرها هجومًا يتناقض مباشرةً مع نظرة الوضع الراهن لأغنية الحوت الأحدب كشكل من أشكال الثقافة الصوتية.
يؤكد ميركادو في هذه الورقة البحثية أن الوقت قد حان للتراجع وإلقاء نظرة على التنبؤات التي قدمتها فرضية التعلم الاجتماعي، التي لم تُختبر أو تؤكد أبدًا، والنظر في الأدلة المضادة المقدمة في بحثه.
يقول الباحث: «إذا كان المغنون عرضة لنسخ الأغاني الجديدة، فإن تقديم أغانٍ ناجحة لها من مجموعات سكانية أخرى يجب أن يؤدي إلى التقليد. في دراسة حول استجابات الحيتان للأغاني المألوفة وغير المألوفة، سبح 71٪ منها الذين تعرضوا للأغاني غير المألوفة بعيدًا عن المصدر الصوتي، ولم يقلد أي منها الأغنية الجديدة».
كما نقد بعض المعطيات التي اعتبرت أدلةً في بحوث سابقة على فرضية التعلم الاجتماعي. إذ تشير إحدى الدراسات أن حيتان شرق أستراليا بدأت في تقليد أغاني حيتان غرب أستراليا. لكنه يعبر أن مثل هذه الدراسات تهمل العديد من العناصر أهمها وجود حيتان مغنية في شرق أستراليا تقوم بتلحين أغانيها باستقلالية.
زد على ذلك، فإن فرضية التعلم الاجتماعي تعني أن في حال وجود أكثر من ملحّن مبتكر، سنشهد تنافساً في شهرة الأغاني بين السكان.
يؤكد هذا قائلاً: «خمسون عامًا من التسجيلات لم تكشف حتى الآن عن أي دليل على حدوث مثل هذه المنافسات الغنائية في أي مجموعة. ومن غير المعقول أن يكون حوت واحد فقط هو من يلحّن كل الأغاني الجديدة، إذ يوجد آلاف منها غيره تغني في نفس المجموعة».
يتعلق الابتكار أيضًا بالتقدم، فعندما تتراكم الابتكارات بمرور الوقت، لا ينبغي أن يكون هناك تراجع إلى الأغاني السابقة؛ لكن حتى الآن، يوضح بحث ميركادو أن العديد من العبارات تتكرّر في أغاني الحيتان، وأن التعلم الاجتماعي يعني أن تكون “طالبًا في الفصل”. لذلك إذا كانت الحيتان تتعلم من بعضها، فيجب أن تكون للمجموعات المتميزة من الحيتان عادات صوتية مميزة.
لكن ذلك لم يكن وفقًا لنتائج الورقة. تنتج الحيتان الحدباء دون اتصال صوتي مع بعضهم موضوعات متطابقة صوتيًا. وقد تغني المجموعات المختلفة التي تفصل بينها قارات نفس الأغاني دون أن تسمع أيًا من النماذج الملهمة نفسها. وهذا ما زاد من احترام ميركادو للحيتان.
وبحكم خبرته في قدرة الدماغ على التكيف والتغيير بناءً على التجربة يؤكد أن «كل هذا يشير إلى مستوى وعي مختلف عن التعلم الاجتماعي. النموذج الحالي قائم على الذاكرة: الحيتان تسمع أغنية؛ تحفظها وتنسخها. لكن ما تفعله في الحقيقة أكثر تعقيدًا».
ويضيف: «ما زلنا لا نعرف ما الذي يدفع الأغاني للتغيّر، لكنني مقتنع بأن السبب ليس التعلم الاجتماعي».