صرواح (مدينة ـ)
صرواح اسم مشترك بين ثلاثة أماكن في اليمن، أهمها صرواح خولان العالية، وهي مدينة أثرية مهمة، تبعد عن صنعاء 120كم شرقاً، كانت عاصمة لمملكة سبأ (950ـ115ق.م)، تقع على أَحِفة واد يسمى باسمها، وهو الوادي الذي أقيم عليه سد مأرب. كشف النقاب في صرواح عن ثلاثة مواقع أثرية، الأول في منطقة (بنا) وهو مكان السد القديم، والثاني في منطقةالقصر، أما الثالث وهو الأهم فيقع بالمنطقة المعروفة باسم الخريبة.
وصرواح اليوم مدينة عامرة، بيد أن سكانها قليلون، ويتوزعون في منطقتين أصبحتا قريتين متجاورتين تحمل الأولى اسم قرية القصر والثانية اسم قرية الخريبة. أما قرية القصر فقد شيّد سكانها منازلهم وأحاطوها بسور من حجارة الموقع التي نقش معظمها بالخط المسند، في حين شيّد سكان قرية الخريبة منازلهم داخل ماثبت أنه معبد كبير لاتزال أعمدته قائمة حتى اليوم، يراوح ارتفاع بعضها بين 7ـ8أمتار، على مساحة تبلغ نحو 260×240متراً، وقد أقام الأهالي منازلهم الصغيرة في فنائه وتوسعوا فيها، لتشمل بقايا الأبنية الأخرى خارج المعبد، وهي ذات أعمدة غرانيتية، مثل قصر بلقيس الذي لايزال قائماً ويحتفظ بسقفه الحجري، ومعبد إله القمر (الموقا أو المقة) الذي يزيد ارتفاعه على 10أمتار، ويتعذر معرفة تصميمه الأصلي بسبب ماتكدس من أتربة حول جدرانه. أما عن النقوش التي عثر عليها في تلك المواقع فهي كثيرة ومبعثرة عشوائياً في كل مكان، وهي على درجة كبيرة من الأهمية، منها ماهو موجود على الجدار الخارجي للمعبد الكبير، يبلغ طول السطر المكتوب 55.12م وعرضه 26سم وهو بالخط المسند، ذكر فيه اسم « يدع أيل ذريح بن سمهو على» وهو اسم ثاني مَكْرِب في سلسلة مكاربة مملكة سبأ، عاش في القرن الثامن ق. م، ولذلك عُدّ هذا المعبد من أقدم المعابد السبئية التي لاتزال قائمة إلى اليوم، وإضافة إلى ذكر الإله الموقا ثمة نقوش أخرى تذكر الإله عشتر الذي عبده قدماء السبئيين، وهو عندهم كوكب الزهرة، والإله ذات حميم (الشمس). وهناك نقش النصر الذي يعد من أهم مصادر التاريخ اليمني في حقبته القديمة، وهذا النقش يغطي وجهي الجدار المشاد من المرمر في وسط المعبد الكبير، وقد أجريت على هذا النقش دراسات كثيرة بعد ترجمته منذ أن تمكن غلازر Glaser من الحصول على طبعات لنقوشه قبل أكثر من مئة عام. وصاحب هذا النقش «كريب ايل وتار» الذي ينسب إليه معظم الفتوحات التي جرت في العهد السبئي، وتشتمل الكتابات والنقوش الموجودة على هذا الجدار على أخبار هذا المكرب، وما قام به من فتوحات ومشروعات مهمة لمدينته، كخزانات المياه والجسور والقنوات. بيد أن هذا النقش تعرض للتلف؛ لأن أحد جانبيه، كما يذكر أحمد فخري، مكشوف على حظيرة مواش وملطخ بالأوساخ، والجانب الآخر معرّض للعبث والتخريب من قبل السكان. وعلى الأعمدة، قبالة مدخل المعبد، ثمة نقش آخر لملك يدعى «يكرب ملك وتار بن يدع ايل بين» من ملوك القرن السادس ق.م، يشتمل على معلومات مهمة تتعلق بالنواحي الإدارية والاقتصادية والاجتماعية، التي كان عليها حال المملكة في عهده، ويُذكر أن هذا الملك تولى الحكم بعد «يثع أمر بين» الذي أنهى آخر مرحلة من مراحل بناء سد مأرب. ومن النقوش المكتشفة أيضاً، نقش يرجع تاريخه إلى منتصف القرن الثالث ق.م، ورد فيه أخبار الملك «نشا كريب يهعمين»، وما أنجزه من المنشآت العمرانية التي تدل على اهتمامه في هذا المجال. أما النقوش التي عثر عليها في الموقع المسمى قصر بلقيس، فيرد فيها ذكر ملكين من ملوك سبأ هما: «نشا كريب يعمين يهرحب» و«يأزيل بين» وما قاما به من أعمال تجاه رعاياهما، وهذان الملكان حكما أواخر القرن الثاني ق.م، وربماكانت الدراسة التي قام بها العالم الأثري رودوكاناكيس Rhodokanakis من أهم الدراسات التي تناولت نقوش مدينة صرواح وآثارها التي أصبحت اليوم أطلالاً خربة بسبب أعمال النبش العشوائي، وسرقة مايعثر عليه من قطع أثرية و بيعها لمن يأتي إلى عدن وصنعاء من تجار ومهربي الآثار.
مصطفى الخطيب
صرواح اسم مشترك بين ثلاثة أماكن في اليمن، أهمها صرواح خولان العالية، وهي مدينة أثرية مهمة، تبعد عن صنعاء 120كم شرقاً، كانت عاصمة لمملكة سبأ (950ـ115ق.م)، تقع على أَحِفة واد يسمى باسمها، وهو الوادي الذي أقيم عليه سد مأرب. كشف النقاب في صرواح عن ثلاثة مواقع أثرية، الأول في منطقة (بنا) وهو مكان السد القديم، والثاني في منطقةالقصر، أما الثالث وهو الأهم فيقع بالمنطقة المعروفة باسم الخريبة.
مصطفى الخطيب