الصَّعاليك
الصعاليك: جمع صُعلوك، ولهذه الكلمة معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي، ففي اللغة: الصُّعْلوك: هو الفقير الذي لا مال له وليس له ما يعتمد عليه، والتصعلك: الفقر.
وللصعلوك أيضاً معانٍ لغوية أخرى تدور حول معنى الفقر والتجرُّد والضمور … وعليه فإن الصعلكة في مفهومها اللغوي: الفقر الذي يُجرّد الإنسان من ماله ويُظهره ضامراً هزيلاً بين الأغنياء المترفين الذين أتخمهم المال وسمّنهم.
أما المعنى الاصطلاحي للصعلوك، فهو: الذي خرج عن قبيلته لأمرٍ ما، أو خلعته القبيلة لكثرة جناياته عليها، فاحترف القتل والفتك والغزو والإغارة، وكثيراً ما كان الصعاليك يتوجهون إلى قبائلهم بالسلب والنهب والقتل انتقاماً منها فلم تسلم منهم. وغلب على الصعاليك أن يكونوا من العبيد أو من الْهُجَناء الذين ورثوا السواد من أمهاتهم، على أن آباءهم أحرار، إلا أنهم لم يُلحقوهم بأنسابهم. وربما اجتمع عدد من الصعاليك فيما بينهم فشكلوا جماعة من ثلاثة أو من خمسة مثلاً.
وكان المجتمع ينظر إلى هذه الفئة القليلة جداً نظرة ازدراء، ويرى أفرادَها خارجين عن الأعراف والتقاليد السائدة، وهذا يعني أن دماءهم كانت مُهدَرة. مما جعل الصعاليك أكثر خوفاً وقلقاً وشراسة.
وبرز الصعاليك في العصر الجاهلي، وكانوا قِلّة، ويُقسمون قسمين بالنظر إلى البيئة التي كانوا يعيشون فيها، فمنهم من عاش في البادية، ومنهم من عاش في مناطق جبلية، وربما احترفت بعض القبائل فعل الصعاليك كقبيلة هذيل. وكلّ الذين وصلت إلينا أخبارهم من الصعاليك كانوا شعراء، واتصفوا بصفات متميزة في حياتهم، منها: القلق الدائم، والسرعة في الجري؛ حتى قيل إن بعضهم كان يسبق الخيل، فضربوا المثل بهذه السرعة، فقيل: «أعدى من الشَّنْفَرَى، ومن السُّليَك…»، ومنها الاعتداد بالنفس لا بالقبيلة، وبالصفات الفردية لا الجماعية، وباقتحام الأهوال والسير ليلاً، وصعود القمم (المراقب). وقد ظهر أثر ذلك كله في أشعارهم التي تميزت أيضاً بكثرة الألفاظ الغريبة، وغلبة المقطّعات، والبعد عن المنهج التقليدي للقصيدة العربية، وبروز معاني القلق والاضطراب فيها، ووصف المراقب، والمباهاة بالفرار والنجاء، كما ظهر في أشعارهم حديث عن كثير من القيم والمبادئ التي يعتدّون بها، ولعل أشهر قصيدة تضمنت القيم الحميدة والخصال الرفيعة النبيلة هي قصيدة الشنفرى التي سُميت (لامية العرب) لذلك، ومطلعها:
أقيموا بَني أُمي صدورَ مطيِّكم فإني إلى قومٍ سواكم لأَمْيَل
وأشهر صعاليك الجاهلية: الشَّنْفرى، وتأبطَ شَرّاً، والسُّلَيك بن السُّلَكة، وعمرو بن بَرّاقة، وعُروة بن الورد العبسي؛ وكان حراً سيداً في قومه، جمع حوله الصعاليك (الفقراء) وأنفق عليهم، وغزا بالأقوياء منهم، فسُمي أبا الصعاليك.
وللدارسين المعاصرين مواقف من هذه الظاهرة وتفسيرات متعددة لها. أشاروا فيها إلى الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والجغرافية التي أدت إليها.
ووجدت ظاهرة الصعلكة امتداداً لها في العصور اللاحقة ـ وإن كان قليلاً ـ على الرغم من التغير الذي طرأ على العرب بعد الإسلام، ففي العصر الإسلامي والأموي نجد مثلاً: مالك ابن الرَّيْب المازني، والقَتّال الكِلابي، وعُبيد الله بن الْحُر الْجُعْفي.
وفي العصر العباسي ظهرت فئة أخرى عُرفت باسم العيّارين والشُّطّار.
علي أبو زيد
الصعاليك: جمع صُعلوك، ولهذه الكلمة معنى لغوي، ومعنى اصطلاحي، ففي اللغة: الصُّعْلوك: هو الفقير الذي لا مال له وليس له ما يعتمد عليه، والتصعلك: الفقر.
وللصعلوك أيضاً معانٍ لغوية أخرى تدور حول معنى الفقر والتجرُّد والضمور … وعليه فإن الصعلكة في مفهومها اللغوي: الفقر الذي يُجرّد الإنسان من ماله ويُظهره ضامراً هزيلاً بين الأغنياء المترفين الذين أتخمهم المال وسمّنهم.
أما المعنى الاصطلاحي للصعلوك، فهو: الذي خرج عن قبيلته لأمرٍ ما، أو خلعته القبيلة لكثرة جناياته عليها، فاحترف القتل والفتك والغزو والإغارة، وكثيراً ما كان الصعاليك يتوجهون إلى قبائلهم بالسلب والنهب والقتل انتقاماً منها فلم تسلم منهم. وغلب على الصعاليك أن يكونوا من العبيد أو من الْهُجَناء الذين ورثوا السواد من أمهاتهم، على أن آباءهم أحرار، إلا أنهم لم يُلحقوهم بأنسابهم. وربما اجتمع عدد من الصعاليك فيما بينهم فشكلوا جماعة من ثلاثة أو من خمسة مثلاً.
وكان المجتمع ينظر إلى هذه الفئة القليلة جداً نظرة ازدراء، ويرى أفرادَها خارجين عن الأعراف والتقاليد السائدة، وهذا يعني أن دماءهم كانت مُهدَرة. مما جعل الصعاليك أكثر خوفاً وقلقاً وشراسة.
وبرز الصعاليك في العصر الجاهلي، وكانوا قِلّة، ويُقسمون قسمين بالنظر إلى البيئة التي كانوا يعيشون فيها، فمنهم من عاش في البادية، ومنهم من عاش في مناطق جبلية، وربما احترفت بعض القبائل فعل الصعاليك كقبيلة هذيل. وكلّ الذين وصلت إلينا أخبارهم من الصعاليك كانوا شعراء، واتصفوا بصفات متميزة في حياتهم، منها: القلق الدائم، والسرعة في الجري؛ حتى قيل إن بعضهم كان يسبق الخيل، فضربوا المثل بهذه السرعة، فقيل: «أعدى من الشَّنْفَرَى، ومن السُّليَك…»، ومنها الاعتداد بالنفس لا بالقبيلة، وبالصفات الفردية لا الجماعية، وباقتحام الأهوال والسير ليلاً، وصعود القمم (المراقب). وقد ظهر أثر ذلك كله في أشعارهم التي تميزت أيضاً بكثرة الألفاظ الغريبة، وغلبة المقطّعات، والبعد عن المنهج التقليدي للقصيدة العربية، وبروز معاني القلق والاضطراب فيها، ووصف المراقب، والمباهاة بالفرار والنجاء، كما ظهر في أشعارهم حديث عن كثير من القيم والمبادئ التي يعتدّون بها، ولعل أشهر قصيدة تضمنت القيم الحميدة والخصال الرفيعة النبيلة هي قصيدة الشنفرى التي سُميت (لامية العرب) لذلك، ومطلعها:
أقيموا بَني أُمي صدورَ مطيِّكم فإني إلى قومٍ سواكم لأَمْيَل
وأشهر صعاليك الجاهلية: الشَّنْفرى، وتأبطَ شَرّاً، والسُّلَيك بن السُّلَكة، وعمرو بن بَرّاقة، وعُروة بن الورد العبسي؛ وكان حراً سيداً في قومه، جمع حوله الصعاليك (الفقراء) وأنفق عليهم، وغزا بالأقوياء منهم، فسُمي أبا الصعاليك.
وللدارسين المعاصرين مواقف من هذه الظاهرة وتفسيرات متعددة لها. أشاروا فيها إلى الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والجغرافية التي أدت إليها.
ووجدت ظاهرة الصعلكة امتداداً لها في العصور اللاحقة ـ وإن كان قليلاً ـ على الرغم من التغير الذي طرأ على العرب بعد الإسلام، ففي العصر الإسلامي والأموي نجد مثلاً: مالك ابن الرَّيْب المازني، والقَتّال الكِلابي، وعُبيد الله بن الْحُر الْجُعْفي.
وفي العصر العباسي ظهرت فئة أخرى عُرفت باسم العيّارين والشُّطّار.
علي أبو زيد