جوزيف أيوب "أمير الناي" الذي رافق فيروز وصباح وغيرهما.. ورحل من دون تكريم
الجمعة 21 آب 2020
بقلم حنان مسالخي
هو عاشق الموسيقى وموهوب بالفطرة، عشق الناي فأصبح أميره، إكتشف ولعه بالموسيقى من طفولته وحباه الله بصوت عذب جميل، لكنه لم يحترف الغناء وتعلم العزف على آلات عديدة، منها الأكورديون وآلات الايقاع والبيانو، الذي إحترفه فيما بعد وأصبح عازف كيبورد ومغنياً وملحناً بارعاً، لكنه في النهاية إستواه الناي.
إنه عازف الناي الأشهر على الإطلاق جوزيف أيوب، الذي رحل يوم 16 آب/أغسطس عام 2020، وفي قلبه غصة وهي عدم تكريمه، من أي جهة في لبنان.
عاصر عمالقة الفن اللبناني، ومنهم فيروز وصباح وسميرة توفيق ونصري شمس الدين وسمير حنا، وعمل مع العديد من الملحين، ومنهم الأخوين رحباني، زكي ناصيف، توفيق الباشا، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد محسن.
قدّم المقامات الشرقية والغربية، مستخدماً "الناي الأيوبي"، الذي عُرف به.
نشأته
ولد جوزيف أيوب في 25 كانون الأول/ديسمبر عام 1930 بالأشرفية في بيروت، والده بشارة أيوب، ووالدته نبيها عقل، وهو الولد الثاني في الترتيب، ضمن عائلة مؤلفة من أربعة أولاد، وهم جان وأنطوان وتريز.
شاء القدر أن يتولى جوزيف مسؤولية العائلة إلى جانب والده، بعد وفاة شقيقه، وركز على عمله مولياً إياه الاهتمام اللازم، خصوصاً بعد تعاظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، إثر وفاة والده عام 1967.
حياته الشخصية
تزوّج جوزيف أيوب من السيدة لينا ابراهيم نخول، في 30 أيار/مايو عام 1965، ورزقا بخمسة أولاد هم مروان وميراي وألين وجان (الذي فارق الحياة بعد إصابته بقذيفة خلال الحرب اللبنانية عام 1976، وكان في الثالثة من عمره) ونادين.
وقد صبّ جل إهتمامه على تربية أولاده بحب وعطاء وتضحية، وحرص على تزويدهم بالعلم والثقافة، اللذين حرم منهما في صغره.
بداياته وقصة الناي الأيوبي
شارك جوزيف أيوب في عمر الـ14 عاماً في مسرحية "عنتر وعبلة"، على مسرح "التياترو الكبير" مع المخرج المصري زكي طليمات. وبدأ وقتها يعزف منفرداً على ناي القصب في تلك المسرحية، التي إستمر عرضها حوالى شهرين. ومن هنا إنطلق في عمله عازف ناي محترف، وإنهالت عليه فيما بعد عروض العمل من الفرق الفولكلورية.
في ذلك الحين، خطرت له فكرة بإستبدال الناي القصبي بالـ"ريكوردر" الغربي، فحوله الى ناي خشبي، وكانت ولادة "الناي الأيوبي"، فعدّل مقاساته، وأدخل عليه المقامات الشرقية، ليصبح آلة مزدوجة الإستخدام، تصلح للعزف الشرقي والغربي في آن معاً.
وفي عام 1948، عندما كان يبلغ من العمر 18 عاماً سافر الى إسطنبول مع الفنانة ناديا شمعون وفرقتها، وبينما كان يتنقل من مدينة الى أخرى، أضاع حقيبته وفي داخلها "الناي الأيوبي"، فإضطر الى تعلم أصول العزف على آلة العود في المعهد التركي الشرقي في إسطنبول، كي يكمل رحلته الفنية.
دور كارم محمود في شهرته
بعد عودته إلى بيروت، توجه جوزيف أيوب فوراً الى حلب في سوريا، حيث كان يقيم صديقه "دكران مايبليان"، وكان هذا الأخير يتقن فن الحفر على الخشب، فزوده بمقاسات الناي الخشبي ليصنع له العديد منها، ولا زالت حتى اليوم تحمل إسمه المحفور عليها.
ثم رجع إلى بيروت ليستكمل مسيرته الفنية، فتعرف الى الفنان كارم محمود، الذي استدعاه الى اذاعة الشرق الأدنى في بيروت، ليشارك في العزف المنفرد على نايه في تسجيل 3 أغنيات، وهي "أمانة عليك يا ليل طول" و"سمرة يا سمرة" "وعلى شط بحر الهوا"، وهكذا، دخل إذاعة الشرق الأدنى، الإذاعة العربية الوحيدة بادارة المخرج الفلسطيني صبري الشريف.
عمله في إذاعة الشرق الأدنى
بلغ جوزيف الثانية والعشرين من عمره، ولم يكن بعد يجيد قراءة العلامات الموسيقية، فنصحه صبري الشريف بأن يدرس هذه العلامات ويتقنها ليشاركه في تسجيل أغنياته، فأخذ بنصيحته، وراح يدرس مبادىء الموسيقى على يد الأستاذ فرح دخيل، قائد الفرقة الموسيقية الخاصة بالإذاعة منذ عام 1952. وفي غضون ستة أشهر، أصبح ماهراً في قراءة العلامات على مختلف المفاتيح الموسيقية، ما أثار اعجاب القيمين على الاذاعة، خصوصاً رئيس القسم الشرقي صبري الشريف، فقرر إشراكه عازف ناي في فرقة الإذاعة، وواظب على العمل بجد ونشاط حتى عام 1952.
كما عمل مع أهم الملحنين، ومنهم الأخوين رحباني، زكي ناصيف، توفيق الباشا، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد محسن، وكان يشارك في تسجيل أغنيات كبار الفنانين، ومنهم فيروز، صباح، وديع الصافي، ونصري شمس الدين. وعلى أثر توقف إذاعة الشرق الأدنى عام 1954، عمل عازف ناي ورئيس فرقة في العديد من الحفلات والمهرجانات.
عام 1962، إنتقل جوزيف أيوب الى الاذاعة اللبنانية، وعمل فيها عازف ناي، وملحن، ورئيس فرقة موسيقية، ورافق كبار المطربين والمطربات في حفلاتهم.
تعليق