روكوكو (فن)
Rococo - Rococo
الروكوكو (فن ـ)
الروكوكو Rococo اتجاه فني ظهر في أوربا في الأعوام من 1730ـ1750، والكلمة تحوير لكلمة Rocaille التي تعني الحصى وكلمة Coquille التي تعني القواقع والصدف. وهذا الاتجاه مشتق من الباروك[ر] الـذي انتـشر فـي أوربا في القرنين السابع عشر والثامن عشر. والذي حمل اسماً إيبيرياً مشـتـقـاً مـن العـربيـة «البراق» إذ ثمة ملامح إيبرية طرأت على فن الباروك، تمثلت بالتنميق المبالغ به وبالخيالية (الفانتازيا)، بدأ في الرسم والنحت والتزيين المعماري والملابس، إذ أخذ الفن طابع الزخرفة ذات الخطوط اللولبية التي تأخذ شكل القواقع الصدفية والأوراق النباتية والتشكيلات اللهبية المجردة، كما تأخذ شكل الكهوف والمغائر.
اعتمد هذا الاتجاه على دعم البلاط وتوجيهه نحو الجمال الخيالي المعبر عن الترف، فكان الفن المفرط بالأناقة في مظاهر الحياة، أو المعبر عن الحميمية الحياتية والرومانسية والرشاقة.
وكان الملك لويس الرابع عشر راعياً قوياً لهذا الاتجاه. وبعد وفاته انتقلت رعاية هذا الفن إلى الطبقة الأرستقراطية والمجتمع الراقي في باريس. وعد هذا الفن فن البرجوازية التي تحولت أذواقها الفنية إلى هذا النوع من الفن المتأنق.
وما يفترق فيه هذا الفن عن الباروك، هو اقتحامه الفراغات الداخلية في العمارة، ولاسيما في القصور والبيوت وانتقاله إلى الأشياء والحلي، بل وصل إلى الملابس وتصفيف الشعر وتزيين الوجوه، وعلى الجدران والسقوف انتشرت موضوعات خيالية بألوان زاهية، وتوزعت الإطارات والمرايا والتحف كما الأثاث والمناضد والثريات، وكلها تحمل هذا الطابع الزخرفي الصدفي. ولقد أثار إعجاب الناس واهتمامهم هذا الأسلوب الرقيق والجذاب والمفرح، والذي خفف من ثقل الباروك وسيطرته المتمثلة بالضخامة والفخامة. فحلت الأناقة محل الكثافة، وحلت الألوان الشفافة محل الألوان الذهبية والمتنوعة جداً. وهكذا انتشرت الصالونات التي تستقبل عليّة الجمهور حافلة بالزخارف والرسوم التزينية، تعبيراً عن الترف والرشاقة التي ترضي الأثرياء، وقد تباروا في التباهي والتنافس الذي فسح في المجال أمام الفنانين للعمل على نطاق واسع لتزداد فرص العمل أمامهم.
بدا الركوكو في أعمال التصوير والنحت والحفر والعمارة والزخرفة. وكانت روما التي استمرت منذ عصر النهضة مقصداً للفنانين قد مهدت لهذا الاتجاه من أعمال بوروميني[ر] Borromini في العمارة وبرنيني[ر] Bernini في النحت، ولاسيما أعماله في ساحة الفاتيكان وفي ساحة نافونا في روما.
وكان الفنانون الألمان أول من استمد من فن روما والفن الإيبيري هذا الأسلوب الحيوي المتحرك والأخاذ، ونرى هذا التأثير واضحاً في أعمال الأخوين أسام Asam في ميونيخ وأعمال الأخوين زيميرمان Zimmermann في وايس Wies.
ثم انتقل هذا التأثير إلى فرنسا، ويعد ميسونييه Meissonnier رائداً في فن الروكوكو في أعماله الزخرفية والتزينية على الجدران والواجهات، مثل واجهة كنيسة «سان سولبيس» في باريس. وانتقل هذا الاتجاه إلى غيره كما يبدو في طراز «أوتيل سوبيس» Soubise. وانتشر هذا الفن فشمل الصناعات التطبيقية كالفضيات والخزفيات والخشبيات الجدارية وفي الزخرفة الداخلية.
وفي النمسا يتمثل هذا الفن في واجهة قصر البلفدير Belvédère المطلة على الحديقة في ڤيينا. كما نراه في كنيسة ميلك في جنوب النمسا.
وتجلى فن الروكوكو بوضوح في منحوتات آدم LS.Adam وأعمال سلوتز M.A.Slodts وفي النحتين المشهورين «حصان مارلي» للمثال كوستو Cousteau وفي أعمال المثالين بوجيه Puget وفالكونيه Falconet وكلوديون Clodion.
وانتقل فن الروكوكو أيضاً إلى فن الحفر، ونرى أمثلة على ذلك في أعمال بوشيه Boucher الفرنسي وأعمال هوغارث Hogarthe الإنكليزي وأعمال تيوبولو Tiopolo الإيطالي.
وفي الموسيقى استعمل هذا الاسم في أوبريتات الملحنين رامو Rameau وغلوك Gluck وموتسارت Mozart وهي ألحان انتشرت في القرن الثامن عشر ممثلة الحياة الأرستقراطية والبرجوازية الترفة والمتأنقة.
كذلك أطلق هذا الاسم على الشعر الألماني في ذلك العصر، وقد أغرق في التصنع وفي استعمال المحسنات البديعية والكلمات المتأنقة، والمعاني الخيالية التي تحاكي التكلف في فن الروكوكو.
وفي مجال التصوير الفرنسي يبقى الممثل الأكثر تعبيراً عن فن الروكوكو في أعماله، هو بوشيه Boucher ثم واطو Watteau وفراغونارد Fragonard والمصورة لوبران F.Lebrun.
تعرف بوشيه على مدام دو بومبادور ولازم صالونها وفيه كان مناخ الروكوكو مهيمنا ًعلى الفن والشعر والموسيقى. وكان بوشيه فناناً مصوراً ومزخرفاً تدخل في تصميم الأثاث وتزيينه بالصور الزيتية وزخرف الجدران والسقوف بألوان شفافة. وأهم أعماله لوحات «ديانا»، و«المستحمات»، و«الأساطير».
وأكثر الفنانين تأثراً بالفن الإيطالي كان فراغونار وقد عاد من روما بعد أربع سنوات حاملاً شحنة من التأثيرات تمثلت في لوحات الطبيعة الخلوية.
أما واطو فمال منذ حداثته نحو الموضوعات الخيالية، وحين اتجه إلى رسم الطبيعة توضح أســلوبه المـنمّق، وفـي مـوضوعاته الاجـتماعية يُرى الأشخاص وقد ارتدوا أكثر الثياب أناقة وكلفة. ومن أعماله «الحديث عند بائع اللوحات».
ولا بد من الوقوف أمام التيار الفني الذي انتقل من إيطاليا إلى شبه الجزيرة الإيبيرية (إسبانيا والبرتغال) حيث بدا الروكوكو الإسباني أكثر خصوصية وأكثر انتشاراً، فقد تجاوز انتشاره أوربا إلى أمريكا اللاتينية حيث حلت الثقافتان الإسبانية والبرتغالية محل الثقافات قبل الكولومبية كالمايا وغيرها.
ولقد اشتهرت عمارة الجزويت التي تسمى «لويولا» في مقاطعة الباسك على أنها رائعة فن الروكوكو الذي تبناه بروح إسبانية المعمار فونتانا (1738) Fontana الذي صمم أيضاً قصر الملك فيليب في مدريد، كما وضع في لشبونه عدداً من التصاميم لدير مارفا.
و من المثير للانتباه أن فن روكوكو الإسباني تأثر بالفن الصيني تماماً، كما فعل فنانو الروكوكو في فرنسا وإيطاليا، وقد تمثل ذلك باستعمال الخزف الصيني في الزخرفة المعمارية الداخلية. ليس في إسبانيا وحسب، بل وصل ذلك إلى المكسيك أيضاً.
وعلى الرغم من انتشار هذا الفن في أنحاء أوربا وأمريكا وانتقاله إلى جميع مظاهر الحياة والبيئة الاجتماعية، فإن زمنه لم يدم طويلاً لإفراطه بالتكلف، ولكنه مع ذلك كان ممهداً للإبداعية (الرومنسية) Romantisme في الفن والموسيقى والأدب في أوربا وغيرها.
عفيف البهنسي
Rococo - Rococo
الروكوكو (فن ـ)
الروكوكو Rococo اتجاه فني ظهر في أوربا في الأعوام من 1730ـ1750، والكلمة تحوير لكلمة Rocaille التي تعني الحصى وكلمة Coquille التي تعني القواقع والصدف. وهذا الاتجاه مشتق من الباروك[ر] الـذي انتـشر فـي أوربا في القرنين السابع عشر والثامن عشر. والذي حمل اسماً إيبيرياً مشـتـقـاً مـن العـربيـة «البراق» إذ ثمة ملامح إيبرية طرأت على فن الباروك، تمثلت بالتنميق المبالغ به وبالخيالية (الفانتازيا)، بدأ في الرسم والنحت والتزيين المعماري والملابس، إذ أخذ الفن طابع الزخرفة ذات الخطوط اللولبية التي تأخذ شكل القواقع الصدفية والأوراق النباتية والتشكيلات اللهبية المجردة، كما تأخذ شكل الكهوف والمغائر.
اعتمد هذا الاتجاه على دعم البلاط وتوجيهه نحو الجمال الخيالي المعبر عن الترف، فكان الفن المفرط بالأناقة في مظاهر الحياة، أو المعبر عن الحميمية الحياتية والرومانسية والرشاقة.
جيامباتيستا تيوبولو:سقف درج الإقامة (ألمانيا) |
وما يفترق فيه هذا الفن عن الباروك، هو اقتحامه الفراغات الداخلية في العمارة، ولاسيما في القصور والبيوت وانتقاله إلى الأشياء والحلي، بل وصل إلى الملابس وتصفيف الشعر وتزيين الوجوه، وعلى الجدران والسقوف انتشرت موضوعات خيالية بألوان زاهية، وتوزعت الإطارات والمرايا والتحف كما الأثاث والمناضد والثريات، وكلها تحمل هذا الطابع الزخرفي الصدفي. ولقد أثار إعجاب الناس واهتمامهم هذا الأسلوب الرقيق والجذاب والمفرح، والذي خفف من ثقل الباروك وسيطرته المتمثلة بالضخامة والفخامة. فحلت الأناقة محل الكثافة، وحلت الألوان الشفافة محل الألوان الذهبية والمتنوعة جداً. وهكذا انتشرت الصالونات التي تستقبل عليّة الجمهور حافلة بالزخارف والرسوم التزينية، تعبيراً عن الترف والرشاقة التي ترضي الأثرياء، وقد تباروا في التباهي والتنافس الذي فسح في المجال أمام الفنانين للعمل على نطاق واسع لتزداد فرص العمل أمامهم.
بدا الركوكو في أعمال التصوير والنحت والحفر والعمارة والزخرفة. وكانت روما التي استمرت منذ عصر النهضة مقصداً للفنانين قد مهدت لهذا الاتجاه من أعمال بوروميني[ر] Borromini في العمارة وبرنيني[ر] Bernini في النحت، ولاسيما أعماله في ساحة الفاتيكان وفي ساحة نافونا في روما.
وكان الفنانون الألمان أول من استمد من فن روما والفن الإيبيري هذا الأسلوب الحيوي المتحرك والأخاذ، ونرى هذا التأثير واضحاً في أعمال الأخوين أسام Asam في ميونيخ وأعمال الأخوين زيميرمان Zimmermann في وايس Wies.
أنطوان فاتو: أعياد البندقية (الرقص) ـ زيت |
وفي النمسا يتمثل هذا الفن في واجهة قصر البلفدير Belvédère المطلة على الحديقة في ڤيينا. كما نراه في كنيسة ميلك في جنوب النمسا.
وتجلى فن الروكوكو بوضوح في منحوتات آدم LS.Adam وأعمال سلوتز M.A.Slodts وفي النحتين المشهورين «حصان مارلي» للمثال كوستو Cousteau وفي أعمال المثالين بوجيه Puget وفالكونيه Falconet وكلوديون Clodion.
وانتقل فن الروكوكو أيضاً إلى فن الحفر، ونرى أمثلة على ذلك في أعمال بوشيه Boucher الفرنسي وأعمال هوغارث Hogarthe الإنكليزي وأعمال تيوبولو Tiopolo الإيطالي.
وفي الموسيقى استعمل هذا الاسم في أوبريتات الملحنين رامو Rameau وغلوك Gluck وموتسارت Mozart وهي ألحان انتشرت في القرن الثامن عشر ممثلة الحياة الأرستقراطية والبرجوازية الترفة والمتأنقة.
كذلك أطلق هذا الاسم على الشعر الألماني في ذلك العصر، وقد أغرق في التصنع وفي استعمال المحسنات البديعية والكلمات المتأنقة، والمعاني الخيالية التي تحاكي التكلف في فن الروكوكو.
وفي مجال التصوير الفرنسي يبقى الممثل الأكثر تعبيراً عن فن الروكوكو في أعماله، هو بوشيه Boucher ثم واطو Watteau وفراغونارد Fragonard والمصورة لوبران F.Lebrun.
تعرف بوشيه على مدام دو بومبادور ولازم صالونها وفيه كان مناخ الروكوكو مهيمنا ًعلى الفن والشعر والموسيقى. وكان بوشيه فناناً مصوراً ومزخرفاً تدخل في تصميم الأثاث وتزيينه بالصور الزيتية وزخرف الجدران والسقوف بألوان شفافة. وأهم أعماله لوحات «ديانا»، و«المستحمات»، و«الأساطير».
وأكثر الفنانين تأثراً بالفن الإيطالي كان فراغونار وقد عاد من روما بعد أربع سنوات حاملاً شحنة من التأثيرات تمثلت في لوحات الطبيعة الخلوية.
أما واطو فمال منذ حداثته نحو الموضوعات الخيالية، وحين اتجه إلى رسم الطبيعة توضح أســلوبه المـنمّق، وفـي مـوضوعاته الاجـتماعية يُرى الأشخاص وقد ارتدوا أكثر الثياب أناقة وكلفة. ومن أعماله «الحديث عند بائع اللوحات».
داخل البيت الدمشقي |
ولقد اشتهرت عمارة الجزويت التي تسمى «لويولا» في مقاطعة الباسك على أنها رائعة فن الروكوكو الذي تبناه بروح إسبانية المعمار فونتانا (1738) Fontana الذي صمم أيضاً قصر الملك فيليب في مدريد، كما وضع في لشبونه عدداً من التصاميم لدير مارفا.
و من المثير للانتباه أن فن روكوكو الإسباني تأثر بالفن الصيني تماماً، كما فعل فنانو الروكوكو في فرنسا وإيطاليا، وقد تمثل ذلك باستعمال الخزف الصيني في الزخرفة المعمارية الداخلية. ليس في إسبانيا وحسب، بل وصل ذلك إلى المكسيك أيضاً.
وعلى الرغم من انتشار هذا الفن في أنحاء أوربا وأمريكا وانتقاله إلى جميع مظاهر الحياة والبيئة الاجتماعية، فإن زمنه لم يدم طويلاً لإفراطه بالتكلف، ولكنه مع ذلك كان ممهداً للإبداعية (الرومنسية) Romantisme في الفن والموسيقى والأدب في أوربا وغيرها.
عفيف البهنسي