استورياس (ميغيل انخل)
Asturias (Miguel Angel-) - Asturias (Miguel Angel-)
أستورياس (ميغيل أنخل ـ)
(1899ـ1974)
ميغيل أنخل أستورياس Miguel Angel Asturias كاتب ودبلوماسي غواتيمالي ولد في مدينة غواتيمالة وعاش طفولة قاسية في ظل دكتاتورية أسترادا كابريرا. شارك في نضال الطلاب عندما كان طالباً في جامعة غواتيمالة الوطنية وقد حصل منها على إجازة في الحقوق. ذهب إلى باريس عام 1923 ليدرس القانون الدولي لكنه فضل دراسة علم السلالات في السوربون حيث تعرّف النصوص التقليدية (الكلاسيكية) لأدب الهنود الحمر من ترجمات أستاذه رينو Raynaud . وسرعان ما قام بترجمة كتاب Popol Vuh وهو الكتاب المقدس لشعوب المايا، ثم دوّن كل الأساطير الهندية التي كانت ترويها له أمه التي تنحدر من أصل هندي في كتاب «أساطير من غواتيمالة» Leyendas de Guatimala وقد صدر بالإسبانية في مدريد عام 1930، ثم تُرْجِمَ إلى الفرنسية مع مقدمة بقلم الشاعر الفرنسي بول فاليري Paul Valery الذي أعجب كثيراً بهذه «الحكايات والأشعار والأحلام» كما أسماها، وكانت نصيحته للكاتب الشاب أن يعود إلى بلاده ليغرف من هذا العالم السحري ما استطاع ولكيلا يصبح في باريس «مجرد مقلّد».
تابع أستورياس الكتابة في المنحى نفسه، وأوصل الالتزام إلى حدوده القصوى حين تحدث عن استغلال جهد العمال في مزارع الموز في الأراضي المنخفضة في غواتيمالة، وذلك في ثلاثيته عن شركة الموز. وقد نشر الجزء الأول منها وعنوانه «العاصفة» Viento euerte عام 1950 والجزء الثاني الموسوم بـ «البابا الأخضر» El papa verde عام 1954، والجزء الأخير المعنون «عيون المدفونين» Los ojos de los enterrados عام 1960.
وفي عام 1956، نشر أستورياس مجموعة قصص تحت عنوان «عطلة نهاية الأسبوع في غواتيمالة» وهي وقائع عن اجتياح مشاة البحرية الأمريكيين غواتيمالة في عام 1954 وهو الاجتياح الأول الذي أدى إلى سقوط حكومة خاكوبو أربينيز Jacobo Arbenze الوطنية التي وقف أستورياس إلى حانبها في مسيرة التزامه السياسي مما أدى إلى نفيه إلى بونس آيرس.
كذلك كتب أستورياس عدداً كبيراً من الروايات منها «اللص الذي لم يكن يؤمن بالسماء» Le larron qu ine croyait pas au ciel و«الخُلاسية» (1963) Une certaine Mulatresse ، و«رُمَّة الشحاذ» La flaque du mendiant و«توروتومبو» (Torptumbo (1966، و«مرآة ليداسول» (1967) Le miror de lida Sol ، إضافة إلى «حكاية الرجل الذي يملك كل شيء، كل شيء» L’homme qui avait tout, tout.
ولأستورياس دواوين شعر منها «رسائل هندية» Messaces Indiens و«سهرة الربيع المضيئة» Claire veillee du printemps، ومسرحيتان هما «سولونا» Soluna و«محكمة الحدود» Le tribunal des frontieres.
وهكذا تدفقت الروايات والأشعار من قلم أستورياس المغمس بمداد من السحر لتخلق نوعاً من الواقع السحري ممزوجاً بالوعي العميق والذكي لمشاكل بلاده الاقتصادية والسياسية. والغزارة في الكتابة عند أستورياس ليست سهولة وسطحية، بل هي شلال معرفة في اللاوعي لا يملك إلا أن يتفجر و يتدفق على الورق. ولئن غلب الطابع السريالي على مؤلفاته ـ حتى أكثرها واقعية ـ فإن ذلك لم يكن تأثراً بالحركة التي عايشها عن كثب في باريس وصادق دعامتها وأقطابها. إن سريالية أستورياس هي دفق الأساطير التي تغلف الغابات والأنهار في موطنه حيث تختلط فوضى الخلق بتحولات الكائن الأزلي في عالم مجنون بعيد عن العقلانية.
لكن أستورياس لم يكن شاعراً وروائياً فحسب، بل كان مناضلاً سياسياً نشيطاً. فقد قام إبان سني المنفى في بونس آيرس بجولات كثيرة في أمريكة اللاتينية وفي الهند والصين والاتحاد السوفييتي، كان فيها محاضراً لا يتعب وشاهداً واعياً يسجل وقائع العصر ومكافحاً سياسة التحالف alliance. وقد أدّى وقوفه إلى جانب كاسترو إلى طرده من الأرجنتين عام 1962، فعاد إلى فرنسة التي استقبلته بحفاوة كبيرة. وزار موسكو التي منحته جائزة لينين للسلام عام 1966 قبل أن يحصل على جائزة نوبل للآداب عام 1967 ولمّا عين سفيراً في باريس من قبل حكومة مندس مونتينغرو Mendez Montenegro، نظّم معرضاً في القصر الكبير Le Grand Palais عن تراث المايا، بمبادرة من أندريه مالرو وزير الثقافة الفرنسي آنذاك. وتلقى تقديراً من جامعة السوربون عام 1968.
شارك أستورياس في آخر حياته في مؤتمر السلام في هلسنكي وفي محادثات جامعة داكار Collége de Dakar عن الزنوج وأمريكة اللاتينية، وكان يصرّ على ضرورة خلق تفاهم دولي حول شرعية الثقافات الخلاسية.
توفي أستورياس في مدريد وهو في قمة نشاطه وعطائه بعد أن وهب مخطوطاته للمكتبة الوطنية في باريس التي أقامت له حفل تأبين مهيباً.
حنان قصاب حسن