لا تنظر بعيداً Never Look Away

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • لا تنظر بعيداً Never Look Away

    لا تنظر بعيداً Never Look Away
    هذا هو الفيلم الثاني للمخرج الآلماني " فلوريان هنكل فون دونرسمارك " الذي ترشح للأوسكار . فيلمُه المترشح الأول هو ( حياةُ الآخرين The Lives of Others ) عام 2007 ، و الذي خطف جائزة أفضل فيلم أجنبي ، و هو فيلمٌ يتناول فترة الحكم الشيوعي في ( آلمانيا الشرقية ) بعد الحرب العالمية الثانية و تقسيم آلمانيا الى غربية و شرقية ، يسلط الفيلم الضوءَ على طبيعة تجسس الجهاز الأمني الشيوعي على الناس و التدخل في شؤونهم الشخصية ، و قد أسند بطولته الى الممثل الآلماني القدير " سبستيان كوك " .
    فيلمه هذا ( لا تنظر بعيداً Never Look Away ) أيضاً أسند فيه دوراً رئيساً لذات الممثل ، و ترشح الفيلم أيضاً لأوسكار 2019 كأفضل فيلم أجنبي .
    ولكن فيلم ( لا تنظر بعيداً ) يسلط الضوءَ هذه المرة على حياة الشعب الآلماني في ظل النازية ، إبان الحرب العالمية الثانية ، و في ظل الشيوعية بعد هذه الحرب ، و واضحٌ أن المخرجَ يريدُ أن يقول في كلا الفيلمين إن نظام النازية و نظام الشيوعية وجهان لعملة واحدة .
    يبدأ الفيلم من عام 1937 في مدينة ( درسدن ) الآلمانية ، حين يقدّم أحدُ النازيين تعريفاً لـ ( الفن المعاصر ) و هو يتجول مع الزوار في أحد المعارض ، واصفاً هذا الفن بـ ( الهراء ) و أنه تعبيرٌ عن أمراضٍ نفسية ، و أن الفن الصحيح هو الفن الذي تتبناه النازية ، و هو الفن الواقعي ، و يستهزئ بسعر الـ 2000 مارك الذي دُفع ثمناً لشراء لوحةٍ للفنان الآلماني من أصل روسي " كاندنسكي " ، و هو أحد أبرز مؤسسي الفن التجريدي . و عندما يسقط النازيون و تنتهي الحرب العالمية بدخول الروس الشيوعيين الى آلمانيا فإنهم يطرحون ذات الطرح ، و هذه المرة من خلال نظريتهم المسماة بـ ( الواقعية الإشتراكية ) .
    يدور الفيلمُ حول ثلاثة مواضيع ، كان المخرجُ متمكناً من إيجاد وشائج مترابطة بينها و السيطرة عليها ، بما يجعل المُشاهدَ متابعاً لبوصلة الأحداث دون تشابكٍ أو ضياع ، و هي :
    * العنصرية المريضة و اللاإنسانية في العقيدة النازية .
    * السيرة الذاتية للفنان " كورت بارنيت " الذي مثل شخصيته الممثل الآلماني الشاب " توم شيلنگ " ، و هي في الواقع سيرةٌ حقيقية للفنان الآلماني " جيرارد ريختر " و ما مرّ به ، و هو فنان شهير مازال حياً و يبلغ من العمر ــ الآن ــ 91 عاماً ( ولد عام 1932 ) ، و تُعد أعمالُهُ أعلى الأعمال المعاصرة سعراً ، و هي تباعُ بمئاتُ الملايين من الدولارات ، و هو رسامٌ تجريبيٌ بارع متمرسٌ في الرسم الأكاديمي و التجريدي على حد سواء ، و يُعتبر مدرسة ًفنيةً متكاملة بحد ذاته .
    * الموضوع الثالث ، مرتبطٌ بالموضوع الثاني ، و هو فَهم الفن المعاصر و صراعه مع الفهم النازي و الشيوعي معاً ، من خلال تحولات فن بطل الفيلم .
    و في النهاية ، فإن خلاصة الفيلم هي إدانةٌ للنازية العنصرية المتعالية على غير العنصر الجرماني و للشيوعية المتسلطة و المقيّــِدة للفكر الحر .
    في الفيلم ، تبدأ الخطوة النازية العنصرية الخطيرة من اجتماع للضباط النازيين في برلين ، عام 1940 ، عندما يقررون تصفية المجتمع الآلماني من أي شائبة جسدية أو نفسية ، بمعنى أنه يجب تنقية هذا المجتمع تماماً من أي عوق جسدي أو عقلي مهما كان بسيطاً ، كي لا يتم التزاوج مع حاملي أو حاملات هكذا عوق ، و بالتالي تجنيب المجتمع الآلماني من أي ولادة ( غير سليمة ) . هذا القرار سيشمل " اليزابيث ماي " عمة الفنان " كورت بارنيت " الذي يظهر صبياً ( في المشهد الأول من الفيلم ) مع عمته في المعرض و التي سيظهر عليها الإنفصام البسيط في شخصيتها ، فأحالها طبيبٌ نازيٌ نذل للعلاج ، و بدافع نازي ، و من ثم تُحال الى مستشفى ََعَزلٍ بعيد ، بأمر طبيب متمرس بطب النساء هو البروفيسور " كارل " ( الممثل " سيبستيان كوك " ) ، لتُعدم هناك بالغاز على الطريقة النازية ، و هذا الطبيب النازي الذي نجا من بطش الجيش الروسي و تحول الى العمل مع الشيوعيين هو نفسه الذي لم يتخلص من أفكاره النازية و قد أقدم على تدمير رحم ابنته التي أحبت الفنان " كورت بارنيت " و تزوجته و حملت منه ، و ذلك لأن عمة " بارنيت " هي " اليزابيث ماي " المصابة بانفصام الشخصية و التي أُعدمت بالغاز .. الى هذا الحد وصلت به نذالته النازية العنصرية .
    فيلمٌ مشوّق يتجاوز الثلاث ساعات .. و يستقر في الذاكرة .

يعمل...
X