تمثل العتائق أحد أقدم أشكال الحياة على الأرض وكانت تُصنَّف سابقًا من البكتيريا، إلى أن اكتشف العلماء مؤخرًا أنها تختلف تركيبيًا وتطوريًا عن البكتيريا والكائنات الحية الأخرى بدرجة كبيرة، وهي تشتهر بتفضيلها العيش في أكثر الظروف البيئية قساوةً، مثل الينابيع الحارة والساخنة إلى درجة الغليان.
العتائق إلى جانب الميكروبات الأخرى
يبدو أن سمعة الميكروبات سيئة في معظم الأحيان، إذ يعتبرها العديد من الناس مسببات للعدوى والمرض، باستثناء الميكروبات الجيدة التي تعيش في داخلنا وتساعدنا على هضم الطعام وغير ذلك.
بيد أن عالم الميكروبات أو الكائنات الدقيقة أكثر توسعًا وتنوعًا بكثير، إضافةً إلى أهميته الجوهرية في الحفاظ على كوكب الأرض واستمرار الحياة؛ إذ تشارك الميكروبات في العديد من العمليات البيئية، مثل امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإعادة تدوير الفضلات والمغذيات. ما يزال هناك العديد من الميكروبات التي لم يكتشفها العلماء بعد، ولكن يوجد نوع محدد لا يعرف عنه العلماء إلا القليل: العتائق.
العتائق تمثل نطاقًا مستقلًا من الكائنات الحية
حتى نفهم ما يميز العتائق تحديدًا، ينبغي علينا تذكر أن الكائنات الحية على الأرض تُصنَّف إلى ثلاث مجموعات أو نطاقات: حقيقيات النوى والبكتيريا والعتائق.
يضم نطاقا العتائق والبكتيريا أنواعًا عديدة من الكائنات المجهرية التي لا تُرى بالعين المجردة، وتمثل تلك الأنواع سلالات تطورية مختلفة. أما نطاق حقيقيات النوى فيشمل الحيوانات والنباتات والفطريات، إضافةً إلى كائنات حية أخرى تسمى الطلائعيات، وتشمل بعض مجموعات حقيقيات النوى كائنات مجهرية أيضًا.
قد تبدو العتائق والبكتيريا متشابهة، غير أنه توجد العديد من الفروقات الكبيرة بين النطاقين؛ إذ إن تراكيبها الخلوية تتكون من مركبات وعناصر مختلفة، إلى جانب اختلاف مادتها الوراثية اختلافًا جوهريًا. علاوةً على ذلك، تستطيع العتائق توليد الطاقة بطريقة مختلفة، وهي تحتل مكانةً بيئية فريدة، فما يميزها عن حقيقيات النوى والبكتيريا قدرتها على إنتاج غاز الميثان الحيوي.
قد لا تبدو هذه الفروقات كبيرة في نظر العديد من الأشخاص، وقد يتساءلون: لمَ صُنفَت العتائق في نطاق مختلف عن البكتيريا إذن؟
عبر مقارنة الجينوم أو التسلسلات الجينية لدى الكائنات المختلفة ودراسة معدل حدوث التغيرات الجينية مع مرور الزمن، بإمكان العلماء تقفي التاريخ التطوري للكائنات الحية وتقدير الوقت الذي شكّلت فيه كل مجموعة غصنًا جديدًا في شجرة الحياة، وقد وُجِد أن الفروقات الجينية والجزيئية بين العتائق وغيرها من الكائنات الحية جذرية بما يكفي لتصنيفها في نطاق منفصل تمامًا.
تشتهر الأنواع التي تنتمي إلى نطاق العتائق بتفضيلها العيش في البيئات القاسية، بصرف النظر عن مدى ارتفاع درجة حرارتها أو برودتها، وحامضيتها أو قلويتها أو ملوحتها، بل يمكنها العيش كذلك في أعماق المحيط والبيئات المعرضة إلى أشعة غاما أو الأشعة فوق البنفسجية.
مع ذلك، يجدر بنا تذكر أن هذه الظروف غير المواتية للحياة البشرية تُعَد ظروفًا طبيعية تمامًا للعتائق، على غرار أنواع عديدة أخرى، غير أن العتائق أكثر شهرة بذلك.
يمثل هذا أحد أسباب صعوبة دراسة العتائق، إذ عندما تكون الظروف مناسبة لها، تكون قاسية جدًا على البشر (والعكس صحيح)، فإن ذلك يزيد من صعوبة دراستها في المختبر أو في بيئتها الطبيعية.
رغم ذلك، بدأ العلماء باكتشاف المزيد عن هذه الكائنات، بالاستعانة بتقنيات وأساليب دراسية جديدة تساعدهم في اكتشافها؛ مثل الميتاجينومية، التي تتيح لهم دراسة المادة الوراثية مباشرةً دون الحاجة إلى إنماء مستعمرات من نوع معين في المختبر، ما أتاح لهم فرصة دراسة التسلسلات الجينية لعدد من الميكروبات أكبر من أي وقت مضى.
تُعَد العتائق عمومًا كائنات مسالمة، إذ يعيش العديد منها في علاقات تبادل منفعة مع كائنات حية أخرى (أي علاقات تعاونية يستفيد فيها كل كائن من الآخر)، مثلًا، تساعدنا العتائق المولدة للميثان التي تعيش في جهازنا الهضمي في التخلص من الهيدروجين الزائد عبر استخدامه في إنتاج الطاقة.
يُعَد ذلك الهيدروجين ناتجًا ثانويًا عن البكتيريا التي تساعدنا في هضم الطعام الذي نأكله، لذا فإن التخلص من الزائد يساعد البكتيريا على أداء وظيفتها بفعالية أكبر. بيد أن الحفاظ على هذا التوازن عملية معقدة، وقد يتسبب وجود العتائق في الجهاز الهضمي بالمرض في بعض الحالات.
ما يميز العتائق أيضًا أنها واسعة الحيلة، إذ بإمكان العديد منها استهلاك مواد غير عضوية تمامًا مثل الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون والأمونيا، لإنتاج مواد عضوية، بخلاف غالبية الكائنات الحية الأخرى التي تتطلب نوعًا ما من المواد العضوية لتوليد الطاقة؛ لذلك تحتل العتائق مكانةً فريدة في شبكة الغذاء العامة.
فضلًا عن ذلك، قد تساعدنا العتائق في ابتكار أساليب للبحث عن الحياة خارج كوكب الأرض؛ إذ أدركنا الآن أن الظروف البيئية بتنوعها يمكنها أن تدعم شكلًا من أشكال الحياة مهما بدت قاسية في نظرنا، لذا يجدر بنا توسيع نطاق بحثنا عن الحياة في الكواكب الأخرى مثل المريخ.
مثلًا، اشتهرت العتائق الملحانية بقدرتها على العيش في ظروف شديدة الملوحة وشحيحة الماء، ويمكنها أيضًا الصمود في حالة قريبة من المجاعة مدةً طويلة قد تصل إلى ملايين السنين، وهي كذلك لا تتأثر سلبًا بالمستويات المرتفعة من الأشعة فوق البنفسجية. ما يرفع احتمالية وجود كائنات حية أخرى في البيئات الصخرية بدرجة الملوحة والجفاف ذاتها على الكواكب الأخرى أو النيازك أو الأقمار.
إذن، ماذا يوجد خارج كوكب الأرض؟ هل توجد كائنات حية تشبه العتائق على الكواكب الأخرى؟
ما يزال هناك الكثير مما لم نكتشفه عن عالم العتائق على الأرض، وما فتئت العتائق تتحدى إدراكنا لمفهوم الحياة وأماكن ازدهارها، ما يجعل وقتنا الراهن فترةً مشوقة للوصول إلى اكتشافات بيولوجية جديدة.
العتائق إلى جانب الميكروبات الأخرى
يبدو أن سمعة الميكروبات سيئة في معظم الأحيان، إذ يعتبرها العديد من الناس مسببات للعدوى والمرض، باستثناء الميكروبات الجيدة التي تعيش في داخلنا وتساعدنا على هضم الطعام وغير ذلك.
بيد أن عالم الميكروبات أو الكائنات الدقيقة أكثر توسعًا وتنوعًا بكثير، إضافةً إلى أهميته الجوهرية في الحفاظ على كوكب الأرض واستمرار الحياة؛ إذ تشارك الميكروبات في العديد من العمليات البيئية، مثل امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وإعادة تدوير الفضلات والمغذيات. ما يزال هناك العديد من الميكروبات التي لم يكتشفها العلماء بعد، ولكن يوجد نوع محدد لا يعرف عنه العلماء إلا القليل: العتائق.
العتائق تمثل نطاقًا مستقلًا من الكائنات الحية
حتى نفهم ما يميز العتائق تحديدًا، ينبغي علينا تذكر أن الكائنات الحية على الأرض تُصنَّف إلى ثلاث مجموعات أو نطاقات: حقيقيات النوى والبكتيريا والعتائق.
يضم نطاقا العتائق والبكتيريا أنواعًا عديدة من الكائنات المجهرية التي لا تُرى بالعين المجردة، وتمثل تلك الأنواع سلالات تطورية مختلفة. أما نطاق حقيقيات النوى فيشمل الحيوانات والنباتات والفطريات، إضافةً إلى كائنات حية أخرى تسمى الطلائعيات، وتشمل بعض مجموعات حقيقيات النوى كائنات مجهرية أيضًا.
قد تبدو العتائق والبكتيريا متشابهة، غير أنه توجد العديد من الفروقات الكبيرة بين النطاقين؛ إذ إن تراكيبها الخلوية تتكون من مركبات وعناصر مختلفة، إلى جانب اختلاف مادتها الوراثية اختلافًا جوهريًا. علاوةً على ذلك، تستطيع العتائق توليد الطاقة بطريقة مختلفة، وهي تحتل مكانةً بيئية فريدة، فما يميزها عن حقيقيات النوى والبكتيريا قدرتها على إنتاج غاز الميثان الحيوي.
قد لا تبدو هذه الفروقات كبيرة في نظر العديد من الأشخاص، وقد يتساءلون: لمَ صُنفَت العتائق في نطاق مختلف عن البكتيريا إذن؟
عبر مقارنة الجينوم أو التسلسلات الجينية لدى الكائنات المختلفة ودراسة معدل حدوث التغيرات الجينية مع مرور الزمن، بإمكان العلماء تقفي التاريخ التطوري للكائنات الحية وتقدير الوقت الذي شكّلت فيه كل مجموعة غصنًا جديدًا في شجرة الحياة، وقد وُجِد أن الفروقات الجينية والجزيئية بين العتائق وغيرها من الكائنات الحية جذرية بما يكفي لتصنيفها في نطاق منفصل تمامًا.
تشتهر الأنواع التي تنتمي إلى نطاق العتائق بتفضيلها العيش في البيئات القاسية، بصرف النظر عن مدى ارتفاع درجة حرارتها أو برودتها، وحامضيتها أو قلويتها أو ملوحتها، بل يمكنها العيش كذلك في أعماق المحيط والبيئات المعرضة إلى أشعة غاما أو الأشعة فوق البنفسجية.
مع ذلك، يجدر بنا تذكر أن هذه الظروف غير المواتية للحياة البشرية تُعَد ظروفًا طبيعية تمامًا للعتائق، على غرار أنواع عديدة أخرى، غير أن العتائق أكثر شهرة بذلك.
يمثل هذا أحد أسباب صعوبة دراسة العتائق، إذ عندما تكون الظروف مناسبة لها، تكون قاسية جدًا على البشر (والعكس صحيح)، فإن ذلك يزيد من صعوبة دراستها في المختبر أو في بيئتها الطبيعية.
رغم ذلك، بدأ العلماء باكتشاف المزيد عن هذه الكائنات، بالاستعانة بتقنيات وأساليب دراسية جديدة تساعدهم في اكتشافها؛ مثل الميتاجينومية، التي تتيح لهم دراسة المادة الوراثية مباشرةً دون الحاجة إلى إنماء مستعمرات من نوع معين في المختبر، ما أتاح لهم فرصة دراسة التسلسلات الجينية لعدد من الميكروبات أكبر من أي وقت مضى.
تُعَد العتائق عمومًا كائنات مسالمة، إذ يعيش العديد منها في علاقات تبادل منفعة مع كائنات حية أخرى (أي علاقات تعاونية يستفيد فيها كل كائن من الآخر)، مثلًا، تساعدنا العتائق المولدة للميثان التي تعيش في جهازنا الهضمي في التخلص من الهيدروجين الزائد عبر استخدامه في إنتاج الطاقة.
يُعَد ذلك الهيدروجين ناتجًا ثانويًا عن البكتيريا التي تساعدنا في هضم الطعام الذي نأكله، لذا فإن التخلص من الزائد يساعد البكتيريا على أداء وظيفتها بفعالية أكبر. بيد أن الحفاظ على هذا التوازن عملية معقدة، وقد يتسبب وجود العتائق في الجهاز الهضمي بالمرض في بعض الحالات.
ما يميز العتائق أيضًا أنها واسعة الحيلة، إذ بإمكان العديد منها استهلاك مواد غير عضوية تمامًا مثل الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون والأمونيا، لإنتاج مواد عضوية، بخلاف غالبية الكائنات الحية الأخرى التي تتطلب نوعًا ما من المواد العضوية لتوليد الطاقة؛ لذلك تحتل العتائق مكانةً فريدة في شبكة الغذاء العامة.
فضلًا عن ذلك، قد تساعدنا العتائق في ابتكار أساليب للبحث عن الحياة خارج كوكب الأرض؛ إذ أدركنا الآن أن الظروف البيئية بتنوعها يمكنها أن تدعم شكلًا من أشكال الحياة مهما بدت قاسية في نظرنا، لذا يجدر بنا توسيع نطاق بحثنا عن الحياة في الكواكب الأخرى مثل المريخ.
مثلًا، اشتهرت العتائق الملحانية بقدرتها على العيش في ظروف شديدة الملوحة وشحيحة الماء، ويمكنها أيضًا الصمود في حالة قريبة من المجاعة مدةً طويلة قد تصل إلى ملايين السنين، وهي كذلك لا تتأثر سلبًا بالمستويات المرتفعة من الأشعة فوق البنفسجية. ما يرفع احتمالية وجود كائنات حية أخرى في البيئات الصخرية بدرجة الملوحة والجفاف ذاتها على الكواكب الأخرى أو النيازك أو الأقمار.
إذن، ماذا يوجد خارج كوكب الأرض؟ هل توجد كائنات حية تشبه العتائق على الكواكب الأخرى؟
ما يزال هناك الكثير مما لم نكتشفه عن عالم العتائق على الأرض، وما فتئت العتائق تتحدى إدراكنا لمفهوم الحياة وأماكن ازدهارها، ما يجعل وقتنا الراهن فترةً مشوقة للوصول إلى اكتشافات بيولوجية جديدة.