كشفت دراسة جديدة أن سكان بلاد ما بين النهرين كانوا يستخدمون حيوانًا هجينًا من الحمير الأليفة والبرية لسحب عرباتهم الحربية قبل 4500 عام؛ أي قبل تربية الخيول لهذا الغرض بما لا يقل عن 500 عام.
أعطى تحليل الحمض النووي لعظام حيوانات مكتشفة في شمال سوريا جوابًا طال انتظاره عن ماهية حيوانات الكونغا التي وُصفت في المصادر القديمة بأنها تجر عربات الحرب.
تقول عالمة الجينوم المشاركة في الدراسة إيفا ماريا جيجل: «تبين لنا من دراسة الهياكل العظمية أنها حيوانات شبيهة بالحصان، لكنها لم تتناسب مع قياسات الحمير العادية أو قياسات الحمير البرية السورية. كانت مختلفة إلى حد ما، لكننا لم نعرف ما هو الفارق تمامًا».
تشير السجلات القديمة إلى أن حيوانات الكونغا كانت ذات قيمة عالية ومكلفة للغاية، وهو ما يمكن تفسيره من خلال عملية تكاثرها الصعبة على حد قول جيجل.
ونظرًا لكون حيوانات الكونغا عقيمة، شأنها شأن الحيوانات الهجينة الأخرى كالبغال مثلًا، فقد كان لا بد من تكاثرها من تزاوج أنثى حمار أليفة مع ذكر حمار بري بعد احتجازه.
كانت هذه مهمة شاقة بشكل خاص لأن الحمير البرية كانت تركض أسرع من الحمير العادية وحتى من حيوانات الكونغا، وكان من المستحيل ترويضها.
أوضحت جيجل لمجلة لايف ساينس: «هذه الحيوانات هي أول حيوانات تم تهجينها في التاريخ على حد علمنا، وفعلوا هذا مع كل حيوان كونغا يتم إنتاجه، الأمر الذي يفسر قيمتها العالية. لقد هندسوا هذه “السيارات” الهجينة بيولوجيًا».
حمير الحرب
ذُكرت الكونغا في العديد من النصوص المسمارية القديمة المنقوشة على ألواح طينية اكتُشفت في بلاد ما بين النهرين، ورسمت أيضًا وهي تجر عربات حربية بأربع عجلات على “لوحة الحرب والسلم السومرية”، وهي لوحة فسيفسائية عمرها حوالي 4500 عام معروضة الآن في المتحف البريطاني في لندن.
تقول جيجل: «شكّ علماء الآثار في كونها نوعًا من الحمير الهجينة، لكنهم لم يعرفوا الخيل الذي تم تهجينه معها».
واعتقد بعض الخبراء أن الحمير البرية السورية كانت صغيرة جدًا -أصغر من الحمير- ما يجعلها غير مرشحة للمشاركة في إنتاج الكونغا.
انقرض هذا النوع ومات آخر حمار بري سوري -لا يزيد ارتفاعه عن متر واحد- عام 1927 في أقدم حديقة حيوانات في العالم؛ وما تزال بقاياه محفوظة لحد الآن في متحف التاريخ الطبيعي في فيينا.
قارن الباحثون في دراسة جديدة الجينوم المأخوذ من عظام آخر حمار بري سوري من فيينا مع الجينوم المأخوذ من عظام حمار بري عمرها 11000 عام اكتُشفت في موقع غوبيكلي تيبي الأثري، فيما يعرف الآن بجنوب شرق تركيا.
أظهرت هذه المقارنة أن كلا الحيوانين كانا من نفس النوع، لكن الحمار البري القديم كان أكبر بكثير، وهذا يشير إلى أن الحمير البرية السورية أصبحت أصغر بكثير مما كانت عليه في العصور القديمة، ربما بسبب الضغوط البيئية مثل الصيد، على حد قول جيجل.
بلاد ما بين النهرين القديمة
يعتقد المؤرخون أن السومريين كانوا أول من قام بتربية الكونغا عام 2500 قبل الميلاد، أي قبل تدجين الخيول في شمال جبال القوقاز بأكثر من 500 عام، وفقًا لدراسة أجريت عام 2020 في مجلة ساينس أدفانس.
تُظهر السجلات القديمة أن الحضارات التي خلفت السومريين -مثل الآشوريين- استمرت في تربية وبيع الكونغا لعدة قرون، وتظهر لوحة حجرية منحوتة من العاصمة الآشورية نينوى -موجودة حاليًا في المتحف البريطاني- رجلين يقودان حمارًا بريًا بعد الإمساك به.
جاءت عظام الكونغا التي دُرست مؤخرًا من مجمع دفن أميري في تل أم المرة في شمال سوريا، الذي يعود تاريخه إلى العصر البرونزي المبكر بين 3000 و 2000 قبل الميلاد؛ ويُعتقد أن الموقع هو أطلال مدينة طوبا القديمة المذكورة في النقوش المصرية.
اكتشفت عالمة الآثار في جامعة بنسلفانيا المشاركة في الدراسة جيل ويبر هذه العظام منذ حوالي 10 سنوات. وقالت إن الحيوانات من تل أم المرة كانت من حيوانات الكونغا لأن العلامات الموجودة على أسنانها تُظهر أنها قد كانت تُطعم، ولم تكن تُترك ترعى مثل الحمير العادية.
وقد كانت الكونغا أسرع من الخيول، ومن ثمّ فإن استخدامها في جر العربات الحربية ربما استمر حتى بعد إدخال الخيول إلى بلاد ما بين النهرين. لكن حيوانات الكونغا انقرضت في النهاية ولم يتم تهجينها لاحقًا لأن الخيول كانت أسهل في التكاثر، بحسب جيجل.
أعطى تحليل الحمض النووي لعظام حيوانات مكتشفة في شمال سوريا جوابًا طال انتظاره عن ماهية حيوانات الكونغا التي وُصفت في المصادر القديمة بأنها تجر عربات الحرب.
تقول عالمة الجينوم المشاركة في الدراسة إيفا ماريا جيجل: «تبين لنا من دراسة الهياكل العظمية أنها حيوانات شبيهة بالحصان، لكنها لم تتناسب مع قياسات الحمير العادية أو قياسات الحمير البرية السورية. كانت مختلفة إلى حد ما، لكننا لم نعرف ما هو الفارق تمامًا».
تشير السجلات القديمة إلى أن حيوانات الكونغا كانت ذات قيمة عالية ومكلفة للغاية، وهو ما يمكن تفسيره من خلال عملية تكاثرها الصعبة على حد قول جيجل.
ونظرًا لكون حيوانات الكونغا عقيمة، شأنها شأن الحيوانات الهجينة الأخرى كالبغال مثلًا، فقد كان لا بد من تكاثرها من تزاوج أنثى حمار أليفة مع ذكر حمار بري بعد احتجازه.
كانت هذه مهمة شاقة بشكل خاص لأن الحمير البرية كانت تركض أسرع من الحمير العادية وحتى من حيوانات الكونغا، وكان من المستحيل ترويضها.
أوضحت جيجل لمجلة لايف ساينس: «هذه الحيوانات هي أول حيوانات تم تهجينها في التاريخ على حد علمنا، وفعلوا هذا مع كل حيوان كونغا يتم إنتاجه، الأمر الذي يفسر قيمتها العالية. لقد هندسوا هذه “السيارات” الهجينة بيولوجيًا».
حمير الحرب
ذُكرت الكونغا في العديد من النصوص المسمارية القديمة المنقوشة على ألواح طينية اكتُشفت في بلاد ما بين النهرين، ورسمت أيضًا وهي تجر عربات حربية بأربع عجلات على “لوحة الحرب والسلم السومرية”، وهي لوحة فسيفسائية عمرها حوالي 4500 عام معروضة الآن في المتحف البريطاني في لندن.
تقول جيجل: «شكّ علماء الآثار في كونها نوعًا من الحمير الهجينة، لكنهم لم يعرفوا الخيل الذي تم تهجينه معها».
واعتقد بعض الخبراء أن الحمير البرية السورية كانت صغيرة جدًا -أصغر من الحمير- ما يجعلها غير مرشحة للمشاركة في إنتاج الكونغا.
انقرض هذا النوع ومات آخر حمار بري سوري -لا يزيد ارتفاعه عن متر واحد- عام 1927 في أقدم حديقة حيوانات في العالم؛ وما تزال بقاياه محفوظة لحد الآن في متحف التاريخ الطبيعي في فيينا.
قارن الباحثون في دراسة جديدة الجينوم المأخوذ من عظام آخر حمار بري سوري من فيينا مع الجينوم المأخوذ من عظام حمار بري عمرها 11000 عام اكتُشفت في موقع غوبيكلي تيبي الأثري، فيما يعرف الآن بجنوب شرق تركيا.
أظهرت هذه المقارنة أن كلا الحيوانين كانا من نفس النوع، لكن الحمار البري القديم كان أكبر بكثير، وهذا يشير إلى أن الحمير البرية السورية أصبحت أصغر بكثير مما كانت عليه في العصور القديمة، ربما بسبب الضغوط البيئية مثل الصيد، على حد قول جيجل.
بلاد ما بين النهرين القديمة
يعتقد المؤرخون أن السومريين كانوا أول من قام بتربية الكونغا عام 2500 قبل الميلاد، أي قبل تدجين الخيول في شمال جبال القوقاز بأكثر من 500 عام، وفقًا لدراسة أجريت عام 2020 في مجلة ساينس أدفانس.
تُظهر السجلات القديمة أن الحضارات التي خلفت السومريين -مثل الآشوريين- استمرت في تربية وبيع الكونغا لعدة قرون، وتظهر لوحة حجرية منحوتة من العاصمة الآشورية نينوى -موجودة حاليًا في المتحف البريطاني- رجلين يقودان حمارًا بريًا بعد الإمساك به.
جاءت عظام الكونغا التي دُرست مؤخرًا من مجمع دفن أميري في تل أم المرة في شمال سوريا، الذي يعود تاريخه إلى العصر البرونزي المبكر بين 3000 و 2000 قبل الميلاد؛ ويُعتقد أن الموقع هو أطلال مدينة طوبا القديمة المذكورة في النقوش المصرية.
اكتشفت عالمة الآثار في جامعة بنسلفانيا المشاركة في الدراسة جيل ويبر هذه العظام منذ حوالي 10 سنوات. وقالت إن الحيوانات من تل أم المرة كانت من حيوانات الكونغا لأن العلامات الموجودة على أسنانها تُظهر أنها قد كانت تُطعم، ولم تكن تُترك ترعى مثل الحمير العادية.
وقد كانت الكونغا أسرع من الخيول، ومن ثمّ فإن استخدامها في جر العربات الحربية ربما استمر حتى بعد إدخال الخيول إلى بلاد ما بين النهرين. لكن حيوانات الكونغا انقرضت في النهاية ولم يتم تهجينها لاحقًا لأن الخيول كانت أسهل في التكاثر، بحسب جيجل.