قد يكون الفضاء هو أبعد الحدود للبحث العلمي، ولكن بيولوجيا الإنسان التي تدرس الجينوم البشري هي السؤال العلمي منذ الأزل الذي يتحدانا لنكتشف أنفسنا ونعرف من نحن ومن أين أتينا.
ويعد الحمض النووي DNA حجر الأساس في بناء حياة الإنسان، يتضمن الشفرة الجينية التي تحدد بنسبة كبيرة من نحن، وهذه الشفرة تتضمن 4 أحرف يعبر كل منها عن أساس مختلف، وهي الأدنين (A) الذي يرتبط بالثيامين (T) والسيتوزين (C) الذي يرتبط بالغوانين (G).
وقد عرف العلماء منذ زمن طويل أن الأحرف الأربعة السابقة هي التي تعبر عن البروتين الذي يعد بدوره مسؤولًا عن مجموعة من وظائف الجسم. لكن بالطبع تبقى مجموعة من الأسئلة تحتاج إلى إجابة، ومن ضمنها آلية تشكل 3.2 مليار زوج من الأسس في جسم الإنسان، فالجينوم البشري يعبر عن حزمة كاملة من الـ DNA، وتقسم بطرق متفاوتة إلى 23 زوج من الكروموزومات.
وظهر مشروع الجينوم البشري عام 1990 متضمنًا مجموعة من الأهداف الطموحة مثل:
تدير الجمعية الوطنية للصحة المشروع إلى جانب قسم الطاقة في الولايات المتحدة، وقد أنهيا المشروع ضمن خطة عمل في عام 2003. ونُشرت مجموعة من نتائجه عام 2006، وتخضع هذه البيانات للفحص والتحليل باستمرار وأحيانًا تُراجع، فنظريًا يمكننا القول إن المشروع انتهى، خصوصًا بعد تحقيق الأهداف الأساسية. ولنتعرف معًا على بعض النقاط التي تعلمناها من هذا المشروع.
قبل اكتمال مشروع الجينوم البشري بعدة سنين، اكتُشفت أمور مهمة تدّعي أن الجينوم البشري يحتوي 100 ألف جين تقريبًا، ولكن الدراسات الحديثة خفضت هذا الرقم ليصل إلى ما بين 20 ألف 25 ألف.
بالإضافة إلى ذلك، ساعد مشروع الجينوم البشري بتقليل مجال الجينات المحتملة، وعزل أنواعًا محددة منها، وتصنيفها بوصفها مسؤولة عن أمراض محددة. وقد أعاد العلماء تقييم الافتراضات السابقة أيضًا، مثل الافتراضات التي تدعي أن الجينات تُعد مستقلة بنفسها وكل قطعة من الـ DNA مسؤولة عن دور محدد. فبالطبع ليست الحالة كذلك دائمًا، إذ بتنا نعلم الآن أن بعض الجينات متعددة المهام ومسؤولة عن تشكيل بروتينات متعددة، بالحقيقة، أقل جين يُعد مسؤول عن تشكيل ثلاثة أنواع من البروتين، وأظهرت الدراسات أيضًا أن الجينات تستمد الكود الجيني المشكل لها من أجزاء DNA أخرى.
وقبل أن ننظر بدقة في الوراثة والجينات، علينا أن نتوسع في معرفة ما اكتشفه العلماء في جينوم الحيوان والكائنات الأخرى، فبعض التجارب -كتحديد جينوم الفئران- كانت متضمنة في مشروع الجينوم البشري الأساسي، وهذا المشروع بإمكانه أن يخبرنا الكثير عن تاريخ تطور الإنسان والـ DNA الخاص به.
وبعد أن انتهى مشروع الجينوم البشري، حان وقت أن يفحص العلماء المعلومات التي حصلنا عليها من البحث، فقد صب البرنامج تركيزه على الجينات، وطرح نقاشات مختلفة عن آلية عمل الوراثة، ما جعل العلماء ينظرون إلى الـ DNA بطريقة مختلفة، واضعين جانبًا جميع التكهنات السابقة التي ركزت على الجينات بوصفها الجزء المسيطر في الـ DNA، ليبحثوا عن نسبة 99% أو ما يقاربها من تركيب الـ DNA غير المرتبطة بالجينات، وذلك لمعرفة إن كان هذا المجال المهمل من الجينوم البشري يؤدي دورًا مهمًا.
فقد غير المشروع والأبحاث المرتبطة به الرؤية التي اتفق العلماء عليها سابقًا عن الجينات والـ DNA غير المرمز، ليعد الآن جزءًا من صورة متزايدة التعقيد عن الجينات والـ DNA ومكونات الجينوم البشري الأخرى. فمثلًا، تتلقى العلامات الجينية حاليًا مثل البروتين والجزيئات الأخرى المرتبطة بالـ DNA انتباهًا أكبر من السابق، خصوصًا بسبب دورها الكبير في الوراثة.
ومن الواضح أن هذه العلامات تؤدي دورًا في تركيب الجسم مثل الجينات، وأي خلل بالعلامات الجينية أو توضع خاطئ لها قد يسبب زيادة في خطورة تطور سرطان أو اضطرابات أخرى. ووصلت تكلفة دراسات منظمة الصحة الوطنية 190 مليون دولار تقريبًا لمحاولة التوصل لتحديد العلامات الجينية المرمزة للـ DNA.
وبسبب التركيز على تغير فكرتنا عن الجينات، نظم مشروع الجينوم البشري مجموعة من المشاريع الأخرى، فمثلًا في عام 2002 بدأ مشروع (هاب ماب) العالمي الذي يضع خطوطًا بيانية مختلفة من أجل النكليوتيد المفرد متعدد الأشكال من ضمن مجموعة عرقية متنوعة.
فالكود الجيني يختلف من شخص لآخر بحوالي 10 ملايين نقطة من أصل 3.2 مليار زوج أساس من الـ DNA، وهذه الاختلافات يُطلق عليها النكليوتيد المفرد متعدد الأشكال.
ولكن بغض النظر عن هذا النكليوتيد فإن البشر يختلفون عن بعضهم بنسبة 0.1% فقط، وهي ما يكفي لتأكيد عدم وجود أي شخصين متطابقين جينيًا حتى في حالة التوائم الحقيقة أحيانًا.
وبالطبع فهم النكليوتيد المفرد متعدد الأشكال يساعد على فهم الاختلاف الجيني بين الأفراد والجماعات العرقية، وينتج فحوصًا جينية أفضل من أجل رصد الأمراض الجينية والتقدم نحو تطوير علاجات طبية خاصة بالفرد.
على ما يبدو فإن المشاريع المستقبلية والأبحاث المنتمية لمشروع الجينوم البشري لا نهاية لها، فقد صُرفت ملايين الدولارات على أبحاث فك تشفير الـ DNA، ويستمر تقديم جهود ضخمة لتحديد دور كل جزء من أجزاء الـ DNA في الجينوم البشري.
ولكن المعلومات التي حصلنا عليها من مشروع الجينوم البشري والمشاريع المشابهة تؤدي إلى فوائد طبية مهمة وتطورات في علاج الأمراض، فالعلاقة بين البحث والعلاج المطبق ليس بسيطًا كبساطة معرفة التأثير والسبب بوضوح، فبالطبع كما نعلم، اكتشاف دواء جديد يكلفنا 10 سنين من التطوير والدراسة.
تجب مراقبة مجالات الأبحاث المزدهرة مستقبلًا التي تُعد إضافة مهمة إلى عمل مشروع الجينوم البشري، وصُنفت كالتالي:
ومع كل هذه الاكتشافات المثيرة وكل ما نحن بصدد اكتشافه، فلن نستطيع معرفة الدور العميق للـ DNA مهما حاولنا، فالتغيرات السريعة التي تطرأ على الجينات قد تكون خير دليل على ذلك. وعبّر عن ذلك باحث لمجلة نيويورك تايمز بقوله إن البيولوجيا البشرية قد تكون معقدة لدرجة لا يمكن اختزالها.
فنحن البشر قد نستطيع فهم أمور استثنائية، مثل إطلاق المركبات الفضائية وبناء الحواسيب السريعة وابتكار تصاميم فنية مذهلة، ولكن مع كل هذه الإنجازات، قد يكون فهم 3.2 مليار قطعة من الـ DNA شيئًا صعبًا على العقل في النهاية. وفيما يتعلق بتقدم البشرية، من السهل فهم ما نصنعه، ولكن من الصعب جدًا فهم كيفية تشكل الإنسان ومعرفة الجينوم البشري الخاص به بدقة.
ويعد الحمض النووي DNA حجر الأساس في بناء حياة الإنسان، يتضمن الشفرة الجينية التي تحدد بنسبة كبيرة من نحن، وهذه الشفرة تتضمن 4 أحرف يعبر كل منها عن أساس مختلف، وهي الأدنين (A) الذي يرتبط بالثيامين (T) والسيتوزين (C) الذي يرتبط بالغوانين (G).
وقد عرف العلماء منذ زمن طويل أن الأحرف الأربعة السابقة هي التي تعبر عن البروتين الذي يعد بدوره مسؤولًا عن مجموعة من وظائف الجسم. لكن بالطبع تبقى مجموعة من الأسئلة تحتاج إلى إجابة، ومن ضمنها آلية تشكل 3.2 مليار زوج من الأسس في جسم الإنسان، فالجينوم البشري يعبر عن حزمة كاملة من الـ DNA، وتقسم بطرق متفاوتة إلى 23 زوج من الكروموزومات.
وظهر مشروع الجينوم البشري عام 1990 متضمنًا مجموعة من الأهداف الطموحة مثل:
- تحديد تسلسل الجينوم البشري بالكامل.
- تحديد الجينات البشرية وتعريفها.
- توضيح الاختلاف بين أنواع الجينوم البشري الخاص بالأفراد.
- دراسة التسلسل الجينومي للفئران وأربعة أنواع أخرى مختلفة.
تدير الجمعية الوطنية للصحة المشروع إلى جانب قسم الطاقة في الولايات المتحدة، وقد أنهيا المشروع ضمن خطة عمل في عام 2003. ونُشرت مجموعة من نتائجه عام 2006، وتخضع هذه البيانات للفحص والتحليل باستمرار وأحيانًا تُراجع، فنظريًا يمكننا القول إن المشروع انتهى، خصوصًا بعد تحقيق الأهداف الأساسية. ولنتعرف معًا على بعض النقاط التي تعلمناها من هذا المشروع.
قبل اكتمال مشروع الجينوم البشري بعدة سنين، اكتُشفت أمور مهمة تدّعي أن الجينوم البشري يحتوي 100 ألف جين تقريبًا، ولكن الدراسات الحديثة خفضت هذا الرقم ليصل إلى ما بين 20 ألف 25 ألف.
بالإضافة إلى ذلك، ساعد مشروع الجينوم البشري بتقليل مجال الجينات المحتملة، وعزل أنواعًا محددة منها، وتصنيفها بوصفها مسؤولة عن أمراض محددة. وقد أعاد العلماء تقييم الافتراضات السابقة أيضًا، مثل الافتراضات التي تدعي أن الجينات تُعد مستقلة بنفسها وكل قطعة من الـ DNA مسؤولة عن دور محدد. فبالطبع ليست الحالة كذلك دائمًا، إذ بتنا نعلم الآن أن بعض الجينات متعددة المهام ومسؤولة عن تشكيل بروتينات متعددة، بالحقيقة، أقل جين يُعد مسؤول عن تشكيل ثلاثة أنواع من البروتين، وأظهرت الدراسات أيضًا أن الجينات تستمد الكود الجيني المشكل لها من أجزاء DNA أخرى.
وقبل أن ننظر بدقة في الوراثة والجينات، علينا أن نتوسع في معرفة ما اكتشفه العلماء في جينوم الحيوان والكائنات الأخرى، فبعض التجارب -كتحديد جينوم الفئران- كانت متضمنة في مشروع الجينوم البشري الأساسي، وهذا المشروع بإمكانه أن يخبرنا الكثير عن تاريخ تطور الإنسان والـ DNA الخاص به.
وبعد أن انتهى مشروع الجينوم البشري، حان وقت أن يفحص العلماء المعلومات التي حصلنا عليها من البحث، فقد صب البرنامج تركيزه على الجينات، وطرح نقاشات مختلفة عن آلية عمل الوراثة، ما جعل العلماء ينظرون إلى الـ DNA بطريقة مختلفة، واضعين جانبًا جميع التكهنات السابقة التي ركزت على الجينات بوصفها الجزء المسيطر في الـ DNA، ليبحثوا عن نسبة 99% أو ما يقاربها من تركيب الـ DNA غير المرتبطة بالجينات، وذلك لمعرفة إن كان هذا المجال المهمل من الجينوم البشري يؤدي دورًا مهمًا.
فقد غير المشروع والأبحاث المرتبطة به الرؤية التي اتفق العلماء عليها سابقًا عن الجينات والـ DNA غير المرمز، ليعد الآن جزءًا من صورة متزايدة التعقيد عن الجينات والـ DNA ومكونات الجينوم البشري الأخرى. فمثلًا، تتلقى العلامات الجينية حاليًا مثل البروتين والجزيئات الأخرى المرتبطة بالـ DNA انتباهًا أكبر من السابق، خصوصًا بسبب دورها الكبير في الوراثة.
ومن الواضح أن هذه العلامات تؤدي دورًا في تركيب الجسم مثل الجينات، وأي خلل بالعلامات الجينية أو توضع خاطئ لها قد يسبب زيادة في خطورة تطور سرطان أو اضطرابات أخرى. ووصلت تكلفة دراسات منظمة الصحة الوطنية 190 مليون دولار تقريبًا لمحاولة التوصل لتحديد العلامات الجينية المرمزة للـ DNA.
وبسبب التركيز على تغير فكرتنا عن الجينات، نظم مشروع الجينوم البشري مجموعة من المشاريع الأخرى، فمثلًا في عام 2002 بدأ مشروع (هاب ماب) العالمي الذي يضع خطوطًا بيانية مختلفة من أجل النكليوتيد المفرد متعدد الأشكال من ضمن مجموعة عرقية متنوعة.
فالكود الجيني يختلف من شخص لآخر بحوالي 10 ملايين نقطة من أصل 3.2 مليار زوج أساس من الـ DNA، وهذه الاختلافات يُطلق عليها النكليوتيد المفرد متعدد الأشكال.
ولكن بغض النظر عن هذا النكليوتيد فإن البشر يختلفون عن بعضهم بنسبة 0.1% فقط، وهي ما يكفي لتأكيد عدم وجود أي شخصين متطابقين جينيًا حتى في حالة التوائم الحقيقة أحيانًا.
وبالطبع فهم النكليوتيد المفرد متعدد الأشكال يساعد على فهم الاختلاف الجيني بين الأفراد والجماعات العرقية، وينتج فحوصًا جينية أفضل من أجل رصد الأمراض الجينية والتقدم نحو تطوير علاجات طبية خاصة بالفرد.
على ما يبدو فإن المشاريع المستقبلية والأبحاث المنتمية لمشروع الجينوم البشري لا نهاية لها، فقد صُرفت ملايين الدولارات على أبحاث فك تشفير الـ DNA، ويستمر تقديم جهود ضخمة لتحديد دور كل جزء من أجزاء الـ DNA في الجينوم البشري.
ولكن المعلومات التي حصلنا عليها من مشروع الجينوم البشري والمشاريع المشابهة تؤدي إلى فوائد طبية مهمة وتطورات في علاج الأمراض، فالعلاقة بين البحث والعلاج المطبق ليس بسيطًا كبساطة معرفة التأثير والسبب بوضوح، فبالطبع كما نعلم، اكتشاف دواء جديد يكلفنا 10 سنين من التطوير والدراسة.
تجب مراقبة مجالات الأبحاث المزدهرة مستقبلًا التي تُعد إضافة مهمة إلى عمل مشروع الجينوم البشري، وصُنفت كالتالي:
- تحسين الفحوص الجينية لتحديد الاستعداد الوراثي الخاص بالأمراض.
- تحديد الجينات التي ترتبط بالأمراض والعيوب الخلقية.
- اختراع علاج خاص بحالة معينة اعتمادًا على الملف الجيني.
- التلاعب وتصليح الـ DNA لتجنب الأمراض الوراثية.
- دور الـ RNA، والتركيز على دور الجزء غير المرمز من الـ RNA.
ومع كل هذه الاكتشافات المثيرة وكل ما نحن بصدد اكتشافه، فلن نستطيع معرفة الدور العميق للـ DNA مهما حاولنا، فالتغيرات السريعة التي تطرأ على الجينات قد تكون خير دليل على ذلك. وعبّر عن ذلك باحث لمجلة نيويورك تايمز بقوله إن البيولوجيا البشرية قد تكون معقدة لدرجة لا يمكن اختزالها.
فنحن البشر قد نستطيع فهم أمور استثنائية، مثل إطلاق المركبات الفضائية وبناء الحواسيب السريعة وابتكار تصاميم فنية مذهلة، ولكن مع كل هذه الإنجازات، قد يكون فهم 3.2 مليار قطعة من الـ DNA شيئًا صعبًا على العقل في النهاية. وفيما يتعلق بتقدم البشرية، من السهل فهم ما نصنعه، ولكن من الصعب جدًا فهم كيفية تشكل الإنسان ومعرفة الجينوم البشري الخاص به بدقة.