تعقيبات ومراجعات
۱ - من ذلك مثلاً وهو أهم ما يشغلنا هنا الخلاف الدائب حول واسطة الشعر والنثر هل هي واحدة مختلفة ، وسواء أكانت هذه أم تلك فهل يجوز أن تستعمل إحداهما مكان الأخرى ؟
ودون أن نتعجل حديثنا نقول : إن فريقاً يذهب إلى أنها واسطة واحدة تختلف في الكيف أو في الدرجة ، وعلى هذا الأساس قد تستعمل الصورة حتى في النثر العلمي نظريته عن الموجات الضوئية وقارنها بموجات البحر . كما شرح اسباب زرقة السماء ايضاً بوسائل تقوم على المقابله و المشابهة والعلاقات الصورية ، أنظر في ذلك : Fogle, R. H., << the imagery of keats a shelly », chap. IV. وثمة فريق آخر يقول إنها مختلفة . وفي زعمنا أن واسطة (النثري ) تختلف عن واسطة (الشعري). فالأولى هي الكلمة ، والثانية هي الصورة بيد أن واسطة الشعر والنثر واحدة قد تختلف في الدرجة . أنظر في هذا :
1 - Read, H., « Eng. prose style, » p. 26, 34, lon. 1928.
ومما يذكر أن ( ريد ) قد عدل رأيه في الطبعة الثانية
2 - Lucas, F. L. «style », chap. 9, lon. 1964.
٢ _ لعل الفكرة نفسها كانت في ذهن ( سارتر ) عندما تحدث عن الإلتزام بين النثر والشعر وقال إن المعاني التي تقتصر على النوع ميدان الإلتزام لأن الكلمات تستخدم فيه استخداماً نفعياً التوصيل في حين يعد الشعر من باب الرسم والنحت والموسيقا لأن الكلمات فيه كوسائط هذه الفنون لا تستخدم وإنما تخدم ، فيرسم ويلحن ويوحي ويتوسل بها كذوات بأعيانها لا كدلالات . إن الألفاظ تصبح في نظر الشاعر بمثابة أشياء طبيعية لها طولها وجزسها ونغمها وحياتها الخاصة .
أنظر : جان بول سارتر : ما الأدب ؟ ت . محمد غنيمي هلال / ٨ القاهرة ١٩٦١ .
٣ _ تثير كلمة ( بدائية ) الكثير من النقاش ه أندر ولانغ حملة شديدة على إستخدام ماكس موللر ، لها ، وقال إن أكثر الأجناس تخلفاً كانت لها حضارة راقية في الماضي الماضي الذي خلفوه وراءهم ليس من اليسير إحصاؤه ، وأن عاداتهم المعقدة ليست حصيلة أعوام أو قرون بل ربما كانت حصاد عصور لاتعد .
وعلى العموم يمكن أن نفرق بين ثلاثة مصطلحات تبدأ من الأدنى إلى الأعلى : أولها الهمجية avage - ، ثانيها البربرية . Barbarism ثالثها البدائية Primitive ، والأخيرة مرحلة راقية بدأت. بداية مع المجتمع الإنساني وحضارته .
ونجد لدى الدارسين عدة تقسيمات للأطوار الثقافية القديمة أهمها تقسيم « تيلور » « E.B. Tylor» إلى مرحلة التوحش أو الهمجية وهي مرحلة الصيد وجمع الثمار ، ومرحلة التبرير وهي مرحلة الزراعة ، ومرحلة الحضارة وهي مرحلة الثقافة . وتقسيم Morgan ... إلى مرحلة التوحش وهي المرحلة التي سبقت عصر الفخار ، ومرحلة التبربر وهي مرحلة عصر ا الخزف ومرحلة الحضارة وهي مرحلة عصر الكتابة ، وكل مرحلة من هذه تنقسم إلى ثلاث فترات دنيا ووسطى وعليا، وقد ذاع هذا التقسيم وانتشر حين اكتسب بعض المضامين السياسية واتخذته الماركسية أساساً من أسس فلسفتها .
٤ _ تذكر المدرسة أمثلة كثيرة على ذلك استخلصتها من التجارب التي أجرتها على الحيوان كتقديم اناثين أحدهما كبير مليء طعاماً ، والآخر صغير فارغ فان الحيوان سيربط - لا محالة - بين الطعام و الإناء في الحالة الأولى بصورة إذا قدم إليه فارغاً، فانه سيتجه إليه رغم ذلك مباشرة دون الثاني ، وتجربة « بافلوف ، عن طعام الكلب .. وجرس التنبيه ليست عنا ببعيدة .
وثمة تجارب أعقد من ذلك لا ضرورة للتعرض لها و كلها تشير في النهاية إلى أن طبيعة الذهن البدائي طبيعة ترابطية تقوم على تصور الأشياء في نطاق نسقها أو علاقاتها ، ويمكن أن نجد ذلك واضحاً لدى الإنسان العادي الذي يعيش لحظتين متداخلتين أحداهما نسقية وأخر اهما تجريدية صحيح ان هناك اختلافاً في تفسير الاستجابة وكيفية تركيب السلوك لدى كل من إنعكاسية «بافلوف» و «الغشطالت، إلا أن ما يهمنا هنا هو أن النمطين يقومان على استيحاء العلاقة الكلية وجعلها نقطة الإنطلاق .
٥ _ هنالك العديد من الآراء اء حول طبيعة لغة الإنسان البدائي فاذا افترضنا أن الفترة المعلومة لدينا تبدأ بالنزعة التصويرية فهل ثمة فترة أخرى أبعد منها ليس فيها مجازية قط ؟
يذهب « غورمونت » في كتابه ( مشكلة الأسلوب ) إلى أن لغة الإنسان البدائي كانت لغة إشارية مفردة لا تحمل سوى دلالة . وحيدة Paris 1902 Rémy de Gaurmont, « la probeeme de style », على حين يرى موللر أن أوائل اللغة ماثلة في سلسلة من الجذور وحيدة المقطع ، ذات إشارات حسية ساذجة ، ومع أن مباحثه - كما تعد بدءاً طيباً نحو الإلتفات إلى طبيعة اللغة البدائية التصويرية إلا أن الفترة الإستعارية لاحتمة أشرنا في حينه أنه كان بری عن ويذهب « بارفيلد » في كتابه « المعجم الشعري » إلى أن القيم المجازية كانت جزءاً من المدلول في البدء ، وأن كلمات اللغة البدائية لم تكن خالصة للحسي المادي فضلاً. أن تكون معزولة التفكير والشعور الإنسانيين ، فقد كانت ذات معنى فرد مركب جذري يقوم على الظاهرة الفراسية أو الإستبصارية لإدراك العلاقة بين الأشياء الخارجية والمشاعر الداخلية . أنظر : Barfield, O., «< Poetic diction », p. 84.
والواقع أن الفترات اللغوية كأي فترات أخرى طويلة ممتدة قد تتداخل ، فاذا سلمنا بالبداية الجذرية للكلمات ( فترة النوع والجنس معاً ) فان الفترة التي تلتها ستكون لاستعمال الكلمة للإشارة إلى النوع دون الجنس ، والفترة التي جاءت بعد ذلك كانت اتخصيصها تخصيصاً يعتمد على اللون أو الشكل أو غيرهما ثم جاءت الفترة
الرابعة وهي تخصيص التخصيص ( الفترة التجريدية التخصيصية ) حيث صارت الكلمة لا تعني سواها ، وتجردت أو قاربت من التحرد من الخصائص الصورية ، وهي التي ما نزال نعيشها حتى اليوم . أنظر : Skelton, R., «The poetic pattern », pp. 22-48.
٦ - يشير هنري فرانكفورت في كتاب أصدره وزوجه بعنوان : المدخل إلى ماقبل الفلسفة ، لندن / ١٩٣٩ - إلى طبيعة موقف الإنسان البدائي من الطبيعة ويقارنه بموقف الإنسان الحديث اعتماداً على مقولة ( الذات الموضوع ) ويقول : إن الطبيعة ( الموضوع ) في الموقف الأول كانت ( أنت ) ، وفي الموقف الحالي أصبحت ( هي ) ، والعلاقة ( أنا - أنت ) علاقة إنفصالية يكون فيها الحد الثاني فاعلاً والأول سالباً ، والعلاقة ( أنا - هي ) علاقة عليه يكون فيها الحد الأول فاعلاً والثاني منفعلاً . وهذا التصور للعلاقتين في ضوء السلبية والإيجابية خاطيء لأن الموقف الإنفعالي لا يعرف ثنائية المعادلة ( أنا - أنت ) ولا تعارضها وإنما كان يعرف أنها وحدة هي في ذاتها فاعله ومنفعلة .
٧ _ يقول الناقد ( جيمس هو نيكر ) في مقاله عن ( شوبان ) . . اخدش ظاهر الفنان تجد وراء ذلك طفلا . . . . . يعني بذلك أن في الفنان شيئاً من براءة الطفولة و يعرف الروائي الإنجليزي مونتاغيوم المحظوظين روحياً من الناس تعريفاً يصلح أن يكون وصفاً للفنانين . يقول : ه ... يبدو المحظوظون وكأنهم ماجاؤوا إلى العالم إلا لتوهم ، فما يزال فيهم شيء من آدم في يومه الأول ،
۱ - من ذلك مثلاً وهو أهم ما يشغلنا هنا الخلاف الدائب حول واسطة الشعر والنثر هل هي واحدة مختلفة ، وسواء أكانت هذه أم تلك فهل يجوز أن تستعمل إحداهما مكان الأخرى ؟
ودون أن نتعجل حديثنا نقول : إن فريقاً يذهب إلى أنها واسطة واحدة تختلف في الكيف أو في الدرجة ، وعلى هذا الأساس قد تستعمل الصورة حتى في النثر العلمي نظريته عن الموجات الضوئية وقارنها بموجات البحر . كما شرح اسباب زرقة السماء ايضاً بوسائل تقوم على المقابله و المشابهة والعلاقات الصورية ، أنظر في ذلك : Fogle, R. H., << the imagery of keats a shelly », chap. IV. وثمة فريق آخر يقول إنها مختلفة . وفي زعمنا أن واسطة (النثري ) تختلف عن واسطة (الشعري). فالأولى هي الكلمة ، والثانية هي الصورة بيد أن واسطة الشعر والنثر واحدة قد تختلف في الدرجة . أنظر في هذا :
1 - Read, H., « Eng. prose style, » p. 26, 34, lon. 1928.
ومما يذكر أن ( ريد ) قد عدل رأيه في الطبعة الثانية
2 - Lucas, F. L. «style », chap. 9, lon. 1964.
٢ _ لعل الفكرة نفسها كانت في ذهن ( سارتر ) عندما تحدث عن الإلتزام بين النثر والشعر وقال إن المعاني التي تقتصر على النوع ميدان الإلتزام لأن الكلمات تستخدم فيه استخداماً نفعياً التوصيل في حين يعد الشعر من باب الرسم والنحت والموسيقا لأن الكلمات فيه كوسائط هذه الفنون لا تستخدم وإنما تخدم ، فيرسم ويلحن ويوحي ويتوسل بها كذوات بأعيانها لا كدلالات . إن الألفاظ تصبح في نظر الشاعر بمثابة أشياء طبيعية لها طولها وجزسها ونغمها وحياتها الخاصة .
أنظر : جان بول سارتر : ما الأدب ؟ ت . محمد غنيمي هلال / ٨ القاهرة ١٩٦١ .
٣ _ تثير كلمة ( بدائية ) الكثير من النقاش ه أندر ولانغ حملة شديدة على إستخدام ماكس موللر ، لها ، وقال إن أكثر الأجناس تخلفاً كانت لها حضارة راقية في الماضي الماضي الذي خلفوه وراءهم ليس من اليسير إحصاؤه ، وأن عاداتهم المعقدة ليست حصيلة أعوام أو قرون بل ربما كانت حصاد عصور لاتعد .
وعلى العموم يمكن أن نفرق بين ثلاثة مصطلحات تبدأ من الأدنى إلى الأعلى : أولها الهمجية avage - ، ثانيها البربرية . Barbarism ثالثها البدائية Primitive ، والأخيرة مرحلة راقية بدأت. بداية مع المجتمع الإنساني وحضارته .
ونجد لدى الدارسين عدة تقسيمات للأطوار الثقافية القديمة أهمها تقسيم « تيلور » « E.B. Tylor» إلى مرحلة التوحش أو الهمجية وهي مرحلة الصيد وجمع الثمار ، ومرحلة التبرير وهي مرحلة الزراعة ، ومرحلة الحضارة وهي مرحلة الثقافة . وتقسيم Morgan ... إلى مرحلة التوحش وهي المرحلة التي سبقت عصر الفخار ، ومرحلة التبربر وهي مرحلة عصر ا الخزف ومرحلة الحضارة وهي مرحلة عصر الكتابة ، وكل مرحلة من هذه تنقسم إلى ثلاث فترات دنيا ووسطى وعليا، وقد ذاع هذا التقسيم وانتشر حين اكتسب بعض المضامين السياسية واتخذته الماركسية أساساً من أسس فلسفتها .
٤ _ تذكر المدرسة أمثلة كثيرة على ذلك استخلصتها من التجارب التي أجرتها على الحيوان كتقديم اناثين أحدهما كبير مليء طعاماً ، والآخر صغير فارغ فان الحيوان سيربط - لا محالة - بين الطعام و الإناء في الحالة الأولى بصورة إذا قدم إليه فارغاً، فانه سيتجه إليه رغم ذلك مباشرة دون الثاني ، وتجربة « بافلوف ، عن طعام الكلب .. وجرس التنبيه ليست عنا ببعيدة .
وثمة تجارب أعقد من ذلك لا ضرورة للتعرض لها و كلها تشير في النهاية إلى أن طبيعة الذهن البدائي طبيعة ترابطية تقوم على تصور الأشياء في نطاق نسقها أو علاقاتها ، ويمكن أن نجد ذلك واضحاً لدى الإنسان العادي الذي يعيش لحظتين متداخلتين أحداهما نسقية وأخر اهما تجريدية صحيح ان هناك اختلافاً في تفسير الاستجابة وكيفية تركيب السلوك لدى كل من إنعكاسية «بافلوف» و «الغشطالت، إلا أن ما يهمنا هنا هو أن النمطين يقومان على استيحاء العلاقة الكلية وجعلها نقطة الإنطلاق .
٥ _ هنالك العديد من الآراء اء حول طبيعة لغة الإنسان البدائي فاذا افترضنا أن الفترة المعلومة لدينا تبدأ بالنزعة التصويرية فهل ثمة فترة أخرى أبعد منها ليس فيها مجازية قط ؟
يذهب « غورمونت » في كتابه ( مشكلة الأسلوب ) إلى أن لغة الإنسان البدائي كانت لغة إشارية مفردة لا تحمل سوى دلالة . وحيدة Paris 1902 Rémy de Gaurmont, « la probeeme de style », على حين يرى موللر أن أوائل اللغة ماثلة في سلسلة من الجذور وحيدة المقطع ، ذات إشارات حسية ساذجة ، ومع أن مباحثه - كما تعد بدءاً طيباً نحو الإلتفات إلى طبيعة اللغة البدائية التصويرية إلا أن الفترة الإستعارية لاحتمة أشرنا في حينه أنه كان بری عن ويذهب « بارفيلد » في كتابه « المعجم الشعري » إلى أن القيم المجازية كانت جزءاً من المدلول في البدء ، وأن كلمات اللغة البدائية لم تكن خالصة للحسي المادي فضلاً. أن تكون معزولة التفكير والشعور الإنسانيين ، فقد كانت ذات معنى فرد مركب جذري يقوم على الظاهرة الفراسية أو الإستبصارية لإدراك العلاقة بين الأشياء الخارجية والمشاعر الداخلية . أنظر : Barfield, O., «< Poetic diction », p. 84.
والواقع أن الفترات اللغوية كأي فترات أخرى طويلة ممتدة قد تتداخل ، فاذا سلمنا بالبداية الجذرية للكلمات ( فترة النوع والجنس معاً ) فان الفترة التي تلتها ستكون لاستعمال الكلمة للإشارة إلى النوع دون الجنس ، والفترة التي جاءت بعد ذلك كانت اتخصيصها تخصيصاً يعتمد على اللون أو الشكل أو غيرهما ثم جاءت الفترة
الرابعة وهي تخصيص التخصيص ( الفترة التجريدية التخصيصية ) حيث صارت الكلمة لا تعني سواها ، وتجردت أو قاربت من التحرد من الخصائص الصورية ، وهي التي ما نزال نعيشها حتى اليوم . أنظر : Skelton, R., «The poetic pattern », pp. 22-48.
٦ - يشير هنري فرانكفورت في كتاب أصدره وزوجه بعنوان : المدخل إلى ماقبل الفلسفة ، لندن / ١٩٣٩ - إلى طبيعة موقف الإنسان البدائي من الطبيعة ويقارنه بموقف الإنسان الحديث اعتماداً على مقولة ( الذات الموضوع ) ويقول : إن الطبيعة ( الموضوع ) في الموقف الأول كانت ( أنت ) ، وفي الموقف الحالي أصبحت ( هي ) ، والعلاقة ( أنا - أنت ) علاقة إنفصالية يكون فيها الحد الثاني فاعلاً والأول سالباً ، والعلاقة ( أنا - هي ) علاقة عليه يكون فيها الحد الأول فاعلاً والثاني منفعلاً . وهذا التصور للعلاقتين في ضوء السلبية والإيجابية خاطيء لأن الموقف الإنفعالي لا يعرف ثنائية المعادلة ( أنا - أنت ) ولا تعارضها وإنما كان يعرف أنها وحدة هي في ذاتها فاعله ومنفعلة .
٧ _ يقول الناقد ( جيمس هو نيكر ) في مقاله عن ( شوبان ) . . اخدش ظاهر الفنان تجد وراء ذلك طفلا . . . . . يعني بذلك أن في الفنان شيئاً من براءة الطفولة و يعرف الروائي الإنجليزي مونتاغيوم المحظوظين روحياً من الناس تعريفاً يصلح أن يكون وصفاً للفنانين . يقول : ه ... يبدو المحظوظون وكأنهم ماجاؤوا إلى العالم إلا لتوهم ، فما يزال فيهم شيء من آدم في يومه الأول ،
تعليق