أبو فراس الحمداني Abu Firras al-Hamdani أديب و شاعر عباسي مُبَرِّز.

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أبو فراس الحمداني Abu Firras al-Hamdani أديب و شاعر عباسي مُبَرِّز.

    أبو فراس الحمداني
    (320-357هـ/932-967م)

    الأمير أبو فراس، الحارث بن أبي العلاء سعيد بن حمدان بن حمدون الحمدانيّ، ابن عمِّ سيف الدَّولة الحمدانيِّ. أديب شاعر عباسي مُبَرِّز.
    كان الصَّاحب بن عبَّاد يقول: «بُدئ الشعر بملك، وخُتمَ بملك»؛ يعني امرأ القيس وأبا فراس.
    شهد له المتنبي بالتقدُّم والتَّبريز، وكان يتحامى جانبه، فلا ينبري لمباراته.
    كان فارس الدَّولة الحمدانيَّة، مقداماً على القتال، لقِّب شاعر الفرسان وفارس الشعراء، أُسِرَ مرّتين، فالمرَّة الأولى بمغارة الكحل سنة (348هـ)، وسجن في حصن خَرْشَنَةَ، وما تعدَّت به الرُّوم حصنَها، يُقال إنه فرَّ من أسره على ظهر فرس قطع به الفرات. والمرَّة الثَّانية أسرته الرُّوم في مَنْبِج سنة (351هـ) ـ وكانت منبج إقطاعَه ـ وحملوه إلى القسطنطينية، وظلَّ في الأسر أربع سنوات، وله في أسره أشعار كثيرة مثبتةٌ في ديوانه، وسمِّيت أشـعاره في الأسر «الروميات» استعطف ببعضها سيف الدولة لفدائه، وكان أبطأ في ذلك، إذ أوغر أعداء أبي فراس صدر ســيف الدولة بالعداوة، وأوهموه أن أبا فراس يطمع في ملكه، غير أنه فداه بعد ذلك، ومن روميات أبي فراس في استعطاف سيف الدولة قوله:
    فَكَيفَ وَفيما بَينَنا مُلكُ قَيصَـرٍ
    وَلِلبَحرِ حَولي زَخرَةٌ وَعُبابُ
    أَمِن بَعدِ بَذلِ النَفسِ فيما تُريدُهُ
    أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حيـنَ أُثابُ
    فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَيــاةُ مَريرَةٌ
    وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
    قُتِلَ في واقعة جرت بينه وبين موالي أسرته، ولما حضرته الوفاة كان ينشد مخاطباً ابنته:
    نوحي عليَّ بحســرةٍ
    من خلف سِتْرِكِ والحجاب
    قولي إذا كلَّمْتِنِــــي
    فعييْتُ عن ردِّ الجــواب
    زين الشّــباب أبو فرا
    سٍ لم يمتَّع بالشـــباب
    قال ابن خلكان: «وهذا يدل على أنه لم يقتل أو يكون قد جرح وتأخر موته ثم مات من الجراحة»، قيل إن الذي قتله هو قرغويه غلام سيف الدولة بأمر من أبي المعالي بن سيف الدولة، كان مقيماً في حمص. وجرت المعركة قرب قرية صدد، فقتل وأخذ رأسه، وبقيت جثته مطروحة في البرية، إلى أن جاءه بعض الأعراب فكفَّنه ودفنه.
    قال الثعالبي: «شعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة»، له غزل رقيق عذب، يجمع في غزله أخلاق الأمراء الفرسان العاشقين، وهذه الخصائص تظهر في غزلياته واضحة، من ذلك قصيدته التي اشتهر بها، ومنها قوله:
    أَراكَ عَصِيَّ الدَمعِ شيمَتُكَ الصَبرُ
    أَما لِلهَوى نَهيٌ عليكَ ولا أَمـرُ
    بلى أَنا مُشتاقٌ وَعِندِيَ لَوعَةٌ
    وَلَكِنَّ مثلي لا يُذاعُ له سِـرُّ
    إِذا اللَيلُ أَضواني بَسَطتُ يَدَ الهَوى
    وَأَذلَلتُ دَمعاً مِن خَلائِقِهِ الكِبـرُ
    مُعَلِّلَتي بِالوَصلِ وَالمَوتُ دونَــهُ
    إِذا مِتَّ ظَمآناً فَلا نَزَلَ القَطـرُ
    تُسائِلُني مَن أَنتَ وَهيَ عَليمَــةٌ
    وَهَل بِفَتىً مِثلي عَلى حالِهِ نُكرُ
    وتظهر في سياق هذه القصيدة صفات العاشق الفارس في حوارية استعطافية رائقة لا تخلو من فخر الفارس ومباهاته بشجاعته بين يدي محبوبته:
    فَلا تُنكِريني يا اِبنَةَ العَمِّ إِنَّهُ
    ليَعرِفُ مَن أَنكَرتِهِ البَدوُ وَالحَضرُ
    وَلا تُنكِريني إِنَّني غَيرُ مُنكِرٍ
    إِذا زَلَّتِ الأَقدامُ وَاِستُنزِلَ النَصرُ
    مرَّ شعره بمرحلتين في بداية حياته الشعرية؛ في المرحلة الأولى ظهر شـعره متأثراً بفحول الجاهليين والأمويين. وفي المرحلة الثانية جرى على مقتضيات عصره، فجاء شعره بسيطاً واضحاً بعيداً عن التكلف، إضافة إلى النزعة الخطابية في غرضَي الفخر والحماسة:
    لنا أوَّلٌ في المكرمات وآخـرُ
    وباطـنُ مجـدٍ تغلبيٍّ وظاهرُ
    تبوَّأتُ من قَرْمَيْ مَعَدٍّ كليهما
    مَكَاناً أراني كيفَ تُبنَى المفاخرُ
    أنا الحارثُ المُختارُ مِن نسلِ حارثٍ
    إذا لمْ تسُدْ في القومِ إلا الأخايِرُ
    وأبو فراس، شاعر وجداني سخَّر كثيراً من شعره للحديث عن مشاعره وأحاسيسه، وما يعتلج في صدره من آلام وآمال، وعمل على تضمين ذلك في شعره، وجاء بعضه في سياق أسلوب السرد الحكائي، كقوله يخاطب حمامة في أسره في إحدى رومياته البديعة:
    أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَـةٌ:
    أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي
    مَعاذَ الهَوى ما ذُقتِ طارِقَةَ النَوى
    وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
    أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا
    تَعالَي أُقاسِـمكِ الهُمومَ تَعالَي
    أَيَضحَكُ مَأسـورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ
    وَيَسـكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ
    لقد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً
    وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ
    أحمد دهمان
يعمل...
X