هل تستطيع الكلاب تحديد حالتنا العاطفية عبر الرائحة وحدها؟ أجرى ستانلي كورن في السبعينيات محادثةً مع زميل من جامعة يوتا باحث في كشف الكذب، إذ قال له: «لقد تحدثت إلى بعض مدربي الكلاب الذين يعملون لدى الشرطة واقترحوا أن الكلاب قد تساعد على اكتشاف الكذب، فجهاز كشف الكذب الذي نستخدمه يعمل ببساطة عبر قياس مجموعة من التغيرات الفيزيولوجية المرتبطة بالتوتر، إذ يبحث عن التغيرات في معدل ضربات القلب، وتوتر العضلات، وأنماط التنفس، وزيادة التعرق، والاستجابات التي قد تشير إلى القلق الذي يدلنا بدوره على الكذب.
يرى ضباط الشرطة هؤلاء أن كلابهم تعرف متى يكذب شخص ما، بسبب تغير كيمياء أجساد الكاذبين قليلًا عندما يخافون ويتوترون من احتمال كشف سلوكهم المذنب، تغير يكفي على الأقل لتعديل رائحة عرقهم، وبما أن الكلاب جيدة جدًا في تمييز الروائح، يمكننا ربما تعليمهم الاستجابة لهذه الإشارات الكيميائية وتنبيهنا حول إمكانية كذب الشخص».
على حد علم الكاتب، لم تصدر أي تقارير منشورة من مختبره تبحث في هذا السؤال؛ لكن بعض الأبحاث الحديثة التي أجراها فريق يرأسه بياجيو دانيلو من قسم علم الأحياء بجامعة نابولي فيدريكو الثاني قد نوهت بضرورة تسليط الضوء على هذا المجال البحثي، وذلك بسبب إثبات أحد الدلائل الرئيسية قدرة الكلاب على كشف الكذب وقدرتها على رصد الخوف أو التوتر من طريق الرائحة وحدها.
إن أول ما احتاج إليه الباحثون في سبيل كشف استجابات الكلاب السلوكية للروائح العاطفية هو عينات مناسبة من الروائح التي تغلب عليها المشاعر بهدف اختبارها، وللحصول عليها، استقطبوا ثمانية طلاب جامعيين بيض البشرة، وطلبوا منهم مشاهدة مقاطع فيديو مصممة لإثارة الخوف والتوتر أو مقاطع فيديو مصممة لإثارة مشاعر السعادة والاسترخاء، وفي أثناء فترة مشاهدة الفيديو، وُضعت وسادات ماصة لجمع الروائح تحت الإبطين لتجميع الروائح والعرق، ثُم جُمدت هذه الوسادات لاحقًا وحفظت لتُستخدم بمثابة عينات شمّية.
يُذكر أيضًا أن كل وسادة جرى تقطيعها قبل الاختبار إلى أربعة أرباع ووضع ربع منها في وعاء مع عينات من ثلاثة أفراد آخرين خاضوا الحالة العاطفية نفسها، ما منح الباحثين نوعًا من «عينة خارقة»، تقيس رائحة الخوف أو السعادة لأربعة أشخاص وتميز الاختلافات الأخرى الفريدة لأفراد معينين. إضافةً إلى ذلك، استخدم الباحثون عينةً مرجعيةً حصلوا عليها باستخدام وسادات جديدة لم تتعرض لأي روائح بيولوجية المصدر.
كان مكان إجراء الاختبارات واضحًا إلى حد ما، إذ اختُبر 84 كلبًا وأصحابها على نحو فردي في غرفة تحوي كرسيين متقابلين بشكل مائل في الزوايا، إذ جلس مالك الكلب على أحد الكرسيين، بينما جلس شخص غريب على الآخر، وظل كلاهما جالسًا دون حراك في أثناء جلسة الاختبار، مع وجود جهاز في وسط الغرفة يضم العينة الشمية، وبعد إطلاقها (رائحة الخوف أو رائحة السعادة أو الرائحة الحيادية) في الهواء، جرى تصوير سلوك الكلب بالفيديو وتحليله.
تقصى الباحثون أشياء كثيرة، لعل أبرزها علامات القلق، مثل اللهاث والتثاؤب ولعق الفم والنباح ومعدل الخطوات وما إلى ذلك، وراقبوا نظرات الكلب ليتحققوا من نظره إلى الباب أو اقترابه منه بصورة تسمح له بالخروج من الغرفة، وراقبوا الشخص الذي اقترب منه الكلب وانتبه إليه -مالكه أو الغريب- والشخص الذي حاول الكلب أن يتفاعل معه. أظهرت الأبحاث السابقة أن الكلاب تميل إلى أن تحوم حول مالكها عند شعورها بالتوتر، وذلك عبر توظيف هذا الشخص المألوف ملاذًا آمنًا.
كان الاكتشاف الرئيسي واضحًا لا لبس فيه: عندما أُطلقت في الغرفة الروائح التي جُمعت من الأشخاص الذين اختبروا ظروفًا تبعث على الخوف أو القلق، تصرفت الكلاب كأنها رصدت شيئًا سلبيًا عبر إظهار المزيد من علامات التوتر والبقاء بالقرب من الشخص ومحاولة التفاعل مع أصحابها. يُذكر أن كلًا من الكلاب الذكور والإناث قد استجابت بنفس الطريقة لرائحة الخوف.
تفاجأ الباحثون بالاستجابة للرائحة المرتبطة بالسعادة، إذ وجدوا أن الكلاب الذكور لم تتعرف عليها، أو لم تستجب بطريقة مختلفةً عن استجابتها للرائحة المرجعية الخالية من المشاعر. على أي حال، يبدو أن إناث الكلاب قد تعرفت على رائحة السعادة عند إطلاقها، إذ أبدت اهتمامًا متزايدًا بالغريب على الجانب الآخر من الغرفة، أي استجابت الكلاب الذكور والإناث لرائحة الخوف، بينما بدت الإناث مستجيبةً فقط لرائحة السعادة.
يبدو أن حقيقة قدرة الكلاب على التعرف على رائحة التوتر أو القلق والاستجابة لها تعيد فتح الباب أمام التساؤلات حول إمكانية استخدام الكلاب لتمييز كذب الشخص من صدقه.
بينما يشير هذا البحث إلى احتمالية امتلاك الكلاب جميعها القدرة على أن تصبح أجهزة كشف كذب بيولوجية، تنوه هذه البيانات أيضًا بقدرة إناث الكلاب على تمييز الروائح المرتبطة بالعواطف السعيدة والاستجابة لها، وعليه قد تُكلَّف إناث الكلاب بمهمات إضافية خارج سياق الطب الشرعي، مثل اكتشاف المشاعر الإيجابية التي يختبرها الشخص في حضور كلبه
يرى ضباط الشرطة هؤلاء أن كلابهم تعرف متى يكذب شخص ما، بسبب تغير كيمياء أجساد الكاذبين قليلًا عندما يخافون ويتوترون من احتمال كشف سلوكهم المذنب، تغير يكفي على الأقل لتعديل رائحة عرقهم، وبما أن الكلاب جيدة جدًا في تمييز الروائح، يمكننا ربما تعليمهم الاستجابة لهذه الإشارات الكيميائية وتنبيهنا حول إمكانية كذب الشخص».
على حد علم الكاتب، لم تصدر أي تقارير منشورة من مختبره تبحث في هذا السؤال؛ لكن بعض الأبحاث الحديثة التي أجراها فريق يرأسه بياجيو دانيلو من قسم علم الأحياء بجامعة نابولي فيدريكو الثاني قد نوهت بضرورة تسليط الضوء على هذا المجال البحثي، وذلك بسبب إثبات أحد الدلائل الرئيسية قدرة الكلاب على كشف الكذب وقدرتها على رصد الخوف أو التوتر من طريق الرائحة وحدها.
إن أول ما احتاج إليه الباحثون في سبيل كشف استجابات الكلاب السلوكية للروائح العاطفية هو عينات مناسبة من الروائح التي تغلب عليها المشاعر بهدف اختبارها، وللحصول عليها، استقطبوا ثمانية طلاب جامعيين بيض البشرة، وطلبوا منهم مشاهدة مقاطع فيديو مصممة لإثارة الخوف والتوتر أو مقاطع فيديو مصممة لإثارة مشاعر السعادة والاسترخاء، وفي أثناء فترة مشاهدة الفيديو، وُضعت وسادات ماصة لجمع الروائح تحت الإبطين لتجميع الروائح والعرق، ثُم جُمدت هذه الوسادات لاحقًا وحفظت لتُستخدم بمثابة عينات شمّية.
يُذكر أيضًا أن كل وسادة جرى تقطيعها قبل الاختبار إلى أربعة أرباع ووضع ربع منها في وعاء مع عينات من ثلاثة أفراد آخرين خاضوا الحالة العاطفية نفسها، ما منح الباحثين نوعًا من «عينة خارقة»، تقيس رائحة الخوف أو السعادة لأربعة أشخاص وتميز الاختلافات الأخرى الفريدة لأفراد معينين. إضافةً إلى ذلك، استخدم الباحثون عينةً مرجعيةً حصلوا عليها باستخدام وسادات جديدة لم تتعرض لأي روائح بيولوجية المصدر.
كان مكان إجراء الاختبارات واضحًا إلى حد ما، إذ اختُبر 84 كلبًا وأصحابها على نحو فردي في غرفة تحوي كرسيين متقابلين بشكل مائل في الزوايا، إذ جلس مالك الكلب على أحد الكرسيين، بينما جلس شخص غريب على الآخر، وظل كلاهما جالسًا دون حراك في أثناء جلسة الاختبار، مع وجود جهاز في وسط الغرفة يضم العينة الشمية، وبعد إطلاقها (رائحة الخوف أو رائحة السعادة أو الرائحة الحيادية) في الهواء، جرى تصوير سلوك الكلب بالفيديو وتحليله.
تقصى الباحثون أشياء كثيرة، لعل أبرزها علامات القلق، مثل اللهاث والتثاؤب ولعق الفم والنباح ومعدل الخطوات وما إلى ذلك، وراقبوا نظرات الكلب ليتحققوا من نظره إلى الباب أو اقترابه منه بصورة تسمح له بالخروج من الغرفة، وراقبوا الشخص الذي اقترب منه الكلب وانتبه إليه -مالكه أو الغريب- والشخص الذي حاول الكلب أن يتفاعل معه. أظهرت الأبحاث السابقة أن الكلاب تميل إلى أن تحوم حول مالكها عند شعورها بالتوتر، وذلك عبر توظيف هذا الشخص المألوف ملاذًا آمنًا.
كان الاكتشاف الرئيسي واضحًا لا لبس فيه: عندما أُطلقت في الغرفة الروائح التي جُمعت من الأشخاص الذين اختبروا ظروفًا تبعث على الخوف أو القلق، تصرفت الكلاب كأنها رصدت شيئًا سلبيًا عبر إظهار المزيد من علامات التوتر والبقاء بالقرب من الشخص ومحاولة التفاعل مع أصحابها. يُذكر أن كلًا من الكلاب الذكور والإناث قد استجابت بنفس الطريقة لرائحة الخوف.
تفاجأ الباحثون بالاستجابة للرائحة المرتبطة بالسعادة، إذ وجدوا أن الكلاب الذكور لم تتعرف عليها، أو لم تستجب بطريقة مختلفةً عن استجابتها للرائحة المرجعية الخالية من المشاعر. على أي حال، يبدو أن إناث الكلاب قد تعرفت على رائحة السعادة عند إطلاقها، إذ أبدت اهتمامًا متزايدًا بالغريب على الجانب الآخر من الغرفة، أي استجابت الكلاب الذكور والإناث لرائحة الخوف، بينما بدت الإناث مستجيبةً فقط لرائحة السعادة.
يبدو أن حقيقة قدرة الكلاب على التعرف على رائحة التوتر أو القلق والاستجابة لها تعيد فتح الباب أمام التساؤلات حول إمكانية استخدام الكلاب لتمييز كذب الشخص من صدقه.
بينما يشير هذا البحث إلى احتمالية امتلاك الكلاب جميعها القدرة على أن تصبح أجهزة كشف كذب بيولوجية، تنوه هذه البيانات أيضًا بقدرة إناث الكلاب على تمييز الروائح المرتبطة بالعواطف السعيدة والاستجابة لها، وعليه قد تُكلَّف إناث الكلاب بمهمات إضافية خارج سياق الطب الشرعي، مثل اكتشاف المشاعر الإيجابية التي يختبرها الشخص في حضور كلبه