فاروق (الملك -)
(1338-1384هـ/1920-1965م)
هو ابن أحمد فؤاد أول ملك لمصر (1340هـ/1922م) ابن الخديوي إسماعيل بن إبراهيم باشا بن محمد علي باشا والي مصر عام 1220هـ/ 1805م في عهد السلطنة العثمانية، وهو أصل السلالة الحاكمة فيها حتى 1371هـ/1952م.
ولد الملك فاروق في القاهرة وتعلم بها، ثم تابع تعليمه في فرنسا وإنكلترا التي كان بها وقت وفاة أبيه، فغادرها إلى مصر على عجل ليستلم الملك لأنه كان ولياً للعهد.
تولى فاروق الملك عقب وفاة أبيه عام 1355هـ/1936م، وباشر رسميـاً في 9/5/1936 في فتـرة وصايـة استمرت حتى 29 تموز/يوليو 1937 حين بلغ ثمانية عشر عاماً هجرية. وكان لقبه «فاروق الأول ملك مصر والسودان»، ورحب به الشعب وأمل به خيراً.
كان عهد الملك فاروق بداية مرحلة جديدة في النضال بين مصر والتسلط البريطاني عليها، إذ تم في عهده عقد المعاهدة المصرية البريطانية عام 1936م «معاهدة التحالف» التي أعطت مصر مزيداً من الاستقلال في إدارة شؤونها كدولة ذات سيادة وقلصت النفوذ البريطاني، وإن قال عنها عدد من الوطنيين إنها ربطت مصر ببريطانيا بطريقة جديدة، وخاصة من حيث إبقاء الجنود البريطانيين في منطقة قناة السويس. وبدأت مصر تتطلع إلى ممارسة دورها العربي والإسلامي بأسلوب فعال، وقاومت الأفكار الانعزالية التي روّجها الأجنبي وأتباعه من أن مصر فرعونية. وتخلصت مما سمي «الامتيازات الأجنبية».
كانت هذه المعاهدة في فترة تصاعد بوادر الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، وحاولت مصر الوقوف على الحياد رسمياً مع تأييد طرف المحور (ألمانيا وإيطاليا) شعبياً للتخلص من الاحتلال البريطاني وسيطرته، إذ وقفت مصر ضد السياسة البريطانية وتعرّض الملك فاروق للتهديد بطرده من العرش من قبل البريطانيين الذين حاصروا قصره وأجبروه بالقوة على تعيين زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس رئيساً للوزارة عام 1942م. واضطرت مصر إلى إعلان الحرب على دول المحور في آخر الحرب شرطاً للدخول في هيئة الأمم المتحدة، لتصبح عضواً مؤسساً في المنظمة الدولية.
وكان في مصر في عهد فاروق مجلس نيابي ومجلس شيوخ وأحزاب عديدة متنوعة ووضع دستوري ونهضة. وقد سار الملك فاروق في سياسة عربية وإسلامية، وهتف له المصلون في الجامع الأزهر بوصفه «خليفة المسلمين»، إذ كانت هذه الدعوة ناشطة في البلاد.
وعقد في مصر المؤتمر الطبي العربي 1937م، والمؤتمر البرلماني للبلاد الإسلامية عام 1938م، والمؤتمر الفلسطيني والعربي قبل التوجه إلى مؤتمر الطاولة المستديرة في لندن عام 1939م.
وفي عهد الملك فاروق أقيمت جامعة الدول العربية عام 1945م؛ وهي أول محاولة رسمية ـ في رأي بعض المؤرخين ـ لإعادة الوحدة العربية بعد سقوط الخلافة العثمانية، وإن كانت محاولة ضعيفة لم تحقق أمل الأمة.
واشتركت مصر في عهده في الحرب العربية ضد الصهاينة الذين أعلنوا دولة إسرائيل في فلسطين عام 1948م.
وقويت العلاقات المصرية السورية وخاصة في عهد الانقلاب السوري الأول بقيادة حسني الزعيم[ر] (1949م)، ثم في عهد الانقلاب الثالث في العام نفسه بقيادة العقيد أديب الشيشكلي[ر] الذي زار مصر.
وفي عـهد الملك فـاروق قرر مجلسا النواب والشيوخ في 8/10/1951م إلغـاء معاهـدة 1936م مع بريطانيـا وإلغـاء اتفاقيتي 19 كانون الثاني/يناير و1 تموز/يوليو 1899م بشأن إدارة السودان المشتركة مع بريطانيا. واستقبلت البلاد إلغاء المعاهدة بحماس وغبطة واستعداد للبذل والتضحية والجهاد، ورفضت بريطانيا الاعتراف بالإلغاء، وتقدمت الدول الأربع إنكلترا وأمريكا وفرنسا وتركيا في 13/10/1951م باقتراح أن تقبل مصر الدفاع المشترك مع هذه الدول وأن تتولى مع مصر حماية قناة السويس، وقد انسحبت القوات البريطانية من القاهرة والإسكندرية واكتفت باحتلال منطقة القناة.
ونشطت في عهد فاروق المعارك في منطقة القناة ضد البريطانيين وقام الفدائيون المصريون بأعمال عظيمة، وقام الشعب بمظاهرات غاضبة مؤيدة للجهاد، وتزايد التوتر مع الإنكليز وقواتهم التي اصطدمت بالجيش المصري، فكانت فترة فوضى شجعت على القيام بحركة الجيش.
وقد تصدى الملك فاروق للتطورات الداخلية والعربية والتدخل الأجنبي حتى قيام حركة الجيش في 23 تموز 1952م، إذ تعرض الملك فاروق للانتقادات من المعارضة، ثم في فترة الحكم العسكري الانقلابي لتبرير قيام الحركة العسكرية، وألصقت به تهم التقصير في حرب 1948م.
وعلى الرغم من أن الملك فاروق أعلن موافقته على جميع مطالب الجيش في حركته في 4 ذي القعدة 1371هـ/23 تموز 1952م)، إلا أن العسكريين بعد أربعة أيام أرغموه على خلع نفسه والنزول عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد الثاني الذي خلع بعد ذلك، وتحولت مصر إلى جمهورية.
غادر الملك فاروق مصر بعد نزوله عن العرش وأقام في العاصمة الإيطالية روما لأنه كان يفضلها على بريطانيا التي تصدى لها. وكان أحياناً يزور سويسرا وفرنسا إلى أن توفي في روما وكان قد أوصى بأن يدفن في المدينة المنورة.
عبد الرحمن البيطار
(1338-1384هـ/1920-1965م)
ولد الملك فاروق في القاهرة وتعلم بها، ثم تابع تعليمه في فرنسا وإنكلترا التي كان بها وقت وفاة أبيه، فغادرها إلى مصر على عجل ليستلم الملك لأنه كان ولياً للعهد.
تولى فاروق الملك عقب وفاة أبيه عام 1355هـ/1936م، وباشر رسميـاً في 9/5/1936 في فتـرة وصايـة استمرت حتى 29 تموز/يوليو 1937 حين بلغ ثمانية عشر عاماً هجرية. وكان لقبه «فاروق الأول ملك مصر والسودان»، ورحب به الشعب وأمل به خيراً.
كان عهد الملك فاروق بداية مرحلة جديدة في النضال بين مصر والتسلط البريطاني عليها، إذ تم في عهده عقد المعاهدة المصرية البريطانية عام 1936م «معاهدة التحالف» التي أعطت مصر مزيداً من الاستقلال في إدارة شؤونها كدولة ذات سيادة وقلصت النفوذ البريطاني، وإن قال عنها عدد من الوطنيين إنها ربطت مصر ببريطانيا بطريقة جديدة، وخاصة من حيث إبقاء الجنود البريطانيين في منطقة قناة السويس. وبدأت مصر تتطلع إلى ممارسة دورها العربي والإسلامي بأسلوب فعال، وقاومت الأفكار الانعزالية التي روّجها الأجنبي وأتباعه من أن مصر فرعونية. وتخلصت مما سمي «الامتيازات الأجنبية».
كانت هذه المعاهدة في فترة تصاعد بوادر الحرب العالمية الثانية (1939-1945م)، وحاولت مصر الوقوف على الحياد رسمياً مع تأييد طرف المحور (ألمانيا وإيطاليا) شعبياً للتخلص من الاحتلال البريطاني وسيطرته، إذ وقفت مصر ضد السياسة البريطانية وتعرّض الملك فاروق للتهديد بطرده من العرش من قبل البريطانيين الذين حاصروا قصره وأجبروه بالقوة على تعيين زعيم حزب الوفد مصطفى النحاس رئيساً للوزارة عام 1942م. واضطرت مصر إلى إعلان الحرب على دول المحور في آخر الحرب شرطاً للدخول في هيئة الأمم المتحدة، لتصبح عضواً مؤسساً في المنظمة الدولية.
وكان في مصر في عهد فاروق مجلس نيابي ومجلس شيوخ وأحزاب عديدة متنوعة ووضع دستوري ونهضة. وقد سار الملك فاروق في سياسة عربية وإسلامية، وهتف له المصلون في الجامع الأزهر بوصفه «خليفة المسلمين»، إذ كانت هذه الدعوة ناشطة في البلاد.
وعقد في مصر المؤتمر الطبي العربي 1937م، والمؤتمر البرلماني للبلاد الإسلامية عام 1938م، والمؤتمر الفلسطيني والعربي قبل التوجه إلى مؤتمر الطاولة المستديرة في لندن عام 1939م.
وفي عهد الملك فاروق أقيمت جامعة الدول العربية عام 1945م؛ وهي أول محاولة رسمية ـ في رأي بعض المؤرخين ـ لإعادة الوحدة العربية بعد سقوط الخلافة العثمانية، وإن كانت محاولة ضعيفة لم تحقق أمل الأمة.
واشتركت مصر في عهده في الحرب العربية ضد الصهاينة الذين أعلنوا دولة إسرائيل في فلسطين عام 1948م.
وقويت العلاقات المصرية السورية وخاصة في عهد الانقلاب السوري الأول بقيادة حسني الزعيم[ر] (1949م)، ثم في عهد الانقلاب الثالث في العام نفسه بقيادة العقيد أديب الشيشكلي[ر] الذي زار مصر.
وفي عـهد الملك فـاروق قرر مجلسا النواب والشيوخ في 8/10/1951م إلغـاء معاهـدة 1936م مع بريطانيـا وإلغـاء اتفاقيتي 19 كانون الثاني/يناير و1 تموز/يوليو 1899م بشأن إدارة السودان المشتركة مع بريطانيا. واستقبلت البلاد إلغاء المعاهدة بحماس وغبطة واستعداد للبذل والتضحية والجهاد، ورفضت بريطانيا الاعتراف بالإلغاء، وتقدمت الدول الأربع إنكلترا وأمريكا وفرنسا وتركيا في 13/10/1951م باقتراح أن تقبل مصر الدفاع المشترك مع هذه الدول وأن تتولى مع مصر حماية قناة السويس، وقد انسحبت القوات البريطانية من القاهرة والإسكندرية واكتفت باحتلال منطقة القناة.
ونشطت في عهد فاروق المعارك في منطقة القناة ضد البريطانيين وقام الفدائيون المصريون بأعمال عظيمة، وقام الشعب بمظاهرات غاضبة مؤيدة للجهاد، وتزايد التوتر مع الإنكليز وقواتهم التي اصطدمت بالجيش المصري، فكانت فترة فوضى شجعت على القيام بحركة الجيش.
وقد تصدى الملك فاروق للتطورات الداخلية والعربية والتدخل الأجنبي حتى قيام حركة الجيش في 23 تموز 1952م، إذ تعرض الملك فاروق للانتقادات من المعارضة، ثم في فترة الحكم العسكري الانقلابي لتبرير قيام الحركة العسكرية، وألصقت به تهم التقصير في حرب 1948م.
وعلى الرغم من أن الملك فاروق أعلن موافقته على جميع مطالب الجيش في حركته في 4 ذي القعدة 1371هـ/23 تموز 1952م)، إلا أن العسكريين بعد أربعة أيام أرغموه على خلع نفسه والنزول عن العرش لابنه الطفل أحمد فؤاد الثاني الذي خلع بعد ذلك، وتحولت مصر إلى جمهورية.
غادر الملك فاروق مصر بعد نزوله عن العرش وأقام في العاصمة الإيطالية روما لأنه كان يفضلها على بريطانيا التي تصدى لها. وكان أحياناً يزور سويسرا وفرنسا إلى أن توفي في روما وكان قد أوصى بأن يدفن في المدينة المنورة.
عبد الرحمن البيطار