البحر الطويل ومفتاحه
يعد البحر الطويل أحد بحور الشعر العربي التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي، وهو واحد من البحور الأكثر استخدامًا في الشعر العربي القديم وحتى الحديث منه، ويمتاز هذا البحر بأنه لا يأتي إلا تامًا، بمعنى وجود أربع تفعيلات في الشطر الأول وأربع تفعيلات في الشطر الثاني، ومن الجدير بالذكر أنّ البحر الطويل سمّي بذلك لطوله، حيث بلغ عدد حروفه ثمانية وأربعين حرفًا، ولأنّه طال بتمام أجزائه، ومفتاح البحر الطويل هو كالآتي:
طَويلٌ لَهُ دونَ البُحورِ فَضائِلُ ** فَعولُن مَفاعيلُن فَعولُن مَفاعِلُ.[١]
عروض بحر الطويل
يُقصد بعروض البحر الشعري التفعيلة التي تقع في آخر الشطر الأول من البيت الشعري، وفي البحر الطويل فإنّ تفعيلة العروض فيه لا تُستخدَم تامّة أي على صورة "مَفاعيلُنْ"، بل يُحذَف منها الحرف الخامس -أي الياء الساكنة- فتصبح "مَفاعِلُن"، وتسمى حينها التفعيلة المقبوضة وهي لا تأتي إلا على هذه الصورة، وتجدر الإشارة إلى أنّ بحر الطويل بصورة عامة يحتوي على تفعيلتين مكررتين وردت كلّ منهما أربع مرات.[٢]
ضرب البحر الطويل
يُقصد بالضرب في البحر الشعري التفعيلة التي تقع في آخر الشطر الثاني، وفي البحر الطويل فإنّ تفعيلة الضرب تأتي على ثلاث صور؛ إما تامّة وصحيحة "مَفاعيلُنْ"، وإما مقبوضة بحذف الحرف الخامس منها "مَفاعِلُن"، وإما محذوفة بحذف الحرفين السادس والسابع "مَفاعي" لكنها عند الاستخدام والتقطيع تصبح "مَفاعِل" أو "فَعُولُن" تسهيلًا للنطق.[٣]
أنواع البحر الطويل
بناء على ما ورد أعلاه من توضيح لعروض البحر الطويل وضربه فإنّه يجيء على ثلاثة أنواع، وهي على النحو الآتي:[٤][٣]
النوع الأول: ما كانت تفعيلة العروض فيه مقبوضة "مَفاعِلُن" وتفعيلة الضرب صحيحة "مَفاعيلُنْ"، ومثال ذلك من الشعر مع تقطيعه عروضيًا كالآتي:
أَسِرتُ وَما صَحبي بِعُزلٍ لَدى الوَغى
وَلا فَرَسي مُهرٌ وَلا رَبُّهُ غَمرُ
ب - ب/ ب - - -/ ب - -/ ب - ب -
ب - ب/ ب - - -/ ب - -/ ب - - -
فَعولُ/ مَفاعيلُنْ/ فَعولُنْ/ مَفاعِلُن
فَعولُ/ مَفاعيلُنْ/ فَعولُنْ/ مَفاعيلُنْ
النوع الثاني: ما كانت تفعيلة العروض فيه مقبوضة "مَفاعِلُن" وتفعيلة الضرب مقبوضة "مَفاعِلُن"، ومثال ذلك من الشعر مع تقطيعه عروضيًا كالآتي:
وَمَنْ هَابَ أَسْـبَابَ المَنَايَا يَنَلْنَـهُ
وَإِنْ يَرْقَ أَسْـبَابَ السَّمَاءِ بِسُلَّـمِ
ب - -/ ب - - -/ ب - -/ ب - ب -
ب - -/ ب - - -/ ب - ب/ ب - ب -
فَعولُن/ مَفاعيلُنْ/ فَعولُن/ مَفاعِلُن
فَعولُن/ مَفاعيلُنْ/ فَعولُ/ مَفاعِلُن
النوع الثالث: ما كانت تفعيلة العروض فيه مقبوضة "مَفاعِلُن" وتفعيلة الضرب محذوفة "مَفاعِل"، ومثال ذلك من الشعر مع تقطيعه عروضيًا كالآتي:
فَما جازَهُ جُودٌ ولا حَلَّ دونه
ولكنْ يسير الجودُ حيثُ يسيرُ
ب - -/ ب - - -/ ب - -/ ب - ب -
ب - -/ ب - - -/ ب - ب/ ب - -
فَعولُن/ مَفاعيلُنْ/ فَعولُن/ مَفاعِلُن
فَعولُن/ مَفاعيلُنْ/ فَعولُ/ مَفاعِل
نموذج على البحر الطويل
من القصائد التي نُظمت على البحر الطويل قصيدة للشاعر محمود سامي البارودي يقول في بعض أبياتها:[٥]
سِوَايَ بِتَحْنَانِ الأَغَارِيدِ يَطْرَبُ
وَغَيْرِيَ بِاللَّذَّاتِ يَلْهُو وَيُعْجَبُ
وَما أَنَا مِمَّنْ تَأْسِرُ الْخَمْرُ لُبَّهُ
وَيَمْلِكُ سَمْعَيْهِ الْيَرَاعُ الْمُثَقَّبُ
وَلَكِنْ أَخُو هَمٍّ إِذا ما تَرَجَّحَتْ
بِهِ سَوْرَةٌ نحَوْ َالْعُلاَ رَاحَ يَدْأَبُ
نَفَى النَّوْمَ عَنْ عَيْنَيْه نَفْسٌ أَبِيَّةٌ
لَها بينَ أَطْرافِ الأَسِنَّة مَطْلَبُ
بَعِيدُ مَناطِ الْهَمِّ فَالغَرْبُ مَشْرِقٌ
إِذَا مَا رَمَى عَيْنَيْهِ والشَّرْقُ مَغْرِبُ
لَهُ غُدُواتٌ يَتْبَعُ الْوَحْشُ ظِلَّها
وَتَغْدُو عَلى آثارِها الطَّيْرُ تَنْعَبُ
هَمَامَةُ نَفْسٍ أَصْغَرَتْ كُلَّ مَأْرَبٍ
فَكَلَّفَتِ الأَيَّامَ ما لَيْسَ يُوهَبُ
وَمَنْ تَكُنِ العَلْياءُ هِمَّةَ نَفْسِهِ
فَكُلُّ الَّذِي يَلْقَاهُ فيها مُحَبَّبُ
إِذا أَنا لَم أُعْطِ الْمَكارِمَ حَقَّها
فَلا عَزَّنِي خالٌ وَلا ضَمَّنِي أَبُ
وَلا حَمَلَتْ دِرْعِي كُمَيْتٌ طِمِرَّةٌ
وَلا دارَ في كَفِّي سِنانٌ مُذَرَّبُ