بانياس؛ تِيهُ النسورِ .. ولُجّةُ غابات بحرِ المشرق
.................................................. .....................................
في طريقك إلى الشمال السوري وتحديدا في مدينة بانياس حيث الغابات تتيه زهواً وينتشي البحر من مجاورة البر وحين تلتقي الجبال بالبحر، تحدث معجزات الطبيعة الأبهى فتستوقفك هذه المدينة لتخبرك أنها مدينة ومرفأ سوري يكسر أمواج البحر الهادئة ليحمي اللائذين إليه من غدر البحر
.
تعود أصول نشأتها إلى الكنعانيين وكانت تتبع لمملكة أرواد ومثلت انذاك ميناء بحريا هاما
و في العصرين اليوناني والروماني ازدهرت وتطورت وكانت تعرف باسم (بالانيا) ومن ثم (بُلنياس) بمعنى الحمامات ومنها جاء اسمها الحالي "بانياس"
.
تَتُوهُ النسور، وتضلُّ طريقها، مِن كثافة الغابات، التي تحجبُ البحرَ. فتتيهُ الغابات زهواً، وينتشي البحرُ من مجاورة البرِّ ..!
.
وفي رؤوس التقاء الجبل والبحر، تنشأ أجمل مدن المهاجرين والغرباء والتجّار والبحّارين.
وإن زاد ترفُ الطبيعة، يمتدّ شريط بريّ على طول الساحل، لِمشي الحائرين، ولِتغسلَ المدينة وجبالها أقدامها في البحر، كلّ مساء. وفي بانياس، يفيضُ جمالُ الطبيعة عى ما عداه، فالقرى مدفونةٌ في غابات تُخفيها، وتتخفّى بها، وينابيعُ السفوح تروى النسورَ التائهة، قبل أن تدلّها إلى طريق المشرق أو المتوسّط.
.
- ذُكرت مدينة بانياس منذ القدم في السجلّات التاريخية، وقد اكتشفت فيها العديد من الآثار الهامَّة،
ويعتقد أنّ تاريخها يعود إلى حقبة ما قبل التاريخ. وكانت فيما مضى مدينة فينقية، تتبع مملكة أرواد، حيث مثَّلت في ذلك العصر ميناءً بحرياً هاماً.
وقد عُثر بالفعل على عددٍ من الحمّامات الأثرية قرب منبع نهر بانياس. وفي عهد الإمبراطورية البيزنطية تغيَّر اسمها إلى ليوكاس.
.
اكتسب موقعها أهمية خلال العصور الوسطى لقربها من قلعة المرقب، حيث دارت في محيطها عدَّة معارك بين المسلمين والفرنجة (الصليبيّين)، للسيطرة على القلعة التي كانت قد سقطت خلال الحملة الفرنجيّة (الصليبية) الأولى،
وقد استقرّ الصليبيون (الفرنجة) في بانياس، وعرفت في تلك الفترة باسم (فاليتي)، وظلّت كذلك حتى عام 1285م.عندما استعادها المسلمون ،
.
- تقع مدينة بانياس على الساحل السوري، وتتبع إلى محافظة طرطوس، حيث تبعد عنها نحو أربعين كيلومتراً شمالاً، كما تبعد عن مدينة اللاذقية نحو خمسين كيلومتراً جنوباً،
وتقوم على شاطئ خليج طبيعي على البحر المتوسط.
.
وتزهو بانياس ومرفأها بجمالها الباذخ، وطبيعتها الساحرة، ومياهها الوافرة، إذ يشقّها نهر بانياس، ويزنّرها نهر (السن) من الشمال، بغزارته اللافتة.
.
توسّعت المدينة بسرعة منذ ستينيّات القرن العشرين باتجاهي الشمال والجنوب، وذلك بسبب تحوّلها إلى مرفأ ومصبّ لخط أنابيب النفط العراقيّ، وكذلك أصبحت مقرّاً لشركة نقل النفط السوريّ، وفيها محطّة حرارية لتوليد الكهرباء.
.
في بانياس مرفأ صغير، للنزهة والصيد، وقد بُني الحي القديم فيها فوق سفح تلّ يعرف بحي القلعة،
ومن آثارها؛
• قلعة القوز، • برج الصبي، • قلعة المرقب،
كما أنّ فيها آثاراً رومانية وإسلامية وصليبية، وطواحين مائية وحمّامات عامة.
.
- تضمّ بانياس عدّة نواحٍ وقرى ومزارع، حيث يفصل نهر السن بين محافظة طرطوس التي تضمّ بانياس، وبين محافظة اللاذقية، وذلك عبر منطقة بانياس وجبلة، التي تتمتّع بجمال أخّاذ. ونهر السن هو أصغر الأنهار السورية، فطوله لا يتجاوز ستّة كيلومترات، ويشكّل نهر (حريصون) في المجرى الأعلى له الحدود الإدارية بين المحافظتين، حيث ينتهي شماليّ بانياس باسم نهر (الجويبات).
.
أمّا نهر بانياس أو نهر رأس النبع، فيخترق المدينة الرابضة على خليج (صغير) على المتوسط، قادماً من الجبال ومن سلسلة الغابات الساحلية.
.
من نواحي بانياس:
القدموس، العنازة، الروضة، تالين، الطواحين، وحمّام الواصل.
.
- تُشكّل مدينة بانياس حلقة الوصل بين مدن الساحل السوري، وذلك بواسطة الطريق الدولي بين اللاذقية وطرطوس، وتتّصل بالمناطق الداخلية السورية عن طريق (القدموس مصياف). فهي تقع على السفوح الغربية لجبال اللاذقية، وتحدّها :
• محافظة حماة من الشرق،
• واللاذقية من الشمال،
• ومنطقة الشيخ بدر من الجنوب،
• والبحر الأبيض المتوسط من الغرب.
.
وتعتبر بانياس من أغنى المناطق السورية المكسوّة بالأحراج والغابات، إذ تغطي سفوحَها الأشجارُ والغابات المتوسطيّة. كما أنّها محاطة بالجبال التي تغطّيها أشجار الزيتون،
وهي من المدن الساحلية فائقة الجمال، التي يلتقي فيها الجبل والبحر، فتتكاثر فيها المصايف والبلدات، التي تخفيها كثافة الأشجار، وتنساب في نواحيها الجبلية الينابيع.
.
- ويعتبر مرفأ بانياس مرفأ النفط السوري الأول، فمقابل شواطئها تتواجد منصّات تحميل وتفريغ النفط السوري، المصدّر عبر ميناء بانياس إلى الأسواق العالمية.
.
عثر الآثاري "آرنست رينان" في سنة 1860 على نقشٍ باللغة اليونانية في معبدٍ صغيرٍ بُني على ضفة نهر بانياس اليمنى، يقول الآتي؛
«على شرف أهل بانياس في سورية المستقلّين قام أنتيوخوس الملقب بديفيلوس ابن مينودور بتشييد هذا المعبد وإقامة التماثيل على نفقته الخاصة».
.
كما عثر في المدينة على نقودٍ وميداليات رسم عليها الإلهان الإغريقيَّان (جوبيتر وباخوس)، ممَّا يدلّ على ديانة أهلها في القدم.
.
وقد حظيت المدينة في العهد الهلنستي بأبنية بلدية ومجلس شيوخ. فمن نقوشها، التي تعود إلى القرن الثاني الميلادي :
«أصدر مجلس الشيوخ والشعب مرسوماً بإقامة التمثالين تكريماً لفيليب ابن أنتيبا تروس لأبيه أنتيبا تروس ابن فيليب، كشكرٍ لأنتيبا تروس الذي قام بمساهماتٍ طوعيَّة، حيث مارس وظيفة مدير المعهد الرياضي بتألّق».
.
مدَحَ أبو الفداء المدينة لكثرة أشجارها وفواكهها، كما تحدَّثَ عنها أسامة بن منقذ.
وقد جاء ذكر المدينة في كتاب معجم البلدان لياقوت الحمويّ باسم بُلُنْيَاس، وجاء في وصفها؛ «بُلُنْيَاس؛ كورةٌ ومدينةٌ صغيرةٌ وحصنٌ بسواحل حمص على البحر، ولعلَّها سُمِّيت باسم الحكيم بلنياس صاحب الطلمسات.»
.
- وفي حقبةٍ ما، خلال عهد الحكم الإسلامي لبلاد الشام أو ما سبقه، شُيِّدت على مقربةٍ من المدينة جنوباً قلعة المرقب ذائعة الصّيت، للإسهام في حمايتها هي ومنطقة الساحل المحيطة بها. حيث جاء أوَّل ذكرٍ للقلعة في السجلات والكتابات العربية عام 1047 م.
.
- بعد السيطرة الصليبية، وُضعت (بلنياس) وقلعة المرقب تحت سلطة عائلة "مانسوير"، ونُقِلت فيما بعد إلى فرسان "القديس يوحنا" عام 1186،
وقد حاول صلاح الدين الأيوبي أن يفتحها بعد فتحه أغلب الشام، إلا أنَّه فشل في ذلك. ولم يستعد المسلمون المدينة والقلعة حتى سنة 1285،
.
• عُثر في المدينة سنة 1924 على آثار وبقايا أعمدة من الغرانيت وتيجان الأعمدة،
• كما عثر فيها لاحقاً على آثار مسرح روماني من القرن الأول الميلادي.
• وقد اكتشف في سنة 1986 مدفنٌ جماعيٌّ من القرن الأول أيضاً، فيه خمس قبورٍ فرديَّة وعددٌ كبيرٌ من الأدوات والقطع الأثرية، تشمل قناعاً وبضعة خواتم وزوجاً من الأقراط كلّها من الذهب، بالإضافة إلى عددٍ من النفخات الزجاجية والحلقات الحديدية، وعرى وأرجل طاولة وحمَّالة سرج وأدوات طعامٍ من البرونز، فضلاً عن وريقات ذهبية وبقايا قفل برونزي.
.
• وفي سنة 1988، اكتشف مدفنٌ آخر من القرن الأول الميلادي بتلّة فارس في بانياس، حُفر بشكل قبّة في التربة البركانية، فيها ستّ معازب بها توابيتٌ فخارية وخشبية.
• كما عُثر على عملات نقدية من مختلف الحقب كالرومانية والإسلامية والصليبية، وقد كانت تمثّل بعضها صورة هرقل وقد ارتدى فرو أسد وأمسك بيده دبوساً، وأخرى الإله بعل راكباً عربة وتُحِيط به هالة شعاعية، وفي بعضها إلهة الكون نيمن.
.
• وفي سنة 1994، جرت أعمال تنقيبٍ في مزارع على أوتوستراد بانياس - اللاذقية، وعثر نتيجةً لها على أرضية فسيفسائية تعود إلى القرنين الثاني والثالث عشر الميلاديَّين.
كما عثر في تنقيبات السنة نفسها على قناة مائية عمقها 3 إلى 4 أمتارٍ كانت تصبُّ في البحر قرب (صخرة المنشحة).
.
لن تنسى زيارتك لهذه المدينة التي تفيض فيها الطبيعة جمالا
فالقرى مدفونة في غابات تخفيها وتتخفى بها وينابيع تروي الطيور التائهة قبل أن تدلّها إلى طريق المتوسط
=AZXTFJMOS6P6draHxEIp3MR7BihTly3u8scN83YwV91TBAMmo eXt_fbEqU0aP6axS4tDp-7YuRqUbz-GsMS7mI9gRFaq7hmZ7J6S45qWnGdpBDk4h527j4avx7_m3ye-2pnFFxNLwFh39gAZOHoGJaIn6JIfMNxnJLMv7YFPQRNriIcMj_ mo0BrXlZtVm_ryxVk&__tn__=*bH-R]
=AZXTFJMOS6P6draHxEIp3MR7BihTly3u8scN83YwV91TBAMmo eXt_fbEqU0aP6axS4tDp-7YuRqUbz-GsMS7mI9gRFaq7hmZ7J6S45qWnGdpBDk4h527j4avx7_m3ye-2pnFFxNLwFh39gAZOHoGJaIn6JIfMNxnJLMv7YFPQRNriIcMj_ mo0BrXlZtVm_ryxVk&__tn__=*bH-R]
=AZXTFJMOS6P6draHxEIp3MR7BihTly3u8scN83YwV91TBAMmo eXt_fbEqU0aP6axS4tDp-7YuRqUbz-GsMS7mI9gRFaq7hmZ7J6S45qWnGdpBDk4h527j4avx7_m3ye-2pnFFxNLwFh39gAZOHoGJaIn6JIfMNxnJLMv7YFPQRNriIcMj_ mo0BrXlZtVm_ryxVk&__tn__=*bH-R]
=AZXTFJMOS6P6draHxEIp3MR7BihTly3u8scN83YwV91TBAMmo eXt_fbEqU0aP6axS4tDp-7YuRqUbz-GsMS7mI9gRFaq7hmZ7J6S45qWnGdpBDk4h527j4avx7_m3ye-2pnFFxNLwFh39gAZOHoGJaIn6JIfMNxnJLMv7YFPQRNriIcMj_ mo0BrXlZtVm_ryxVk&__tn__=*bH-R]
=AZXTFJMOS6P6draHxEIp3MR7BihTly3u8scN83YwV91TBAMmo eXt_fbEqU0aP6axS4tDp-7YuRqUbz-GsMS7mI9gRFaq7hmZ7J6S45qWnGdpBDk4h527j4avx7_m3ye-2pnFFxNLwFh39gAZOHoGJaIn6JIfMNxnJLMv7YFPQRNriIcMj_ mo0BrXlZtVm_ryxVk&__tn__=*bH-R]