اسماعيل (اخوه)
Ishmael brothers - Les frères Ismaël
إسماعيل (الإخوة ـ)
الإخوة إسماعيل أربعة إخوة أشقاء من رجال الفكر والفن التشكيلي العرب السوريين، هم أدهم وصدقي وعزيز ونعيم أبناء علي إسماعيل.
أصلهم من عرب لواء اسكندرونة هاجروا من اللواء بعد سلخه عن سورية عام 1938، وكان لهم أثر كبير في النهضة الأدبية والفنية التي شهدتها سورية منذ فجر الاستقلال.
أدهم إسماعيل
(1922-1963)
أدهم بن علي إسماعيل مصور عربي سوري، مارس التصوير الزيتي، وابتكر أسلوباً حديثاً استقاه من التراث العربي التشكيلي، ومن «الخط اللامتناهي» في هذا التراث، ليعالج موضوعات سياسية واجتماعية معاصرة.
وفي السنوات (1956-1961)، التي أمضاها بين درعا والقاهرة ودمشق، رسم عدة لوحات عبرت عن الأحداث السياسية المعاصرة، وفق رؤيته الفنية الخاصة، وبصيغة فنية ازدادت متانة وقوة، ومنها «وراء القضبان» (1956)، و«بور سعيد» (1958)، و«الطائر يفك قيده» (1959) و«زلازل أغادير» (1960).
ثم اتجه إلى الموضوعات الجمالية ما بين 1961 و1963 وإلى استعمال الحرف العربي موضوعاً لتكوينات فنية جديدة، وتلاقت أفكاره هذه مع مبادرات الفنان محمود حماد في مجال الحرف.
طارق الشريف
صدقي إسماعيل
(1924ـ 1972م)
صدقي بن علي إسماعيل، أديب ومفكر عربي سوري، ولد في مدينة أنطاكية، حاضرة لواء اسكندرونة، وتوفي في دمشق.
أتم صدقي إسماعيل دراسته الابتدائية في مدرسة العفان في أنطاكية، وانتقل في عام 1936 إلى ثانوية أنطاكية، وهي الثانوية الوحيدة في المدينة آنذاك. بيد أن استلاب الأتراك لواء اسكندرونة عام 1938 اضطر صدقي إسماعيل وأخوه أدهم وعدد كبير من العرب إلى اجتياز الحدود إلى سورية خلسة، وقد أكمل صدقي وأدهم دراستهما في ثانويات حماه وحلب ثم دمشق فنال شهادة الدراسة الثانوية سنة 1943، وشهادة دار المعلمين سنة 1945، والتحق بالجامعة السورية في دمشق ونال الإجازة في الفلسفة ودبلوم التربية سنة .1952 وتزوج سنة 1957.
اختار صدقي إسماعيل العمل في ميدان التعليم متنقلاً بين المدارس الابتدائية والثانوية ودور المعلمين في حلب ودمشق حتى عام 1967. ثم عين أميناً عاماً للمجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية بدمشق، وغدا منذ عام 1970 رئيساً لاتحاد الكتاب العرب في سورية والمدير المسؤول لمجلة «الموقف الأدبي» التي يصدرها الاتحاد. وشارك في عدد من الندوات الدولية والمؤتمرات والمهرجانات الأدبية العربية. وزار عدداً من الدول الأوربية.
كان صدقي إسماعيل فناناً أصيلاً وكاتباً موهوباً وفياً لقلمه وللقضية التي آمن بها وعاش لها. باشر الكتابة وهو ما يزال في المرحلة الابتدائية، وكان إلى جانب ذلك تلميذاً مجداً حاد الذكاء حاضر البديهة ضحوكاً يهوى المطالعة والدرس. وكان في أثناء العطلة الصيفية يحرر مجلة صغيرة بخط يده ويزينها بالرسوم ويوزعها على الخواص من رفاقه. وقد طور فنه هذا حين استهوته الصحافة فأصدر بعد انتقاله من اللواء إلى سورية المجلة الطلابية ثم المجلة المغربية التي أنشأها بعيد الخمسينات للتعريف بنضال المغرب العربي، وأخيراً مجلة «الكلب» الدمشقية، التي ظل ينظمها شعراً هو وسليمان العيسى على مدى عشرين عاماً ويكتبانها بخط اليد فيتناقلها الأهل والأصدقاء والرفاق.
كانت القومية العربية القضية الأولى التي شغلت ذهن صدقي إسماعيل وظلت هاجسه طوال حياته، وقد تفتح ذهنه على محاضرات كان يلقيها زكي الأرسوزي[ر] في نادي العروبة في أنطاكية، فانغمس في المعركة من أجل عروبة لواء اسكندرونة، وشارك إخوانه الطلاب في الحركة الوطنية التي تزعمها الأرسوزي، أصيب في إحدى المظاهرات التي جرت عام 1937 برصاص الجنود الأتراك فنقل إلى المستشفى وأخضع لعلاج طبي استمر نحو شهرين. وانتهت معركة اللواء بسلخه عن الوطن الأم، فانتقل صدقي إسماعيل من وطنه الصغير إلى وطنه الكبير «سورية» ليتابع نضاله من أجل المبادئ التي حملها والشعب الذي أحبه والعروبة التي آمن بها فكانت بعداً من أبعاد وجوده، فتصدى بقلمه لكل ما يعيق تقدم الأمة العربية، وشارك بفكره في المعارك التي خاضتها هذه الأمة في مشرقها ومغربها، من اللواء إلى الجلاء إلى فلسطين فثورات المغرب، ولاسيما ثورة الجزائر، والعدوان الثلاثي والصراع على القناة والوحدة ثم الانفصال ثم ثورة الثامن من آذار. ولم تكن الكتابة عنده غاية بذاتها، بل هي جبهة معارك والقلم طريقها، فهو يرى أن الذي صان الأمة تراثها، وهو الذي يوحدها اليوم وليس سياسة السياسيين. ويرى في حركة البعث[ر] النواة الصلبة التي يمكن أن تقوم عليها الوحدة العربية، فكان من أنشط أنصار هذه الحركة، ومن أعضاء المؤتمر التأسيسي لحزب البعث (نيسان 1947)، وظل يناضل في صفوف الحزب خمسة عشر عاماً. وبقي وفياً له طول حياته. وقد أسهم في تحرير جريدة البعث الأسبوعية حتى عام 1958 ثم انتقل إلى الكتابة في جريدة الجماهير اليومية، وما برح يكتب ويؤلف والقلم في يده حتى تخطّفه الموت وهو في أوج عطائه الأدبي والفكري.
كتب صدقي إسماعيل المقال والقصة والرواية والمسرحية والشعر وترك أعمالاً كثيرة صدر معظمها في مجموعة من ستة مجلدات كاملة عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي في سورية بين عامي 1977 و1983. ويسترعي الانتباه هنا أن مؤلفات صدقي إسماعيل التي بقيت مخطوطة حتى وفاته كانت أكبر حجماً وأغزر مادة وأبعد مدى مما نشر في حياته. ويدور أكثرها حول تصوير الواقع العربي والإحاطة به إضافة إلى البعدين الشعبي والإنساني، وقد آثر صدقي إسماعيل الأدب على الفلسفة التي درسها بدقة وتعمق فيها، لأنه كان يرى في الفلسفة وبقية العلوم موقفاً من الوجود، أما الأدب فهو الوجود عينه، ووقائع الأدب وأعلامه وآثاره هي التي تكوِّن الشعوب، والشعب العربي بالذات، أكثر من أي شعب آخر. والتاريخ في نظر صدقي إسماعيل لم يكن مجرد أحداث توالت وانقطعت وبقي رجعها، بل هي حضور الماضي في الراهن حضوراً يتبدّى في قيم الشعب وموقفه من الموجودات. ويترجح هذا الحضور بين كبرياء القومية حصيلة الجاهلية والفتوح في صدر الإسلام، والأسى على الماضي الذي خلفه عهد الانحسار. وتراه في كتاباته يتلمس صورة الواقع العربي من معايشته له، ويخلص إلى نتائج يمكن تبينها في حنايا أفكاره التي حوتها أعماله: ومنها «الينابيع» (1954) مقال في مجلة الآداب البيروتية بيّن فيه رأيه في معنى الحرية في المفهوم العربي: «من حكمة العرب القدماء أنهم كانوا أحراراً، كانوا يمارسون حريتهم من دون أن يفكروا فيها، أو يتحدثوا عنها كثيراً كما يفعل الناس في هذا العصر. كانوا يرونها فعلاً وتجربة، شيئاً يشبه تدفق الينبوع في قلب الوادي، وانطلاق النسر في أجواء الفضاء». وفي كتابه «محمد علي القابسي: مؤسس الحركة التونسية» (1955) درس صدقي إسماعيل بدايات الحركة النقابية في تونس مؤكداً أهمية التنظيم في نجاح هذه الحركة التي رأى فيها النواة الأولى لما سيكون عليه المجتمع العربي المقبل، أما روايته «العصاة» فتتحدث عن أجيال ثلاثة أو أربعة تعاقبت على سورية من أيام الحكم العثماني إلى الجلاء واستقلال سورية عن فرنسة. وتجد الأفكار نفسها وقد تبلورت ونضجت في دراسته الفلسفية «العرب وتجربة المأساة» (1963)، ومسرحية «سقوط الجمرة الثالثة» (1964)، ومجموعته القصصية «الله والفقر» (1970)، ومخطوطة «تجربة المتنبي» التي نشرت بعد وفاته.
محمد وليد الجلاد
نعيم إسماعيل
(1930ـ 1979)
نعيم إسماعيل مصور عربي سوري مارس التصوير الزيتي وفن الفسيفساء والرسم الصحافي والإخراج الفني وقدم فناً حديثاً بروح عربية. وكان على صلة بالزخارف العربية والتراث الفني العربي، وقد التقى مع شقيقه أدهم في الأهداف، واختلفا في المصادر والمعالجة.
ولد نعيم في أنطاكية وتوفي في دمشق، وكانت موهبته الفنية المبكرة خير دافع له ليتابع الدراسة في اصطنبول في المدة ما بين 1949 و 1953 بإشراف أخيه عزيز (ولد عام 1927) الذي كان قد سبقه إلى دراسة الفن وأقام هناك إلى عام 1962. لكن نعيم لم يكتشف نفسه إلا حين نزح إلى دمشق عام 1955 وتعرف أحياءها القديمة وما تحفل به من زخارف عربية، وما في هذه الزخارف من إمكانات.
وقد اختلفت لوحاته الفنية من حيث الأسلوب وفق الموضوعات التي عالجها، إذ بدت تزداد واقعية كلما عالج موضوعاً سياسياً أو اجتماعياً، في حين أنها تبتعد عن الواقع حين يتصدى لتجارب لها طابعها الشاعري والإنساني مثل لوحتي «دور» (1973)، و«زخارف» (1974).
عمل نعيم إسماعيل في الصحافة مخرجاً ورساماً، في المدة ما بين 1958-1970، وأصبح بعدها مديراً للفنون الجميلة في وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية حتى وفاته. وقد تعددت إسهاماته الفنية وكذلك المواد التي استخدمها في أعماله، لكن هوايته المفضلة كانت الفسيفساء mosaïc وقد ظهرت في عدة أعمال مهمة له من بينها لوحة على الواجهة الرئيسة لمبنى نقابات العمال بدمشق ولوحة جدارية في مدينة الطبقة على واجهة سد الفرات.
طارق الشريف