العمارة الجنائزيّة في المدافن الكهفيّة التدمرية
----------------------------------------------
المقابر الكهفيّة نموذج من المقابر الخاصة في تدمر، عُرفت منذ بدايات القرن العشرين،
.
وتتوزع المدافن بأشكالها وتصنيفاتها المتعددة في تدمر وبالمدينة الأثريّة، فيها فيما يعرف بمنطقة المقابر الغربيّة، والمعروفة أيضاً بوادي القبور ويتواجد فيها اقدم القبور المعروفة في تدمر، بعد القبور التي تتواجد في مدفن بالقرب من معبد «بعل شمين».
.
وتتركز المدافن الكهفيّة ضمن الأجزاء السفليّة (السفحين الجنوبيّ والشماليّ) لجبل الحسينيّة بجانب الأبراج الجنائزيّة، وهي محفورة في الجبل وتطل مداخلها على الوادي،
.
وفي الجهة المقابلة لتلة "الحسينيّة" تتوضع تلة أخرى تدعى «تلة أم بلقيس» لم يتم العثور فيها على أيّ مثال عن هذه المدافن، فضلاً عن وجود مجموعة من التلال الأخرى المحيطة بالمقابر التدمريّة الأخرى إلا أنّها خالية أيضاً من تلك المدافن؟
.
ويرجّح تواجدها في هذا المكان في رغبة منشئيها أن تكون مرئية بشكل جيد، فالدارسون يكادون أن يجمِعوا أن سكان تدمر كانوا يتفاخرون بوجود مقابرهم في الجوار وكون المقابر كانت على طريق القوافل التجاريّة التي تمرُّ بالمنطقة. وكانت واجهات المقابر تطلُّ على تلك الطريق التجاريّة، لتدلَّ على الترف والغنى والمكانة الاجتماعيّة العالية.
.
تتواجد هذه النماذج من القبور في جبل "الحسينيّة" الذي يطلّ على وادي القبور تختلف بشكلها عن المدافن الأخرى،
وهي نموذج ونوع جديد غير معروف من الأبنية الجنائزيّة التدمريّة جاءت نتيجة للدراسة الميدانيّة لمدافن تدمر، وهي مدافن في مستوى الأرض، محفورة في جسم الجبل،
.
ومن ناحية اخرى تتشابه المدافن الكهفيّة مع الأبراج الجنائزيّة بأنّها ظاهرة للعيان، وهي معرّضة دوماً للنهب والتخريب، مداخلها مبنية بقطع حجريّة، تعلوها سواكف خالية من النقوش الكتابيّة والزخارف وأغلب النقوش الكتابيّة التي تتعلق بتاريخ تأسيس المدفن والتنازلات كانت تتوضع على ساكف بوابة المدفن كما هو الحال في مدفن إيلابل وعتنتان وبورفا… وغيرها،
أما داخلها فمقسم إلى عدة حجرات جنائزيّة حيث تستقر رفات المتوفين.
.
ويرجح العلماء أنّ المدافن بُنيت على ثلاثِ مراحلَ هي الانتقاء ومن ثم حفر الكهف وأخيراً تقسيمه وتزيينه من الداخل.
ويذكر الباحث «غافليكوفسكي» أنّها مدافن أرضية وكان قد أشار إليها تحت اسم»مدافن كهفيّة، وهي كما يذكر تختلف عن أشكال المدافن المعروفة في المقابر التدمريّة وأنّها فريدة بشكلها. وتُعد تطوّراً وجانباً هاماً في العمارة الجنائزيّة التدمريّة.
.
بناء على ما سبق افترضنا وجود نوع آخر من المدافن لم يسلط عليه الضوء، وهذا النوع في رأينا يشكل حلقة في سلسة تطور العمارة الجنائزيّة في تدمر، وهو أسلوبٌ مبتكرٌ وفكرةٌ فريدةٌ تختلف عن غيرها من الأفكار التي حفرت المدافن تحت الارض وعمدت الى حفر الجبل بمساواة الارض،
ووجد أنّ تاريخ البعض منها يعود لعام 138 ميلادي،
واللافت أن عمليات بيعٍ وتنازلٍ ومقايضاتٍ تمّت على أجزاء من المدافن في عام 179 ميلاديّة.
.
أسباب اللجوء للمقابر الكهفيّة
=========================
هناك ترجيحات عدّة وتأويلات كثيرة عن سبب اللجوء للحفر في الجبل وعمليات البيع والتنازل. فهل كانت عن ضائقة مالية، وهل يمكن لأيّ شخص أن يبني مدفنه كما يريد؟
.
وما يبعد هذا الاحتمال هو وجود قانون ينظّم ويشرف على هذه الشؤون يدعى قانون الألواح الاثني عشر، هذا القانون شمل ضمن بنوده موضوع الموتى ومنع دفنهم داخل أسوار المدينة، وبالتالي فعلى الأرجح كان هناك أيضاً قانون يحظر مخالفة التقاليد المتبعة في عمل المدافن والدفن، كما هو الأمر في الوقت الراهن، حيث نجد لدى كلّ شعب عادات وتقاليد أو قوانين لا يمكن تجاوزها.
.
ومن المعروف أنّ الأبراج الجنائزيّة التي تعتبر أكثر قدماً مؤرخة من عام 9 ق.م وحتى 128م، أما المدافن الأرضيّة فهي مؤرّخة من 87 وحتى 232م، والمدافن المنزليّة بدأت بالظهور عام 143 م وآخر مدفن مؤرخ في العام 253م.
.
وفيما يخصُّ الأبراج الجنائزيّة فإنَّ بناءها توقف في العام 128م ويتوافق هذا مع زيارة الإمبراطور «هادريانوس» إلى تدمر، وربما كان لهذه الزيارة دور بذلك.
ومن ثم يعمّ بعد ذلك التاريخ انتشار نموذج المدافن الأرضيّة الذي يبدأ معه ظهور نموذج «المدافن الكهفيّة» لكن بشكل قليل ومن ثم يتوقف بناء هذا النموذج لتظهر بعده المدافن المنزليّة،
.
وعلى الأرجح كانت هناك أسباب نجهلها أجبرتهم على هجر هذا النموذج، فربما لم تؤدِ الوظيفة المبتغاة، أو يمكننا أن نفترض وجود طبقة معينة من المجتمع تبنت هذا النموذج وتخلت عنه فيما بعد نتيجة لظهور نموذج المدافن المنزليّة الأكثر ثراءً وأبهة مقارنة مع النماذج الأخرى.
.
لا يزال الأمر يتطلب المزيد من الدراسة والتقصّي عن حقيقة هذا النموذج، وما أوردناه يمثل الخطوة الأولى، لانطلاقة جّديّة لإعادة النظر في بعض المسائل المتعلقة بالعمارة الجنائزيّة التدمريّة، لا سيما أنّ الاكتشافات الأثريّة لم تكتمل علها تقدم إيضاحات أكثر وإجابات أشمل وأدق.
المصادر:
1ـ Palmyra History and Civilizationـ
2- موقع اكتشف سوريا
-----------------------------------------
صحيفة روناهي عين الحقيقة - عبدالرحمن محمد –
=AZWMVA39X-wXsJjGVeQj0lutb8P1AjOsFoAxfSOE2l_GCLANzcpUMz9WPGXY z859DVG3QpgRmKmaQyjvmOAaJXHnjwUVMgLIWStKzaazsCCgWl 219rPTYwXY0sQXF46F5A7IGaLuTNWWXKJ7xIYKa9Qv3-vyORvHWDTRnmYw-35jU_RGdTs_r8nbzj74abjTVKU&__tn__=*bH-R]
=AZWMVA39X-wXsJjGVeQj0lutb8P1AjOsFoAxfSOE2l_GCLANzcpUMz9WPGXY z859DVG3QpgRmKmaQyjvmOAaJXHnjwUVMgLIWStKzaazsCCgWl 219rPTYwXY0sQXF46F5A7IGaLuTNWWXKJ7xIYKa9Qv3-vyORvHWDTRnmYw-35jU_RGdTs_r8nbzj74abjTVKU&__tn__=*bH-R]
=AZWMVA39X-wXsJjGVeQj0lutb8P1AjOsFoAxfSOE2l_GCLANzcpUMz9WPGXY z859DVG3QpgRmKmaQyjvmOAaJXHnjwUVMgLIWStKzaazsCCgWl 219rPTYwXY0sQXF46F5A7IGaLuTNWWXKJ7xIYKa9Qv3-vyORvHWDTRnmYw-35jU_RGdTs_r8nbzj74abjTVKU&__tn__=*bH-R]
=AZWMVA39X-wXsJjGVeQj0lutb8P1AjOsFoAxfSOE2l_GCLANzcpUMz9WPGXY z859DVG3QpgRmKmaQyjvmOAaJXHnjwUVMgLIWStKzaazsCCgWl 219rPTYwXY0sQXF46F5A7IGaLuTNWWXKJ7xIYKa9Qv3-vyORvHWDTRnmYw-35jU_RGdTs_r8nbzj74abjTVKU&__tn__=*bH-R]
=AZWMVA39X-wXsJjGVeQj0lutb8P1AjOsFoAxfSOE2l_GCLANzcpUMz9WPGXY z859DVG3QpgRmKmaQyjvmOAaJXHnjwUVMgLIWStKzaazsCCgWl 219rPTYwXY0sQXF46F5A7IGaLuTNWWXKJ7xIYKa9Qv3-vyORvHWDTRnmYw-35jU_RGdTs_r8nbzj74abjTVKU&__tn__=*bH-R]
+6