رومل (ارفين)
Rommel (Erwin-) - Rommel (Erwin-)
رومل (إرڤين ـ)
(1891 ـ 1944)
إرڤين يوهانّس أوجين رومل Erwin Johannes Eugen Rommel جنرال ألماني موهوب صاحب مبادرات وبُعد نظر، حاز شهرة واسعة بين مواطنيه كما استحق احترام الأعداء بانتصاراته الباهرة قائدا للفيلق الإفريقي الألماني في الحرب العالمية الثانية.
وُلد إرڤين رومل في مدينة هايدنهايم Heidenheim التابعة لمملكة فورتنبرغ Kingdom of Wurttenberg في جنوب ألمانيا لآسرة امتهنت التدريس، ولكن الفتى إرڤين قرر الالتحاق بفوج مشاة فورتنبرغ سنة 1910 أسوة بالكثيرين من أبناء الطبقة المتوسطة ممن أغرتهم الحياة العسكرية منذ توحيد ألمانيا وإعلان الامبراطورية عام 1871.
رُقِّي رومل قبيل الحرب العالمية الأولى إلى رتبة ملازم ثان، وحارب في فرنسا ورومانيا وإيطاليا. وقد كان لمعرفته الوثيقة بجنوده وشجاعته وموهبته القيادية أثر كبير في تدرجه في الرتب العسكرية. ومع أن العمل في الأركان العامة في الجيش البروسي الألماني كان يفتح الطريق إلى المناصب العالية فقد تحاشى رومل أن يسير على هذا الخط، وفضَّل أن يبقى في القوات المحاربة في عهد جمهورية فايمار، وبعد تسنم هتلر السلطة، ضابط مشاة من قوات الجبهة. غير أن موهبته في التدريس التي قد يكون ورثها عن أبيه أهَّلته لعدد من المناصب في مختلف الأكاديميات العسكرية، وساعدته خبرته التي اكتسبها في الحرب العالمية الأولى والمنهج الذي تبناه في تدريب الجنود المستجدين وأفكاره المبتكرة على نشر كتاب بعنوان «المشاة يهاجمون» Infanterie greift an في عام 1937 لقي شهرة واسعة.
في عام 1938 وبعد ضم النمسا إلى ألمانيا عُيِّن العقيد رومل قائداً لمدرسة الضباط في فينر نوشتادت بالقرب من فيينا. واختير مع بداية الحرب العالمية الثانية قائداً للقوات التي تحرس مقر قيادة هتلر. وفي شهر شباط سنة1940 أتيحت الفرصة لرومل لإثبات مواهبه حين عين قائداً لفرقة الدبابات السابعة. ومع أنه لم يسبق له قيادة قوات مدرعة من قبل فقد تمكن في وقت قصير جدا من استيعاب قدرات القوات الممكننة والمدرعة في الهجوم، وبرهن في هجومه الكاسح على ساحل القنال الإنكليزي عن جرأته وامتلاكه زمام المبادأة.
في شباط 1941 اختير رومل قائداً للقوات الألمانية التي أرسلت لمساعدة الجيش الإيطالي المتعثر في ليبيا، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت صحارى شمالي إفريقيا مسرحاً لنجاحاته الكبرى، ولهزيمته المنكرة أيضا أمام عدو متفوق تفوقا كاسحاً، واحترمه الأعداء قبل الأصدقاء واستحق عن جدارة لقبه «ثعلب الصحراء» لمبادآته الجريئة وسرعة مناوراته وهجماته المباغتة. ومنحه هتلر رتبة فيلد مارشال لإنجازاته ومنحته الدعاية الألمانية لقب «مارشال الشعب».
صادف رومل، إضافة إلى إخفاقات حلفائه الإيطاليين، عقبات كثيرة سببتها القيادة العليا الألمانية، فقد كان شمالي إفريقيا مسرحاً ثانوياً في نظر هتلر. وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي اعترضت سبيل الإمدادات والإرهاق الذي أصاب قواته في صيف عام 1942، أمره هتلر بالهجوم على مصر واحتلال قناة السويس، غير أنه لم ينجح في مسعاه واضطر إلى التوقف مع الجيش الإيطالي عند العلمين على مسافة 96 كيلومتر غربي الاسكندرية لنقص الإمدادات وخاصة الوقود، إضافة إلى مقاومة القوات البريطانية. واستنزف الهجوم على مصر مصادره وطاقاته فهزم هزيمة ساحقة في معركة العلمين الثانية في تشرين الأول 1942 واضطر إلى الانسحاب إلى رأس الجسر الألماني في تونس. وفي شهر آذار 1943 أمره هتلر بالعودة إلى الوطن، وأوكل إليه في أوائل عام 1944 أمر الدفاع عن ساحل القنال الفرنسي وصد إنزال الحلفاء المحتمل.
استطاع رومل أن يقيم دفاعاً ساحلياً مبتكراً، غير أن مقترحاته حول كيفية منع العدو من تحقيق الإنزال وإقامة رؤوس جسور على البر الفرنسي بكل الوسائل المتاحة، والاحتفاظ باحتياط قوي خلف خط الدفاع الساحلي مباشرة، وتوقعه بأن مصير الإنزال سيتقرر في اليوم الأول من الغزو، كل ذلك لم يلق أذناً صاغية من القيادة الألمانية.
في ربيع 1944اتصل به بعض أصدقائه من المتورطين في مؤامرة سرية للإطاحة بهتلر من السلطة وعرضوا عليه أن يتولى زمام الأمور في ألمانية في حال نجاحهم. لم يرفض رومل ما عزم عليه رفاقه لقناعته بأن الحرب خاسرة ما لم يبادر هتلر إلى الدخول في تسوية مع الحلفاء لإنهاء الصراع المسلح. غير أنه لم يكن يعلم أنهم في سبيلهم لاغتيال هتلر، وكان يعارض بشدة كل عمل من هذا القبيل. ولما بدأ الغزو في النورمندي حاول رومل عبثاً إقناع هتلر بأن الحرب خاسرة وأن عليه التوصل إلى صلح مع الغرب. وفي 17 تموز 1944 ومعركة الغزو على أشدها، هاجمت بعض طائرات الحلفاء السيارة التي كان يستقلها رومل فانقلبت وأصيب رومل بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى. وفي العشرين من الشهر نفسه أخفقت محاولة اغتيال هتلر وكشف التحقيق عن علاقة رومل بالمتآمرين، ولم يرغب هتلر في تقديم «بطل الشعب» للمحاكمة بصفته عدوّاً للفوهرر، فبعث باثنين من جنرالاته إلى رومل يعرضون عليه الانتحار بالسم مع ضمان المحافظة على سمعته وعلى أسرته إذا تجنب المحاكمة. وفي 14 تشرين الأول من عام 1944 شرب رومل زجاجة السم منهياً حياته بيده وأقيمت له جنازة حافلة بكل المراسم العسكرية المعتادة للعظماء.
ترك رومل كتابه المذكور آنفاً ويضم مجموعة مهمة من الدراسات التكتيكية والملاحظات المرتكزة على خبرته الشخصية في الحرب العالمية الأولى، بعد وفاته تولت أرملته وأحد مرؤوسيه السابقين نشر أوراقه الخاصة ومدوناته التي تُرجمت إلى الإنكليزية بعنوان «أوراق رومل» (1953).
محمد وليد الجلاد
Rommel (Erwin-) - Rommel (Erwin-)
رومل (إرڤين ـ)
(1891 ـ 1944)
إرڤين يوهانّس أوجين رومل Erwin Johannes Eugen Rommel جنرال ألماني موهوب صاحب مبادرات وبُعد نظر، حاز شهرة واسعة بين مواطنيه كما استحق احترام الأعداء بانتصاراته الباهرة قائدا للفيلق الإفريقي الألماني في الحرب العالمية الثانية.
وُلد إرڤين رومل في مدينة هايدنهايم Heidenheim التابعة لمملكة فورتنبرغ Kingdom of Wurttenberg في جنوب ألمانيا لآسرة امتهنت التدريس، ولكن الفتى إرڤين قرر الالتحاق بفوج مشاة فورتنبرغ سنة 1910 أسوة بالكثيرين من أبناء الطبقة المتوسطة ممن أغرتهم الحياة العسكرية منذ توحيد ألمانيا وإعلان الامبراطورية عام 1871.
في عام 1938 وبعد ضم النمسا إلى ألمانيا عُيِّن العقيد رومل قائداً لمدرسة الضباط في فينر نوشتادت بالقرب من فيينا. واختير مع بداية الحرب العالمية الثانية قائداً للقوات التي تحرس مقر قيادة هتلر. وفي شهر شباط سنة1940 أتيحت الفرصة لرومل لإثبات مواهبه حين عين قائداً لفرقة الدبابات السابعة. ومع أنه لم يسبق له قيادة قوات مدرعة من قبل فقد تمكن في وقت قصير جدا من استيعاب قدرات القوات الممكننة والمدرعة في الهجوم، وبرهن في هجومه الكاسح على ساحل القنال الإنكليزي عن جرأته وامتلاكه زمام المبادأة.
في شباط 1941 اختير رومل قائداً للقوات الألمانية التي أرسلت لمساعدة الجيش الإيطالي المتعثر في ليبيا، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت صحارى شمالي إفريقيا مسرحاً لنجاحاته الكبرى، ولهزيمته المنكرة أيضا أمام عدو متفوق تفوقا كاسحاً، واحترمه الأعداء قبل الأصدقاء واستحق عن جدارة لقبه «ثعلب الصحراء» لمبادآته الجريئة وسرعة مناوراته وهجماته المباغتة. ومنحه هتلر رتبة فيلد مارشال لإنجازاته ومنحته الدعاية الألمانية لقب «مارشال الشعب».
صادف رومل، إضافة إلى إخفاقات حلفائه الإيطاليين، عقبات كثيرة سببتها القيادة العليا الألمانية، فقد كان شمالي إفريقيا مسرحاً ثانوياً في نظر هتلر. وعلى الرغم من الصعوبات الكبيرة التي اعترضت سبيل الإمدادات والإرهاق الذي أصاب قواته في صيف عام 1942، أمره هتلر بالهجوم على مصر واحتلال قناة السويس، غير أنه لم ينجح في مسعاه واضطر إلى التوقف مع الجيش الإيطالي عند العلمين على مسافة 96 كيلومتر غربي الاسكندرية لنقص الإمدادات وخاصة الوقود، إضافة إلى مقاومة القوات البريطانية. واستنزف الهجوم على مصر مصادره وطاقاته فهزم هزيمة ساحقة في معركة العلمين الثانية في تشرين الأول 1942 واضطر إلى الانسحاب إلى رأس الجسر الألماني في تونس. وفي شهر آذار 1943 أمره هتلر بالعودة إلى الوطن، وأوكل إليه في أوائل عام 1944 أمر الدفاع عن ساحل القنال الفرنسي وصد إنزال الحلفاء المحتمل.
استطاع رومل أن يقيم دفاعاً ساحلياً مبتكراً، غير أن مقترحاته حول كيفية منع العدو من تحقيق الإنزال وإقامة رؤوس جسور على البر الفرنسي بكل الوسائل المتاحة، والاحتفاظ باحتياط قوي خلف خط الدفاع الساحلي مباشرة، وتوقعه بأن مصير الإنزال سيتقرر في اليوم الأول من الغزو، كل ذلك لم يلق أذناً صاغية من القيادة الألمانية.
في ربيع 1944اتصل به بعض أصدقائه من المتورطين في مؤامرة سرية للإطاحة بهتلر من السلطة وعرضوا عليه أن يتولى زمام الأمور في ألمانية في حال نجاحهم. لم يرفض رومل ما عزم عليه رفاقه لقناعته بأن الحرب خاسرة ما لم يبادر هتلر إلى الدخول في تسوية مع الحلفاء لإنهاء الصراع المسلح. غير أنه لم يكن يعلم أنهم في سبيلهم لاغتيال هتلر، وكان يعارض بشدة كل عمل من هذا القبيل. ولما بدأ الغزو في النورمندي حاول رومل عبثاً إقناع هتلر بأن الحرب خاسرة وأن عليه التوصل إلى صلح مع الغرب. وفي 17 تموز 1944 ومعركة الغزو على أشدها، هاجمت بعض طائرات الحلفاء السيارة التي كان يستقلها رومل فانقلبت وأصيب رومل بجروح خطيرة نقل على إثرها إلى المستشفى. وفي العشرين من الشهر نفسه أخفقت محاولة اغتيال هتلر وكشف التحقيق عن علاقة رومل بالمتآمرين، ولم يرغب هتلر في تقديم «بطل الشعب» للمحاكمة بصفته عدوّاً للفوهرر، فبعث باثنين من جنرالاته إلى رومل يعرضون عليه الانتحار بالسم مع ضمان المحافظة على سمعته وعلى أسرته إذا تجنب المحاكمة. وفي 14 تشرين الأول من عام 1944 شرب رومل زجاجة السم منهياً حياته بيده وأقيمت له جنازة حافلة بكل المراسم العسكرية المعتادة للعظماء.
ترك رومل كتابه المذكور آنفاً ويضم مجموعة مهمة من الدراسات التكتيكية والملاحظات المرتكزة على خبرته الشخصية في الحرب العالمية الأولى، بعد وفاته تولت أرملته وأحد مرؤوسيه السابقين نشر أوراقه الخاصة ومدوناته التي تُرجمت إلى الإنكليزية بعنوان «أوراق رومل» (1953).
محمد وليد الجلاد