النحت في تدمر:
~~~~~~~~~~~~~~
قدمت المكتشفات الأثرية في مدينة تدمر كماً كبيراً من المنحوتات الفنية ذات الخصائص المحلية الفريدة من نوعها، وتعد واحدة من أهم المدارس الفنية التي عرفت في ذلك العصر.
.
وقد تم استقراء تاريخ تطور الفن التدمري الممتد من منتصف القرن الأول الميلادي حتى الربع الأخير من القرن الثالث الميلادي، وتقسيمه إلى عدة مراحل تتميز كلٌ منها بسمات معينة.
.
ولقد تم الكشف عن منحوتات مختلفة تمثل الآلهة حيث عبد التدمريون آلهة محلية عديدة كانت مرتبطة بمظاهر الطبيعة كالشمس والقمر، وأعطوها أشكالاً إنسانية أو مركبة متمثلة بأوضاع مختلفة تبرز قوتها بشكل فردي أو جماعي،
كذلك مثلوا في تماثيلهم البيئة المحيطة من حيوانات أو نباتات كان بعضها يحمل رموزاً معينة كالنسر وغصن الزيتون والسنبلة...إلخ.
.
وتأثر التدمريون بآلهة الشعوب والحضارات التي احتكت معهم ودياناتها كالحضارة الرافدية والحضارة الكلاسيكية؛ مما أدى إلى تمييز العديد من الآلهة التدمرية المختلفة وتنوعها.
.
وصوّر التدمريون آلهتهم تصويراً واقعياً؛ مما يجعل من الصعب أحياناً التفريق بين تلك المنحوتات الخاصة بالآلهة وتلك التي تخص الأشخاص العاديين، إذ تم تمثيلهم غالباً باللباس الحربي والدروع الحربية وهم يحملون السهام، معتلين الأحصنة أوالجمال أو يسوقون العربات الحربية، ويمكن من خلالها ملاحظة امتزاج التأثيرات المحلية والكلاسيكية والبارثية على الألبسة وغيرها.
.
ويمكن تقسيم المنحوتات الدينية التدمرية إلى ثلاث فئات رئيسة هي:
▪︎ مشاهد آلهة منفردة أو مجتمعة منقوشة على الجدران أو الأفاريز،
▪︎ ومشاهد التقدمات الدينية وتضم عادةً آلهة وطقوساً دينية وتقدمات للآلهة،
▪︎ ومشاهد آلهة ومتعبدين بأوضاع مختلفة منقوشة على مذابح نذرية تهدى للمعابد.
.
ومن أهم الآلهة التدمرية الرئيسة التي كانت تعبد عند التدمريين الإله "بل" رئيس مجمع الآلهة، يقابله الإله "زيوس - جوبيتر" عند اليونان والرومان وشركاؤه "يرحبول" (إله الشمس)، و"عجلبول" (إله القمر)، كما صوّر الإله "بل" في المنحوتات مع آلهة أخرى مثل "شمش" و"بعل شمين" وقرينته والربة "عشتار" .
.
ويبدو من خلال منحوتات الإله "بل" أنه كان يمثل برداء عسكري، شعره مصفف بشكل مستدير حول وجهه، وتنتشر منه أشعة الشمس، وهو يرتدي ثوباً قصيراً فوقه درع مضفورة مميزة له، ويحمل أحياناً كرة في يده اليسرى أو سيفاً، مستنداً إلى رمح أو صولجان.
.
أما "يرحبول" فيبدو في المنحوتات بزيه العسكري أيضاً متميزاً بالأشعة الشمسية والهلال المنطلق من الخلف،
.
ويكوّن هذان الإلهان في كثير من الأحيان ثالوثاً مع "بعل شمين" إله الخصب والمطر، وهومنافس للإله "بل" الرئيسي، إذ يُمثل كذلك وهو يرتدي الزي العسكري أو المدني حاملاً رموزه وهي السنابل والنسر.
.
وعثر على تمثالٍ آخر مرسوم لربة النصر المجنحة في تدمر، فتبدو فيه مرتدية عباءة وتحمل قرن الخصب والوفرة، وهو يعود إلى القرن الثاني الميلادي، ولا تبدو فيه ربة النصر مدرعة.
.
كما توجد إضافة إلى الآلهة السابقة أرباب عربية أخرى، أهمها الربة العربية "اللات" و"العزى" و"مناة" و"أرصو" و"عزيزو"...إلخ، وكذلك الربة السورية ل"هيرابوليس" (ربة منبج) وغيرها.
.
كما تم الكشف عن أعمالٍ مهمة تمثل النحت الجنائزي في تدمر، منها التماثيل النصفية حيث توجد في متحف تدمر ودمشق المئات من الأعمال الفنية التي تعبر عن قوة هذا الفن في التعبير وتصوير المشاهد.
.
وهناك أعمال تمثل واجهات التوابيت والأسرّة الجنائزية، وقدمت هذه معلومات غنية عن حياة التدمريين وعاداتهم الدينية، وهي محفوظة في كل من متحفي تدمر ودمشق على نحو أساسي.
.
وتم نحت النقوش الفنية التدمرية أيضاً على واجهات المباني، وهي تتضمن موضوعات مختلفة كنحت الأغصان النباتية وعناقيد العنب والثمار المحلية والوريقات الجميلة، إلى جانب الأشكال الهندسية المختلفة،
.
كما نحت الفنان التدمري التماثيل التي تمثل شخصيات بارزة في المجتمع التدمري، مثل شيوخ القبائل وأعضاء مجالس الشيوخ والموظفين، وكان يُزين بها الشارع المستقيم والآغورا والأعمدة التذكارية.
.
كما عثر على منحوتات تمثل المحاربين بأسلحتهم، توجد إحداها في المتحف الوطني بدمشق، وهي تمثل رجلين من الرماة التدمريين شعرهما أجعد، ويلبسان لباساً فضفاضاً مشدوداً بالوسط بحزام، ربط فيه سيف، ويمسك كل منهما رمحاً باليد اليمنى و ترساً باليد اليسرى.
.
ووجدت أيضاً منحوتات تمثل الحيوانات كالإبل والخيل، كالمنحوتة التي تمثل هجاناً عُد من قبل بعض الباحثين إله القوافل وحاميها "شارو"، كما تم أيضاً تمثيل الأسد والكلب في النحت.
.
وهكذا يتبين أن فن النحت التدمري قد حافظ على السمات المحلية بطريقة لافتة للنظر على الرغم من دخول التأثيرات الكلاسيكية إلى المدينة خلال العصور الكلاسيكية.
مأمون عبد الكريم
=AZU0B45akXcrD1CSqcJKq-RPvCwqnRpSyREVBRLXNPLj-U2BlwKlEvard_MaxXkiudxjBZAx3eptsXNt1N260MqXWqL_Clt j3r6qPMX2NmxyiTGr97jHDGp2R2DsG1xMrVRV1dXd-T-UBsYwRd-Bd0bfUGnbcKS1R10xB4o0xFvHgt9BRotmnERVuEVLhimn4_A&_ _tn__=*bH-R]
=AZU0B45akXcrD1CSqcJKq-RPvCwqnRpSyREVBRLXNPLj-U2BlwKlEvard_MaxXkiudxjBZAx3eptsXNt1N260MqXWqL_Clt j3r6qPMX2NmxyiTGr97jHDGp2R2DsG1xMrVRV1dXd-T-UBsYwRd-Bd0bfUGnbcKS1R10xB4o0xFvHgt9BRotmnERVuEVLhimn4_A&_ _tn__=*bH-R]
=AZU0B45akXcrD1CSqcJKq-RPvCwqnRpSyREVBRLXNPLj-U2BlwKlEvard_MaxXkiudxjBZAx3eptsXNt1N260MqXWqL_Clt j3r6qPMX2NmxyiTGr97jHDGp2R2DsG1xMrVRV1dXd-T-UBsYwRd-Bd0bfUGnbcKS1R10xB4o0xFvHgt9BRotmnERVuEVLhimn4_A&_ _tn__=*bH-R]
=AZU0B45akXcrD1CSqcJKq-RPvCwqnRpSyREVBRLXNPLj-U2BlwKlEvard_MaxXkiudxjBZAx3eptsXNt1N260MqXWqL_Clt j3r6qPMX2NmxyiTGr97jHDGp2R2DsG1xMrVRV1dXd-T-UBsYwRd-Bd0bfUGnbcKS1R10xB4o0xFvHgt9BRotmnERVuEVLhimn4_A&_ _tn__=*bH-R]
=AZU0B45akXcrD1CSqcJKq-RPvCwqnRpSyREVBRLXNPLj-U2BlwKlEvard_MaxXkiudxjBZAx3eptsXNt1N260MqXWqL_Clt j3r6qPMX2NmxyiTGr97jHDGp2R2DsG1xMrVRV1dXd-T-UBsYwRd-Bd0bfUGnbcKS1R10xB4o0xFvHgt9BRotmnERVuEVLhimn4_A&_ _tn__=*bH-R]
مشاركة