شيخ الربوة
(654ـ727هـ/1256ـ 1327م)
شيخ الربوة، لقب اشتهر به شمس الدين أبو عبد الله بن محمد بن أبي طالب الأنصاري، الصوفي، الدمشقي، فكان مشهوداً له بحدة الذكاء وغزارة المعلومات. عُرف في أول أمره بلقب شيخ حطين حيث كان يعمل هناك، وعندما انتقل إلى دمشق، وتولى مشيخه الربوة من قبل الأفرم والي دمشق، أطلق عليه لقب شيخ الربوة.
وقال عنه المؤرخ صلاح الدين الصفدي وكان معاصراً له. «إن عبارته كانت حلوة، ما تمل محاضرته وكان يدعي المعرفة بعلم الكيمياء وبقدرته على التصنيف بأي علم من العلوم، سواء أكان يعرفه أو لا يعرفه بسبب شدة ذكائه، كما كان ينظم الشعر نظماً تنقصه الجودة. ومع ذلك فإن بعض أشعاره لا تخلو من توريات وأبيات لطيفة كقوله:
نظر الهلال إليه أول ليلة
ورآه أحسن منظراً فتَّزيدا
ورآه أحسن منه بدراً فهو من
غمٍ يذوب ويضمحل كما بدا
أما في مجال تأليف الكتب فإن الصفدي يذكر أنه رأى كتاباً لشيخ الربوة في أمور العقيدة خلط فيه بين المذاهب الفقهية سواء منها الأشعرية أو المعتزلة أو الحشوية، بحيث لم يكن ثابتاً على طريقة واحدة، فهو لم يلتزم باتباع مذهب معين، فتارة ينحو نحو الأشعرية وأخرى نحو المعتزلة وثالثة نحو الحشويين ثم ينحو إلى الاتجاه نحو طريق ابن سبعين.
ألف شيخ الربوة عدة كتب وفي مواضيع مختلفة، فكتب في الأطعمة والفراسة والسياسة والفلاحة... ومن كتبه كتاب «الدر الملتقط من علم فلاحي الروم والنبط»، وكتاب «السياسة في علم الفراسة»، وقد جمع فيه كلام الإمام الشافعي، وابن عربي، وكلام صاحب المنصوري، وأفلاطون وأرسطو، وقد لاقى هذا الكتاب قبولاً حسناً لدى جمهور المثقفين آنذاك، ومن تآليفه ما هو مطبوع ومتداول ومنها ما هو مخطوط، كما ألف كتاباً أسماه «تحفة الدهر في عجائب البر والبحر».
غادر شيخ الربوة مسقط رأسه دمشق بحثاً عن عمل يرتزق منه، ثم استقر به المقام ثانية في قرية حطين من أعمال صفد إذأصبح شيخاً للخانقاه فيها، وكان يقوم على خدمته شيخ يدعى النجم الحطيني وكان ملازماً له ويساكنه في منزله، وفي إحدى الليالي جاءهم إنسان فاستضافوه، ولما أراد السفر ليلاً كان النجم الحطيني قد علم أن معه ذهباً فتبعه وقتله وأخذ ما بحوزته من مال. ولما علم الأمير سيف الدين نائب صفد بالحادث، أمر بإحضار الشيخ شمس الدين وضربه نحو ألف مقرعة ثم أفرج عنه. لم يعد الشيخ يطمئن للشيخ الحطيني خوفاً على نفسه، فكان يغلق على نفسه باب غرفة نومه بالأقفال، وبقي على هذا الحال حتى مجيء الملك الناصر فأمر الحطيني أن يسمر بالقاهرة وأرسل على جمل وهو مسمّر إلى دمشق.
كان شيخ الربوة معاصراً لأبي الفداء صاحب حماة، إلا أنه كان فقيراً وحيداً، كثير الآلام والأوجاع عمل في مجالات عدة ليكسب قوت يومه، وقد وافته المنية في صفد، وكان قد فقد إحدى عينيه، كما أصيب بالصمم قبل عشر سنوات من وفاته.
عبد الرحمن بدر الدين
(654ـ727هـ/1256ـ 1327م)
شيخ الربوة، لقب اشتهر به شمس الدين أبو عبد الله بن محمد بن أبي طالب الأنصاري، الصوفي، الدمشقي، فكان مشهوداً له بحدة الذكاء وغزارة المعلومات. عُرف في أول أمره بلقب شيخ حطين حيث كان يعمل هناك، وعندما انتقل إلى دمشق، وتولى مشيخه الربوة من قبل الأفرم والي دمشق، أطلق عليه لقب شيخ الربوة.
وقال عنه المؤرخ صلاح الدين الصفدي وكان معاصراً له. «إن عبارته كانت حلوة، ما تمل محاضرته وكان يدعي المعرفة بعلم الكيمياء وبقدرته على التصنيف بأي علم من العلوم، سواء أكان يعرفه أو لا يعرفه بسبب شدة ذكائه، كما كان ينظم الشعر نظماً تنقصه الجودة. ومع ذلك فإن بعض أشعاره لا تخلو من توريات وأبيات لطيفة كقوله:
نظر الهلال إليه أول ليلة
ورآه أحسن منظراً فتَّزيدا
ورآه أحسن منه بدراً فهو من
غمٍ يذوب ويضمحل كما بدا
أما في مجال تأليف الكتب فإن الصفدي يذكر أنه رأى كتاباً لشيخ الربوة في أمور العقيدة خلط فيه بين المذاهب الفقهية سواء منها الأشعرية أو المعتزلة أو الحشوية، بحيث لم يكن ثابتاً على طريقة واحدة، فهو لم يلتزم باتباع مذهب معين، فتارة ينحو نحو الأشعرية وأخرى نحو المعتزلة وثالثة نحو الحشويين ثم ينحو إلى الاتجاه نحو طريق ابن سبعين.
ألف شيخ الربوة عدة كتب وفي مواضيع مختلفة، فكتب في الأطعمة والفراسة والسياسة والفلاحة... ومن كتبه كتاب «الدر الملتقط من علم فلاحي الروم والنبط»، وكتاب «السياسة في علم الفراسة»، وقد جمع فيه كلام الإمام الشافعي، وابن عربي، وكلام صاحب المنصوري، وأفلاطون وأرسطو، وقد لاقى هذا الكتاب قبولاً حسناً لدى جمهور المثقفين آنذاك، ومن تآليفه ما هو مطبوع ومتداول ومنها ما هو مخطوط، كما ألف كتاباً أسماه «تحفة الدهر في عجائب البر والبحر».
غادر شيخ الربوة مسقط رأسه دمشق بحثاً عن عمل يرتزق منه، ثم استقر به المقام ثانية في قرية حطين من أعمال صفد إذأصبح شيخاً للخانقاه فيها، وكان يقوم على خدمته شيخ يدعى النجم الحطيني وكان ملازماً له ويساكنه في منزله، وفي إحدى الليالي جاءهم إنسان فاستضافوه، ولما أراد السفر ليلاً كان النجم الحطيني قد علم أن معه ذهباً فتبعه وقتله وأخذ ما بحوزته من مال. ولما علم الأمير سيف الدين نائب صفد بالحادث، أمر بإحضار الشيخ شمس الدين وضربه نحو ألف مقرعة ثم أفرج عنه. لم يعد الشيخ يطمئن للشيخ الحطيني خوفاً على نفسه، فكان يغلق على نفسه باب غرفة نومه بالأقفال، وبقي على هذا الحال حتى مجيء الملك الناصر فأمر الحطيني أن يسمر بالقاهرة وأرسل على جمل وهو مسمّر إلى دمشق.
كان شيخ الربوة معاصراً لأبي الفداء صاحب حماة، إلا أنه كان فقيراً وحيداً، كثير الآلام والأوجاع عمل في مجالات عدة ليكسب قوت يومه، وقد وافته المنية في صفد، وكان قد فقد إحدى عينيه، كما أصيب بالصمم قبل عشر سنوات من وفاته.
عبد الرحمن بدر الدين