دلائل أثرية في حوران.. ارتباط تاريخي بزراعة الأشجار
- معين حمد العماطوري
- 15 تمّوز 2023
السويداء
تدل الاكتشافات الأثرية التي تم العثور عليها في منطقة حوران عموماً على ارتباطها التاريخي بأنماط الحياة الزراعية التي كانت سائدة في القرن الثاني قبل الميلاد إبان عهد الإمبراطورية الرومانية ما يجعل العلاقة أكثر تمكيناً في إثبات أنواع الإنتاج الزراعي من كرمة وزيتون وصنوبر وسرو والعرعر وغيرها.
معاصر العنب الأثرية
يشير الباحث الأثري الأستاذ الدكتور "خالد كيوان" مدير فرع جامعة دمشق بالسويداء لموقع مدونة وطن eSyria حول الدلائل المعمارية على زراعة العنب المبكر أن البعثة الأثرية الفرنسية تمكنت من مسح مجموعةٍ من حقول الكرمة ومعاصر العنب في موقع سيع بجبل العرب، ودرستها بشكل دقيق وقامت بتأريخها، بحيث توصلت الدراسة إلى وصفها المعماري الذي يتألف من عدة أنواع وأولها المعاصر المؤلفة من عدة أحواض تصب ببعضها البعض بشكل متدرج ويعصر العنب بالحوض الأعلى بعد دوسه بالأقدام وهو نمط تقليدي ما زال إلى يومنا، وهذا النوع بدائي من معاصر العنب يعود إلى القرن الثاني ق.م، والنوع الثاني هو معصرة عبارة عن عدة أحواض بوسط الحوض الكبير المرصوفة أرضيته بالحجارة مكبس لولبي وهذا النوع الأكثر شيوعاً في فلسطين والأردن خلال العصر البيزنطي، وكثيراً ما صور على لوحات الفسيفساء مثل لوحة فسيفساء "لوط وبروكوبيوس" في خربة "المخيّات" في بلدة "نبو".
ونوه الباحث الأثري الأستاذ الدكتور "خالد كيوان" أنه لا يتطلب هذا النوع من معاصر المكبس اللولبي إلى أكثر من ثلاثة عمال وبذلك تكون هذه المعصرة ذات التقنية الحديثة قد وفرت الجهد والوقت وعصرت كميات أكبر من المعاصر ذات النوع السابق. وإنَّ كثرة حقول العنب وتوزع المعاصر في موقع سيع يشير بشكل رئيسي إلى إنتاج رئيسي ليس فقط للاستهلاك المحلي، وقد أكدت الدراسات أنّ هذه المعاصر المنتشرة في المنطقة تعود للقرن الثاني ق.م وأحدثها كما هو في الصورة أدناه تعود إلى القرن السادس الميلادي إلى العصر البيزنطي ومطلع العصر الأموي.
الأستاذ الدكتور خالد كيوانالأشجار المثمرة
الباحث الاثري حسن حاطوم
وأوضح الباحث الأثري "نايف الجباعي"- دراسات عليا في عالم التاريخ والآثار أن معظم الدراسات الأثرية تشير من خلال نص جاء من قرية "داما" وهي واحدة من قرى "جبل العرب" في منطقة "اللجاة"، حمل هذا النص تأريخاً يعود التدوين فيه إلى القرن الثالث الميلادي مع وجود بركة صناعية لتجميع المياه، وكانت تسقي أشجار التين بالقرب منها، كما وتشير إلى تواجد شجر التين البري إلى جانب المدجن.
وأكد الباحث "الجباعي" أنه تم استخدام علم آثار النبات في دراسة عينات من الأخشاب المتفحمة في موقع "سيع"، حيث أكدت الدراسة على تواجد شجر الصنوبر والسرو والعرعر التي عُدّت إحدى تشكيلات الغابات الطبيعية المتمركزة على سفحي جبل العرب، وظهرت أيضاً اقتراح احتمالية أنَّ هذه الأخشاب من الممكن أنَّها استوردت من الجولان وعجلون، وإنَّ سبب تواجدها في مناطق السكن يحتمل كوقود وتدفئة أو استخدمت ممزوجةً مع السماد الطبيعي للزراعة، وقد أشار إلى هذه الأشجار المؤرخ ثيوفراستوس.
من المعاصر الأثرية
الباحث الأثري "حسن حاطوم" رئيس دائرة الآثار الأسبق في السويداء أوضح أن المنطقة المشار إليها في الدراسة من خلال نتائج البعثة الأثرية الفرنسية التي زارت وبحثت وتوصلت إلى معلومات أثرية مهمة أثبتت زراعة الأشجار المثمرة وبإنتاجية وريعية اقتصادية من خلال إنتاج أشجار "التين والصنوبر والسرو والعرعر" إضافة إلى زراعة العنب الذي بدوره فرض تواجد المعاصر الخاصة به وبالطرق التقليدية لصناعة الدبس أو الزبيب وغيرها من منتجات الكرمة.
ويرى الباحث "حسن حاطوم" أن المنطقة تنطوي على محيط حيوي وبيئي مهم في منطقة اللجاة وخاصة قرية "داما" وغيرها من القرى المحاذية الزاخرة في الصخور والتي استطاعت البعثات الأثرية الوطنية اكتشاف أيقونات ولقى أثرية تثبت زراعة العنب والتين وغيرها من الأشجار المثمرة.