الإشعاع بالتألق ضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الإشعاع بالتألق ضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية

    اشعاع بالتالق

    Radiation by luminescence - Rayonnement par luminescence

    الإشعاع بالتألق

    الإشعاع بالتألق radiation by luminescence هو الضوء الذي يصدره جسم درجة حرارته عادية، وهو في صدوره عند درجة الحرارة العادية يختلف عن الضوء المرئي الذي يصدره جسم متوهج في درجة حرارة عالية مثل الخشب المحترق أو الحديد المصهور أو سلك المصباح المتوهج [ر. الإشعاع الحراري]. وقد لوحظ إشعاع التألق منذ القدم فجاء ذكره في القصص والأغاني وبهرت الإنسان ألوانه الزاهية التي تصدرها أرومات الأشجار الرطبة وبعض الحشرات مثل اليراعة والدودة المضيئة.
    أنماط التألق
    للتألق[ر] أنماط كثيرة: تألق بالاحتكاك triboluminescence وهو يحدث عندما تُحكّ قطعة من الخزف بقطعة أخرى، أو عندما تُسحق بعض الأجسام كالطباشر والسكّر. وتألق حراري تصدره بعض الأجسام في درجة حرارة أدنى من الدرجة التي تتوهج فيها، يحدث ذلك حين يُرشّ مسحوق الطباشير على سطح ساخن. كذلك يرافق بعض التفاعلات الكيمياوية تألق يوصف بأنه كيمياوي، كما يحدث مثلاً في حالة تفسّخ بعض أنواع الخشب الرطبة، وفي استنارة بعض الحشرات كاليراعة والحباحب. وتتألق بعض المواد مصدرة ضوءاً إذا وقعت تحت تأثير حقل كهربائي شديد، وهذا هو التألق الكهربي electro luminescence. وهناك بعض الأجسام إذا سقط عليها إشعاع كهرمغنطيسي أصدرت إشعاعات ذات أطوال موجية مختلفة، ويوصف هذا التألق بأنه ضوئي photoluminescence. والأنماط الأخرى للتألق توصف بما يدل على سبب التألق كالتألق الإشعاعي والتألق البلوري، وغيرهما.
    الشكل (1) أنبوب غيسلر
    إن أنماط التألق المختلفة هذه يمكن تصنيفها من وجهة النظر الذرية أو الجزيئية في زمرتين: أولاهما توافق إشعاعاً سببه تصادمٌ بين الجسيمات: الإلكترونات أو الأيونات أو الجزيئات، التي تتسارع بتأثير حقل كهربائي أو ارتفاع في درجة الحرارة، أي مايسمى التألق الكهربي، والزمرة الثانية يصدر فيها الإشعاع بتأثير ضوءٍ يسقط على الجسم المشع أي مايسمى التألق الضوئي.
    التألق الكهربي: وهو يتم حين يحدث انفراغ كهربائي في غاز مخلْخل، أو حين تتكون شرارة، أو في حالة القوس الكهربائية. فمثلاً إذا طُبِّق فرق كمون عالٍ وكافٍ على المسريين في أنبوب غِيسْلر Geissler الذي يبينه الشكل 1، حدث انفراغ في الغاز المخلخل الذي يملأ الأنبوب، ويُرى الإشعاع على أشده في الأنبوب الشعري.
    ويمكن توليد هذا الانفراغ باستعمال أنبوب ليس له مسريان، وذلك بوضعه داخل وشيعة يحدث فيها انفراغُ دارة كهربائية مهتزة ذات ترددٍ عال. فالحقل الكهربائي يولد في الأيونات سرعة كافية لإثارة جزيئات الغاز.
    وإذا طبِّق توتر عالٍ جداً على مسرييْ أنبوب غِيسْلر حدثت بينهما شرارة، وتولّد إشعاع ضوئي يتألف طيفه من الطيفين معاً: طيف مادة المسريين وطيف الغاز الذي يحيط بهما. إن طريقة الإثارة هذه تحرِّر طاقة كبيرة جداً في زمن قصير جداً. كذلك فإن القوس الكهربائية، كالشرارة، ليست إلا انفراغاً كهربائياً، غير أن المهبط (الكاتود) الحار جداً يُصدر قدراً كبيراً من الإلكترونات، مما ينجم عنه أنه يكفي فرق كمون صغير نسبياً لاستمرار عمل القوس، في حين يمكن أن تكون شدة التيار كبيرة جداً.
    وفي معظم الحالات يكون طيف الضوء الصادر غير متصل. فإذا كان مؤلفاً من أشعة وحيدة اللون، كان الطيف خطياً تولّده ذرات عناصر مختلفة. وإذا كان للطيف مظهر سلسلة من العصائب bands المضيئة التي لها حد فاصل في أحد طرفيها ومتدرّجة عند الطرف الآخر، كان الطيف بشكل عصابة أو حزمة band spectrum، تولِّدها الجزيئات.
    وعلى هذا إذا مُلئ أنبوب غيسلر بالآزوت تولّد طيف عصابة، إذ لا تكون الإثارة حينئذ كافية لتفكيك جزيء الآزوت. وبالمقابل، يُلاحظ في الشرارة الكهربائية طيفٌ خطي يعود إلى ذرة الآزوت، لأن هذا النمط من الإثارة كافٍ لتفكيك الجزيء.
    إن مقارنة طيف خطي لمادةٍ ما تولِّده شرارةٌ بطيفٍ خطي للمادة عينها تولِّده قوس كهربائية تُظهر أنهما يختلفان. ويعود ذلك إلى أن طيف القوس تولّده ذرة معتدلة في حين تولّد طيف الشرارة ذرةٌ متأينة، وإن زيادة درجة الحرارة أو شدة الحقل الكهربائي تؤدي إلى زيادة في التأين. لذلك يكون طيف الجوار القريب من مسرى ساخن جداً لقوس كهربائية طيفاً شبيهاً بالطيف الذي تولِّده الشرارة، إذ إن ذرات ذلك الجوار تكون متأينة.
    التألق الضوئي: يقال عن جسم إنه يتألق تألقاً ضوئياً إذا كان يحوِّل الإشعاع الذي يتلقاه إلى إشعاع من نوع آخر يشعّ في كل الاتجاهات. ويُقْسم التألق الضوئي إلى صنفين: التفلْور fluorescence والتفسفُر phosphorescence فمثلاً، إذا أُنير محلول الفلوريّسين بحزمة ضوءٍ بنفسجي لوحظ إصدار ضوءٍ أخضر؛ وإذا أُوقف الإشعاع المثير انقطع في الوقت نفسه إصدار الضوء الأخضر، هذه الظاهرة هي ظاهرة التفلور. أما إذا جُعل كبريت الزنك الكلسي مكان الفلوريسين فإنه يلاحظ أن إصدار الضوء يستمر ساعات أحياناً بعد انقطاع الإشعاع المثير عن التأثير. هذه الظاهرة هي ظاهرة التفسفر.
    وليس هناك في الحقيقة حد فاصل بين الظاهرتين، ذلك لأن التفلور لايزول آنياً، إلا أنه يمكن اصطلاحاً وصف جسم بأنه متفلور إذا كان إصداره الضوء يزول بعد نحو 10-8 ثانية من انقطاع التأثير.
    الشكل (2) تغير الاستطاعة بتغير طول الموجة
    وللتفريق بين تفلور متأخر وتفسفر قصير الأمد يكفي النظر في تأثير درجة الحرارة، إذ تدل التجربة على أنه لا تأثير لها في التفلور في حين هي تؤثر في التفسفر، فالتفسفر مثلاً يزول عند درجة حرارة منخفضة تختلف باختلاف الجسم.
    إن مجموعة الأشعة الوحيدة اللون التي يمكنها إثارة التألق الضوئي تؤلف طيف الإثارة E، الذي يميِّز المادة المتألقة ضوئياً. أما مجموعة الشعاعات التي تصدرها المادة المتألقة فتؤلف طيف تألقها الضوئي P. إن قانون ستوكْس Stokes، ينص على أن الأطوال الموجية λ للأشعة الصادرة بالتألق ينبغي أن تكون جميعها أكبر من الأطوال الموجية λe للإشعاع المثير. ولكن هذا القانون ليس محقَّقاً دائماً، إذ يمكن أن يتضمن طيف التألق أحياناً شعاعات ذات أطوال موجية أقل من λe. ويبين الشكل 2 طيف الإثارة E وطيف التألق P للفلوريسين، ويظهر فيه أن هناك منطقة مشتركة بينهما، وأن الشعاع λe =0.54 مكرون يمكن أن يولّد تألقاً بأطوالٍ موجية أقل من ذلك، مثلاً 0.53 مكرون. وعلى كل حال، فإن القيمة العظمى في الطيف P توافق دائماً طولاً موجياً أكبر من الطول الموجي للقيمة العظمى في منحني طيف الإثارة E.
    النظرية المبسَّطة لإشعاع التألق
    الشكل (3) الإشعاع الوحيد اللون
    إذا انتقل إلكترون في ذرةٍ ما من سويةٍ مثارةW1 إلى سوية أدنىW0، فإنه يصدر إشعاعاً يُعطى تردده (تواتره)v10 بالعلاقة:hv10=W1-W0. حيث يدل h على ثابت بِلانْك Planck ومقداره 6.624×10-34 جول ثانية.
    ومن المعروف أن في كل ذرةٍ سويات مختلفة للإثارة تقابل الطبقات الإلكترونية المختلفة في الذرة. وفي كل انتقال من سويةٍ إلى سوية أدنى يصدر إشعاع وحيد اللون، (انظر الشكل 3). أما في الجزيء، فإن الانتقال من حالةٍ مثارة إلى السوية الدنيا الأساسية، يولّد عدداً غير منته من العصائب الطيفية، ذلك لأنه يضاف في هذه الحالة إلى تغيرات الطاقة في الذرات التغيراتُ المكمّمة quantised لطاقة النوى المهتزة حول وضع توازنها من جهة، وتغيرات طاقة دوران الجزيء من جهة أخرى.
    إن كلاً من الذرة والجزيء لا يمكن أن يوجد في حالة مثارة إذا لم يُزوَّد بالطاقة، وتُكتسب هذه الطاقة بنتيجة الاصطدام مع جسيْمٍ ما. إن جسيْماتٍ كالذرات والأيونات والإلكترونات تمتلك بسبب حركتها طاقة حركية Ec قبل الاصطدام تختلف باختلاف سرعتها. فعند الاصطدام تُزوِّد هذه الجسيماتُ الذرّة بجزءٍ E من هذه الطاقة الحركية يقابل مثلاً الانتقالَ من الحالة العادية W0 إلى الحلة المثارة W1، حيث يكون: E = W1-W0، ويتبقى لدى الجسيمات بعد الاصطدام طاقة تساوي Ec-E.
    وبالمقابل إذا كان الجسيم فوتونا تردده v، فإن طاقته التي تساوي hv تُمتَص دائماً امتصاصاً تاماً من قِبَل الذرة أو الجزْيء اللذين لايمكنهما أن يمتَصا إلا الفوتونات التي تساوي طاقتُها بالضبط الطاقة اللازمة لنقْل أيٍ منهما إلى السوية المثارة.
    ويمكن استخدام النتائج السابقة في تفسير التألق الكهربي كما يلي: إذا طُبِّق على مسريين فرق كمون V، فإن الإلكترون الواحد يتسارع ويكتسب طاقة حركية Ec= eV، حيث يدل e على شحنة الإلكترون وتساوي 1.60× 10-19 كولون. فإذا اصطدم هذا الإلكترون بذرةٍ أمكنه أن يتخلى لها عن جزءٍ من طاقته الحركية يكفيها للانتقال من السوية الأساسية إلى سوية مثارة. فمثلاً، يمكن لبخار الزئبق الوحيد الذرة أن يُصدر شعاعاً طوله الموجيλ =0.2537 مكرون، توافق انتقالاً يساوي: 7.83×10-19 جول وفق العلاقة:
    حيث: c: سرعة الضوء في الخلاء، وتساوي 3×810 متر/ ثانية. وعلى هذا، لإثارة الذرة ينبغي تطبيق فرق كمون V ليكون: Ec= eV≥7.83×10-19 (جول). أي ينبغي تطبيق فرق كمون V يحقق الشرط: V ≥ 4.9 فولط.
    الشكل (4) مخطط سويات الطاقة من أجل جزيء ثنائي الذرة
    ولتفسير التفلور يُستخدم مخطط سويات الطاقة من أجل جزيء ثنائي الذرة مثلاً، (الشكل 4)؛ وذلك بالنظر في الحالة الإلكترونية الأساسية F والحالة المثارة E. إن لكل من هاتين الحالتين سويات متعددة، إذ كما سبق القول، ينبغي أن يُضاف إلى الطاقات الإلكترونية طاقات اهتزاز الجزيء. لتكن رموز هذه السويات: V0، V1، V2، … في الحالة F، ولتكن رموزها في الحالة:E 0/V، 1/V، 2/V، … ففي درجة الحرارة العادية يكون الجزيء في الحالة الأساسية F، وفي سوية الاهتزاز الدنيا V0 فامتصاص الشعاع المثير ينقله إلى السوية المثارة E، ولتكن سوية الاهتزاز /V2. إن العودة من هذه السوية إلى إحدى سويات الحالة F المحصورة بين V0وV1 يرافقها إصدار طيف تفلور، (الشكل 4ـ أ). ولكن قبل الهبوط إلى الحالة F، يمكن للجزيء أن يفقد بالاصطدام بعضاً من طاقة اهتزازه بسبب الهيجان الحراري، وأن يصبح في الحالة 1/V، (الشكل 4ـ ب)، وحينئذ تكون الأشعة الصادرة موافقةً للانتقالات من 1/V، إلى إحدى السويات V0 أو V1 أو V2، ويعتمد بقاء الذرة أو الجزيء في حالة مثارة على هذه السوية وعلى عوامل أخرى، وقد يمتد ذلك مدد زمنية طويلة نسبياً فيفسر التفسفر.
    وإذا كانت طاقة الهيجان الحراري كبيرة، أمكن للجزيئات، على العكس مما سبق، أن تنتقل من /V2 إلى /V3 قبل أن تهبط إلى إحدى السويات V0 أو V1 أو V2 (الشكل 4 ـ ج). في هذه الحالة، يكون الطول الموجي للشعاع الصادر أقصر من طول موجة الضوء المثير لأن الترددات المرافقة لهذه الانتقالات أكبر من الترددات المرافقة المهيجة، وهذا يفسِّر الشذوذ عن قانون ستوكْس.
    إن إشعاع التألق الناجم عن عودة الإلكترونات إلى الحالة الأساسية، يتم تلقائياً، وتكون الإشعاعات التلقائية، التي تصدرها مجموعة من الإلكترونات المثارة، مستقلة بعضها عن بعض، لذلك تكون إشعاعات التألق في هذه الحالة غير مترابطة incoherent، أي أنها لاتكون متفقة في الطور. غير أنه يمكن إصدار إشعاع التألق عن طريق إثارته بفوتونات لها تردد إشعاع التألق نفسه، فتحدُث انتقالاتٌ مثارة تستعمل في اللازر[ر] الذي يولّد حزمة شديدة جداً من الضوء الوحيد اللون المترابطة coherent، أي أن اهتزازاته تكون متفقة في الطور.

    طاهر تربدار
يعمل...
X