فوكو (تيارات -)
تيارات فوكو Foucault currents أو التيارات الدوَّامية eddy currents هي تيارات كهربائية تنشأ في المادة نتيجة تغير تدفق الحقل المغنطيسي فيها، وذلك استجابة لأحد قانونين اكتشفهما مايكل فاراداي[ر]. ينص قانون فارادي بهذا الخصوص على أنه إذا تغير تدفق الحقل المغناطيسي في سلك أو ملف، فإن جهداً كهربائياً ينشأ بين طرفي السلك أو الملف يعطى بالعلاقة:
حيث ترمز E إلى القوة المحركة المتحرضة وf إلى تدفق الحقل المغناطيسي و إلى معدل تغير تدفق الحقل المغنطيسي مع الزمن، وL إلى تحريضية السلك أو الملف. وبالطبع فإن توليد القوة المحركة هذه يسبب مرور تيار في السلك أو الملف مما يؤدي إلى تسخينه وإلى توليد آثار مغنطيسية خاصة به.
لقد استثمرت ظاهرة تيارات فوكو أو التيارات الدوَّامية في تطبيقات عديدة منها:
ـ أفران صهر المعادن: يبين (الشكل-1) مقطعاً في فرن يستخدم لصهر المعادن توضع فيه قطع المعدن المطلوب صهرها ضمن بوتقة، ويمرر تيار كهربائي متناوب شديد في سلك مقطعه العرضاني كبير، مجوَّف، مُبرَّد بالماء، فيولِّد التيار المتناوب حقلاً مغنطيسياً متغيّراً حوله، ويتغير بالتالي تدفق الحقل المغنطيسي في قطع المعدن ضمن البوتقة التي يمكن النظر إليها على أنها تؤلِّف حلقات أفقية متناقصة في نصف القطر يتدفق من خلالها الحقل المغنطيسي وتنشأ فيها تيارات دوّامية أو تيارات فوكو فتسخن وتنصهر. يمكن أن يراوح تواتر التيار المتناوب المار في الملف بين 50 هرتز و10000 هرتز بحسب التطبيق المرغوب من فرن صهر المعادن، كما يمكن التحكُّم بشدة التيار المار فيها.
ـ تقسية السطوح بالإسقاء: يبين الشكل (2) مبدأ عمل جهاز يستخدم لتقسية السطوح، يعتمد مبدأ توليد تيارات دوامية في القطعة المراد تقسية سطحها كريشة حفر أو محور مثلاً وذلك بتمرير تيار متناوب بتواتر مناسب في الملف العلوي؛ فتنشأ تيارات دوَّامية في ريشة الحفر تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة سطحها، ثمَّ يُبرَّد السطح فجأة بتيار من ماء بارد يتدفق من فتحات في حلقة أخرى تحيط بريشة الحفر فيؤدي ذلك إلى تقسية سطحها.
ـ كشف المعادن: كاشف المعادن metal detector جهاز يستفيد من الخصائص الكهربائية والمغنطيسية للمواد لكشف المعادن المدفونة تحت الثرى أو الخفيّة عن الأنظار. يولِّد كاشف المعادن حقولاً كهرمغنطيسية عن طريق تمرير تيار كهربائي في ملف. يحيط الحقل المغنطيسي بالملف، فإذا اعترض الحقل المغناطيسي جسماً معدنياً حرَّض الحقل فيه تياراً. ونتيجة لذلك يولِّد المعدن حقلاً مغناطيسياً خاصاً به، أي حقلاً متحرضاً فيتحسس الكاشف هذا الحقل ويشير إلى وجود معدن. إن باستطاعة كاشف المعادن تحسس الحقل المغناطيسي الذي يحرضه الجسم المعدني حتى لو كان هذا الجسم مخبأ في معطف أو مدفوناً في الأرض أو مطموراً في قعر البحر.
ينتشر استخدام كاشف المعادن للأغراض الأمنية وفي الصناعة، كما يستخدم للكشف عن الكنوز الدفينة أو الآثار المعدنية. ويمكن أن يأخذ كاشف المعادن شكل بوابة يمر منها المسافر قبل صعوده إلى الطائرة، (الشكل-3)، للتأكد من عدم حمله لسلاح أو لآلة حادة معدنية، كما يمكن أن يأخذ شكل جهاز محمول. ويستخدم كاشف المعادن في المناجم للإرشاد إلى عروق الذهب وغيره، كما يستخدم كذلك لتحديد مسار التمديدات الصحية والبواخر الغارقة والكنوز الدفينة، ويستخدمه علماء الآثار للبحث عن المعادن الدفينة أو التحف الفنية.
يمكن لكاشف المعادن أن يتحسس وجود الأشياء المعدنية ضمن الأقذار والصخور والماء والخشب والإسمنت، بل بإمكانه أن يفعل ذلك بوجود أي حائل لا معدني، إلا أنه إذا كانت المنطقة ملوثة بقطع حديدية وبالأملاح فإن ذلك يجعل كشف الأجسام المعدنية الأخرى أكثر صعوبة.
ثمة ثلاثة أنواع من كواشف المعادن شائعة الاستخدام حالياً هي: الكواشف التي تعتمد مبدأ توازن التحريضيات induction balance detectors (الشكل 4-أ). وكواشف التحريض النبضي Pulse induction detectors (الشكل 4-ب). ومقاييس المغنطيسية magnetometers.
تَستخدم الكواشف من النوع الأول منبع تغذية ووشيعتين أو أكثر من أسلاك ملفوفة لفاً متراصاً لتشكِّل جسراً كهربائياً متوازناً. تضبط الأمور في الكاشف بحيث يشير عداد الجهاز إلى القيمة صفر عند غياب أي جسم معدني أمام جملة الوشائع. أما إذا كان الأمر خلاف ذلك، أي إذا وُجِدَ جسم معدني أمام الوشائع، فإن توازن الجسر يختل، وتتغير قراءة الصفر على عداد الكاشف الذي يعطي إشارة صوتية أو ضوئية تدلُّ على وجود المعدن. يعود الفضل في تصميم أول كاشف للمعادن يعتمد على هذا المبدأ إلى المخترع الأمريكي الشهير غراهام بل Graham Bell، الذي استدعي عام 1881 إلى البيت الأبيض، وطُلب منه حينئذ استخدام كاشفه للبحث عن رصاصة استقرت في ظهر الرئيس جيمس غارفيلد James Garfield.
إن النوع الأحدث لكاشف المعادن هو النوع الذي يعتمد التحريض النبضي، وهو كاشف يعتمد مبدأ مختلفاً، فبدلاً من الاعتماد على توازن الحقول الكهرمغنطيسية فإن الكاشف من هذا النوع يولِّد سلسلة نبضات كهربائية سريعة ينشأ عنها حقل مغنطيسي يخترق الوسط الذي يعمل الكاشف فيه، وقد يصل معدل تردد سلسلة النبضات تلك 5000 نبضة في الثانية. تولِّد هذه النبضات حقلاً مغنطيسياً في المنطقة المستكشفة. ويتبع كل سلسلة نبضات فترة لا يرسل فيها الكاشف أي نبضة، يكون عندها في حالة تنصُّت، فإذا اعترض الحقل المغنطيسي الذي ولَّدته النبضات السابقة جسم معدني، فإن ملف الكاشف يتحسس الحقل المغنطيسي المتحرض في فترة التنصت. ينتشر استخدام الكواشف من هذا النوع للبحث عن المعادن الدفينة في قاع البحار، وذلك لعدم تأثرها بوجود المياه المالحة التي تكمن تحتها الأجسام المعدنية التي يجري البحث عنها والتي تحدُّ من أداء كواشف المعادن من النوع الأول.
أما النوع الثالث من كواشف المعادن وهو مقاييس المغنطيسية، فلا تولِّد حقولاً كهرمغنطيسية من أي نوع كان، وإنِّما تقيس الحقل المغنطيسي الأرضي مباشرة. فخطوط الحقل المغنطيسي الأرضي في الحالة المعتادة هي خطوط متوازية فيما بينها، ويؤدي وجود أجسام معدنية في المنطقة المستكشفة إلى إدخال خلل ما على توازي هذه الخطوط، ويشير مقياس المغنطيسية إلى ذلك. يشار إلى أن مقاييس المغنطيسية أقل تحسساً وأقل استقراراً من كواشف المعادن الأخرى.
تستخدم كواشف المعادن للبحث عن الكنوز الدفينة تحت سطح الأرض. ويمكن أن يكشف النوع النبضي من هذه الكواشف الأجسام المعدنية المدفونة حتى على عمق 30سم وذلك تبعاً لحجم الجسم المعدني المدفون ولمحتوى الأرض من المعادن. ويستخدم الغطاسون كواشف للمعادن محمولة من النوعين الأول والثاني للبحث عن سفن غارقة، (الشكل-5).
ثمة استخدام آخر مهم لكواشف المعادن يتمثَّل في كشف أنابيب نقل الغاز، وهي أنابيب يمكن أن تصاب بالضرر والانفجار إذا اصطدمت بها آليات الحفر. وعلى الرغم من توافر خرائط توضِّح مواضع دفن هذه الأنابيب وغيرها من أنابيب المياه والصرف الصحي، فإن عمال الحفر يلجؤون أحياناً إلى استخدام كواشف المعادن لتحديد مواقعها بدقة.
كما تستخدم كواشف المعادن للكشف عن خلو المواد الغذائية من الأجسام المعدنية الصغيرة التي يمكن أن تلوَّث بها في أثناء تحضيرها كسن منشار مثلاً ينكسر عند تحضير قطع اللحم تمهيداً لتعليبها.
تطبيقات أخرى:
تشتمل التطبيقات الأخرى على كبح الحركات الدورانية بما يسمى الكبح المغنطيسي magnetic braking وعداد الدوران الدوّامي eddy-current tachometer ومحركات الحقل الدوَّار motors of rotating field وغيرها.
أحمد حصري
تيارات فوكو Foucault currents أو التيارات الدوَّامية eddy currents هي تيارات كهربائية تنشأ في المادة نتيجة تغير تدفق الحقل المغنطيسي فيها، وذلك استجابة لأحد قانونين اكتشفهما مايكل فاراداي[ر]. ينص قانون فارادي بهذا الخصوص على أنه إذا تغير تدفق الحقل المغناطيسي في سلك أو ملف، فإن جهداً كهربائياً ينشأ بين طرفي السلك أو الملف يعطى بالعلاقة:
حيث ترمز E إلى القوة المحركة المتحرضة وf إلى تدفق الحقل المغناطيسي و إلى معدل تغير تدفق الحقل المغنطيسي مع الزمن، وL إلى تحريضية السلك أو الملف. وبالطبع فإن توليد القوة المحركة هذه يسبب مرور تيار في السلك أو الملف مما يؤدي إلى تسخينه وإلى توليد آثار مغنطيسية خاصة به.
لقد استثمرت ظاهرة تيارات فوكو أو التيارات الدوَّامية في تطبيقات عديدة منها:
ـ أفران صهر المعادن: يبين (الشكل-1) مقطعاً في فرن يستخدم لصهر المعادن توضع فيه قطع المعدن المطلوب صهرها ضمن بوتقة، ويمرر تيار كهربائي متناوب شديد في سلك مقطعه العرضاني كبير، مجوَّف، مُبرَّد بالماء، فيولِّد التيار المتناوب حقلاً مغنطيسياً متغيّراً حوله، ويتغير بالتالي تدفق الحقل المغنطيسي في قطع المعدن ضمن البوتقة التي يمكن النظر إليها على أنها تؤلِّف حلقات أفقية متناقصة في نصف القطر يتدفق من خلالها الحقل المغنطيسي وتنشأ فيها تيارات دوّامية أو تيارات فوكو فتسخن وتنصهر. يمكن أن يراوح تواتر التيار المتناوب المار في الملف بين 50 هرتز و10000 هرتز بحسب التطبيق المرغوب من فرن صهر المعادن، كما يمكن التحكُّم بشدة التيار المار فيها.
الشكل (1) مقطع في فرن لصهر المعادن بالتيارات الدوَّامية |
الشكل (2) تقسية السطوح بالتيارات الدوَّامية أو تيارات فوكو |
ينتشر استخدام كاشف المعادن للأغراض الأمنية وفي الصناعة، كما يستخدم للكشف عن الكنوز الدفينة أو الآثار المعدنية. ويمكن أن يأخذ كاشف المعادن شكل بوابة يمر منها المسافر قبل صعوده إلى الطائرة، (الشكل-3)، للتأكد من عدم حمله لسلاح أو لآلة حادة معدنية، كما يمكن أن يأخذ شكل جهاز محمول. ويستخدم كاشف المعادن في المناجم للإرشاد إلى عروق الذهب وغيره، كما يستخدم كذلك لتحديد مسار التمديدات الصحية والبواخر الغارقة والكنوز الدفينة، ويستخدمه علماء الآثار للبحث عن المعادن الدفينة أو التحف الفنية.
الشكل (3) بوابة فحص المسافرين في المطار |
ثمة ثلاثة أنواع من كواشف المعادن شائعة الاستخدام حالياً هي: الكواشف التي تعتمد مبدأ توازن التحريضيات induction balance detectors (الشكل 4-أ). وكواشف التحريض النبضي Pulse induction detectors (الشكل 4-ب). ومقاييس المغنطيسية magnetometers.
( أ ) كاشف معادن على مبدأ توازن التحريضيات | |
( ب ) كاشف معادن ذات تحريض نبضي |
الشكل (4) |
إن النوع الأحدث لكاشف المعادن هو النوع الذي يعتمد التحريض النبضي، وهو كاشف يعتمد مبدأ مختلفاً، فبدلاً من الاعتماد على توازن الحقول الكهرمغنطيسية فإن الكاشف من هذا النوع يولِّد سلسلة نبضات كهربائية سريعة ينشأ عنها حقل مغنطيسي يخترق الوسط الذي يعمل الكاشف فيه، وقد يصل معدل تردد سلسلة النبضات تلك 5000 نبضة في الثانية. تولِّد هذه النبضات حقلاً مغنطيسياً في المنطقة المستكشفة. ويتبع كل سلسلة نبضات فترة لا يرسل فيها الكاشف أي نبضة، يكون عندها في حالة تنصُّت، فإذا اعترض الحقل المغنطيسي الذي ولَّدته النبضات السابقة جسم معدني، فإن ملف الكاشف يتحسس الحقل المغنطيسي المتحرض في فترة التنصت. ينتشر استخدام الكواشف من هذا النوع للبحث عن المعادن الدفينة في قاع البحار، وذلك لعدم تأثرها بوجود المياه المالحة التي تكمن تحتها الأجسام المعدنية التي يجري البحث عنها والتي تحدُّ من أداء كواشف المعادن من النوع الأول.
أما النوع الثالث من كواشف المعادن وهو مقاييس المغنطيسية، فلا تولِّد حقولاً كهرمغنطيسية من أي نوع كان، وإنِّما تقيس الحقل المغنطيسي الأرضي مباشرة. فخطوط الحقل المغنطيسي الأرضي في الحالة المعتادة هي خطوط متوازية فيما بينها، ويؤدي وجود أجسام معدنية في المنطقة المستكشفة إلى إدخال خلل ما على توازي هذه الخطوط، ويشير مقياس المغنطيسية إلى ذلك. يشار إلى أن مقاييس المغنطيسية أقل تحسساً وأقل استقراراً من كواشف المعادن الأخرى.
تستخدم كواشف المعادن للبحث عن الكنوز الدفينة تحت سطح الأرض. ويمكن أن يكشف النوع النبضي من هذه الكواشف الأجسام المعدنية المدفونة حتى على عمق 30سم وذلك تبعاً لحجم الجسم المعدني المدفون ولمحتوى الأرض من المعادن. ويستخدم الغطاسون كواشف للمعادن محمولة من النوعين الأول والثاني للبحث عن سفن غارقة، (الشكل-5).
الشكل (5) كاشف معادن محمول للعمل تحت الماء |
كما تستخدم كواشف المعادن للكشف عن خلو المواد الغذائية من الأجسام المعدنية الصغيرة التي يمكن أن تلوَّث بها في أثناء تحضيرها كسن منشار مثلاً ينكسر عند تحضير قطع اللحم تمهيداً لتعليبها.
تطبيقات أخرى:
تشتمل التطبيقات الأخرى على كبح الحركات الدورانية بما يسمى الكبح المغنطيسي magnetic braking وعداد الدوران الدوّامي eddy-current tachometer ومحركات الحقل الدوَّار motors of rotating field وغيرها.
أحمد حصري