واسطة الشعر ٦_a , كتاب دراسة الصورة الفنية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • واسطة الشعر ٦_a , كتاب دراسة الصورة الفنية

    في ذلك مثل أية ظاهرة طبيعية حية نامية ، ويكفي أن ندرك كيف يعبر الحدس الشعري بالكلمة في نطاق التجربة الفنية وكيف ينتقل بها وتنتقل به في ذبذبات متجاوبة مترددة ، ومن مرحلة غير متكاملة ولا تامة إلى وضع فيه الإكتمال كله والتمام - لنرفض كل تفسير علمي لطبيعة الصورة مثل تفسير واطسون .

    لقد قال ( كولردج ) (۱) منذ عشرات السنين إن الشعر ذو منطق خاص به قاس قسوة منطق العلم ، وربما كان أكثر صعوبة منه لأنه أكثر لطفاً وأوفر تعقيداً ، ذلك أن الشاعر حين ينطلق إلى العمل ينطلق من وحدة عاطفية داخلية ، ويتوسل بأداة تلائم هذه الوحدة ، وإذا كانت الصورة اللغوية الخارجية التي نعبر بها عن أفكارنا المنطقية الجبرية تخضع لقانونها الرمزي الخاص والثابت فان الصورة اللغوية الداخلية التي تحمل طاقاتنا الوجدانية كلها وتعبر عنها تخضع لقانونها الإنفعالي الخاص والمتحرك ، وشتان بين القانونين .

    لقد تكلم الله أول ما تكلم بالصورة ، ونطقت الحكمة أول ما نطقت بالصورة ، وتحدث الأنبياء أول ما تحدثوا بالصورة ، وعبر الإنسان الأول أول ماعبر بالصورة ، فالصورة هي قطب رحى الوجود، وأساس الخلق، تلتقي فيها قوى النفس والطبيعة جميعاً ، قوى الداخل والخارج في وحدة هي رؤية الخالق والفنان للنفس والحياة (٢) ، بيد أن التطور التاريخي أبعد الذهن عن ذلك كله وعمل على تفتيت الدلالة الكلية المتعددة لوسيلة التعبير ، وحطم وحدة الكون (۱) ، واقترب بالانسان من التعميم والتجريد والإنعزال ، وأحل الكلمة محل الصورة أداة الخلق ، وإني لأزعم أن ذلك يصبح على كل الفترة الثنائية ، فترة انفصال الذات عن الموضوع ، أو فترة تحطيم وحدة الكون والإنسان ومع الشعراء سواء في هذه الفترة أو في غيرها يحنون للعودة إلى الفترة البدئية الأولى للتعبير بالصورة، بل كانوا يحاولون دائماً التعبير بها وخلق علاقات جديدة، وارتباطات مختلفة عديدة بين الكلمات وإقامة مركبات تارة تقوم على التشابه وأخرى على غيره ، ولذلك استمرت اللغة ، وعاشت وما تزال تعيش وهي حبلى بالصور الحية والميته ونصف الموات (۸) .

    وفي الواقع أن ظاهرة موت الصورة كظاهرة خلقها (۲) تحتاج إلى حديث ، فان أية صورة كأي وليد جديد سرعان مايحيا عمره ثم يموت ، وكل كلمة في اللغة تبدأ في صورة استعارة حية حين يبدعها خالقها ويستعملها لأول مرة إلا أنها تتجرد بالتدريج من طبيعتها الناضرة وتفقد نبضها وحيويتها وتصبح اوناً من المقابلات التي تمتليء بها متاحف اللغة ومعاجمها كموميات لاحياة فيها . ثم يأتي النير فيستعمل هذه الآثار التي خلنمها الشعراء وغادروها إلى غيرها ، وقد لاحظ « شللي » في الشعر أن الصور تصبح بمرور الزمن مجرد علامات تدل على أجزاء أو أنواع من الأفكار بدلاً من كونها صور أفكار متكاملة (۳).

    ويبدو أن الكثيرين ممن يستعملون هذه المقابلات أو العلامات ينسون أصلها الإنفعالي الصوري الذي فقدته ، ويستعملونها على أنها تعبيرات حرفية تساقطت إليهم ، وليس النثر هو الوحيد الذي يستعمل هذه المقابلات بل إن أحاديثنا العادية ، ولهجاتنا العامية الدارجة ولغاتنا المحكية لتنوء بمثل هذه التعبيرات (۱) ، فالأمثال والإستعمالات الجاهزة المنتظمة ( الإكليشهات ) التي نعبر أو نصف بها حالات أو أفكاراً معينة ليست سوى أنماط من الصور الميتة (۲) ، ولعل البعض لا يوافق على هذه الصفة الأخيرة ( الميتة ) ، التي وصفنا مها الصور البائدة ، ويؤثر أن يقول إنها نصف ميته أو نائمة (۳) ، مثلها مثل تلك الحشائش الشائكة التي فقدت قدرتها على الوخز ، والفنان العظيم وحده هو القادر على بعثها وإيقاظها من سباتها العميق بشكل أو بآخر ، وقد يكون ذلك صحيحاً إلا أننا يجب ألا أن الموت قد أصابها مرتين مرة حين خلقت من كثرة الإستعمال ومرور الأيام ، ومرة حين فقدت حيويتها ونضارتها وجدتها وتفردها وتحولت إلى أن تحمل دلالة حرفية واحدة ، وإن أي استعمال لها سواء أكان ذلك بوضعها الجاهز أم بتحوير قليل يطرأ عليها مضر بالعمل الشعري فالتحوير وحده لا يخلق من الموت حياة ، والذي يفعل ذلك هو التحطيم وحده ، تحطيم العلاقات والمركبات القديمة وإقامة خلق آخر جديد حي نابض ، وربما كان الإستعمال الأول الجاهز أكثر ضرراً وخطراً لأنه يعني أن الشاعر يستعمل في فنه إشارات حرفية عامة ، أي أنه يستعمل أدوات نثرية في عمل شعري ، وفي هذا قضاء على الفنان وعلى فنه .

    والحق أن اللغة كانت وماتزال من صنع الشعراء ومن عطائهم فمن طريق إستخدامهم للصورة ، وبواسطة خلقهم علاقات جديدة . دائماً بين الكلمات تنتعش وتتوسع وتحيا وتستمر إن الشعر يجدد قيمة اللغة في وحداتها الجزئية بخلاف النثر الذي يعمل على المحافظة على استمرار القيمة ، أي استمرار المعنى في الكلمة ، ومن أجل ذلك فهو في حاجة دائبة إلى الإنعاش الثر الغزير ، ولن يكون ذلك إلا بواسطة الخلق الصوري، ولئن ظلت اللغة بين ظهرانينا متحدرة من الماضي فلانها كانت تتجدد باستمرار ، وستظل كذلك إلى المستقبل مادام الشعراء يدفعون بها إلى الأمام ، وإذا لم توهب أية لغة مثل هؤلاء الشعراء الذين يعملون على نضارتها ونضجها بالموائمة بين أساليبها وألفاظها وبين روح العصر وتوليد صور مغايرة يشتقونها من إحساساتهم التي تغاير بالضرورة أويجب أن تغاير إحساسات من تبعوهم فانها لا محالة ستصبح فقيرة عاجزة ، بل ستصبح مجرد كلمات خاوية ميتة لا رواء فيها ولا حياة ، حتماً إلى الجمود والتحجر وستصير من عنصريه إذا كنا قد انتهينا في كتابنا « الشعر بين الفنون الجميلة ، إلى أن فن الشعر ينقل إلينا زمنكانية التجربة الشعورية في تشكيلتين إحداهما متعاقبة والأخرى رى متزامنة ، وأن العصور التالية حين أعلت أحد الإيقاعي أو التصويري على حساب الآخر كانت خاطئة فيما صنعته لأن الشعر يتوسل بالعنصرين معاً فإنا ننتهي في هذا الفصل إلى أن لغة الفن لغة إنفعالية ، والإنفعال (۹) لايتوسل بالكلمة وإنما يتوسل بوحدة تركيبة معقدة حيوية لا تقبل الإختصار نطلق عليها اسم ( الصورة ) ، فالصورة إذن هي واسطة الشعر وجوهره ، وكل قصيدة من | القصائد وحدة كاملة تنتظم في داخلها وحدات متعددة. لبنات بنائها العام وكل لبنة من هذه اللبنات هي صورة تشكل مع أخواتها الصورة الكلية التي هي العمل الفني نفسه ، ومن هنا نزعم أن بناء الشعر هو بناء صوري ، وإذا كانت العصور والفترات قد استخدمت الصورة بدرجات مختلفة وبأشكال متعددة ، وبمفاهيم متغايرة ، وأوجدت لها حساسيات متباينة وطبائع متفاوتة - فان الشعر يظل في النهاية يحمل صفته الأساسية . وقد تأتي مصطلحات الشعر وتروح وتتحول طرز موسيقاه ، وتتغير أنماط البناء فيه ، وتختلف مواده من بيئة إلى أخرى ، ومن فنان إلى غيره ، ولكن واسطة التعبير فيه ، ومبدأ خلقه . . . الصورة : . . تبقى أداته الأولى والرئيسة (۱) . تفرق عصراً من عصر ، وتياراً من تيار ، وشاعراً من شاعر ، وتظهر أصالة الخالق ، وتدل على قيمة فنه ، وترمز إلى عبقريته وشخصيته ، بل وتحمل خصوصيته وفرديته لأنها الأداة الوحيدة التي ينقل مها تجربته ولا يمكن أن يستعيرها من سواه (٢) .


    اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 07-15-2023 13.49 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	2 
الحجم:	75.1 كيلوبايت 
الهوية:	134716 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 07-15-2023 13.49 (2)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	81.5 كيلوبايت 
الهوية:	134717 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 07-15-2023 13.51_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	79.7 كيلوبايت 
الهوية:	134718 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 07-15-2023 13.51 (1)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	76.2 كيلوبايت 
الهوية:	134719 اضغط على الصورة لعرض أكبر. 

الإسم:	CamScanner 07-15-2023 13.51 (2)_1.jpg 
مشاهدات:	1 
الحجم:	62.6 كيلوبايت 
الهوية:	134720

  • #2

    In this, it is like any living, developing natural phenomenon, and it is enough to realize how the poetic intuition expresses the word within the scope of artistic experience and how it is transmitted by it and transmitted by it in responsive and hesitant vibrations, and from a stage that is not integrated or complete to a situation in which it is complete and complete - to reject every scientific explanation of the nature of the image Like Watson's interpretation.

    Dozens of years ago, Coleridge (1) said that poetry has a logic of its own that is as harsh as the logic of science, and perhaps it is more difficult than it because it is more gentle and more complex, because when the poet sets out to work, he starts from an inner emotional unity, and pleads with a tool that fits this. Unity, and if the external linguistic image with which we express our logical, algebraic ideas is subject to its own and fixed symbolic law, then the internal linguistic image that carries all our emotional energies and expresses them is subject to its special and moving emotional law, and there is a difference between the two laws.

    God spoke the first thing that spoke in the image, and wisdom spoke the first thing that spoke in the image, and the prophets spoke the first thing that spoke in the image, and the first human crossed the first thing that crossed the image. It is the vision of the Creator and the artist of the soul and life (2), however, the historical development distanced the mind from all of that and worked to fragment the universal and multiple significance of the means of expression, and destroyed the unity of the universe (1), and brought man closer to generalization, abstraction and isolation, and replaced the word with the image as a tool of creation, and I I claim that this becomes, for all the binary period, a period of self-separation from the subject, or a period of destroying the unity of the universe and man. With poets, whether in this period or in others, they yearn to return to the first primitive period of expression in the image, but rather they were always trying to express it and create new relationships and connections. There are many differences between words and the establishment of compounds, sometimes based on similarity and others on others, and therefore the language continued, and it lived and continues to live while it is pregnant with living, dead and half-dead forms (8).

    In fact, the phenomenon of the death of the image, like the phenomenon of its creation (2), needs a hadith, because any image, like any new child, soon lives its life and then dies, and every word in the language begins as a living metaphor when its creator creates it and uses it for the first time, but it is gradually stripped of its fresh nature and lost. Its pulse and vitality become one of the interviews that language museums and dictionaries fill with as lifeless mummy. Then the yoke comes and uses these traces that the poets left behind and left for others. In poetry, Shelli noticed that over time, images become mere signs indicating parts or types of ideas instead of being integrated images of ideas (3).

    It seems that many of those who use these interviews or signs forget their figurative emotional origin that they lost, and use them as literal expressions that fell to them, and prose is not the only one that uses these interviews. The proverbs and ready-made regular uses (cliches) with which we express or describe certain states or ideas are nothing but patterns of dead images (2), and perhaps some do not agree with this last adjective (dead), which we described as defunct images, and prefer to say that they are half dead. Or sleeping (3), like those thorny weeds that have lost their ability to prick, and only the great artist is able to resurrect them and wake them up from their deep slumber in one way or another, and that may be true, but we must not that death befell it twice, once when it was created from many Usage and the passage of days, and once when it lost its vitality, freshness, novelty, and uniqueness, and turned into a single literal connotation, and that any use of it, whether in its ready-made form or with a little modification, is harmful to poetic work. Modification alone does not create life from death, and what does that is destruction alone. , The destruction of old relationships and compounds and the establishment of another, living, vibrant creation, and perhaps the first ready use is more harmful and dangerous because it means that the poet uses general literal signs in his art, that is, he uses prosaic tools in a poetic work, and this is the elimination of the artist and his art.

    The truth is that the language was and still is the work of the poets and their gifts, through their use of the image, and through their creation of new relationships. Always between words, it revives, expands, lives, and continues. Poetry renews the value of language in its partial units, unlike prose, which works to preserve the continuity of value, that is, the continuation of the meaning in the word. And if the language among us remained descended from the past, it was constantly renewed, and it will remain so to the future as long as poets push it forward, and if no language was endowed with such poets who work on its freshness and maturity by harmonizing its methods and expressions with the spirit of the age and generating different images that they derive from Their feelings that necessarily differ or should differ from the feelings of those who followed them, for they will inevitably become poor and helpless, rather they will become mere empty, dead words with no quenching or life, and will inevitably lead to stagnation and petrification From its elements, if we have finished in our book “Poetry Among the Fine Arts,” that the art of poetry conveys to us the temporality of the emotional experience in two formations, one successive and the other simultaneous, and that the following ages when they exalted one rhythmic or pictorial at the expense of the other were wrong in what they did because poetry begged With the two elements together, we conclude in this chapter that the language of art is an emotional language, and emotion (9) does not invoke the word, but it invokes the unit of a complex, vital composition that does not accept abbreviation. We call it the (image). Poems are a complete unit within which multiple units are organized. Its general building blocks, and each of these building blocks is an image that forms with its sisters the overall image that is the work of art itself, and from here we claim that the structure of poetry is a pictorial structure, and if the eras and periods used the image in different degrees and in multiple forms, and with different concepts, and created different sensitivities for it And different natures - in the end, poetry still carries its basic characteristics. The terminology of poetry may come and go, the styles of its music may change, its construction patterns change, and its materials differ from one environment to another, and from one artist to another, but the means of expression in it and the principle of its creation. . . Image : . . Its first and main tool remains (1). It distinguishes era from era, current from current, poet from poet, and shows the originality of the Creator, and indicates the value of his art, and symbolizes his genius and personality, and even bears his privacy and individuality because it is the only tool that conveys his experience and cannot be borrowed from anyone else (2).

    تعليق

    يعمل...
    X