فاريز (إدغار -)
(1883-1965)
إدغار فاريز Edgard Varèse مؤلف موسيقي فرنسي ولد في باريس لأم فرنسية وأب من أصل إيطالي وتوفي في نيويورك. استقرت العائلة في تورينو Torino بإيطاليا، ومع إصرار والده على تدريسه الرياضيات والهندسة فقد قرر فاريز تعلم الموسيقى من دون علم والده بإشراف بولزوني Bolzoni منذ عام 1900. وفي عام 1903 غادر إلى باريس متخلياً عن مستقبله كوريث رجل أعمال ناجح، والتحق بمدرسة Schola cantorum ودرس بإشراف روسيل[ر] Roussel التأليف و«الطباق» counterpoint (الكونتربوان) و«التسلل» fugue (الفوغ)، وبورد Bordes (الموسيقى القديمة)، وداندي[ر] D.Indy (قيادة الأوركسترا). وفي عام 1905 التحق بالمعهد العالي للموسيقى (الكونسرفاتوار) في باريس لمتابعة دراسة التأليف بإشراف فيدور Widor، ثم غادر إلى برلين عام 1907 حيث تعرّف بوزوني Busoni، ومالر[ر] Mahler، وريتشارد شتراوس[ر] R.Strauss وألَّف عدداً من الأعمال، أتلف بعضها بنفسه وما تبقى فُقد في حريق ببرلين. وفي نهاية عام 1915 سافر فاريز إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعمل قائد أوركسترا في نيويورك وسينسيناتي ودرس الهندسة الصوتية. وأسس الأوركسترا السمفونية الحديثة عام 1919، وألف عدداً من الأعمال مثل «أمريكا» Amèriques عام (1921) و«أركانا» Arcana عام (1927)، و«التأيين» Ionisationعام (1931)، وأسّس بالتعاون مع الموسيقي سالزاندو Salzando «رابطة مؤلفي الموسيقى العالمية» التي نظّمت في الأعوام الستة لنشاطها أمسيات موسيقية عدة قدّمت فيها أعمال شونبرغ[ر] Schonberg، وبيرغ[ر] Berg، وفيبرن[ر] Webern وسترافنسكي[ر] Stravinsky وأعمال فاريز نفسه مثل: «Offrande» عام (1922)، و«إيبربريزم» Hyperprisme عام (1923)، و«أوكتاندر» Octandre عام (1924)، و«التكامل»intégrales عام (1925). عاد فاريز إلى باريس عام 1928 ليقيم فيها خمس سنوات فاندمج في الحياة الثقافية والموسيقية للمدينة، وتعرّف شخصيات موسيقية مهمة مثل فيلالوبوس[ر] Villa-Lobos، وتابع تدريس المؤلـف الموسيقي الفـرنسي جـوليفيه Jolivet ت(1905-1974). وقدَّم عدداً من أعماله في أمسيات موسيقية أثارت ضجة كبيرة، وقام فاريز بعدة محاولات لتأليف أعمال جديدة لم تكتمل. ثم عاد عام 1933 إلى أمريكا حيث أخفق في تأسيس استوديو متخصص بالأبحاث الموسيقية الطليعية؛ إذ لم تتعاون معه الشركات المهتمة بالدراسات الإلكترونية على تمويل مشروعاته الرائدة.
قام فاريز عام 1938 بعدد من المحاولات أخفقت جميعها في إقناع ممولي صناعة السينما في لوس أنجلوس بالاهتمام بالموسيقى الحديثة وتوظيفها في خدمة تطوير السينما الناطقة. وفي عام 1934 ظهرت بوادر أزمة نفسية عند فاريز دامت عشرين سنة لم يقدم في أثنائها إلا عملين «كثافة 21.5» density 21.5، و«دراسة للفضاء» Étude pour Espace عام (1947)، إلا أن نشاطه التعليمي والتنظيمي لم يتوقف، فقد أسَس فرقة كورال مختصة بموسيقى عصر الباروك وعصر النهضة، ودرّس مادة التأليف الموسيقي في جامعة كولومبيا عام 1948، وشارك في الحلقة التدريسية في دارمشتات Darmstadt صيف عام 1950.
ومع ظهور المحاولات الأولى لتسجيل الصوت على الأشرطة، وجد فاريز ضالته المنشودة في الاختراع الجديد، وبدأ بتجميع الأصوات وتسجيلها ليدمجها في مؤلفه الجديد «صحارى» déserts والتي استكمل تأليفها في استوديو الإذاعة الفرنسية R.T.F عام 1954. وفي عام 1957 عاد إلى أوربا ليؤلف «القصيدة الإلكترونية» Poème électronique في استوديو شركة فيليبس التي قُدِّمت في جناحها بمعرض بروكسل عام 1958. وفي الستينيات من القرن العشرين بدأت أعماله بالانتشار، وقام قادة أوركسترا مهمون مثل بوليه Boulez، وكرافت R.Craft، وشيرشن H.Scherchen بتسجيل أعماله، ومنح عدداً من الأوسمة والألقاب الفخرية.
أعماله
منذ مطلع القرن العشرين أدرك فاريز إمكانية بسط مملكة الصوت لتتعدى حدود المألوف. وسعى يبحث عن أصوات لم تُعرف بعد في عالم الموسيقى، وظلّ على يقين منذ البدء أنه سيفتقر إلى أدوات جديدة قادرة على تحقيق مفهوم حديث سماه «الأصوات الفذة» unusual sounds.
يعد فاريز أول من صمم تأليف موسيقى باعتماد الصوت كظاهرة فيزيائية وليس النغمة كنوطة موسيقية منجذباً إلى النسيج الصوتي بالغريزة والفطرة. واعتمد في مؤلفاته على أداء آلات النفخ وآلات الإيقاع لتعزف أصواتاً غير مألوفة تتنبأ بالسبق الذي ستحققه الموسيقى الإلكترونية بعد عقدين من الزمن. ولسوء حظ فاريز أنه لم يدرك عصر التكنولوجيا الإلكترونية إلا في نهاية مطافه.
امتازت موسيقى فاريز بالحداثة والشباب الدائمين وأدت دوراً مهماً في تحويل المظهر الصوتي لموسيقى القرن العشرين، بإيقاعية تبدو في غاية التعقيد، وباستقلالية تامة عن القوالب التقليدية المعاصرة، وبلغة انسجامية (هارمونية) لا صلة لها بالمقامية، وتدل الحداثة الكامنة في بوليفونية polyphony (تعدد الأصوات) هذه الموسيقى على قوة إبداعية في غاية الإقدام.
وإن أحس فاريز بنفسه غريباً عن النظم الموسيقية السائدة في عصره فإنه لم ينكر قط الإنجازات البديعة التي تحققت ضمن تلك النظم، وظلّ يردد حتى نهاية أيامه مقولته الشهيرة: «كل حلقة في سلسلة الموروث الموسيقي صاغها فنان ثوري».
واهي سفريان
(1883-1965)
قام فاريز عام 1938 بعدد من المحاولات أخفقت جميعها في إقناع ممولي صناعة السينما في لوس أنجلوس بالاهتمام بالموسيقى الحديثة وتوظيفها في خدمة تطوير السينما الناطقة. وفي عام 1934 ظهرت بوادر أزمة نفسية عند فاريز دامت عشرين سنة لم يقدم في أثنائها إلا عملين «كثافة 21.5» density 21.5، و«دراسة للفضاء» Étude pour Espace عام (1947)، إلا أن نشاطه التعليمي والتنظيمي لم يتوقف، فقد أسَس فرقة كورال مختصة بموسيقى عصر الباروك وعصر النهضة، ودرّس مادة التأليف الموسيقي في جامعة كولومبيا عام 1948، وشارك في الحلقة التدريسية في دارمشتات Darmstadt صيف عام 1950.
ومع ظهور المحاولات الأولى لتسجيل الصوت على الأشرطة، وجد فاريز ضالته المنشودة في الاختراع الجديد، وبدأ بتجميع الأصوات وتسجيلها ليدمجها في مؤلفه الجديد «صحارى» déserts والتي استكمل تأليفها في استوديو الإذاعة الفرنسية R.T.F عام 1954. وفي عام 1957 عاد إلى أوربا ليؤلف «القصيدة الإلكترونية» Poème électronique في استوديو شركة فيليبس التي قُدِّمت في جناحها بمعرض بروكسل عام 1958. وفي الستينيات من القرن العشرين بدأت أعماله بالانتشار، وقام قادة أوركسترا مهمون مثل بوليه Boulez، وكرافت R.Craft، وشيرشن H.Scherchen بتسجيل أعماله، ومنح عدداً من الأوسمة والألقاب الفخرية.
أعماله
منذ مطلع القرن العشرين أدرك فاريز إمكانية بسط مملكة الصوت لتتعدى حدود المألوف. وسعى يبحث عن أصوات لم تُعرف بعد في عالم الموسيقى، وظلّ على يقين منذ البدء أنه سيفتقر إلى أدوات جديدة قادرة على تحقيق مفهوم حديث سماه «الأصوات الفذة» unusual sounds.
يعد فاريز أول من صمم تأليف موسيقى باعتماد الصوت كظاهرة فيزيائية وليس النغمة كنوطة موسيقية منجذباً إلى النسيج الصوتي بالغريزة والفطرة. واعتمد في مؤلفاته على أداء آلات النفخ وآلات الإيقاع لتعزف أصواتاً غير مألوفة تتنبأ بالسبق الذي ستحققه الموسيقى الإلكترونية بعد عقدين من الزمن. ولسوء حظ فاريز أنه لم يدرك عصر التكنولوجيا الإلكترونية إلا في نهاية مطافه.
امتازت موسيقى فاريز بالحداثة والشباب الدائمين وأدت دوراً مهماً في تحويل المظهر الصوتي لموسيقى القرن العشرين، بإيقاعية تبدو في غاية التعقيد، وباستقلالية تامة عن القوالب التقليدية المعاصرة، وبلغة انسجامية (هارمونية) لا صلة لها بالمقامية، وتدل الحداثة الكامنة في بوليفونية polyphony (تعدد الأصوات) هذه الموسيقى على قوة إبداعية في غاية الإقدام.
وإن أحس فاريز بنفسه غريباً عن النظم الموسيقية السائدة في عصره فإنه لم ينكر قط الإنجازات البديعة التي تحققت ضمن تلك النظم، وظلّ يردد حتى نهاية أيامه مقولته الشهيرة: «كل حلقة في سلسلة الموروث الموسيقي صاغها فنان ثوري».
واهي سفريان