الفولكلور folklore تعبير يستخدم ليدل على الفنون الشعبيةالتي يتميز بهاكل شعب من العالم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفولكلور folklore تعبير يستخدم ليدل على الفنون الشعبيةالتي يتميز بهاكل شعب من العالم

    الفولكلور

    الفولكلور folklore تعبير استخدمه لأول مرة على يد جون توماس John Thomas سنة 1846 ليدل على الفنون الشعبية التي يتميز بها كل شعب من شعوب العالم، ويعبر من خلالها عن مشاعره وإحساساته وعواطفه، وعلى الرغم من أن الباحثين، فيما بعد، لم يخرجوا عن مضمون هذا التعبير كما جاء لأول مرة، إلا أنهم أخذوا يطورون استخدامه، ويوسعون مدلولاته لارتباط هذه الفنون بالخصيصة الثقافية والتاريخية للجماعات الإنسانية، الأمر الذي يستوجب التمييز بين الفولكلور بوصفه مجموعة المظاهر التي يعبر من خلالها أفراد المجتمع عن مشاعرهم وإحساساتهم وعواطفهم في المواقف المختلفة، وبين الفولكلور بوصفه دراسة علمية لهذه المظاهر بغية تحليلها وفهمها وتفسير اختلافها بين الجماعات.
    رقصة فلكلورية آشورية في الخابور (سورية)
    إن الجماعات الإنسانية تعبر عن مشاعرها وإحساساتها بطرائق مختلفة من خلال العادات والتقاليد التي تتوارثها الأجيال، فعلاقة الفرد بالأشياء المحيطة به تخضع لمجموعة من المعايير الثقافية والحضارية التي تميز مجتمعه من المجتمعات الأخرى، وتشمل هذه المعايير بتأثيرها مختلف أشكال السلوك الذاتية منها (غير الملاحظة من قبل الآخرين) كآليات التفكير والتذكر والانتباه وتقييم الأشياء، والاجتماعية (التي تظهر آثارها في أنماط سلوكية واضحة)، فما يعد مصدر سرور وسعادة للفرد في مجتمع ما قد لا يكون كذلك في مجتمع آخر، وما يسبب التضافر الاجتماعي والترابط بين أفراد جماعة إنسانية قد يكون عاملاً من عوامل انحلال جماعة أخرى، ولهذا لم يعد الحكم على العادات والتقاليد في مجتمع ما ممكناً في ضوء معايير مجتمع آخر، ذلك أن كل مجتمع ينتج من خلال تجربته الخاصة، وخلال فترات طويلة من الزمن، عاداته وتقاليده وقيمه التي يستطيع من خلالها المحافظة على ذاته من جهة، ويعبر الأفراد من خلالها عن مشاعرهم وإحساساتهم في الأفراح والأتراح من جهة ثانية، مما جعل دراسة هذه العادات والتقاليد علماً بحد ذاته، وباتت دراسة الفولكلور مدخلاً أساسياً لدراسة حضارة الإنسان بما تنطوي عليه من جوانب اجتماعية وقيمية وأخلاقية وجمالية وإبداعية.
    ومصطلح الفولكلور من أكثر المصطلحات التي اختلف الباحثون حول تحديد موضوعاتها، ففي حين يقصره بعضهم على دراسة الأدب الشعبي، غير المكتوب، وخاصة الشفهي منه، كالقصص الشعبية والأغاني والأساطير، والألغاز الشعبية، والأمثال، يتوسع فيه آخرون ليشمل الثقافة الشعبية كلها، من عادات وتقاليد وميول وأذواق وفنون وحرف شعبية وأشكال التعبير عن الأفراح والأحزان في المناسبات المختلفة، والفولكلور بهذا المعنى واسع وممتد وينطوي على عناصر متباينة ومتعددة، فهو يشمل مجمل الوسائل الثقافية والحضارية التي تتراكم خلال الأجيال وتنتقل من جيل إلى آخر، وتجد نفسها في الأنماط السلوكية التي يمارسها أفراد الجماعة، ويكتسبون من خلالها هويتهم الثقافية والحضارية، ويعبرون عن مشاعرهم وإحساساتهم.
    أزياء فلكلورية من بنما
    وعلى هذا تتعدد مظاهر الفولكلور بدرجة كبيرة، فهي تعكس مظاهر الحياة الاجتماعية التي يعيشها الناس في حياتهم اليومية، وتأتي في مقدمتها الأزياء الشعبية، والأغنية الشعبية، والعتابا، والزجل، والموّال، والأغنية الراقصة، والرقص الشعبي، وغيرها، ويكشف التحليل الاجتماعي لكل منها عن وجوه التكامل في الثقافة الاجتماعية الواحدة، التي توحد أعضاء الجماعة الواحدة والمجتمع الواحد، فاللباس حاجة أساسية للإنسان، ولكنه يتصف ببعد اجتماعي في أشكاله وألوانه، وعندما يأخذ الفرد باختيار هذا اللباس أو ذاك فإنه يعتمد المعايير الاجتماعية والثقافية السائدة بدرجة أولى، ولهذا تصبح الأزياء بصورة عامة خاضعة بأشكالها وألوانها للثقافة الاجتماعية، وكما أن الثقافة تحدد الذوق العام، كذلك الأذواق الخاصة بكل شريحة من شرائح المجتمع، فما ترتديه الفتاة من لباس يختلف عما ترتديه المرأة المتقدمة في السن، ولباس الفرد في مكان عمله يختلف عن لباسه في مواضع الاستراحة والاستجمام، فالأزياء بهذا المعنى ليست عشوائية ولا اعتباطية، إنما خاضعة لمعايير اجتماعية وثقافية مستقرة نسبياً في حياة المجتمع، وإن كانت قابلة للتغير، ولكن ببطء شديد، وغالباً ما يطرح الباحث في مجال الفولكلور تساؤلات عدة تشكل منطلقاً للبحث في هذا المجال حول اختلاف اللباس بين الثقافات والجماعات الإنسانية المتعددة في الزمن الواحد، وفي الأوقات المختلفة للثقافة الواحدة، وكذلك الحال اختلاف اللباس بين الأفراد باختلاف العمر والجنس والعمل، حتى في الثقافة الواحدة.
    وما ينطبق على اللباس والأزياء، والأزياء الشعبية عامة ينطبق أيضاً على مظاهر الفولكلور الأخرى، كالأغاني والأغاني الشعبية والعتابا، والزجل والمواوييل، في مناسبات الفرح، وكذلك مظاهر الحزن والأسى عند حلول المصائب؛ فإن جميع هذه الأشكال تختلف بين الجماعات الإنسانية المتعددة في الزمن الواحد، وضمن الجماعة الواحدة في أوقات متعددة، كما أن السلوك الممارس في أي مناسبة يرتبط بخصائص الفاعل من حيث العمر والجنس والموقع الاجتماعي وخلافه.
    ويأخذ الباحثون في مجال الفولكلور مسارات عدة في تفسير تنوع أنماط السلوك في مناسبات الفرح والحزن للتعبير عن المشاعر والإحساسات والعواطف، ففي حين يأخذ التحليل الوظيفي بدراسة هذه الأنماط في ضوء وظائفها في المجتمع، حيث تكون مدعاة للتغير مع تغير وظائفها الاجتماعية بين حين وآخر، تأخذ المدرسة التطورية بتحليل مظاهر التغير في ضوء مسارات التطور الاجتماعي، حيث تصبح أنماطاً عدة من السلوك غير قادرة على التوافق مع شروط التطور الاجتماعي، الأمر الذي يجعلها غير قابلة للاستمرار في حياة الجماعة، وإلى جانب ذلك تأخذ نظرية الانتشار بتحليل مظاهر التغير بعمليات التواصل الاجتماعي التي يقيمها أفراد المجتمع مع غيرهم، فيكتسبون عادات وتقاليد جديدة، وينقلونها إلى مجتمعهم الأصلي، فتأخذ العادات والتقاليد وأشكال الفولكلور المختلفة بالانتشار من مجتمع إلى آخر، ومن جماعة إلى جماعة تبعاً لدرجة التواصل بين الجماعات، وتبعاً لدرجة التفاعل بينها.
    وفي الوقت الذي تكشف فيه الدراسة التحليلية لمضمون الفولكلور عن الوظائف التي تؤديها هذه المظاهر للمجتمع، وتكاملها بعضها مع بعض، فإنها تكشف أيضاً عن الفروق في مستويات العيش بين الشرائح الاجتماعية المختلفة، وعن الفروق في مستويات المعرفة والوعي، كما أنها يمكن أن تكشف عن مواطن القوة والضعف في البنيان الاجتماعي عامة. ولهذا تعد دراسة الفولكلور مقدمة أساسية لدراسة التاريخ الثقافي والحضاري لأي جماعة إنسانية، لما تشمله من تحليل للجوانب القيمية والأخلاقية والجمالية.
    هناء برقاوي
يعمل...
X